أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7395 - 2022 / 10 / 8 - 14:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حرب أكتوبر أكبر دليل على قدرة الإنسان المصرى على تحدى كل الظروف غير الطبيعية التى فرضت عليه ..
لقد رزحت مصر ٤٠٠ سنة تحت احتلال الأتراك ، ثم ٧٠ سنة تحت احتلال الإنجليز ، وعندما استقلت وحاولت تعويض ما فاتها من بناء تعطل لمئات السنين لظروف خارجة عن إرادتها ، وجدت أن الآخرين زرعوا قنبلة موقوتة بجانبها وهى دولة إسرائيل ..
كانت مصر فى ظروف شبه مستحيلة ..
كان أمامها أن تلحق ما فاتها بعد تأخر قرون عن غيرها ، وأن تحشد كل قواها لبناء نفسها ، وفى نفس الوقت كان أمامها أن تقف أمام المشروع الإسرائيلى التوسعى شديد العدوانية ..
وكان على مصر أن تقرر أى الطريقين تختار ..
وكان الاختيار صعباً ومليئاً بالاشواك ..
واختارت مصر أصعب الطرق وأقساها .. أن تبنى نفسها بكل ما تستطيع ، وأن تقاوم المشروع الإسرائيلى أيضا بكل ما تستطيع ..
ونجحت أحياناً واخفقت أحيانا أخرى ، وعندما ظهر مع منتصف الستينات أن مصر تبنى نفسها بإرادة لا تلين ، وفى نفس الوقت تقف بحسم أمام المشروع الإسرائيلى قرر من أقام إسرائيل ومن زرعها منذ البداية فى قلب الأمة العربية تسليحها بأحدث ما فى الترسانة الأمريكية والغربية من سلاح ، وإعدادها للمهمة التى أنشأت من أجلها .. مهمة تعطيل مصر والعرب من وراءها ، وحبسها وحبسهم معها فى طوق من التخلف والتبعية لا ينتهى ..
وحدث ما حدث في حرب ١٩٦٧ ، وكان معنى الحرب الأكبر أن مصر كبرت لدرجة أصبحت تهدد مصالح الآخرين ، وأن إيقافها أو تعطيلها قد حان وقته ..
وكان من قوة الضربة أن توقع الجميع أن مصر إنتهت ، وأنها تحتاج إلى عقود حتى تستطيع أن تقف وترفع رأسها وتقاتل ..
وكان رد مصر سريعا وحاسما .. نعم تعرضنا لهزيمة عسكرية قاسية ، ولكن روح مصر لم تمت ، وحمل أبناءها السلاح مرة أخرى ، وحاربوا في حرب الاستنزاف ببسالة استعدادا لليوم الأكبر ..
وفى ظهر يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ قال المصريون كلمتهم .. أن مصر - ككل الأمم العظيمة - لم تمت ، وأن المصريين قادرون علي تحدى الحياة والفوز فيه ..
ولولا ٦ أكتوبر لما استطاع مصرى أن يرفع رأسه فيما بعد ، ولولاه لتفتت روح مصر ، وأصبح شعبها كتل بشرية هائمة بلا طريق يهدى أو همة تعصم ..
لولاه لانتهت مصر حرفيا ..
ربما حدثت بعد ٦ أكتوبر أخطاء ، في السياسة أو فى الإقتصاد ، ولكن حدث ذلك بعد ٦ أكتوبر وليس قبله ، أى بعد أن رجعت مصر إلى الحياة ..
واذا كانت مصر قد عادت يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ إلى الحياة ، فقد بقى أن ترجع مصر إلى تحدى العصر ، وهو تحد صعب وفى فى زمن جديد ، وله أسلحته الجديدة التى مازال ينقص مصر الكثير منها ..
ومن هنا قيمة ٦ أكتوبر ومعناه ..
٦ أكتوبر يوم خالد فى تاريخ مصر ، ففيه عادت مصر مرة ثانية إلى الحياة ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟