أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - هل التمويل الأوروبي للفلسطينيين مسيّس؟















المزيد.....

هل التمويل الأوروبي للفلسطينيين مسيّس؟


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 11:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


على الرغم من تمويل الأوروبيين لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، ومن بينها المؤسسات الأهلية قبل توقيع اتفاق أوسلو، إلا أن ذلك التمويل تضاعف مرات بعد وضع الاتفاق موضع التنفيذ. ويشكل التمويل الأوروبي والأميركي سواء من خلال الاتحاد الأوروبي أو دول أوروبية منفردة من بينها السويد والنرويج، مصدر التمويل الأول لمؤسسات المجتمع المدني، بحيث باتت هذه المؤسسات تعتمد تدريجياً على هذا التمويل بشكل أساسي، بل أصبح التمويل الأوروبي مصدراً رئيساً من مصادر تمويل هذه المؤسسات، على رأسها تلك المختصة بحماية حقوق الإنسان، والتي تجني النسبة الأكبر من دعم الاتحاد الأوروبي المخصص لمنظمات المجتمع المدني في فلسطين. وطالما كان لهذا النوع من المؤسسات قبل توقيع اتفاق أوسلو العام 1993، وفي ظل معاناة الفلسطينيين بسبب ممارسات الاحتلال، دور كبير في رصد انتهاكات المحتل وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وهو الدور الذي لا يزال الفلسطينيون بحاجة إليه في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم، بل واشتداد ممارساته ضدهم. فإلي أي مدى يساهم تمويل الاتحاد الأوروبي، اليوم، وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمان دون تنفيذ إسرائيل لاتفاق أوسلو وتحقيق حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، في تحقيق أهداف الفلسطينيين المتمثلة بالتحرر والاستقلال؟

يعتبر الاتحاد الأوروبي الممول الرئيس للفلسطينيين بالإضافة إلى الولايات المتحدة، حيث يساهم الاتحاد الأوروبي، اليوم، بحوالي 300 مليون يورو سنويا، يذهب نصفها تقريباً لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية، بينما يذهب ثلثها لدعم ميزانية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ويخصص حوالي 5٪ منها لتمويل مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين، بحيث يذهب معظم ذلك القسط إلى مؤسسات حقوق الإنسان. بعد أقل من شهرين على توقيع اتفاق أوسلو، عقد في واشنطن مؤتمر للدول المانحة، بهدف تقديم مساعدات مالية وعينية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بعد تأسيسها، حيث اتفق المشاركون وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن أهداف هذه المساعدات الموجهة إلى الشعب الفلسطيني تأتي لدعم عملية السلام. فالمساعدات التي تقدم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديداً تعمل في الأساس لتحقيق هدف سياسي يرتبط بتحقيق عملية السلام على أساس حل الدولتين، والذي لم يتغير على الرغم من رفض إسرائيل تنفيذ اتفاق أوسلو، وهو الاتفاق المؤقت والذي وضع سقفاً زمنياً محدداً بخمس سنوات لتنفيذ هذا المشروع السلمي.

لم يضع الاتحاد الأوروبي في البداية، أي منذ العام 1994، شروطاً على المؤسسات الأهلية التي تحصل على منح منه، بخلاف تلك التي تتعلق بالجوانب الفنية والإدارية والقانونية والمتابعة المالية، وتنسجم مع معايير النزاهة والشفافية. بعد أحداث الحادي عشر من أيلول وانفجار الانتفاضة الفلسطينية الثانية مطلع الألفية الجديدة بدأ الاتحاد الأوروبي يثير قضية شروط تتعلق بـ"الإرهاب" دون أن يضع ذلك في اتفاقيات التمويل مع المؤسسات الفلسطينية، مفتتحاً بذلك عهد التمويل المشروط للفلسطينيين. ويضع الاتحاد الأوروبي على السلطة الفلسطينية شروطاً للسماح بتلقي التمويل من قبلها، بدءا بتلك التي تتعلق بقضية مخصصات الأسرى المالية، وانتهاءً بقضية مراجعة مناهج التعليم الفلسطينية، والتي تراجع الاتحاد الأوروبي عنها منتصف العام الجاري، بعد تنازله عن هذا الشرط. كما وضع الاتحاد الأوروبي شرطاً على المؤسسات الأهلية الفلسطينية يلزمها من خلاله بتوقيع وثيقة "نبذ الإرهاب"، ما يفسر رفض العديد من المؤسسات الفلسطينية الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي. وفي ظل إصرار الاتحاد الأوروبي على فرض مزيدٍ من الشروط المسيسة باستخدام تمويل المؤسسات الأهلية في فلسطين، أضاف بنداً جديداً يتعلق بضرورة عدم حصول المؤسسات على التمويل أو حتى الاستفادة منه إذا جاء من قبل جهات ورد ذكرها في قوائمه التقييدية، والتي تضم حركة حماس والجهاد والجبهة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى وكتائب القسام ومؤسسة الأقصى وتنظيم أبو نضال. وبات هذا القيد المسيس يمس حرمة النضال الوطني الفلسطيني.

تتناقض الشروط التي وضعها الاتحاد الأوروبي وتسعى دول أوروبية أيضاً إلى فرضها على المؤسسات الأهلية الفلسطينية، استرشاداً بموقف الاتحاد الأوروبي، للحصول على تمويل مع القواعد الخاصة بمدونة السلوك للمنظمات الأهلية الفلسطينية ومع القانون الفلسطيني، الذي يرفض صراحة التمويل المشروط، حسب نص مواد قانون الجمعيات الخيرية والمنظمات الأهلية لعام 2000، ومع الموقف الرسمي للمنظمة والسلطة، ومعظم المؤسسات الأهلية. ورفضت 135 مؤسسة فلسطينية هذا الشرط الأخير. إن تلك السياسة تعد تدخلاً سياسياً سافراً في الشأن الفلسطيني، ويشجع سلطات الاحتلال على تماديها في انتهاك سيادة الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة، كما جرى مؤخراً عندما وصمت مؤسسات أهلية فلسطينية بالإرهاب.

يركز تمويل الاتحاد الأوروبي في فلسطين على مشاريع تتعلق بحقوق الإنسان، إلا أن الاتحاد يراعي في تمويله لتلك المشاريع عدم تضاربها مع السياسة الإسرائيلية والاصطدام معها، بحجة تبنيه لأهداف غير مسيسة في الأراضي الفلسطينية. وتتعلق أهم المشاريع المدعومة خارجياً في إطار المؤسسات الأهلية الفلسطينية بالإغاثة الإنسانية وتعزيز مفاهيم الديمقراطية والحكم الرشيد والشراكة السياسية، في دولة تعاني من الاحتلال وشعب يتعرض بصورة يومية لممارساته غير الإنسانية طوال عقود ممتدة. وتزيد نسبة الدعم الغربي لهذا النوع من المشاريع عن الدعم الموجه لقطاعات الزراعة والصناعة، ما يفسر عدم مساهمته في تحقيق تنمية إقتصادية في فلسطين. كما يدعم الاتحاد ودول أوروبية السلطة الفلسطينية من خلال برامج تعمل على تمكين مؤسساتها الأمنية والقضائية وغيرها. إلا إن ذلك لا ينفي أيضاً الدعم الغربي لمشاريع تتعلق بدعم صمود الفلسطينيين في القدس وحول جدار الفصل العنصري. إن ذلك الدعم الغربي يعمل بقصد أو بغير قصد على تأقلم الفلسطينيين مع الوضع القائم، أي التعايش تحت الاحتلال.

ازداد دعم الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين عبر الحقب المختلفة فبلغ في المتوسط سنوياً حوالي 88 مليون يورو في الفترة ما بين 1995 و1999، وبات حوالي 250 مليون يورو ما بين عامي 2000 و2005، وأصبح، اليوم، 300 مليون يورو. وازداد اعتماد منظمات المجتمع المدني على التمويل الخارجي بشكل لافت بعد العام 1994، فأصبحت تلك المنظمات تعتمد في تمويلها على المانحين خصوصاً على التمويل الغربي. فارتفعت نسبة المنظمات الأهلية التي تحصل على تمويل خارجي من 38.9٪ في العام 2000 إلى 46.8٪ في العام 2008 وتعدت الـ60٪ خلال السنوات الأخيرة. وانخفضت نسبة تمويل السلطة لهذا النوع من المؤسسات من 29.2٪ العام 2000 إلى 13.4٪ العام 2006، وانحدرت إلى أقل من 10٪ الآن. إن اعتماد منظمات المجتمع المدني على التمويل الغربي الممثل بتمويل الاتحاد الأوروبي أو دول أوروبية منفردة يفقدها القدرة على التحرر من الأجندة السياسية الخاصة بتلك الدول، والتي تعمل حسب مصالحها، وليس بالضرورة لصالح الأهداف الوطنية الفلسطينية. فزيادة تمويل الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية في أعقاب الانقسام، أسوة بالسياسة الأميركية، لا يعد تدخلاً بريئاً في الشأن الفلسطيني. والهدف الرئيس للفلسطينيين والذي ينعكس في سياساتهم العامة الرسمية وغير الرسمية والصريحة والضمنية هو التحرر من الاحتلال، ومواجهة ممارساته التي تقوض مكانتهم السياسية ووجودهم الفعلي في وطنهم.
.
يبدو أن التمويل الأوروبي جاء ليدعم بقاء الوضع في الأراضي الفلسطينية على حاله في ظل استمرار الاحتلال، بعد أن جاء في الأساس ليدعم حل الدولتين. ورغم المرونة النسبية في شروط تمويل الاتحاد الأوروبي مقارنة بالولايات المتحدة، يبقى الاتحاد سائراً على الخطى السياسية للولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين. كما أنه من الصعب اعتبار هذا التمويل الغربي غير مسيس في ظل وضعه لشروط تتدخل في صميم السياسة الفلسطينية. ويبقى للفلسطينيين الكلمة الأخيرة في تحديد معايير عملهم الوطني، دون التأثر بأي أجندات خارجية.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريطانيا إلى أين؟
- ماذا يجري في أميركا؟
- إلى أين يتجه العالم في هذه اللحظات الخطيرة؟
- العراق…تجربة لو نتعلم منها
- أسرلة التعليم في القدس إلى أين؟
- إسرائيل والغرب ومحاربة الوجود والهوية الفلسطينية
- عن تطورات الصفقة النووية الغربية مع إيران
- ملاحظات على الجولة العسكرية الأخيرة على غزة
- حصار غزة إلى متى؟
- ملاحظات حول زيارة بايدن
- استشراف نتائج زيارة بايدن
- زيارة بايدن إلى المنطقة في ظل تفاقم أزمات الحرب
- تطورات جديدة تشهدها المنطقة
- تسوية مشكلة الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية هل هي ممكنة ...
- الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية في الميزان
- انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو وحدود التفاهمات الروسية الت ...
- هل ستتغير معادلة الصراع في سوريا؟
- استشهاد شرين وتحديات الواقع
- هل ضاعت فرص التوصل لاتفاق نووي؟
- إسرائيل وحرب جديدة على غزة


المزيد.....




- لماذا يحذر فائزون بنوبل من تولي ترامب رئاسة أمريكا مجددا؟
- إسرائيل تعلن مقتل -عنصر في الجهاد-.. و-أطباء بلا حدود-: كان ...
- بالونات القمامة من كوريا الشمالية تؤخر الرحلات بمطار سيئول
- إبرام عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا بوساطة إماراتية
- نيجيريا تستخدم الذرة المعدلة وراثيا لسد أزمة الغذاء رغم مخاو ...
- تحذيرات دولية من مجاعة بلغت حدا -حرجا- في غزة
- مع إعلان الاحتلال قرب انتهاء الهجوم برفح.. احتدام المعارك جن ...
- لأول مرة منذ عام.. وزير الدفاع الأميركي يتحدث مع نظيره الروس ...
- توقيف 4 أشخاص في بريطانيا لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الوزراء ...
- باتفاق لإطلاق سراحه.. أسانج يقرّ بالذنب أمام محكمة أميركية


المزيد.....

- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - هل التمويل الأوروبي للفلسطينيين مسيّس؟