أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - الظاهرة السجنية















المزيد.....



الظاهرة السجنية


محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 7395 - 2022 / 10 / 8 - 02:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(دور الباحث او المختص الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية في دراسة ومعالجة الظواهر السجنية )








(الفارق بين دراسة الظاهرة الاجرامية والظاهرة السجنية )

. ملخص البحث:
يركز البحث على تبيان الفوارق الاساسية بين الظاهرة السجنية والظاهرة الاجرامية واسباب ودوافع كلا الظاهرتين سواء في المجتمع الخارجي او في مجتمع السجن. مع استعراض دور الباحث والمختص الاجتماعي في دراسة ومعالجة الظاهرة السجنية في المؤسسة السجنية .مع إستعراض لأهم الظواهر السجنية وابرزها داخل مجتمع السجن ، ومنها ظاهرة تكوين او تشكل الجماعات السجنية (السفرداشية، وكذلك المجموعات الاكبر كمجموعات المناطقية او الجهوية)، وظاهرة تعاطي المواد المخدرة، وظاهرة حيازة الآلات الجارحة او الحادة ، وظاهرة المشاجرات، وحيازة المواد الممنوعة كالموبايل وغيره ، وظاهرة سجنية تعاني منها الان المؤسسة السجنية في العراق بشكل واضح، وكذلك اغلب المؤسسات السجنية في العالم الا وهي ظاهرة الاكتظاظ السجني، وما ينجم عنها من مشاكل جمة تفضي لبروز ظواهر سجنية اخرى. وفي نهاية البحث نقترح توصيات لمعالجة الظواهر السجنية حسب مسبباتها واماكنها الجغرافية سواء في السجون التابعة للمؤسسة الاصلاحية ام المواقف ومراكز الاحتجاز في المرفقات السجنية لمؤسسات وزارة الداخلية وغيرها، وكذلك حسب جهات الاختصاص المختلفة في معالجة الظاهرة السجنية، سواء في المؤسسة السجنية وغيرها كسلك الشرطة والسلك القضائي التي يقع على عاتقها المعالجة والحد من هذه الظواهر السجنية او الاسباب المفضية اليها.

مقدمة البحث:
كنا نقرأ في مناهج علم الاجتماع مثالا معبرا، مفاده ؛ إن الفرد الذي يصاب بمرض عضوي ما بسبب البيئة الجغرافية او بيئة المنزل التي يعيش فيها فانه حتى اذا تعالج من ذلك المرض فانه بمجرد عودته الى ذات البيئة الغير صحية فانه سيعاود الاصابة بالمرض ذاته، وهذا مثال يمكن ان يُضرب على عدم جدوى الاصلاح الاجتماعي في بيئة اجتماعية تساعد على الانحراف والجريمة.
هل اُسست السجون لتكون وحدها حواضن للتربية السلوكية للمجرمين والجانحين؟
ما فائدة العمل على اصلاح سلوكي مؤقت يعود الى الانحراف بمجرد توافر الاسباب والدوافع ذاتها في البيئة الاجتماعية الخارجية؟
إن للاصلاح المجتمعي رجاله ومجاله، وللإصلاح السجني ايضا رجاله ومجاله ، وربما يكون العمل تكامليا بين الفريقين، لكن تبقى مساحة الدراسة والاصلاح المناطة بالعامل او المختص والباحث الاجتماعي في المؤسسة السجنية هي المجتمع السجني.
السبب الرئيسي للشروع في هذا البحث ان يكون بمثابة خارطة طريق للمختصين والباحثين الاجتماعيين الجدد العاملين في المؤسسة الاصلاحية للتفريق بين الظاهرة السجنية التي مجالها مجتمع السجن والظاهرة الاجرامية التي مجالها المجتمع الخارجي او بيئة المجرم الاجتماعية. الفرق بين المجرم كسجين مودع في المؤسسة السجنية وبين الجريمة التي وقعت خارج اسوار السجن .وهنا يؤكد ايضا عالم الاجرام والطبيب الايطالي سيزار لومبروزو على التفريق بين المجرم والجريمة عند دراستهما، لكن بحثنا سيذهب في منحى اخر للتفريق بين المجرم السجين او المودع في المؤسسة السجنية والظواهر السجنية من جهة، وبين الجريمة وملابساتها التي وقعت احداثها خارج السجن من جهة أخرى .
إن كثير من الباحثين والمختصين او العاملين الاجتماعيين -ونحن كنا منهم- لما انخرطنا في العمل في المؤسسة السجنية كان يراودنا هاجس دراسة الجريمة او دراسة الفرد المجرم وملابسات جريمته التي حدثت اساسا خارج اسوار السجن وانا ارى ان ذلك من الصعوبة بمكان ان يتوسع المختصون والعاملون الاجتماعيون في السجن في ملاحقة الجريمة او الفعل الاجرامي الذي مسرحه المجتمع ، بل ان يركز المختص والباحث الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية في الفرد المجرم كسجين ، اي فردا او عضوا منتميا الى مجتمع السجن في المؤسسة الاصلاحية. وهنا سيكون هذا المختص او الباحث إزاء ظواهر سجنية كثيرة ومتنوعة وقد تختلف عن الظواهر الاجرامية في مسبباتها ودوافعها نوعا ما ولها خصوصيتها المرتبطة بمجتمع السجن المميز و كذلك قد تتوافر لدينا بعضا من الظواهر السجنية التي تختلف عن الظواهر الإجرامية، او اذا تشابهت فالفروق في العوامل والدوافع سيكون حاضرا. لهذا وضع هذا البحث المتواضع للغرض اعلاه عسى ان ينال رضا القراء الكرام والاساتذة الافاضل المختصين والعاملين في المؤسسات السجنية .
١٠/٥/٢٠٢٢


المبحث الاول:
اولا/
الظاهرة السجنية والظاهرة الاجرامية، والفرق بينهما

من الصعوبة بمكان دراسة الظاهرة الاجرامية داخل مجتمع السجن، او بصورة اكثر دقة ، ان دراسة الظواهر الاجرامية التي وقعت في المجتمع الخارجي ليست من صميم اختصاص الباحث والمختص الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية .ان الجريمة او الظاهرة الاجرامية انما هي حدث وقع خارج سور السجن ولذا فان دراستها يكون في بيئتها وظروفها وملابساتها وشخوصها، حيث وقعت الاحداث هناك .اما داخل مجتمع السجن فتدرس الظواهر السجنية فقط وليست الظواهر او الجرائم التي جاء النزيل وفقا للإجراءات القانونية بحقها الى داخل اسوار السجن. فهكذا جرائم ستنتفي بانتفاء اسبابها ومسبباتها لان النظام داخل السجن والمجتمع السجني مختلف كثيرا عن المجتمع الخارجي الذي كان يعيش فيه السجين لما كان فردا مواطنا. لقد كان الجاني مواطنا مجرما لما قام بفعل الجريمة وقبل ايداعه السجن ولكن بمجرد ان دخل اسوار السجن وانظم الى مجتمع السجن اصبح مواطنا سجينا او نزيلا.
ان مسببات الجريمة وعواملها هي عوامل خارجية تتعلق بالبيئة الاجتماعية التي ينتمي لها المجرم او الجانح وكذلك طبيعة الظروف الاجتماعية للمجتمع ككل، كالظروف السياسية والتي تأتي في مقدمة الظروف الدافعة نحو الجريمة اذا كانت الاوضاع السياسية للبلد غير مستقرة وكذلك الظرف الاقتصادي والظرف الاجتماعي والصحة والتربية والتعليم وغيرها .وان كانت الظروف السجنية احيانا تبعث على الجريمة خصوصا في حالات اكتظاظ السجون وتاثر السجناء الذين ربما هم من غير ذوي السلوك الاجرامي المعتاد والذين اقترفوا جرائمهم لاول مرة ، بالسجناء الخطرين ومعتادي الجريمة والمنخرطين في جماعات اجرامية منظمة فان الاحتكاك بين النزلاء في مجتمع السجن قد يؤدي الى تاثر السجناء ببعضهم البعض وخصوصا الشباب باعمار صغيرة او غير المتعلمين او المنحدرين من بيئة اجتماعية هشة وغير متماسكة في علاقاتها الاسرية او بسبب الاغراءات المادية او التاثر بصورة البطل الذي يتمثل في المجرم المتمرس الذي يمارس هالة وكاريزما على باقي السجناء وبالذات المستجدين وصغار السن. ولذلك قد تحدث حالات العود والتردد بين السجناء بعد اخلاء سبيلهم، لكن حتى في هذه الجزئية لا يقع العبء على عاتق المؤسسة السجنية وحدها في مكافحة ظواهر العود والتردد ، فيجب على المؤسسات المعنية خارج السجن ان تمارس دورا كبيرا في رصد هذه الظواهر الجرمية والتوصل الى عواملها ودوافعها التي ستكون اسبابها اجتماعية اكثر اي متوفرة في المجتمع الخارجي وان كانت لها مسببات وعوامل من مجتمع السجن الداخلي .ولكن يبقى السلوك الاجرامي الواقع خارج المؤسسة السجنية وقبل الايداع السجني من مهام مختصين وجهات مؤسساتية تعمل على رصد هذه السلوكيات في المجتمع ، بينما يقع على عاتق المختص والباحث الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية دراسة ورصد السلوك السجني وهو من مهامه البحته وعمله ينحصر اكثر في السيطرة على سلوك السجين وتشذيبه وجعل السجين فردا صالحا قدر الإمكان داخل مجتمعه السجني خصوصا اي بين اقرانه من السجناء الآخرين وفي المؤسسة السجنية عموما. ولهذا فان عملية التأهيل والتدريب لايجب ان تستهدف فئة السجناء او المدد السجنية القصيرة او السجناء الذين اقتربت مدة اطلاق سراحهم كما هو معمول به الان في السجون العراقية لغرض اعادة الادماج لهولاء السجناء في المجتمع بعد اخلاء السبيل .لكن يجب ان يستهدف البرنامح التأهيلي التدريبي والتعليمي المدد السجنية الطويلة والسجناء ذوي السلوك الخطر من أجل السيطرة على سلوك السجناء داخل مجتمع السجن لان هذا المجتمع هو -وان نسبيا -مجتمع طويل الامد ويعيش فيه افراد لهم احتياجاتهم الخاصة كأي مجتمع اخر من طعام وشراب وملبس ومنام وصحة واحتياجات اجتماعية ونفسية كاثبات الوجود والحاجة الى الترفيه والرياضة وغيرها وهولاء سيمكثون هنا ربما لعقد او عقود من السنين(المؤبد) وعليه فلا يجب التعامل معهم دوما وفق منطق الضبط والقوة والحزم واعتبارهم مجرد اعداد وارقام بل يجب التعامل معهم كأفراد مجتمع معين لهم خصوصياتهم الانسانية لهذا يوجه الجانب او المرفق الخاص بالتاهيل والتعليم الى استيعاب وجذب جميع السجناء وبالذات ذوي السلوكيات الخطرة والعنيفة لأجل افراغ عنفهم السلبي وفراغهم في برامج التعليم والتدريب والعمل والرياضة وكذلك الترفيه كممارسه الهوايات المختلفة
ومن المؤكد فان قوانين السجن كمؤسسة حكومية اولا وقوانين الجماعة السجنية كجماعة اجتماعية لها قوانينها التي تنظم علائق وتفاعلات السجناء في ما بينهم ثانيا، ستختلف اختلافا واضحا عن قوانين الجماعة التي كان ينتمي إليها السجين خارج السجن.

ثانيا/
دور الباحث او المختص الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية في دراسة الظاهرة المعنية (الظاهرة السجنية).

ليست مهمة الباحث او الأخصائي الاجتماعي دراسة ظاهرة الجريمة واسبابها ولاينحصر ايضا في دراسة السلوك الاجرامي كظاهرة اجتماعية عامة ، فذلك يقع على عاتق باحثين اخرين سواء اجتماعين او قانونين او تربويين بل وحتى اقتصاديين وقبل ذلك اهل السياسة والسلطة ،من خارج المؤسسة السجنية، فالفعل الاجرامي قد وقع خارج الاسوار وظروفه متوفرة هنالك في الخارج. واكيد ان هنالك ظروف شتى تقبع وراء السلوك الاجرامي والظاهرة الجرمية وليس ظرفا او سببا واحدا وفي مقدمتها كما يبدو الظرف الاقتصادي الذي يكون دافعا قويا للجريمة في الظروف الاعتيادية ،لكن هنالك جرائما تبرز الى السطح لاسباب تتعلق بعدم استقرار البلد سياسيا كما في العراق حاليا ، والذي يعاني من عدم استقرار سياسي، وامني بصورة اخرى. وكذلك ما تعاني منه بلدان عربية اخرى كسوريا واليمن وليبيا من عدم استقرار سياسي بالدرجة الاساس الذي ادى بدوره الى تخلخل الاستقرار الامني، والذي سيفرز ظواهر جرمية طارئة نتيجة للوضع السياسي والامني الطارئ. واكثر الجرائم التي ستبرز لمسرح الاحداث ستكون جرائم تتعلق بالإرهاب بسبب ضعف الاجهزة الامنية وضعف الرقابة والدور الذي تؤديه والذي هو انعكاس حي لضعف العملية السياسية وتخلخل المنظومة السياسية والتي سينعكس أداءها السيء على كافة مرافق الحياة الاخرى، فهي الضابط لكل الفعاليات المجتمعية الاخرى وان استقرارها او عدم استقرارها هو المؤثر الاول والاكبر في عدم استقرار البلاد في النواحي الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والصحية بل وحتى الدينية، ففي البلدان الغير مستقرة سياسيا سيكون للجماعات الدينية وكذلك القبلية حرية تحرك اكثر وممارسة ادوارا قيادية وتوجيهية للجماعات ، سواء التابعة لها سياسيا وتنظيميا، او من جمهور المصغين لاطروحاتها والمتأثرين بخطابها. وهذه الجماعات الدينية ستفرز حركات متطرفة تحاول اقحام نفسها في عمق التاثير بالمجتمع بل حتى الطموح للانخراط في العملية والقيادة السياسية للبلد، وكثير من هذة التيارات او الجماعات سوف تنتهج العنف والاقصاء، لذلك ستبرز لنا ظواهر اجرامية تتعلق بالارهاب المجتمعي والسياسي من خلال خلق ظواهر الطائفية ،والقومية، والخلافات القائمة على الاختلافات في الرؤى والاساليب التنظيمية والأهداف حتى داخل الطائفة الواحدة، او احيانا حتى انقسامات داخل الجماعات الواحدة. هذا نموذج من الظواهر الجرمية التي تكون اسبابها سياسية وامنية بالدرجة الاساس وكذلك دينية من جانب آخر بسبب الفلتان الامني والسياسي الذي يفتح الابواب على مصرعيها لظهور مثل هذه الجماعات الدينية المتطرفة وحرية تحركاتها، بل احيانا تكون هذه المجاميع او التيارات اقوى من المؤسسة الحاكمة والسلطة هذا ان لم تكن هي اساسا طرفا في السلطة او على الاقل لها اذرعها في السلطة او داخل مؤسسات الدولة.
ناهيك عن الظواهر الجرمية التي تقع لاسباب اقتصادية بسبب تفاقم مشاكل البطالة والفقر وتجهيل المجتمعات والعوز والفوارق الهائلة بين الطبقات وسياسات التسويق والدعاية وتشجيع ثقافة الاستهلاك باسعاره الملتهبة من جانب مع مدخولات ضئيلة ورواتب فقيرة من جانب اخر، يدفع الجناة الى ارتكاب جرائم تتعلق بالسرقة والقتل والتسليب والمقامرة وتجارة المخدرات والسمسرة وكل عمل اجرامي يجلب مردودا ماديا عاليا لاجل الانخراط في عملية الانفاق المتطلبة جدا. وتظهر في هكذا مجتمعات تعاني من تخلخل سياسي واجتماعي مع نظام اقتصادي رأسمالي او شبة رأسمالي او بلا هوية اقتصادية كما في العراق، مع سوق منتوجات واستهلاك محموم يدفع الى السطح بظهور العصابات المنظمة والجماعات المسلحة التي تنتهج جرائم استثنائية كانت غير معروفة في مجتمعنا سابقا وان بشكل ملحوظ كالسطو المسلح الجماعي وسرقة المصارف ومداهمة المجمعات التجارية ومكاتب الصيارفة وخطف التجار الكبار والمساومة، وحتى جرائم ضد المؤسسات الامنية وعناصر الامن الكبار الذين يتصدون لهكذا جرائم كبرى في اجهزة مكافحة الاجرام ومكافحة المخدرات والجرائم المنظمة ، هذا ماعدا جرائم ذوي الياقات الزرقاء(الجرائم النمطية كالسرقات والقتل والتسليب) .اضف الى ذلك جرائم( ذوي الياقات البيضاء) التي يقترفها الموظفين الكبار في مؤسسات الدولة وايضا منظمين في مافيات فساد اداري وحتى سياسي ولهم اذرع واعوان في المؤسسات الحكومية واعوان في السلطة يمارسون جرائم الاختلاس وسرقة المال العام وتبويبه وفق بنود ادارية شرعية في الظاهر ، لكنها في الحقيقة سرقة ممنهجة وضخمة لاموال الدولة، وجرائم اخرى تتعلق بغسيل الاموال واستغلال المنصب وغيرها.
وهنالك جرائم تتعلق بالجانب التربوي والبيئة الاجتماعية والتنشئة وغير ذلك من الجرائم العديدة التي تكون مسبباتها ايضا عديدة ومتنوعة. لذلك فدراسة الظاهرة الجريمة واسبابها تقع على عاتق مؤسسات ومختصين اخرين سواء باحثين ومختصين اجتماعين او قانونيين او مختصين امنيين او مختصين في اختصاصات اخرى لها تماس او دراية بالاسباب الموجبة لوقوع الظاهرة الاجرامية بل ان دراسة هكذا ظواهر يحتاج الى فرق بحثية من اختصاصات شتى تتولى المؤسسة الحكومية تنظيمها وتكليفها بالدراسات وكذلك تمويلها ومتابعتها للوقوف على أسباب تفشي الظواهر الاجرامية خصوصا في الظروف الاستثنائية وفي اوقات الازمات والطوارئ.
اما المختص او الباحث الاجتماعي في المؤسسة السجنية فلا يقع عليه عبء هذه الدراسات لانه في المقام الاول غير معني بالجريمة بل بالمجرم، اي ان احداث الجريمة ومسبباتها وقعت خارج المؤسسة السجنية ولما يودع الفرد المجرم داخل المؤسسة السجنية وينخرط في مجتمع السجن يكون شخصا اخر غير ذلك الفرد المجرم الذي كان سابقا مواطنا عاديا قام بجريمة ما في مجتمعه لها اسبابها ودوافعها لكنه بمجرد انخراطه في المجتمع الجديد السجني فانه سوف يتنمط وفق شخصية اخرى و يتحول من مواطن مجرم الى سجين مخالف. سوف ينسى كل وضعه الاجتماعي لما كان مواطنا خارج سور السجن ،وحتى ان اغلب السجناء لن يتعاونوا في اعطاء المعلومة الحقيقية عن جرائمهم للباحث او الدارس الاجتماعي او المختص العامل في السجون بل سيعطون معلومات واسباب كاذبة ومخادعة بل ان الاغلبية منهم ستنفي علاقتها بالجريمة وانهم انما اودعوا السجن ظلما او اشتباها.حتى معلوماتهم الحياتية الاعتيادية خارج السجن سوف يماطلون فيها المختص العامل في السجن او الباحث الاجتماعي. سيتحول المسجون الى شخصية اخرى حتى المتعلمين منهم والذين نالوا تعليما عاليا او ذوي وظائف محترمة خارج السجن فان الجميع هنالك سوف يراوغ ويلجا للحيلة والدهاء في تعامله مع الافراد العاملين في المؤسسة السجنية ،وحتى فيما بينهم اي بين اقرانهم من السجناء الاخريين، فالجميع سوف يبحث عن مصلحته ومحاولة الحصول على اكبر قدر من المكتسبات داخل السجن سواء المادية او المعنوية، فكل تحصيل يتحصل عليه السجين يعتبر مهما ومكسبا غاليا في مؤسسة ومجتمع السجن. ففي كثير من الاحيان يدعي السجين المرض ليحصل على ادوية هو ليس في حاجة فعلية لها لكنها في الاخر مكسب ربما يحتاجه في وقت ما او يبادله مع سجناء اخرين لغرض الحصول بمقابله على اشياء اخرى هو في حاجة اليها .كل شي وكل حاجة وكل فعل مها كان صغيرا هو شيء مهم بل وعالي الاهمية في السجن وأشياء السجين لها اهمية ثمينة جدا لديه لذلك هو يحافظ عليها اشد المحافظة مهما كانت تافهه بل وقد يلجا الى العراك مع سجناء القاعة الزملاء لاجلها ويلجا الى الحيلة في حمايتها في تعاملة مع افراد المؤسسة السجنية، هذه الورقة الفارغة التي نتصورها مهملة في نظرنا والتي تقبع بين اشياء النزيل لهي ذات اهمية كبرى لدى السجين. في بعض السجون الغربية قد تم استخدام هذه الورقة كسلاح من خلال طويها على شكل مخروطي واستخدام جزئها المدبب كسلاح في ايذاء عين احد حراس الاصلاحية من خلال فقئها بهذه الاداة .الورقة قد تكون طلبا الى جهة سجنية او تكتب فيها ارقاما لهواتف يحتاج اليها السجين ، وهذه الملاعق البلاستيكية والصحن البالي والقداحة وعلب ربما فارغة هي اشياء ذات قيمة عليا لدى السجين، ناهيك عن ماقد يملكه من كتب او رسومات او سجلات واقلام فان المحافظة عليها تكلف السجين غاليا، لذلك يضج السجناء بالشكوى والتذمر اثناء العمليات التفتيشية المباغته من قبل افراد المؤسسة السجنية لان عملية التفتيش سوف تؤدي الى بعثرة اشياء السجين وبالتالي ضياعها او اختلاطها باشياء الاخرين. حتى هذه السكائر التي تجمع وتخزن حتى من قبل السجناء الذين لايدخنون وعندما يتم سؤالهم عن اسباب استلام حصة السكائر من المؤسسة مع انهم غير مدخين يخبرونك بان هذه حصصهم وحقهم وانهما ربما يهبونها لسجناء زملاء اخرين من المدخنين، لكن الذي يحدث في الحقيقة انهم انما يستغلونها لمأرب اخرى فهي تعتبر كرأسمال للسجين اي كأموال للمبادلة .
فقد حصل في مرة ما في احد السجون الاصلاحية(جمجمال) ان عدد كثير من السجناء من منحدر مذهبي معين يتجمعون في قاعات معينة بصورة ممنهجة واغلبهم ينتمون لمذهب معين واحد واغلبهم من غير المدخنين بسبب فتوى معينه بتحريم التدخين عندهم لكنهم مع ذلك يقومون باستلام حصصهم من مادة السكائر بانتظام ويقومون بتجميعها ويعتبرونها اموالا يقايضون بها خدمات اخرى، وقد تبين لاحقا انهم بتكديسها بشكل وبعدد مغري يقايضون بها النزلاء الاخرين الذين يعملون مراقبي قاعات او مراقبي ردهات وقواطع والذين وضعتهم المؤسسة السجنية لمساعدتها في اعمال الدائرة ومن الذين يعتبرون من الثقاة، يقوم السجناء الاخرين بمقايضة هولاء المراقبين بعلب السجائر(تسمى تكات، ومفردها تكة سكائر باللهجة الشعبية ) لقاء خدمة ما، وهي نقل السجناء الاخرين من قاعات اخرى الى قاعاتهم والذين هم منتمين لنفس مذهبهم الديني او منحدرهم الجغرافي(ابن الجرية اي ابن نفس القرية او المحافظة التي يسكنونها) .
ان عملية الخداع التي يمارسها السجناء حتى على المختص او الباحث الاجتماعي الذي يقوم بدراستهم او يقدم لهم خدمة اجتماعية وعلى العكس فان المراوغة والخداع التي يمارسها السجين مع المختص والباحث الاجتماعي ستكون بصورة اكبر لانه يحاول من ذلك كسب ود وتعاطف المختص الاجتماعي معه لانه يرتجي منه خدمه لايستطيع توفيرها غيره من العاملين او يضن هو ذلك، لانه يعتقد ان الباحث الاجتماعي دوره كبير ومهم في المؤسسة السجنية وان قراره بالغ الاهمية ونافذ وخصوصا ان كثيرا من الاجراءات السجنية يكون قرارها بيد المختص الاجتماعي مثل التنقل بين القاعات السجنية والتنسيب للنزلاء الجدد والتصنيف والإشراف على عملية توزيع الطعام وقرارات تتعلق بالاطعام الخاص للنزلاء ذوي الحالات المرضية وكذلك امر الخروج الى المستوصف الصحي وكذلك التشميس وكذلك زج النزلاء في دورات التاهيل والتدريب ودوره ايضا في الإفراج الشرطي بما يوصيه فيما يتعلق بسلوك السجين وكذلك امر العقوبات السجنية التي تتعلق بالسلوكيات السجنية التي يقترفها السجناء داخل المؤسسة والمجتمع السجني. لذلك هو يعول عليه كثيرا ولهذا هو دائم اللجوء الى الخداع مع المختص والباحث الاجتماعي لاجل كسب وده وعطفه.لذلك اذا كان هو يكذب في مايتعلق بسلوكه وافعاله داخل المؤسسة السجنية فمن الاولى انه يكذب بشأن افعاله وسلوكه ومعلوماته التي هي خارج المؤسسة في حياته المدنية. ولهذا سيلاقي الباحث الاجتماعي صعوبة اذا اراد دراسة الظاهرة الجرمية خارج السجن من خلال سجناء المؤسسة السجنية التي يعمل فيها او يكلف لدارسة افرادها فقط اعتمادا على معلومات يتحصلها من السجناء ذاتهم ، والذين سوف يخادعونه دوما، او من خلال الاوراق او الوثائق السجنية لهم هذا اولا. ولاحتى انه مؤهل لبحث تلك الظواهر لانه انما قابع يدرس السجناء من خلال تواجدهم داخل مجتمع السجن وليس خارجه هذا ثانيا. وكذلك فانه من المفترض انه مختص بدراسة السجناء والاوضاع والظروف والظواهر السجنية داخل اسوار المؤسسة ومجتمعها السجني وغير معني بملابسات الجريمة خارجها ليكون هنالك مختصين اخرين عملهم خارج السجن يعملون لدراسة الظواهر الاجرامية التي هي وقعت اساسا خارج اسوار السجن، هذا ثالثا..
اما الباحث والمختص الاجتماعي العامل في المؤسسة السجنية فسيكون دوره الاساسي هو التعامل مع السجين ودراسة الظواهر السجنيه وهي كثيرة اولا ومتنوعه ثانيا ومختلفة عن الظواهر الخارجية نوعا ما ،ثالثا.
ان الظواهر السجنية كما اسلفنا كثيرة ومتنوعة وقد يكون مختلف بعضها عن الظواهر الاجرامية خارج السجن وربما كثير منها شابه تلك الظواهر الا انه هنالك اختلاف من حيث الاجراء القانوني العقابي المتخذ بحق مرتكبيها من السجناء.

المبحث الثاني/
(بعض الظواهر السجنية الشائعة في مجتمع السجن)

١. ظاهرة حيازة وتعاطي المواد المخدرة:

من الظواهر السجنية البارزة هي ظاهرة حيازة وتعاطي المواد المخدرة والتي ستكون هنا عبارة عن ادوية الحالات النفسية من حبوب مهلوسة ومهدئة ومنومه.
ولم تكن حيازة المخدرات من المسحوق المخدر او المستخدمة بالاستنشاق او التعاطي بالابر المخدرة او المدخَّنَة و غيرها من انواع المخدرات التي يستخدمها المدمنين خارج السجن، شائعة داخل مجتمع السجن، بل لم تسجل كحالات مقيدة في السجون العراقية ولكنها دخلت الى عالم السجن بطرق ما- حسب مقابلتي الشخصية مع بعض السجناء وتمرير هذه المعلومة لي- انما المخدر الشائع في السجن هو مايعرف بالحبوب المخدرة اي اقراص الادوية التي هي في الغالب ادوية المرضى النفسيين، وقد يكون متعاطي هذه المخدرات فعلا مريض نفسيا بحاجة الى هذه الادوية ولكن هو يتعاطاها بكميات كبيرة لاجل السكر ولايلتزم بالوصفة التي يصفها له الطبيب المعالج، واحيانا كثيرة يكون متعاطيها من غير المصنفين كمرضى نفسيين والحصول عليها يكون اما بالخداع من خلال خداع الطبيب او التاثير عليه للحصول عليها، او بالتواطئ من قبل عناصر عاملة في المؤسسة السجنية، او من خلال ذوي السجناء في المواجهات العائلية الرسمية وهي اكثر مصادر دخول الحبوب في الغالب، اضافة للتواطؤ من قبل عناصر المؤسسة.
ان لتعاطي المواد المخدرة سلبيات كثيرة منها انها تفضي دوما الى الشجارات بين السجناء سواء الفردية او الجماعية وكذلك تؤدي الى الاعتداءات الجنسية وذلك بسسب فقدان الوعي والاندفاع .ان متعاطي هذه المواد ليسوا فقط من السجناء الذين ينحدرون من بيئات اجتماعية مفككة او ذوي السلوك الاجرامي المعتاد والمتحصلين على مستوى تعليمي متدني، بل ان هذه الظاهرة قد تشيع حتى بين السجناء من اصول وبيئة اجتماعية متماسكة ومن الحاصلين على شهادات ومستوى علمي عالي ، فقد تم ضبط حالات تعاطي لأفراد في السجن من الذين كانوا طلبة جامعات قبل حياة السجن، وعند سؤالهم عن اسباب التعاطي افادوا بان الفترة السجنية الطويلة لايمكن ان تمر دون النوم او فقدان الوعي بواسطة هذه المواد المخدرة!!
بل حتى بعض السجناء ذوي التمسك الديني قد يلجأون الى تعاطي هذه المواد، حدث في احدى المواقف السجنية ان مجموعة من النزلاء تقيم الصلاة الجماعية ويأمهم احد المسجونين الذي كان اثناء ركوعه تسقط اشرطة الحبوب المخدرة من جيبه فيعيدها اليه ويشرع في إكمال الصلاة ، وان اغلب المأمومين كانت جيوبهم عامرة بهذه المواد المخدرة.


٢. ظاهرة حيازة اجهزة الاتصال(الموبايل)

واما الظاهرة الاخرى الشائعة في السجن وبصورة اكثر من الحبوب المخدرة، فلربما المخدرات بالرغم من نفشيها بين اعداد كبيرة من السجناء لكن ليس الجميع يتعاطى تلك المخدرات لكن اكيد ان حيازة اجهزة الاتصال ستكون الظاهرة الاكبر والاوسع وجميع النزلاء يحوزها او يطمح لذلك وهذه الظاهرة الاخرى والاهم التي تواجهه الباحث الاجتماعي والمختص وعناصر المؤسسة السجنية ككل. ويسبب حيازة هذه المواد مشاكل جمة سواء داخل السجن او خارجه حيث ان النزلاء قد يستخدمونها لتسريب معلومات تتعلق بالمؤسسة السجنية والعاملين فيها خصوصا من قبل مجاميع السجناء المدانين وفق مواد الارهاب ، او استخدامها لاثارة الشغب بين السجناء في المؤسسة السجنية من خلال اتصال السجناء القادة او المؤثرين في مجتمع السجن فيما بينهم للاعداد لحالات الشغب والاتفاق على زمنها ومكانها.او تستخدم للتاثير في شهادة الشهود خارج السجن ، او المساومة والتهديد. وكذلك يستخدمها البعض للاتصالات العشوائية باشخاص خارج السجن لاقامة علاقات نسائية او ازعاج تؤدي لخلق مشاكل اجتماعية. كانت الظواهر او المشاكل التي تواجه المؤسسة السجنية قبل ٢٠٠٣ تتمثل في ظاهرتي حيازة وتعاطي المخدرات والمواد الحادة والجارحة لكن بعد العام ٢٠٠٣ برزت مشكلة اخرى تفشت وطغت على مجمل الظواهر السجنية وهي حيازة الاجهزة اي الموبايل. وتعاني المؤسسة دخول هذه المواد التي سيراوغ السجين بالاعتراف بمصادر حصوله عليها .وللحد من هذه الظاهرة وخطورتها من جانب ولحاجة السجين للاتصال بذويه لاسباب عدة قامت المؤسسات السجنية بتوفير اجهزة اتصال تحت مراقبة موظفي المؤسسة لتتيح الفرصة للسجناء للاتصال بذويهم بصورة شرعية.


٣. ظاهرة حيازة الادوات والآلات الجارحة او الحادة:

والظاهرة الاخرى التي تاتي ايضا بالمقدمة من بين الظواهر السجنية هي ظاهرة حيازة الاسلحة، او مايعرف بالاصطلاح السجني حيازة الادوات او الآلات الجارحة. واكيد ان نوع الاسلحة المحوزة لدى السجناء ستستبعد حيازة اسلحة نارية ، وذلك اولا لصعوبة الحصول عليها بل وحتى حيازتها والاحتفاظ بها، وان السجين يعلم مدى الاثار الوخيمة المترتبة على حيازة هكذا نوع من الاسلحة. بل حتى العنصر السجني المتواطىء لايجسر على المتاجرة بها لما لذلك من اجراءات قانونية مشددة ازاء ذلك الفعل. ولم تسجل حالات حيازة لمثل هكذا اسلحة الا حالات نادرة وهي ليست حالات حيازة بل هي استخدام لها بمعنى ادق. فقد يحدث في السجون حالات شغب كبرى وتنهار السيطرة على السجناء وهنا سجلت حالات سيطرة سجناء على اسلحة نارية استخدمتها في المقاومة مع العناصر الامنية او محاولة الهرب او احتجاز رهائن لغرض المساومة ،وهي حالات نادرة جدا واقتصرت على الاستخدام وليس الحيازة لان الحيازة لمواد ممنوعة في السجن يعني الاستمرار في حيازتها لمدة زمنية معتبرة واخفاءها الدائم ،وهذه الحالات انفة الذكر لاتسجل كحيازة بل استخدام مؤقت وطارئ، وبالتالي هي ليست ظاهرة سجنية وحتى السجين يعلم ان هذه الانواع من الاسلحة لايمكن التغاضي عنها كما في الاسلحة الاخرى البيضاء ولهذا قلنا سلفا ان المصطلح الافضل لوصف هذه الظاهرة هو حيازة (الادوات الجارحة ) وليس (الاسلحة) ، وهذا هو الوصف الدقيق لحيازة هذه الممنوعات التي ستكون عبارة عن ادوات او حتى مواد جارحة بسيطة ،ابتداء من السكاكين الكبيرة وربما السواطير او مايعرف عاميا بمصطلح (القامة) وهي عبارة عن سكين كبيرة تكون من حديد صلب وأطول من السكين العادي وذات شفرتين اي انها مشحوذة من الجانبين، فهي لا تعول على نصلها الحاد فهي ليست للطعن كالسكاكين العادية او الحراب بل للسطر لإحداث جروح عرضية(شق) وربما اصابة العظام اذا وجهت بقوة لليدين او الرأس، وليس للطعن لاحداث جروح عميقة كما يفعل السكين او الحربة. وكذلك توجد الحراب والسكاكين ولكن الحالات التي سجلت بحيازة سجناء للقامات والسواطير والحراب هي اقل من باقي الادوات الجارحة لصعوبة الحصول عليها واخفائها طويلا وكذلك لان غض النظر عنها سيكون صعبا وتترتب على حيازتها عقوبات اشد. ولاتقتصر المواد او الادوات الجارحة على تلك الادوات السالفة الذكر فقط بل هنالك ادوات ربما اقل ضررا واكثر حيازة من قبل السجناء لما قد يشعر السجناء بان المؤسسة الاصلاحية ستتخذ ازاءها اجراءات قانونية اخف او لسهولة اخفاءها او حتى تجاهلها من عناصر الدائرة لعدم ادراك خطورتها، ومنها القطع المعدنية الحديدية ومنها مايعرف عاميا باسم (الغيدة) والتي تكون غالبا من معدن مطاوع، وكذلك القطع الزجاجية التي يتحصلها السجين غالبا من قناني الدواء الزجاجية، لهذا يمنع اقتناء هذه القناني وتُستبدل باخرى بلاستيكية، ولكن السجين مخترع عجيب لادواته الجارحة فهو ايضا يستخدم المواد البلاستيكية كادوات جارحة، واغلب هذه المواد الاخرى ماخلا السكاكين ، اي الغيدات والزجاج والبلاستك قد تستخدام لاحداث جروح غير عميقة او خطرة وربما سطحية ، واكثر المناطق الجسمية التي يستهدفها السجناء لاحداث جروحا في خصومهم هي منطقة الوجهه ليس لاحداث الالم فقط بل المسالة ستكون معنوية اكثر، فاحداث الجروح في الوجهة انما له دلالات اخرى تفسر في السجن بتفسيرات تتعلق بالشرف والمكانة الاجتماعية، فإحداث جرح في الوجه يدل على ان المستهدف به مخنث او جبان او ممن يمارس عليه فعل الجنس واحيانا كثيرة يدل هكذا جرح في وجه سجين ما انه واشي اي مصدر من مصادر معلومات المؤسسة الاصلاحية الذي يقوم بإيصال معلومات والوشاية بالسجناء الاخرين. لذلك يُعَلّمُ عليه اي توضع عليه علامة معينة كي ما يكون مفضوحا من قبل الجميع بدلالة جرح الوجه. وهذه الحالة اي حالة الاعتداء بالأداة الجارحة على السجين المعين المراد وضع علامة عليه يتطوع لها سجناء مخصصين بدفع من رأس المجموعة السجنية او القاعة الذي يأمره بذلك او باتفاق ومشورة مجموعة السجناء سواء داخل القاعة السجنية او حتى من خارجها. وليست هذه الادوات الجارحة هي الوحيدة التي يستخدمها السجناء في شجاراتهم بل هنالك ما لا يتوقعه الانسان العادي البعيد عن مجتمع السجن، فالقلم مثلا هذه الاداة التي ترمز للعلم والمعرفة يستخدمها السجين استخداما سيئا كأداة للشجار والطعن، ولهذا فان هكذا استخدامات سيئة قد تعرض السجناء للحرمان من الحصول على الاقلام التي يحتاجها الكثير لكتابة طلبات التماس مثلا للمؤسسة السجنية او حتى لممارسة هواياتهم في الكتابة والشعر والرسم. حتى ان القسم المختص بالبحث الاجتماعي في المؤسسة السجنية عمم مرة استفتاءا لآراء الباحثين والمختصين العاملين في السجون وبتماس مع السجين، حول امكانية او عدم امكانية ادخال وتوزيع أقلام للسجناء وجدوى ذلك، فهي ضرورة انسانية وفي ذات الوقت هي خطر خوفا من الاستخدام السيء لها من قبل السجناء. وايضا فان الحجر البسيط قد استخدمه السجناء كنوع من الادوات الجارحة بعد شحذه بإسمنت ارض السجن (الصب الكونكريتي) او جدران السجن. بل حتى هذه الورقة العادية ممكن ان تكون اداة جارحة وربما خطرة جدا ففي احدى الافلام الوثائقية عن السجون الغربية المعروض على قناة ناشونال جغرافيك ابو ضبي ، يقوم احد السجناء بطي الورقة على شكل مخروط ويستخدم جزئها المدبب في فقأ عين احد حراس السجن.

٤. ظاهرة الممارسات الجنسية والمثليين:

ومن الظواهر السجنية المنتشرة جدا كما الظواهر السالفة الذكر هي ظاهرة الممارسة الجنسية المعروفة اصطلاحا وبشكل خاطئ ومسيء باللواط.وهي ممارسة جنسية تحدث بين السجناء من جنس واحد اي ممارسة مثلية سواء برضاء الطرف الاخر الذي يكون مثليا او بالاغتصاب والاعتداء الجنسي من غير رضا وموافقة المعتدى عليه وخصوصا من صغار السن والسجناء المستجدين والذين ليس لهم مجموعة او( سفرداشية كما في المصطلح السجني) تحميهم من وقوع الاعتداء الجنسي، وغالبا مايكونون من ذوي الوسامة والملاحة، ولكن ليس شرطا فكثير من الممارسات الجنسية بين النزلاء تقع على نزلاء ليسوا بالموصوفين بالوسامة ولاحتى صغيري السن، فكما يبدوا ان السجين المعتدي يحاول افراغ فورته الجنسية باي صورة كانت بعيدا عن المواصفات المثالية الغير متوفرة غالبا في مجتمع السجن وربما المعتدى عليه جنسيا سواء برضاءه او مغصوبا سيكون حتى دميما او مفتقرا الى النظافة .وقد واجهتني اثناء بداية عملي في المؤسسة السجنية ان هنالك فعلا جنسيا وقع بين سجينين كبيرين في السن قاربا عتبة الخمسين عاما وربما تجاوزاها والاغرب من ذلك انهما كانا مصابين بمرض البرص كلاهما!!


٥. ظاهرة المشاجرات:

ومن الظواهر السجنية الاخرى والمرتبطة بحيازة الآلات او الادوات الجارحة هي المشاجرات طبعا. وظاهرة الشجار واردة كثيرا في مجتمع السجن لكن وان كانت ظاهرة سجنية بامتياز لكن ستكون بصورة اقل وضوحا من الظواهر السالفة الذكر ولايلجا اليها السجناء الا للضرورة او لغرض فرض الهيبة والسيطرة داخل القاعة السجنية او مجتمع السجن ككل ويلجا اليها بصورة اكثر رؤوس السجن او المسيطرين على القاعة السجنية او سواها من باقي قاعات السجن او مايعرفون بالمصطلح السجني( الكباريه او الكبار) اي كبار او علية المجتمع السجني وهم اغلبهم من السجناء الخطيرين والسوابق والذين لديهم اتباع كثر داخل مجتمع السجن ويحضون باحترام مجتمع السجن بل حتى المؤسسة السجنية احيانا لما لهم من دور في السيطرة على السجناء واستتباب النظام داخل القاعة او السجن ككل .ولكن ظاهرة الشجار ستكون كما اسلفنا بصورة اقل ضهورا من الظواهر الاخرى وايضا تكون مستترة وبعيدة عن انظار عناصر المؤسسة السجنية فقد يلجا السجناء لاستخدام الحمامات لاجراءاها خصوصا اذا كانت مشاجرات فردية غرضها فرض سيطرة الراس الاكبر اي قائد مجموعة القاعة او في الساحات الكبرى لتجمع السجناء في التشميس مستغلين انشغال العناصر الامنية السجنية او عدم ملاحظتها او ربما بعد ايواء السجناء في قاعاتهم مساءا لما ستكون عملية مراقبة القاعات ليلا اقل وطاءة من النهار حيث سيكون الحراس السجنيين في اكثر اوقاتهم استرخاءا ويكون التشديد في المراقبة الامنية منصبا اكثر في الاسوار والابراج والابواب الخارجية .ولكن عموما سيلجا السجناء لاحتواء المشاجرات بينهم وهي تحدث غالبا لكن السجناء المعروفين بين اقرانهم بالحكمة او كبار السن دائما مايلجأون الى احتواءها ليس حبا في الخير ولكن لاجل اتقاء عقاب المؤسسة السجنية فهم يعلمون جيدا وعن تجربة ان المشاجرات السجنية ستؤدي في النهاية وخصوصا اذا اشترك فيها عدد معتبر من السجناء فان ذلك سيؤدي الى تدخل عناصر المؤسسه السجنية وبالتالي فان اول الاجراءات المتخذة هو تفريق سجناء القاعة ونقلهم وتوزيعهم على قاعات اخرى جميعا سواء المتشاجرين او غيرهم خصوصا في المشاجرات الكبرى وهذا يؤدي الى خسارة السجناء الى ميزات عده كانوا يتمتعون بها داخل قاعتهم السابقة اهما هو التوزيع الجغرافي لاسرة او مساحات النوم فكل سجين في قاعته يعرف مساحة وسرير نومه وراحته وهي موزعه لااعتباطا بل حسب الاقدمية في القاعة وكذلك حسب المكانة الاجتماعية لكل سجين وكذلك المحسوبية والواسطة، فالسجين الذي ينام في زاوية القاعة سيختلف عن الذي ينام قرب الباب او الشباك وهذا أيضا ليس كالسجين الذي ينام قرب الحمامات او مواقع القمامة وأيضا عن السجين الذي ينام في الوسط والمعرض لتحركات النزلاء من جانبي القاعة وما يسببه له من ازعاج. فإذن المساحات الجغرافية داخل القاعة موزعة حسب المكانة الاجتماعية للسجين وحسب الاقدمية فلهذا فان العقاب المتخذ ازاء سجناء القاعة بالتفريق والنقل الى قاعات أخرى او كما يصطلح عليه سجنيا (بالتطشير) سيؤدي بالسجناء الى فقدان هذه الميزة ، وان ايداعهم في قاعة اخرى سيؤدي بهم لاحقا لاتباع اجراءات وقوانين سجناء تلك القاعة الجديدة المنقولين اليها في تخصيص المساحة او سرير النوم للوافد الجديد. هذا ماعدا طبعا فقدان السجناء لاشياءهم وممنوعاتهم المخبئة في مخابئ قاعاتهم السابقة والتي لن يستطيعوا قطعا اصطحابها معهم الى المكان الجديد بسبب اجراء التفتيش الجسدي عليهم اثناء خروجهم من قاعتهم او دخولهم للقاعة الاخرى الجديدة. اضافة الى تفتيت شمل الجماعة المتألفة داخل القاعة الواحدة والتي ربما تآلفت لاسباب مذهبية او جغرافية كونهم من سكنة محافظة او مدينة معينة او لاسباب اخرى تتعلق بالمنحدر الطبقي او المستوى التعليمي او الوظيفي، او التآلف الذي حدث بسبب فرض السيطرة والهيمنة.
وربما تحدث الشجارات لاسباب عدة وبعضها تافهه كشجار النزلاء في القاعة الواحدة لاسباب تتعلق بالتنظيف او ادوارهم في ممارسة عملية التنظيف وتلكأ البعض عن دوره فيحدث شجارا بين السجناء بسبب ذلك او بسبب الطعام وكيفية توزيعه او تلكأ البعض ايضا في عملية الطهو بالرغم من وقوع الدور عليه او ربما بسبب المساحات الجغرافية داخل القاعة وتجاوزها من البعض او الإزعاج الذي يسببه البعض ليلا عندما ايواء السجناء الى النوم واصدار البعض للاصوات والكلام بصوت مرتفع او رفع صوت التلفاز مما يزعج بقية السجناء او التخطي فوق السجناء النائمين وكثرة الحركة والجلبة او تدخين السكائر بكثرة من قبل سجناء ما يزعج سجناء اخرين لايحبذون الدخان او من المصابين بامراض تنفسية تزعجهم كثرة التدخين في القاعة المغلقة، وكذلك تحدث الشجارات لاسباب تتعلق بسرقات الاشياء الخاصة بالنزلاء وهي تحدث غالبا.
وهذه الاسباب الاخيرة هي غالبا ماتكون الدوافع للشجارات والعنف في اغلب السجون الحالية الصغيرة التي تحوي بضع مئات من السجناء، خصوصا التي تفتقر الى امكانيات السجون الكبيرة التي تفوق اعدادها الآلاف التي تكون مشاجراتها اكبر واوضح وفيها قيادات متنفذة واسبابها ودوافعها مناطقية ولاجل فرض السيطرة والارادة.
اذن فالمشاجرات رغم شيوعها كظاهرة سجنية بين افراد المجتمع السجني إلا ان السجناء الحكماء وكبار السن يؤثرون غالبا احتواءها ان حدثت او حتى الحيلولة دون وقوعها او وأدها سريعا حال حدوثها وذلك تجنبا للاسباب واردة الذكر.


٦. تشكل وتكوين الجماعات ،او المجاميع السجنية:

من اكثر الدوافع والاسباب وراء تشكل الجماعات في المجتمع السجني هي دوافع مناطقية او جهوية تتعلق بالمنحدر الجغرافي الذين ينحدر منه السجناء او السكن في محافظة او مدينة ما حيث تتالف هذه المجاميع السجنية وتتحد وتتعاطف فيما بين افرادها وتحدث حالات الدفاع والشجار لاجل الدفاع عن افراد المجموعة المناطقية .وتشيع مثل هذه الجماعات في السجون الكبيرة والمكتظة والتي تفوق بضع الاف من السجناء، وهي من الاسباب الرئيسية لتشكل الجماعات في السجون قبل احداث عام ٢٠٠٣ ولكل مجموعة زعاماتها واحد الرؤوس او الكبار الذي يقودها ويؤثر في قراراتها ويطيعه افراد المجموعة ويتمثلون لاوامره ويحضى باحترامهم وتبجيلهم.
لكن برزت ظاهرة جديدة لتكوين الجماعات في السجون بعد العام ٢٠٠٣ هي ظاهرة تكوين الجماعات على اساس طائفي ،وغالبا مايرتبط وجود هكذا جماعات سجنية في مجتمع السجن- اي الجماعات المنضوية مع بعضها على اساس طائفي - بروز ظاهرة سجنية اخرى لم تكن موجودة ايضا سابقا في السجون العراقية بسبب قوة الردع التي تمارس عليها من ادارة السجن سابقا وعدم التهاون معها ويعلم السجناء جيدا مدى خطورة هكذا ظاهرة الا وهي ظاهرة الشغب التي تكررت عدة مرات في السجون لاسباب تتعلق باكتظاظ السجون اولا بهكذا مجاميع من النزلاء منتمية لمجاميع ليست مذهبية فقط بل كانت تحترف الإرهاب خارج اسوار السجن وهكذا مجاميع تكون خطرة وشرسة والتعامل معها يحتاج مهنية عالية وقوة. ولكن بسب ذلك وبسبب التراخي في التعامل مع هذه المجاميع وعدم ادراك خطورتها بل عدم ادراك ماهيتها واساليبها التي تتبعها داخل المؤسسة السجنية سواء في تعاملها في ما بينها او مع المجاميع الاخرى او مع إدارة السجن برزت ظاهرة الشغب بين هذه المجاميع المذهبية.
ومن الاسباب والعوامل الاخرى التي تتشكل الجماعات السجنية على اساسها وان بصورة اقل وضوحا من تشكيل الجماعات على عوامل مناطقية او دينية هي المادة السجنية او القضية التي اودع السجناء وفقها فهذه الجماعات الصغيرة عادة ينادي بعضهم البعض بمصطلح (ابن دعوتي) اي انهم من نفس الدعوى القضائية التي اودعوا وفقها في المؤسسة السجنية. واحيانا تتآلف هذه المجموعات لاسباب تتعلق بالتصنيف السجني فان ايداع السجناء وفق المادة السجنية او مدة الحكم سيضطر الشلل السجنية للتحالف والتالف وفق هكذا عوامل سجنية هي غالبا التصنيفات السجنية المتبعة في السجون العالمية. لكن هذا لايمنع السجناء من الانتماء لجماعات لعوامل واسباب اخرى خصوصا في حال توافرها في مجموعة القاعة السجنية وليس شرطا الانتماء الجماعي لاسباب تتعلق بالقضية او المادة القانونية فقد يصدف ان يكون سجناء عديدين من مواد قانونية متقاربة في سجن او قاعة معينة لكن ايضا هنالك تنوع مناطقي وجغرافي متوفر في السجن يتيح للسجناء الانضواء في جماعات منتمية لنفس الجهوية او المناطقية الجغرافية مثلا. اذن هنالك اسباب وعوامل كثيرة تتاح للسجناء للانضواء وفق مجموعة ما وقد يكون نوع المستوى التعليمي سببا لذلك او نوع الوظيفة التي كان يشغلها السجناء في حياتهم المدنية السابقة فقد تتألف مجموعة ما من اصحاب الشهادات او العاملين في سلك وظيفي ما في مجموعة تنأى بنفسها عن باقي المجاميع وتميز ذاتها عنهم وكثيرا ما نجد قاعات تضم سجناء من موظفين سابقين كبار من اصحاب جرائم الياقات البيضاء قد كونوا مجموعة لهم او من ضباط الشرطة والعسكر ، ولكن غالبا ما تكون هكذا مجموعات اكثر هدوءا من بقية المجاميع وتنخفض نسبة المشاجرات والمشاكل السجنية في ما بين افرادها وذلك طمعا منها لكسب ود واحترام المؤسسة السجنية لاسباب اعتبارية تميزهم عن بقية أفراد ومجموعات مجتمع السجن الاخرى.
ايضا من عوامل تكوين المجموعات السجنية هو العرق او القومية وتلجا اليه الاقليات الاثنية داخل السجون والتي تتكتل بسبب انتماءها الى اثنية او قومية صغيرة وهو انعكاس للأوضاع المجتمعية الخارحية ايضا فهكذا اقليات اثنية تجدها متكتلة فيما بينها ومتضامنة في المجتمع الاكبر وغالبا ما يسكن اغلب افرادها في مدينة او إقليم جغرافي معين. ومثلما ينطبق هذا على الاقليات القومية ينطبق ايضا على الاقليات الدينية فتجدها متكاتفة ومتضامنة مع بعض ويدعم بعضها الآخر. وهذا مايحدث ايضا بين الاقليات الدينية والقومية في السجون . ويضاف الى ذلك البعد القومي هو الانتماءات والولاءات السجنية القائمة على اساس القبيلة والعشيرة والقرابة الدموية ، لكن ستكون هكذا جماعات اقل الظواهر الجماعاتية وضوحا وربما تمارس القرابات الدموية على مستوى فردي او ثنائيات اكثر منها مجموعات واضحة المعالم كجماعات البعد الديني او المناطقي .
وهنالك انتماءات سجنية وان تكن بصورة اخف وطاءة الا وهي الانتماءات لاسباب حزبية او تنظيمية لكن مثل هذه المجاميع نادرة جدا وان كان التنظيم او الجماعة السياسية ستتخذ في احيان كثيرة التكتل الديني الطائفي فكثيرا من التنظيمات الدينية المسلحة او السياسية او الارهابية ستقوم داخل السجون بتنظيم مجاميعها على اسس عقائدية دينية وان كانت هي في الاساس مجاميع حزبية او تنظيمية على الاقل لما كانت خارج السجن . وحتى انك لتجد الجماعات الدينية واضحت معالم التنظيم الحزبي من خلال الانشقاقات الداخلية داخل المجموعات السجنية المنتمية لنفس الطائفة او المذهب لكنها تتخندق وتتآلف في مجموعات متباينة وربما متعادية بسبب ان انتماءاتها وولاءاتها السياسية والدينية مختلفة خارج أسوار السجن وان قادتها السياسيين او الدينين متخاصمين في الوسط المجتمعي وهذا تجده واضحا بين المجاميع السجنية سواء الشيعية او السنية وهما المذهبان الكبيران بين سجناء المؤسسة السجنية او في خارجها.
اذن تتعدد المسببات والعوامل التي ينضوي وفقها السجناء الى مجموعات مختلفة، لكن العامل الاساسي والمهم هو ان جميع افراد السجن يطمح وينظم لمجموعة ما مهما كانت العوامل التي تقف وراء انخراطهم في تلك المجموعات السجنية فهو هاجس دائم لكل سجين منذ لحظة ايداعه المؤسسه السجنية حيث ان الانتماء لمجموعة معينة يوفر للسجين الحماية والدعم من نواحي عدة سواء حمايته من إعتداء المجاميع او الافراد الاخرين او توفير الدعم اذا تعرصت له المؤسسة السجنية او توفير مستلزمات السجن واحتياجاته لربما الى الطعام والشراب والملبس وغيرها في حالة كونه يفتقر اليها او انه محروم من الزيارات العائلية لاسباب عدة وحتى توفير الممنوعات تؤمنها له هذه المجموعة شريطة الانتماء الحقيقي لها واتباع قواعدها داخل السجن وغالبا ما يكون لكل مجموعة سجنية راس او قائد يعرف بالمصطلح السجني (الجبير) او (الرأس ) . وقد برزت مصطلحات سجنية بعد العام ٢٠٠٣ لاسماء هولاء المتنفذين في المجموعة مثل (الحجي) او (السيد). ومهام هولاء الكبار او الرؤوس هو تنظيم المجموعة وقيادتها داخل القاعة بل قد يمتد نفوذ الراس او الكبير الى مجتمع السجن ككل فيحظى باحترام وتبجيل اكثر النزلاء حتى من القاعات السجنية الاخرى. ويكون وجود هذه القيادات السجنية اكثر وضوحا في السجون الكبرى التي تحوي عدة آلاف من السجناء لكن لايعني هذا انتفاءها في السجون الاصغر التي تحوي مئات من السجناء ، وقد برزت حديثا ظاهرة القيادة السجنية على اساس ديني استغلها هولاء (الكبارية) او الرؤوس بسبب وجود افراد منضوين في مجاميع تجمعها روابط دينية.
ان تشكل هذه المجموعات المتنوعة التي وردت في اعلاه تتم بصورة اليه وعبر مدة زمنية معتبرة وليس في ليلة وضحاها بل تاخذ مديات زمنية وتفاعلات اجتماعية ونفسية داخل السجن حتى تتالف تدريجيا وتتشكل بمرور الزمن وبوتيرة معينة حتى تكون في الاخر جماعات واضحة المعالم قوية الوشائج تبرز كواقع طاغي وامر محسوم داخل المجتمع السجني، بعيدا عن رضا او عدم رضا المؤسسة الاصلاحية، فهي لا تتشكل هكذا صدفة لتصدم المؤسسة السجنية ولربما تحاربها بل باخذها مديات زمنية ومسارب اجتماعية حتى تظهر كمجموعة معتبرة ازاء غص النظر عنها في اغلب الاحايين مادامت هي لا تشكل خطرا على الجانب الامني في السجن في الدرجة الاساس ومادامت تلبي الاحتياجات الاجتماعية والنفسية للسجين.
لكن وجود هكذا ظواهر سجنية سيرتبط حتما ببروز ظواهر سجنية اخرى خطرة قد لاتدرك الادارة السجنية انها نتيجة حتمية لظاهرة تشكيل الجماعات السجنية ، ومن هذه الظواهر التي تبرز مرتبطة بظاهرة المجاميع هي ظاهرة الشجار وممارسة العنف .

٧.(ظاهرة الاقتتال الطائفي والعنف الديني):

ان ظاهرة الشجار وممارسة العنف بين النزلاء ظاهرة متفشية في السجون وايضا تاتي في مقدمة الظواهر البارزة مابين الظواهر السجنية الاخرى وتاتي لاسباب وعوامل عده منها العداءات الشخصية بين نزلاء معيين بسبب قضايا تتعلق بالمواد القانونية او الخصومات بين الفرقاء في قضية قانونية اودع الطرفين ازاءاها في المؤسسة السجنية وهذه الظاهرة كانت تحدث غالبا في سجون ماقبل عام ٢٠٠٣ وبسبب الاكتظاظ السجني وعدم المتابعة الجادة للسجناء يصدف ان يودع سجناء متخاصمين جراء الدعوى القضائية في نفس القاعة او الردهة السجنية، لذلك يتم تفريقهم حالا بعد اخبار مراقب القاعة او احد الخصوم لادارة السجن بالوقائع ليتم تفريقهم على قاعات او ردهات اخرى. واما اكثر الشجارات التي كانت تحدث في السجون مابعد ٢٠٠٣ وخصوصا في فترة الاحتدام الطائفي فكانت اسبابها تعود لعوامل تتعلق بالاختلاف والعداء المذهبي الديني بين السجناء المنحدرين من طوائف دينية متشاحنة ويحدث ان تكون هكذا شجارات اكثر حدة وعنفا ويغذيها قادة داخلين من السجناء ذوي الوجاهة الدينية لدى النزلاء او المدعين بكونهم رجال دين وما يمارسونه من تحريض السجناء ضد بعضهم وإصدار الفتاوى التي تبيح الشجار والعنف. بل احيانا يقوم هولاء السجناء ذوي الوجاهة الدينية بتحريض النزلاء من خلال فتاوى معينة بممارسة العنف ضد المؤسسة السجنية والافراد العاملين فيها وكذلك الدفع نحو اثارة الشغب العام لاجل محاولات الضغط على قرارات المؤسسة او حتى محاولات الهروب . وغالبا مايقوم بذلك السجناء المودعين في السجن وفق مواد الارهاب و المتنفذين والمسيطرين على السجناء الاخرين بهيمنة روحية وسلطة دينية يستطيعون من خلالها قيادة السجناء الاخرين والتأثير على قراراتهم اكثر مما تمارسه المؤسسة الاصلاحية ذاتها من تأثير عليهم.وقد يمارس هولاء السجناء المتنفذين إصدار فتاوى لاتسري على النزلاء في قاعاتهم فقط بل في القاعات الاخرى التي تضم اتباعهم او الموالين لهم من نفس المنحدر الطائفي من خلال تمرير الفتاوى بصورة سرية من خلال السجناء العامليين في الخدمات والاشغال كالتنظيف لممرات السجن او اعمال استلام الطعام او من خلال اعوانهم من السجناء الذين يخرجون الى ساحات التشميس، لغرض تمرير هذه الفتاوى الى السجناء الموالين في القاعات الاخرى والتي سيتم وفقها الالتزام الصارم بهذه الفتاوى الصادرة من الرأس او الشيخ ذي الاعتبار لدى بقية السجناء واغلب هذه الفتاوى هي الدفع بممارسة العنف نحو سجناء اخرين او ضد موظفي المؤسسة السجنية او ادارتها العليا او اعمال الشجار والشغب العام، او ممارسة العنف حتى ضد سجناء منتمين لنفس مجموعتهم لاسباب تتعلق بايقاع عقوبات دينية مثل الجلد والتعزير بحق سجناء خالفوا الشريعة الدينية او يشك بكونهم وشاة لصالح المؤسسة السجنية.

٨. ظاهرة زعماء السجن ( الكبار والرؤوس) ، وفرض السيطرة:

ولكن اغلب الدوافع للعنف والشجار بين سجناء المجتمع السجني في الظروف السجنية الاعتيادية هي دوافع تتعلق بفرض السيطرة، فاغلب السجناء وبطبيعة الحال يتسمون بانتهاج السلوك العنفي او العدائي خصوصا ضد السجناء الاخرين من غير قاعاتهم السجنية او جماعاتهم المتألفة لاسباب مناطقية او غيرها. وقد تحدث المشاجرات بصورة فردية او جماعية حسب الاسباب الموجبة لاثارة الحدث ، وغالبا مايكون وراء اثارة الاسباب والدوافع العنيفة الرؤوس او الكبارية اي قادة السجن من السجناء المعروفين بالعنف والسلوك الخطر ومن ذوي السوابق الجنائية. وغرض مشاجراتهم هذه التي يشتركون هم انفسهم فيها او من ينوب عنهم هو فرض السيطرة سواء داخل القاعة او القاطع السجني او داخل مجتمع السجن ككل. حيث تحدث الشجارات بين الكبارية وفي اوقات واماكن معلومة، غالبا ما تكون في ساحات منزوية في السجون الكبرى كساحات التشميس الجانبية وبغفلة من حرس السجن وتكون اشبه بحلبة صراع يستخدم فيها آلات حادة كالسكاكين او الحراب ويتنافس فيها متخاصمين من رؤساء المساجين (الكبارية) لغرض فرض السيطرة على مجتمع السجن ويكون الغالب فيها له السيطرة فيما بعد على المجاميع سواء المنضوية معه لاسباب مناطقية او غيرها او حتى من مجاميع اخرى، ليحضى بالاحترام والمهابة من اغلب مجاميع المجتمع السجني. وايضا قد يلجا الرأس او الكبير(الجبير) باستخدام من ينوب عنه لاجراء المشاجرة مع رأس اخر، حيث يملك عدد من الاتباع طوع امره من حاشيته المقربين يقوم بدفعهم لايذاء ذلك الخصم بالنيابة ويعرفون هولاء الاتباع المخلصين في المصطلحات المستخدمه بين مجتمع السجن بال(جنود) حيث يكون هذا الجندي مستعدا للتضحية ربما بحياته بالمشاجرة او حتى تحمل الإجراءات القانونية والعقابية المتخذه ضده من قبل المؤسسة السجنية دون الوشاية مطلقا بالمحرض- اي الرأس- . وبمقابل ذلك يحضى هذا التابع بالتقدير من القائد او الرأس وتقريبه منه وكذلك فانه حين يودع في جناح العقوبات (المحاجر) اذا حدث وضبطت فعلته من قبل المؤسسة السجنية ، فان الراس يتكفل بكافة احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس وسكائر وهدايا اثناء فترة حجره، بل حتى اذا توفرت الفرص فمن الممكن ان يزوده بحاحته من المواد المخدرة. وقد يشترك الرأس او الكبير بمشاجرات جماعية مع مجموعات سجنية اخرى او يحرض عليها بدون اشتراكه شخصيا فيها لكنها تؤدي الى حدوث شجارات جماعية عنيفة تستخدم فيها آلات جارحة وادوات حادة تفضي الى حدوث جروح خطيرة لدى بعض السجناء قد تؤدي في كثير من الاحيان الى ضرورة الذهاب الى المستوصف او المشفى للتداوي او حتى في حالات معينة تفضي الى الوفاة ،وذلك بسبب استخدام ادوات او آلات حادة خطرة كالحراب والقامات مع مايرافقها من عنف بين السجناء، وقد يكون هولاء السجناء غالبا في حالة شبه فقدان للوعي بسبب تناول المواد المخدرة قبيل المشاجرة التي تكون غالبا معد لها سلفا وهنالك تَرصّد لها من قبل المتخاصمين. واللجوء الى تناول المواد المخدرة لاجل الشجار ستراتيجية متبعة لغرض توفير عامل الاندفاع وعدم التردد سواء خوفا من الخصوم او من اجراءات المؤسسة السجنية التي ستتخذها بحق السجناء مرتكبي المشاجرات .
وغالبا مايتدخل النزلاء المتنفذين (الرؤوس) لفض النزعات بعد وقوعها او حتى قبل وقوعها اذا شعروا بوجود نية للمشاجرة بين المجاميع او بين رؤوس اخرين ، حيث يتدخل البعض والمعروفين داخل السجن(بالخيرين) لغرض فض هذه المنازعات وديا وحتى في حالة اتمام الاجراءات العقابية المتخذة بحق المتشاجرين من قبل المؤسسة السجنية لكن الشحناء والعداء سيضل قائما بين المتخاصمين مستقبلا، لذلك يتدخل المتنفذين من السجناء المعروفين اصطلاحا بالخيرين لانهاء حالة الشحناء والخصام وذلك بعقد جلسات خاصة تكون في قاعة معينة اشبه بمجلس عشائري يجلس فيه طرفي النزاع والخيريين او الرؤوس الاخرين من الذين يحضون بمكانة مرموقة بين السجناء وتفرض الشروط والجزاءات في هذه الجلسات او المجلس ومنها ان يقدم المعتدي دية معينة هي غالبا من الممنوعات كالحبوب المخدرة او التنازل للطرف المعتدى عليه او المستفيد من الجزاء عن بعص السجناء الوسيمين من الشباب ( الحلويين بالمصطلح السجني) لغرض الممارسة الجنسية معهم من قبل الرأس المستفيد من التعويض .ولكن غالبا ماتفشل عمليات المصالحة هذه بعد حين وتعود المشاجرات واعمال العنف بين الخصوم من الجماعات والافراد.


٩. ظاهرة السرقات:

ومن الظواهر الشائعة ايضا ظاهرة السرقة وهي ظواهر تقع في اغلب السجون سواء الصغيرة منها او الكبيرة.وتحدث لاسباب عدة اهمها الحاجة والفاقة لبعض النزلاء خصوصا الذين لاتتوافر لديهم زيارات عائلية فيفتقرون للحصول على ابسط المستلزمات مما يدفعهم لسرقتها من الاخرين الذين هم ايضا ينحدرون من طبقات اجتماعية فقيرة . وقد تحدث السرقات للحصول على اجهزة النقال خصوصا ان السجين المسروق في هذه الحالة لايستطيع الابلاغ عن السرقة بسبب كون هذه المواد ممنوعة لذلك يحل الامر اما بالشجار خفيه او التصالح وهنالك سرقات اخرى لاتتعلق بالحاجة بل بالهواية فكثير من السجناء محترفي السرقة يضلون يحملون نفس هذه الطباع حتى في السجن فيلجأون الى السرقات لغرض اشباع رغبه او هواية، وقد ضبطت حالة سرقات يقوم بها سجين معين لاحذية السجناء(النعل) بصورة مستمرة ويودع على اساسها الحجر لمرات عدة ولما تم سؤاله عن سبب ذلك وهل هو بحاجة فعلية لتلك السرقات اجاب بالنفي وانه يقوم بذلك كنوع من الهواية وقتل الفراغ بسبب دافع نفسي ملح.

١٠.ظاهرة الاكتظاظ:

ومن الظواهر السجنية الاخرى المتفشية والشائعة كثيرا في جميع السجون العراقية سابقا وحاضرا ، هي ظاهرة الاكتظاظ السجني ، وهي ظاهرة تعاني منها اغلب سجون العالم وبالذات سجون الدول النامية ومن اسبابها كثرة الايداعات السجنية سواء في المواقف او مراكز الاحتجاز على ذمة القضية اي قبل حسمها واثناء فترة التحقيق، او حتى لاسباب قضائية تتعلق بالادانات والايداع السجني بقضايا عدة قد تكون جنح او جرائم غير خطرة او عنيفة كان من المكن استخدام البدائل القانونية للعقوبات ازاء مرتكبيها بدل الايداع السجني كأن تكون بدائلها عقوبات تتعلق بالخدمة المجتمعية او الغرامات المالية او المراقبة او الافراج المشروط بكفالات معقولة وحتى اجراءات تتعلق باصدار المراحم او العفو خصوصا عن الجرائم الصغيرة وحتى تلك التي لاتشكل خطرا على السلم المجتمعي او امن الدولة . ان كثيرا من سجون العالم تعاني الاكتظاظ بسبب الايداع في مراكز الاحتجاز على ذمة القصية اي فترة التحقيق وقبل الادانة، وحسب تقارير لجان الامم المتحدة الخاصة بالسجون والتي تهتم بظاهرة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية فان كثيرا من السجون تكون اغلب اعداد سجناءها من غير المحكومين اي من المودعين في المواقف ومراكز الاحتجاز بصورة اكثر من المودعين في السجون الذين حوكموا وحسمت قضاياهم واودعوا سجونا نظامية.
ان ظاهرة الاكتظاظ السجني ذات اثار وخيمة سواء على المجتمع السجني، او كعبء على المؤسسة السجنية ، فهذه الظاهرة الخطيرة تؤدي الى بروز ظواهر اخرى خطيرة تتعلق بانتهاك كرامة وحقوق السجناء ومنها عدم توفر المساحات اللازمة للسجناء في حقهم في الخصوصية او توفر مساحات مناسبة للنوم او الراحة او استخدام المرافق الصحية. وكذلك تؤدي الى تفشي الامراض بين السجناء وخصوصا المعدية والسارية مثل الجرب والامراض التنفسية كالسل والتدرن وفيروس الكبد المعدي .وكذلك تؤدي الى الشجارات المستمرة بسبب المضايقات او حتى توافر الخصومات داخل القاعة السجنية ذاتها وعدم امكانية التفريق بين السجناء لعدم توفر المساحات او الطاقات الاستيعابية في القاعات الاخرى. وتتفشى ايضا في هكذا ظروف السرقات بين السجناء وغيرها. كما يؤدي الاكتظاظ الى الضغط المتزايد على المؤسسة السجنية ومقدراتها مما يؤدي الى عدم قدرتها على توفير احتياجات النزلاء الضرورية من الاكل والماء الصالح للشرب وكذلك خدمات النظافة من مساحيق ومواد تنظيف شخصي كالصابون وغيرها وعدم كفاءة المرافق الصحية بسبب الاكتظاظ في اعداد السجناء وعدم استيعاب البنية التحتية لكل هذه الاعداد المتزايدة مما يؤدي ذلك بدوره الى تدهور الحالة الصحية للسجناء ،وكذلك عدم مقدرة المؤسسة السجنية بتوفير العلاجات المناسبة والخدمة الصحية لجميع السجناء .وعدم مقدرة المؤسسة السجنية لتوفير مستلزمات اخرى كاسرة النوم والاغطية وغيرها ، ماخلا المشاكل التي ستعيق الراحة النسبية للسجناء بسبب الاكتظاظ وربما يسلبهم ذلك ساعات الراحة والنوم. وكذلك من الاعباء الاخرى التي تعترض المؤسسة السجنية بسبب ظاهرة الاكتظاظ هي عدم المقدرة على استهداف واستيعاب اعداد كثيرة من السجناء في نشاطاتها التأهيلية والتشغيلية او التعليمية او حتى الترفيهية والرياضية، وحتى التلكؤ في منح ساعات التشميس الضرورية لجميع السجناء، لان كل ذلك سيؤدي لارباك حركة السجن وسيطرة المؤسسة السجنية .
اذن نستنتج ان اغلب الظواهر السجنية سببها الاكتظاظ الحاصل في السجون والظروف السجنية السيئة وعدم تفعيل برامج التاهيل والتشغيل والتعليم بصورة كفوءة او توفير مساحة مناسبة للسجناء لممارسة انشطة الترفيه والرياضة والهوايات كالرسم والكتابة والتعبير عن الذات . وبالرغم من الخصوصية التي يتمتع بها مجتمع السجن عن المجتمع الخارجي الا ان هذه الانشطة والفعاليات الفنية والرياضية والتشغيلية هي حلول ناجعه حتى بين أفراد المجتمع الخارجي وليس السجن فقط، فهي تعمل على اهدار طاقة ووقت فراغ السجين في انشطة نافعة بدلا من توجيه هذه الطاقة والوقت الممل غير المستثمر بانشطة تتجه نحو العنف اتجاه الاخرين والذات او القيام بظواهر سجنية تؤدي الى اعاقة عملية النظام والسيطرة من قبل المؤسسة السجنية، وكذلك الى ايقاع الضرر بالسجناء الاخرين كالسرقات وتناول المخدر والنفوذ والممارسات الجنسية وغيرها.

الخلاصة:
ان الظاهرة السجنية يعاد انتاجها مادامت تتوفر الظروف السجنية الملائمة لظهورها، فربما ان الظاهرة الغير حادثة الوقوع الان هي كانت متوفرة في فترة سابقة، وستتوفر في المجتمع السجني مستقبلا حتما، اذا توافرت لها نفس الظروف والاسباب ونفس البيئة السجنية.والظواهر السجنية تكاد تكون عامة فهي اذا لم تكن موجودة الان في سجن ما لكنها حتما موجودة في سجن اخر، وان لم تظهر في زمن ما لعدم توافر ظروفها واسبابها فهي ستظهر في وقت لاحق حين توفر الشروط الموضوعية لها. والظواهر السجنية هي ظواهر عالمية، اي تقريبا ان هذه الظواهر تتكرر الحدوث في اغلب سجون العالم .
ولذلك فان خصوصية مجتمع السجن وخصوصية ظواهره واسبابها ودوافعها تحتم ان يكون نوع الدراسات والبحوث والخدمات الاجتماعية المقدمة من قبل المختص والباحث الاجتماعي العامل في السجون حصرا تكون بصورة مختلفة عن نوع الدراسات والنشاطات البحثية التي يقوم بها اقرانه من المختصين والباحثين الاجتماعيين الذين يستهدفون دراسة الظواهر الاجرامية في وقوعها في المجتمع الاكبر فلظواهر السجنية خصوصيتها ويحب ان ينحصر عمل مختص السجون من الباحثين والعاملين الاجتماعيين على فهم هذه الظواهر ودراستها ومحاولة ايجاد الحلول لمكافحتها او الحد منها في مجتمع السجن، ولكنهم غير معنيين بالظاهرة الجرمية التي اودع السجين جراءاها الى السجن ، فالمختص والباحث الاجتماعي العامل في السجن سينصب اهتمامه على السلوك الاجرامي او العنيف او المخالف للسجين كفرد ينتمي إلى مجتمع له خصوصية معينة- اي مجتمع السجن-


المقترحات والتوصيات
ومن الحلول المقترحة لمواجهة الظواهر السجنية او الحد منها مايلي:
١. الحد من ظاهرة الاكتظاظ في السجون لما لها من اثار سلبية سواء على السجناء ذاتهم او المؤسسة السجنية حيث ان الاكتظاظ يؤدي الى ظهور المشاكل المرتبطة بالعنف بين السجناء وتفشي الامراض المعدية والوبائية والاخلال بمساحات الخصوصية للسجناء وغيرها من مشاكل مجتمع السجن وكذلك في الوقت عينه يشكل الاكتظاظ عوامل ضغط على المؤسسة السجنية واستفاذ مواردها المحدودة اساسا من خلال عدم مقدرتها على توفير احتياجات السجناء الضرورية وكذلك الاخلال بالنظام والسيطرة على السجناء وضغوط تمارس على افراد المؤسسة والعاملين فيها .ويتم تلافي تلك الظاهرة باستحداث اقسام جديدة مصنفه وتسع اعداد كبيرة من السجناء مع توفر مرافق خدمية فيها تخدم الانشطة السجنية كالرياضة والتاهيل والترفيه وغيرها. وعدم اللجوء الى السجون الصغيرة التي لاتستطيع توفير مساحات كافية وبالتالي ستفتقر الى امكانية ايجاد مرفقات خدمية تمارس فيها الانشطة السجنية.
٢. تفعيل العقوبات او الجزاءات البديلة خصوصا للجرائم الصغيرة او الغير خطرة ولاتشكل تهديدا للسلم المجتمعي والامن خصوصا التي لايكون هنالك طرفا خصما فيها من المواطنين او التي حسمت بين الجناة والمدعين او المجني عليهم وديا وتم فيها التراضي ، ومن العقوبات البديلة الخدمة المجتمعية او الغرامات او الافراجات المشروطة بكفالات معقولة وستوفر تلك العقوبات البديلة مميزات عدة منها خدمات اجتماعية وكذلك مردودا ماديا للدولة وكذلك تخفيف العبء والضغط على المرافق السجنية وتقليل الكلف المصروفة في رعاية السجون. ماعدا ما توفره من عدالة اجتماعية للسجين ذاته والشعور بالمسؤولية الاخلاقية وكذلك انعكاسها على عوائل السجناء .
٣. الحد قدر المستطاع من حالات الايداع في مراكز الاحتجاز لما يسبب من ضغط على مرافق الاحتجاز التي صممت اساسا لايواء اعداد محدودة من السجناء وكذلك لمدد محدودة وليست طويلة والتي تكون مهامها هي حجز المتهمين في فترة التحقيق على ذمة القضية فقط الا ان الكثير منها اخذ يحوي على اعداد متزايدة جدا وبقاء السجناء فيها لفترات طويلة وهذا لايتناسب مع وظيفتها الاساسية ولاقدرتها الاستيعابية مما ينعكس سلبا على كم ونوع الخدمات التي تستطيع توفيرها للسجناء المودعين فيها علما ان كثرة الايداع في هذه المراكز لايسبب فقط ارباكا للقائمين عليها بل حتى على السلك القضائي في صعوبة متابعة وحسم القضايا ويمكن اللجوء الى الكفالات الضامنة لإخلاء السبيل لحين البت في القضية ويمكن استثناء الافراج بكفالة عن المجرمين الخطرين او الذين من الممكن ان يؤدي ذلك الاجراء الى هروبهم او التأثير على شهود القضية في حال كونهم خارج السجن او التلاعب في ادلة الجريمة او غيرها
٤. تفعيل واصدار المراحم او مايعرف بالعفو العام عن السجناء بصورة فعالة مع مراعاة بعض المواد القانونية لما لذلك الاجراء من اثر كبير في مجابهة الظاهرة السجنية وتقليل الاكتظاظ السجني، والتأثير على سلوك السجين او المجرم من خلال حرمانه من مراحم اخرى في حالة عودته الى السجن بجريمة اخرى او حتى من الافراج الشرطي ويترتب عليه قضاء المدد المستفيد منها بالعفو السابق في حال إيداعه السجن مرة اخرى لجريمة اخرى اقترفها وخصوصا اذا كانت الجريمتين على نفس المادة القانونية او ما يعرف بالعود.
٥.تفعيل دور التاهيل السجني واستحداث مرافق عدة للانشطة السجنية من اجل امتصاص اوقات الفراغ التي يعانيها السجين والملل الذي يدفعه الى افتعال المشاكل السجنية وكذلك امتصاص فورة الطاقة السلبية التي لديه بانشطة نافعه له وللمؤسسة السجنية من خلال تفعيل المرافق التاهيلية الخاص بالورش والاعمال التي تصقل مهارة السجين او تزوده بمهارة اخرى يستفيد منها داخل السجن وبعد اخلاء سبيله. منها ورش الميكانيك والحدادة والنجارة والحلاقة وغيرها. كذلك ادراج اكبر عدد ممكن من السجناء في الاشغال العامة في مرفقات السجن كالتنظيف واستلام الطعام وخدمات البناء والاعمار وكل ذلك يدخل في باب قتل وقت الفراغ الذي يشكل العامل الاساسي في ظهور وتفاقم المشاكل والظواهر السجنية السلبية.وكذلك الاهتمام بالمرفق التعليمي من خلال استحداث صفوف دراسية مهمتها تثقيف السجناء وتقويمهم ومما ينعكس ايجابا على سلوك السجناء مستقبلا
٦.تفعيل دور المرفقات السجنية التي توفر خدمات ترفيهية للسجناء وتنمي ابداعاتهم وتشذب سلوكهم بالإضافة لما توفره من اشغال وقت الفراغ، واهمها مرفقات الرياضية داخل السجون وايجاد مساحات مناسبة ، وممكن ان تتسع لاكثر من نشاط رياضي ككرة القدم او السلة او كرة الطاولة وغيرها. وكذلك ايجاد مرافق خاصة لممارسة هوايات الرسم والخط والكتابة وايضا ورش للاعمال اليدوية الابداعية كعمل المجسمات والتطريز والتي تكون كلفها منخفضة وغالبا موادها متوفرة في السجون كالكارتون المقوى وقطع اقمشة واكسسوارات تطريز كالنمنم وغيره .وبالرغم من بساطة هذه الورش الا انها ذات مردود نفسي كبير على السجناء من خلال تفريغ الطاقة واظهار الابداع والحصول على التقدير، كما ان بطأ انجاز هذه الاعمال اليدوية يستنزف وقتا كثيرا من السجين وهذا في حد ذاته انجاز اصلاحي وتاهيلي ومايتوفر عليه من خلق المتعة لدى السجين. كذلك من الانشطة السجنية المهمة هي توفير ساحات التشميس المناسبة لتوفير الشمس والهواء الطلق للسجناء وممارسة الهوايات والرياضات الفردية فيها مع ما للتعرض للشمس من فوائد صحية جمه اهمها استئصال الأمراض المعدية كالامراض الجلدية وغيرها والتي تكثر وتستوطن مجتمع السجن بسبب الاعداد المتزايدة والرطوبة والافتقار الى النظافة.
٧. استحداث اقسام سجنية جديدة اغراضها عقابية لكن مهامها الحقيقية هي التاهيل والتشغيل فقط .اي ان العقوبات السجنية للسجناء المخالفين في جناح المخالفين او مايعرف اصطلاحا بالمحجر ،غالبا ماتكون غير مجدية، فمجرد انقضاء فترة العقوبة التي ينالها السجين جراء اقترافه مخالفة او مشكلة ما فانه سوف يعود غالبا الى اقتراف نفس المخالفة او افتعال نفس المشكلة لذلك عند التدقيق في سجلات العقوبات الخاصة بالسجناء سنجد ان الاسماء المعاقبة من السجناء هي غالبا ماتتكرر وايضا بنفس المخالفات المرتكبة بما يشبه حالات العود.فالسجين الذي يحجر لاسباب تتعلق بحيازة مواد ممنوعة كاجهزة الاتصال سنجده غالبا ماعوقب على نفس هذه المخالفة لمدد متفرقة .وكذلك السجناء الحائزين على آلات حادة او مفتعلي المشاجرات او متعاطي المواد المخدرة، غالبا سيترددون على جناح المخالفين او المحاجر على نفس المخالفات التي سيرتكبونها تكرارا ومرارا. لذلك نقترح استحداث اقسام خاصة مهامها استقبال هولاء السجناء المخالفين ولكن ليس لايقاع العقوبات فيهم بل ادراجهم وادماجهم في انشطة تاهيلية وتشغيلية تكون اجدى وانفع في تقويم السلوك من العقوبة .وتتوفر في هذه الاقسام المساحات والمرفقات المناسبة لاستيعاب اعداد لاباس بها من السجناء وتوفر اكثر من نشاط تاهيلي وتشغيلي فيها، مع توفر كوادر مختصة بالتاهيل والتشغيل فيها وتوفر كادر حراسة مناسب ومهني لايتدخل في العمل المناط بكوادر التاهيل وغرضه الاساسي هو الحماية الأمنية فقط ، لان تداخل الوظائف والصلاحيات احيانا بين الكادر الامني- الحراس السجنيين- وبين الكوادر الفنية والمختصة بالاصلاح والتاهيل غالبا ماينعكس سلبا على اداء وكفاءة العملية التاهيلية والاصلاحية. يودع السجين المخالف او مثير المشاكل في هذه الأقسام التاهيلية الخاصة بالورش والاشغال والصفوف التاهيلية والدورات بعد نقله من قسمه السابق الاعتيادي الذي قام فيه بالمخالفة او المشكلة وبدلا من حجره وعقابه في المحاجر يودع في هذه الاقسام التشغيلية والتأهيلية لغرض اكمال مدة العقوبة التي تحدد من قبل لجنة في قسمه وكما هو متبع في التحقيقات الادارية الاعتيادية والعقوبات، لكن بدلا من الايداع في الحجر لقضاء فترة العقوبة يودع في القسم التاهيلي الخاص لغرض ممارسة الانشطة التاهيلية عليه كبديل للعقوبة الجسدية .ويستهدف بالذات في هذه البرامج النزلاء شديدي الخطورة وعنيفي السلوك وكذلك الرؤس وقادة السجناء والمثيرين للمشاكل بصورة مستمرة وبالذات من ذوي مدد الاحكام الطويلة، لان استهداف الاصلاح والتأهيل يجب ان لايشمل او يستهدف المدد القصيرة او السجناء الذين هم على اعتاب اخلاء السبيل لغرض تهيأتهم لادماجهم في المجتمع كما هو معمول فيه في السياسة الاصلاحية للمؤسسة السجنية، بل ان البرامج التاهيلية والتشغيلية وبالذات في هذه الاقسام السجنية المختصة بالتشغيل والتاهيل ستستهدف السلوك السجني بالذات. وبالاخص للسجناء العنيفين والمحكومين وفق مدد زمنية طويلة فالسلوك السجني واصلاحه يجب ان يوضع في الحسبان في مجتمع السجن خصوصا ان بعض السجناء او اغلبهم سوف يعيشون حياة طويلة داخل المجتمع السجني قد تمتد لعقد او عقدين او المؤبد وهذا السلوك السجني يجب تقويمه حفاظا على سلامة البيئة السجنية والسجناء الاخرين ومصلحة المؤسسة السجنية. كذلك حق هذا النزيل في عملية الاصلاح والتأهيل والعلاج السلوكي الضروري .
٨. النظر قانونيا في مدد الحكم ومدى تطابقها مع الفعل الجرمي وكذلك مدى فاعلية الحكم السالب للحرية بمدد طويلة جدا قد لا تناسب العقوبة ولا حتى الجانب التقويمي والاصلاحي بل هي استنفاذ لعمر السجين فقط الذي سيخرج بعد انتهاء مدة الحكم الطويلة محطما جسديا ونفسيا وصعوبة اندماجه بعد اخلاء سبيله في المجتمع، مع الشعور بالرفض المجتمعي وعدم حصوله على فرص العمل والعيش مع عدم القدرة على التاقلم في مجتمع فارقه لزمن طويل وحياة اصبحت لديه غير معتادة لاعتياده حياة مجتمع السجن لفترة زمنية طويلة. وهذه المشاعر وعدم الانتماء نجد صدى معاناتها ليس لدى السجناء الذين يقضون مدد سجنية طويلة بل نلمسها حتى عند اسرى الحرب الذين فارقوا مجتمعاتهم لزمن طويل فنجد صعوبة تاقلمهم عند العودة إلى المجتمع الام بالرغم من ان النظرة الاجتماعية لهم كابطال ومضحين فما بالك بالنظرة الى السجناء العائدين لمجتمعاتهم كمجرمين وافراد خطرين وغير مرغوب فيهم اجتماعيا

المصادر:
١نوري ياسين هرزاني وارام ابراهيم- طبيعة العلاقات الاجتماعية بين المحكومين داخل مجتمع السجن-دراسة-مجلة ابحاث كلية التربية الاساسية المجلد( ٢ )العدد( ١) - ٢٠٠٤
٢تقرير مفوض الامم المتحدة السامي لحقوق الانسان-الاثار المترتبة على حقوق الانسان من جراء اللجوء المفرط الى الايداع في الحبس واكتظاظ السجون- مجلس حقوق الانسان الدورة الثلاثون البندان ٢و٣ الامم المتحدة ٢٠١٥.
٣ بشير ناظر حميد وسمير محمد.حميد-التمثلات الثقافية للرمز والاشارة في السجن: قراءة انثروبولوجيه- دراسة- مجلة اداب المستنصرية العدد ٨٨ ٢٠١٩.
٤ كولن ولسن- سيكولوجية العنف البشري-ترجمة رفعت السيد علي- القاهرة- الطبعة الأولى ٢٠٠١
٥ عبدالرحيم العطري- السجون المغربية: اعادة الادماج ام اعادة انتاج الجنوح- مقال- الحوار المتمدن- ٢٠٠٥
٦جرائم ذوي الياقات البيضاء - موقع ويكبيديا.
٧ مفضي المومني- جرائم ذوي الياقات البيضاء- مقال- موقع مجلة عمون- ٢٠٢١
٨ عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان- الخطوات والاليات الستراتيجية للتقليل من اكتظاظ السجون ومرافق الاحتجاز والتوقيف- المدى- ٢٠١٦.
٩ مشتاق رمضان- اعداد المحكومين والموقوفين في سجون واصلاحيات العراق - تقرير- شبكة رووداو الاعلامية -٢٠٢١
١٠ مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة- خارطة طريق من اجل وضع برامج لاعادة التاهيل في السجون- سلسلة كتيبات العدالة الجنائية- الامم المتحدة، فينا- ٢٠١٧
١١ عنف السجون- مقال في موقع ويكيبيديا.
١٢نظرية لومبروزو- موقع الموسوعة السياسية
١٣قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم ٥٠ لسنة ٢٠١٧ جريدة الوقائع العراقية- العدد ٤٤٤٦ – لسنة ٢٠١٧
١٤ عقوبة تجارة المخدرات في العراق وحكم المروج لها او تعاطيها- مجلة النصيحة القانونية- ٢٠٢١.



#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة الدم النقي، والأصل او المنحدر الواحد للشعوب العربية..
- اشتراكية الطعام والسكن والجنس، لدى انسان ماقبل التاريخ ..
- العقل العربي لا يتعامل مع الحقيقة بالمنطق العقلي ..بل بالمصد ...
- العنف، الجماعة، والتطور المجتمعي...
- من هنا بدات الحكاية..
- مقولات الايجاز عند العرب
- كفار الأمس..مؤمنين اليوم..
- العنف..والانقراض البشري
- اعتلالات التنشئة الاجتماعية في الحضارة الحديثة سواء التنشة ف ...
- حفريات في الشخصية العراقية (الانتماء والعنف)
- عن الشعر ، وعن عريان والنواب، واخرين
- نظام المراحل الثلاث
- لاشيء اطيب من العافية..
- هبوط اضطراري
- الرسالة الاخيرة
- الاصل العرقي..من نحن..؟
- البخاري والشايب..اقصوصة
- عن البروليتاريا، والكرسمس...
- تاريخ السلوك البشري(ماقبل النيولت ومابعد النيولت*
- القرد المدجن


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - الظاهرة السجنية