أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - الإسلام الشعبي والإسلام الأيديولوجي














المزيد.....

الإسلام الشعبي والإسلام الأيديولوجي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7392 - 2022 / 10 / 5 - 14:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كان الإسلام مجموعة من القيم الروحية والأخلاقية التي تدعو إلى العدل والمساواة والسلام والبر والإحسان والرحمة والتواصي والتآزر، وهو ما عرفناه منذ وعينا الأول، إلّا أننا واجهنا "إسلامًا" من نوع آخر اتّبع طابعًا أيديولوجيًا وسياسيًا وفي بعض الأحيان سلطويًا وفي أحيان أخرى بالضدّ من السلطة.
فبم يختلف الإسلام الشعبي عن الإسلام الأيديولوجي؟ وإذا كان الأول تطوّر تاريخيًا، فإن الثاني نشأ في حركات سريّة، من أبرزها حركة الإخوان المسلمين في مصر في العام 1928 وحزب الدعوة الإسلامي في العراق وحزب النهضة التونسي وجبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية وحزب العدالة والتنمية التركي وولاية الفقيه الإيرانية وغيرها من التيارات الإسلامية التي تقدّم المصلحة السياسية والنفعية على جوهر الدين بتفسيراتها وتأويلاتها وقراءاتها للنصوص الإسلامية، دون نسيان منطلقات داعش الإسلاموية وقبلها تنظيرات تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإسلاموية التي انتشرت على نحو لم يسبق له مثيل باستغلال الثغرات الأمنية وهشاشة بعض الدول وإخفاقاتها.
ويستخدم التديّن الأيديولوجي الدين في إطار مرجعية يخلقها هو بنفسه ولنفسه، تارة باسم الحنين إلى الخلافة وأخرى باسم ولاية الفقيه وثالثة باسم القضاء على معسكر الكفر الصليبي وإقامة الدولة الإسلامية. ويميل مثل هذا النوع من التديّن إلى خلق إطار تنظيمي يقوم على الطاعة والمركزية الصارمة والأوامرية الانضباطية التي تشبه التنظيمات الشيوعية وطبعتها القومية والبعثية التي كانت مرجعيتها جميعها كتاب لينين "ما العمل؟" الذي صدر العام 1903.
وإذا كان هذا الفارق بارزًا بين الدين الشعبي والدين الأيديولوجي، فإن هذا الأخير حين يكون قريبًا من السلطة يتحوّل إلى دين رسمي، وأحيانًا باسم مذهب من المذاهب، في حين أن الاختلاف شاسع بين السلطة والدين، فالأولى تقوم على مجموعة من القوانين والأنظمة التي تصدر من جهة عليا لها الحق في اللّجوء إلى العنف لفرضها وإجبار الناس على الامتثال إليها من موقع فوقي، بينما يتعامل الدين معهم من موقع القيم الأخلاقية والأبعاد الإنسانية؛
ويتماهى الدين أحيانًا مع السلطة عبر المؤسسة الدينية، التي تتعاون معها وتخضع لتوجّهاتها وبالتالي يتم تكييف الدين لصالحها تفسيرًا وتأويلًا ونصوصًا. وإذا كان مصطلح "رجال الدين"، لا يوجد في الإسلام، وإنما يوجد علماء دين وهؤلاء عددهم محدود جدًا، مثلما هناك باحثون ودارسون وطلبة علوم دينية، فإن السلطات تعمل على استمالتهم ومنحهم امتيازات مقابل تواطؤات معلنة ومستترة بحيث لا يتجاوز كلّ منهما على الآخر، فالأولى تقدّم الدعم غير المحدود لإطلاق يد المؤسسة الدينية في الحصول على "الحقوق الشرعية"، مقابل أن تقدّم المؤسسة الدينية الولاء المطلق لها وتدعو لدعمها.
ويمكنني القول أن الدين شأن إنساني فردي، خارج دوائر السياسة والأيديولوجيا والسلطة حتى وإن سعت التيارات الدينية لتوظيفه لصالحها، سواء بزعم التساوق مع التطورات الدولية وقبول الانتخابات والتداوليّة أم العودة إلى الماضي ومحاولة استنساخه بما يتعارض مع أوضاع الحاضر ومتطلّباته ومع سماحة الإسلام ومقاصده الإنسانية، فالماضي مضى ولا يمكن إعادته.
طريقان سلكتهما المؤسسة الدينية، الاول اتجه للتوافق مع السلطة ووجد المبرّرات والذرائع لذلك، والثاني اتجه إلى المعارضة، وكان لقيام الثورة الإيرانية 1979 الدور المهم في إنعاش تيار الإسلام السياسي بمدارسه المختلفة وتطلّعه في الوصول إلى السلطة، علمًا بأن التيار الإسلامي لعب دورًا إيجابيًا كبيرًا في النضال ضدّ الاستعمار.
لقد انتقل الدين على يد بعض المجموعات الدينية الأيديولوجية ، بما فيها داعش من فكر التكفير ذي العقوبات المؤجلة إلى الآخرة إلى فكر العقاب الآني المعجّل، أي القتل والتدمير خارج القضاء. وهكذا يتم التعامل مع التديّن السطحي الظاهري على حساب التديّن العميق التأملي، وبذلك يختلف جوهر الدين الشعبي عن الدين الشكلي.
وبفعل ممارسات تيارات الإسلام السياسي طيلة القرن الماضي حدث الانفصام على نحو شديد بين التديّن الشعبي والتديّن المؤدلج، فالأول يقوم على التيسير والتسامح، في حين أن الثاني غذّى روح الكراهية والانتقام برفضه الحق في الاختلاف وعدم إقراره بالتنوّع والتعدّدية.
ويقوم الإيمان الشعبي على طاعة الخالق، وهو الإيمان الإلهي – الفردي، وهو إيمان القيم ، في حين أن التديّن السياسي المؤدلج، فضلًا عن التديّن الرسمي، يسعى إلى إخضاع الإنسان للطقوس حسب رأي فقهاء الطوائف التي تأسست لاحقًا.
التديّن الشعبي يقوم على إشباع حاجات الإنسان روحيًا ونفسيًا من خلال ممارسة عبادية وعلاقة إيمانية خارج النظريات والأيديولوجيات، بما فيها الترّهات التي لحقت بالدين والتديّن؛
أما التديّن الأيديولوجي فإنه ينتمي إلى الفقه الذي كتبه فقهاء السلطان في الغالب، أي الانتقال من التديّن الشعبي إلى التديّن الرسمي وفقًا لضوابط الحاكم، أو لمعارضته لمصالح سياسية وطائفية، وهكذا ضاقت فسحة الحريّة في الدين لصالح الشكلانية الدينية الأيديولوجية والرسمية، خصوصًا بإبعاد العقل الذي هو هبة ربّانية، وتعطيل الاجتهاد والاكتفاء بالتلقين وتلاوة النصوص وحفظها وترديدها، أي التمسّك بالقشور على حساب الجوهر.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجاح العطّار السنديّانة الثقافية السامقة
- هل سيتكرّر النموذج الأفغاني في أوكرانيا؟
- حسين شحادة الركن الثالث - الاجتماع الإسلامي – المسيحي (الحلق ...
- المفكر عبد الحسين شعبان: يدعو الى دين العقل
- خريطة الفكر الإرهابي
- الرابطة العربية للقانون الدولي: إلى الملوك والرؤساء العرب
- الإرهاب واحتكار العدالة
- عبد الحسين شعبان في كتاب -دين العقل و فقه الواقع- مغامرة الت ...
- حسين شحادة الركن الثالث - الاجتماع الإسلامي – المسيحي
- على هامش زيارة المفكر الدكتور -عبد الحسين شعبان إلى أوسلو
- عن فقه التعايش
- الرابطة العربية للقانون الدولي
- كلمة خالد علي السعدي في حفل تكريم المناضل والمفكر د. عبد الح ...
- الرسالة القبرصية والصورة النمطية للإسلام
- إدوارد سعيد: الإستشراق وفيض الذاكرة
- عن أي إصلاح نتحدّث
- حسين شحادة الركن الثاني - التعدّدية وأزمة الخطاب الديني المع ...
- حسين شحادة ثلاثة أركان في مشروعه الفكري
- عن فقه العدل
- المدرسة والمواطنة


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - الإسلام الشعبي والإسلام الأيديولوجي