مسألة الأكراد سورية ... الواقع ...والتاريخ... والأسطرة.

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ
(Hamid Handouri)

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 11:18
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

لم تكن مسألة الأكراد حاضرة في قلب سياسة السورية منذ عقود طويلة من الزمان، إلا مع فترة التشكل سوريا الحديثة، لتعرف نوع من الحضور القوي في الساحة السياسية، وقد اعتبرها البعض من بين القضايا الشائكة وأكثر تعقيدا، حيث شكلت تحديا آنيا ومستقبليا الذي تواجهه الدولة والمجتمع، بفعل اختلاط العناصر في هذه المسألة الحقيقة والخيال والحقائق الوقائع التاريخي والأسطورةـ، وإضافة إلى ذلك تداخل العامل الديموغرافي في هذه المسألة. والشي الذي جعل هذه المسألة أن تخضع كقيضة لتجاذبات السياسية السورية والإقليمية المحيطة كذلك. كما تحمل هذه المسألة في طياتها مخاطر عديدة تتجلى في برامج سياسية أو حزبية أو شخصيات سياسية في سورية التي تستغل واقع الثورة السورية ومسارها الصعب محاولة بلورة الرؤى التقسيمية وتتجاهل حالة الاندماج الوطني والثقافي للبلاد.
وفي هذا البراديم التاريخي جاء كتاب المعنون بــ" مسألة أكراد سورية الواقع ـ التاريخ ـ الأسطرة" وما له من أهمية لفك بعض الاشتباك المطروح حول القضية الكردية، فهو كتاب جاء نتيجة تعاون فريق مكون من جمهرة من الباحثين . والذي قد صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في طبعته الأولى سنة 2013م. ويتكون من 192 صفحة، من الحجم المتوسط، حيث قسم إلى ثلاثة أقسام، نوقشت فيه مسألة الكردية بشكل واسع ومفصل ووضعها في إطارها التاريخي العام . ففي القسم الأول المعنون بـ" الأكراد في سورية إطار تاريخي عام" تناول تاريخ الأكراد الحديث في سورية وكيفية نشوء المجتمع الكردي الجديد في منطقة في سوريا، محاولا وضع الدراسة في سياقها العام مستحضرا ما هو سياسي وديموغرافي وجغرافي لتأكيد أن تاريخ هؤلاء غير منفصل عن تاريخ سوريا. أما القسم الثاني المعنون " ب الحركة السياسية الكردية في سورية" فهو يتحدث عن الحركة السياسية الكردية في سورية، من بداية نشأة الأولى للمنظومة الفكر الحزبي الكردي السوري الراهن والانشقاقات التي طرأت عليها وعرض أهم البرامج السياسية والعلاقات الرابطة بالحركة الوطنية السورية، أما القسم الثالث جاء ليناقش مسألة الأكراد في الثورة السورية. من خلال الحراك ودرجة المشاركة وتفاعل مع الثورة، وكذلك كيفية تقاطعهم وافتراقهم عنها. وهذا الأمر جاء بالاعتماد على مجموعة من المقاربات التي تقارن ما مدى الانخراط الشباب ونشوء التنسيقيات في مقابل التحفظ الحزبي عن المشاركة. إضافة على هذا نجد هذا القسم يتضمن خارطة التحالفات السياسية الحزبية الكردية في الثورة وعلاقاتها بقوى المعارضة السورية. وفي نهاية هذا الكتاب وبما أنه عبارة عن دراسة أكاديمية محكمة قام بها فريق من الباحثين بشأن هذه المسألة، فكانت خاتمته عبارة عن نتائج وخلاصات المتوصّل إليها في الدراسة كان المراد منها تقديم مقترحات وحلول للتعاطي مع هذه القضية.
وبالعودة إلى التاريخ المقارن بحثا عن مميزات بين ما يسمى بالمسألة الكردية في سورية و عن مسألة مماثلة ومشابهة لها في إيران والعراق وتركيا، نجد أن الأولى( أي المسألة الكردية السورية) بمعناها الراهن من الناحية التاريخية الصرف هي أنها مشكلة تركية تساقطت أثارها في سوريا أكثر مما هي مشكلة سورية. ص15. لأن الأكراد سوريا كانوا دائما تحت تأثير غيرهم، وبعل هذا التأثير كان من الطبيعي أن تكون انقساما مماثلة لها واردة في مجموعة من الدول أكراد العراق وتركيا وغيرهم، الشيء الذي جعل طبيعة الخطاب السياسي لأكراد سوريا تتغير، حيث ورت في خطاباتهم مجموعة من المصطلحات وهي كالتالي (كردستان الغربية والمطالبة بالانفصال أو الفدرالية) وهذا الأمر لا يتوافق مع الحالة الكردية السورية.
وعند تفحص هذا الكتاب يظهر في مجمل سياقه العام بتفاعله وتعاطيه مع المسألة نجد فيه مدى ارتفاع الخطاب القومي للأقليات وخاصة الأكراد السورية ومحاولات في بناء الدولة القومية العربية، ويبقى ظهور هذا النوع من الخطاب القومي السياسي بشكل واضح مرتبط نهاية الثورة السورية. ومؤكدا في نهاية هذه الدراسة إلى أن مسألة الكردية تبقى قضية ومسألة وطنية لكل أفراد السورية جميعا ولم تخص مسألة الكردستانية أو ما يصطلح عليها بالقومية الكردية. حيث قدمت هذه الدراسة حلا ترقيعيّا وقد يكون مناسبا لهذه القضية المعقدة والشائكة الذي يعرفها المشهد السياسي القائم اليوم في سوريا، وهو ضرورة منح للكرد حقوقا ثقافية وتعليمية ولغوية كذلك، بما أن هذه المسألة قابلة للحل ديموقراطي.
وفي الختام وبشكل موجز يمكن القول إن الكتاب غاية في الأهمية حيث سلط الضوء على جملة من جوانب موضوعية على الحياة السياسية والمجتمعية لبدان العربية، والتي تسعى إلى تفريش أرضية للحياة الديموقراطية والحرية. وهذا ما نرمي إلى معالجته في هذا السياق كمساهمة في بناء المعنى بشكل واسع و تحديد مفهوم للقومية بنوع من الشمولية.

#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات