تبديل قوانين العبودية، التي قصفت بحياتنا جميعا، بالديمقراطية التي نتمناها جميعا ايضا، هي بداية العدالة بذاتها والتي يجب ان تبدا من المسؤولين المرشحين لخلقها وممارستها في العراق ومن ضمنهم الدكتور القدير منذر الفضل.
والحقيقة ان عملية سن القوانين العادلة الانسانية لن تكون جديدة ومنزلة من السماء، لانها معروفة وتعترف كل الدول ومنظمات العالم باهميتها لانشاء الوطن المستقر، ما عدا الدكتاتورية منها، التي لا تجرء على الوقوف ضدها علنا، ولكنها تضربها بعرض الحائط تطبيقا.
تعتبر كندا من البلدان التي يتوافد عليها الالاف سنويا طلبا للحصول على الاقامة والاستقرار فيها، لتطبيقاتها الديمقراطية، التي جعلت منها بين اوائل الدول المستقرة والمتحضرة. اتذكر عندما اجتمعنا كاحدى المجاميع ( اكثر من 200 شخص من 39 دولة) لنيل هوية الانتساب اليها (الستزن)، وقف القاضي امامنا جميعا قائلا:" هذه الهوية التي نمنحها لكم لا تعني تجريدكم من حقكم ممارسة عاداتكم وتقاليدكم ولغتكم والتعبير عن محبتكم لقوميتكم او ديانتكم او وطنكم وتلقين كل هذا لابناءكم، انتم احرار هنا في ممارست كل ذلك بحرية تامة، انتم احرار حتى بفتح جمعيات ومراكز لتعليمها وممارستها، فكونكم كنديين لا يعني تجريدكم من الانتماء الى اوطانكم وعاداتكم، ولكن يعني بان لكم بلد ثاني يشملكم برعايته وحريات وحقوق ابناءه. الحريات والحقوق مباحة للجميع دون تفرقة او استثناء بشرط واحد، وهو ان لا تكون ضمن حريات وحقوق الاخرين لانه سيعني الاعتداء. تستطيع ان تعيش وتعمل وتشتري وتبني بيتك اينما يحلو لك، لا يحق لاحد اغتصاب الاملاك والحريات منك، ولا يحق لك اغتصابها من الاخرين. هذا بلدك من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه. لا يحق لاحد ان يهين انتماءك الديني او القومي او يهين عاداتك، ولايحق لك ان تفعل ذلك بحق الاخرين. وغيرها من القوانين التي تجعل الانسان يشعر بالامان والاطمئنان، والى ان ختمها بـ ( ليس المطلوب منكم ان تتبرؤا او تتنصلوا من القديم في انتماءكم، ولكن المطلوب ان تحترموا الجديد في انتماءكم ايضا، فنحن نؤمن بأن من لايحب ويحترم امه الاولى، لن يحب او يحترم امه الثانية). بهذه البساطة دفع القاضي رسالة كندا لتستقر في انفسنا منذ بدايات مشاعر الانتماء اليه.
المهم ان القاضي الموقر لم يفرق بيننا في اية عبارة من عباراته، على الرغم من ان الكثير يعودون بانتماءهم الى جاليات كبيرة جدا بالحجم (العدد) وتشكل بوجودها قوة اقتصادية لا تستغني عنها كندا، كما ان وجودها في هذا البلد يصل الى بدايات نشوءه، ومع ذلك شملنا القاضي جميعا بنفس الرسالة ولم يستثني احد.
فيا عزيزي الاستاذ المبجل الدكتور منذر، الم تجد في تخصصك الدفاعي للقضية الكردية والاخوة الاكراد، اجحافا بحق العراقيين الاخرين، في زمن شملنا جميعا الطاغي صدام الاجرام، باباداته الغابية ودون تفرقة؟.
نتمنى منكم ايها الدكتور الفاضل، وانت المرشح لوزارة العدل القادمة، ان لاتخص بعدالتك البعص وتكتفي باشارات سريعة للاخرين، فاما ان تكون بحوثاتك عامة ( تعم الجميع) او ان تهدي لكل مجموعة بحثا خاصا بها. والله ولي التوفيق.
تقبلوا احترامي وتقديري لشخصكم الموقر.