منارات جبل الخبرات / الصفحة ( 15 )

كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7385 - 2022 / 9 / 28 - 19:34
المحور: سيرة ذاتية
    

دعوني اتكلم في هذه الصفحة عن زميلي وصديقي في الدورة الاولى الكابتن طارق خالد شندي (رحمه الله)، الذي كان معي في الدورة، وكان اكثرنا حيوية وعنفواناً وجرأة. .
فهو أول من استلم مهام (ربان) على ظهر أكبر سفينة من سفن الحفر، ففي الوقت الذي كان معظم الربابنة يتهربون من العمل على ظهر الحفارة (الحلة) بسبب حجمها الكبير، وقمرتها الملاحية العالية الموجودة في المقدمة، وبسبب تعقيداتها التشغيلية، ومنظوماتها القيادية المتطورة، وصعوبة التحكم بمناوراتها في الممرات الضيقة والمياه الضحلة. .
لكننا فوجئنا كلنا عندما انبرى لها كابتن طارق، مبدياً استعداده لقيادتها، في الوقت الذي كانت فيه المنشأة العامة للحفر والمسح البحري تفكر بالاستغناء عنها، والتخلص من عطلاتها. .
والاغرب من ذلك انه ظل يعمل على ظهرها لسنوات من دون ان يتهرب من مشاكلها التي لا تنتهي. حتى جاء اليوم الذي تعرضت فيه تلك السفينة لاضرار جسيمة بسبب القصف الجوي، في الوقت الذي كانت ترسو فيه بجانب السفينة اليونانية (Lucky) قرب جزيرة حچام. عند مقتربات ميناء أم قصر. .
فقرر الكابتن طارق الانتقال للعمل كربان مرفأ في ميناء خور الزبير، وقد سبقته سمعته الطيبة، ومهارته العالية، وقدراته الكبيرة في المناورة، وكفاءته العملية التي جعلته يتفوق على اقرانه في تنفيذ عمليات الاقلاع والارساء للسفن الاجنبية على الوجه الاكمل. .
لكنه اسقط علينا ورقة الدهشة مرة اخرى عندما اختار العمل في شعبة الملاحة البحرية في مدينة الفاو البعيدة، وكان فيها هو اللولب المحوري الذي يواصل عمله الدؤوب ليل نهار في متابعة تحركات السفن القادمة والمغادرة من والى موانئ شط العرب. .
كان يتفاعل معها ومع طواقمها، ويقدم لها الخدمات والتسهيلات المجزية بلا كلل، ويحقق لها متطلبات الارتباط والتواصل مع مكاتب القطاع البحري الخاص، حتى كادت السيطرة البحرية في الفاو تحمل اسمه. .
وما ان انخفضت وتيرة تحركات السفن في شط العرب، حتى اتخذ قراره الثالث في العودة للعمل كربان مرفأ أقدم في ارصفة ميناء أم قصر ونهر رقم واحد. .
كان رحمه الله لا يكل ولا يمل، لكنه اصيب بانتكاسة نفسية بعد رحيل شقيقه العميد البحري (فائز خالد شندي) الذي كان يعمل قبيل وفاته في مقر وزارة النقل، وكان رحمه الله من العناصر الفاعلة والنشطة في الوزارة. .
كان الكابتن طارق معروفا بوسامته، وقوامه الممشوق، وثقافته العالية، فاكتسب محبة الجميع، ونال احترامهم، وكانت تربطه علاقات مهنية موثوقة مع خطوط الشحن البحري، لكن يد المنون خطفته على حين غرة، وهو في أوج نشاطه، فكان خبر وفاته صدمة كبيرة للجميع. .
رحل الكابتن (ابو زياد) تاركاً وراءه سجلا عمليا حافلاً بالمواقف المينائية التي يصعب نسيانها. .
وسوف نواصل حديثنا عن بقية زملاءنا في الاجزاء القادمة ان شاء الله، فالحديث عنهم ذو شجون. .

#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات