|
حزب العمال الكردستاني بين -دار السلم والحرب-
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 1689 - 2006 / 9 / 30 - 09:31
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
"هل تقدم تركيا لحرب استباقية ضد إقليم كردستان العراق بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني كما فعلتها إسرائيل في ملاحقة حزب الله؟". هذا السؤال يطرحه الأخ مسعود عكو من خلال مقاله المعنون: بـ"حروب استباقية, وإسقاطات إقليمية.. هل تكرر تركيا السيناريو الإسرائيلي؟" والمنشور في عدد من المواقع الإلكترونية. بالتأكيد إن السؤال السابق لم يشغل بال السيد مسعود فقط، بل ونتيجة لعوامل عدة؛ منها التحرك العسكري التركي – الإيراني على حدود إقليم كوردستان العراق وقصفهم لقرى ومناطق حدودية تتواجد ضمنها مقاتلي وكريلا حزب العمال الكردستاني وأيضاً التحرك الدبلوماسي وخاصةً من قبل الدولة التركية والضغط على القيادات السياسية العراقية للعمل على إغلاق مقرات الحزب في العراق؛ إغلاق مؤسسة أجلان الثقافية وتصنيف حزب العمال على أنها منظمة إرهابية على شاكلة القاعدة وحزب الله في لبنان وأيضاً الموقف الأوربي – الأمريكي إزاء هذه القضية وغيرها من المسائل وخاصةً الوضع الأمني العراقي والذي هو بأمس الحاجة إلى مساعدة دول الجوار وليس توتير الأجواء معها.. كل هذه المسائل كانت تدفع بذاك الاتجاه والقلق على مصير قاعدة القنديل لكريلا العمال الكردستاني ومن وراءها على مجمل الحالة الكوردستانية ومصير الإقليم المحرر.
وهذا ما انعكس في العديد من المقالات والتي عمت مواقع الانترنت حينها ومع ذلك ذهب البعض إلى اتهام المثقفين الكورد بأنهم "صامتين صمت القبور" لا تحركهم شيء، حتى "المجازر والقصف الهمجي الوحشي" والتي ترتكب بحق الشعب الكردي. بل ذهب كاتب المقال (زوهات كوباني في مقاله "صمت المثقفين إزاء الحشود التركية وقصف قرى جنوبي كردستان") إلى حد اتهام "المثقف الكردي" بالتواطؤ – كل المثقفين ومن دون استثناء وكأننا في سوقٍ شعبي للعطارين ونتحدث عن بضاعة بعينها وقياساتها وبالتالي نوعيتها وجودتها ولونها وصبغتها الواحدة المشتركة وليس أمام حالة اجتماعية سياسية ذات أطياف مختلفة – وذلك عندما يكتب في سياق مقاله: "لماذا كل هذا الصمت ؟ هل يعني هذا الصمت الموافقة على ما تٌرتكب من جرائم بحق الكرد؟". لن نجادل الأخ على ما كتبه بخصوص المثقفين الكورد ومسألة "صمتهم صمت القبور" ولكن نقول فقط: نعتقد بأن العديد قد كتب بهذا الشأن ولم يكن هو (وربه) لوحدهم يقاتلان-يكتبان في الساحة.
بل إننا لسوف نتطرق إلى مسائل أخرى نعتقد أنها أكثر إشكالية وهي التي تقف وراء "صمت" المثقف الكردي (على الأقل بعضهم إن لم نقل جلهم) إزاء مسائل كهذه وخاصةً ما يتعلق منها بالحزب العمال الكردستاني وسنحاول أن نلقي الضوء على بعض تلك الأسباب والعوامل التي تعيق من تفاعل هؤلاء المثقفين مع هكذا قضايا ساخنة وحيوية، بل ومصيرية بالنسبة لشعبنا وخاصة على المدى الإستراتيجي للقضية الكردية برمتها. وبكل تواضع نقول إننا نعتبر أنفسنا واحداً من أولئك "الصامتون" صمت القبور والكهوف، مع العلم إننا اقتربنا في مقالٍ سابقٍ لنا وباللغة الكردية إلى جملة قضايا إشكالية في حزب العمال الكردستاني وسياساتها وكادت أن تودي بنا إلى مهالك لا نريدها لأنفسنا كما لا نريدها لغيرنا وهذه (إرهاب الصوت الآخر) واحدة من جملة العوامل والأسباب التي غيبت فعالية دور المثقف في ثقافة المجتمعات الشرقية عموماً ومنها الكردية وبالأخص الأحزاب ذات الصفة والصبغة الثورية الشمولية كالحزب العمال الكردستاني، بل ربما (كل) الأحزاب التي تعرفنا عليها ولو بدرجات متفاوتة وذلك على غرار الأيدولوجيا الدينية ومذاهبها والتاريخ الإسلامي حافلٌ بالمجازر والعنف و(إرهاب الآخر) وإلغائه.
صحيحٌ أن "كوردستان مستعمرة دولية" وأن تركيا واحدة من الدول التي تستلب حقوق شعبنا وتمارس في أكثر الأحيان الجريمة المنظمة بحقه وصحيحٌ أيضاً أنه من حق الشعوب بل واجبٌ عليها أن تناضل في سبيل حقوقها وبالتالي الحق و(كل) الحق لحزب العمال الكردستاني كما لغيرها من حركات الشعوب أن تناضل في سبيل تلك الحقوق ولكن ومع كل هذا وذاك نعتقد أنه قد آن الأوان ليقول أحدنا للأخوة في هذا الطرف السياسي الكردستاني أنه: كفانا سياسة العنف والحرب والاغتيالات ولنحل قضايانا بالطرق السلمية وعن طريق الحوار وذلك مع "الأعداء" قبل الأصدقاء فكما يقال في المثل الشعبي "زمن عتونو راح"؛ حيث أن ثقافة اليوم هي ثقافة قبول الآخر والحوار معه.
ففي زمن الحرب العالمية (الثالثة) على الإرهاب وانتهاء مرحلة وحقبة "الثورة العمالية الاشتراكية العالمية" وثالوثها المعروف بـ(المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الإتحاد السوفيتي الصديق مع الأحزاب العمالية والشيوعية في البلدان الرأسمالية وأخيراً الحركات التحررية في العالم الثالث) لا يمكن أن تقوم هذه الحركات "الثورية" بأي عمل عسكري – أو ما كانت تعرف بالكفاح المسلح – من دون الوقوع في فخ الإرهاب وبالتالي وضعها على اللائحة السوداء. ونعتقد أن هذه العملية؛ (أي وضع حزب العمال الكردستاني على لائحة الإرهاب) لن تخدم القضية الكردية وإننا لنعتبر هذه (مبدأ الثورة والعنف الثوري لدى حزب العمال الكردستاني) واحدة من العوامل الرئيسية والتي كانت – وما تزال – تبعد (بعض) أولئك المثقفين من الخوض في المسائل والقضايا التي كان الحزب طرفاً فيه.
ربما يكون هناك من يؤيدنا في موقفنا هذا من الأخوة المنضوين في تنظيمات ومؤسسات هذا الحزب ولكن نعتقد بأن غالبية الرفاق وخاصةً كريلا الحزب لن يوافقوننا على هذه بل ربما نُرمى بأبعد من "التواطؤ" والعمالة. وهذه؛ (قضية اتهام الآخر بالخيانة والعمالة) واحدة أخرى من المسائل والقضايا الإشكالية في الحركة الكردية والتي نود أن نقف عندها في المقالات القادمة ولكن فقط نقول هنا: بأنه لا يهمنا ما يقال عن الشخص أو الحزب الفلاني على أنه "عميل" للأجهزة الفلانية بقدر ما تهمنا برامج وسياسات تلك الأطراف والأحزاب وما تقوم به على الأرض وبخصوص القضية والمسألة القومية لشعبنا.
نعم نقولها صراحة ً وبكل وضوح ومن منطلق الأخوة والحرص على القضية الكردية أولاً وأخيراً – كما نفهمها ونقرأها ولربما نكون غير صائبين في قراءتنا هذه – بأنه قد آن الأوان لأن تقف العمليات العسكرية من قبل حزب العمال الكردستاني – وهو الذي بادر إلى هذه الخطوة في مراحل سابقة وأكثر من مرة – وأن ينزل الكريلا من الجبال نهائياً في الإقليم الشمالي من كوردستان لينخرطو في المنظمات الأهلية المدنية ومؤسسات الحزب السياسية وبالتالي تنشيط الحراك السياسي السلمي وليلعب هؤلاء الساسة والكوادر دورهم الحقيقي، إن كان على صعيد المفاوضات مع الدولة والسلطات التركية أو الإتحاد الأوربي والتسريع من محاولة ضم تركيا إليها؛ حيث عندها سوف تتم حل المسألة الكردية على ضوء قرارات وقوانين الإتحاد الأوربي ونعتقد أن هذا وعلى مستوى المسألة الكردية يعتبر "حلماً سياسياً" إن جاز التعبير.
وهكذا فعلى حزب العمال الكردستاني أن يعيد النظر في برامجه وأساليبه النضالية؛ بحيث تنسجم مع روح العصر ومن دون أن تتخلى أو تتنازل عن أهدافها السياسية القومية وحتى "الثورية" منها ولكن عن طريق (النضال) والعمل السلمي الأهلي والمؤسساتي. وهنا نود أن نقول وللتاريخ بأن هذا الفصيل؛ حزب العمال الكردستاني وفي مراحل معينة اضطر للدفاع عن مسألة الوجود من عدمه للشعب الكردي وقد حقق من خلال نضاله ذاك مكاسب قومية جمة، بل يمكن أن يقال أنه قد أيقظ الشعور القومي لدى الكثيرين كانوا قد تخلوا (تماماً) عن كورديتهم وذلك من دون أن ننسى بأنه؛ أي الحزب قد أرتكب أخطاء استراتيجية بحق المسألة والقضية الكردية في الآن ذاته، ولكننا لسنا بصدد تلك القضية وهكذا.. فإننا نريد أن نقول بكلمة واحدة: بأننا لسنا بحاجةٍ إلى (حماس أو حزب الله) ثوري أحمر لتعيد قضيتنا إلى المربع الأول.
وبنفس الوقت نود أن لا يفهم من جملتنا الأخيرة إننا نقوم بمقارنة كلانية بين الحركات الثلاث ولكن نعلم جميعاً الخطاب "الناري" لمجموع هذه الحركات وأنهم معاً على لائحة الإرهاب وهكذا فليس من باب الصدفة أتت جميع تلك المقالات لتشير إلى ربط هذه الحركات وأيضاً تحرك الدولة التركية لكي تقصف مواقع حزب العمال الكردستاني المتواجدة في المناطق الحدودية من إقليم كوردستان وذلك على غرار ما فعلت إسرائيل عندما قامت بقصف مواقع لحزب الله في جنوب لبنان. وهنا أيضاً ومن منطلق الحرص على المسألة الكردية في أجزاء كوردستان الأربعة، وعند قراءةٍ دقيقة للأبعاد الجيوسياسية والإستراتيجية للقضية الكردية، فإنه من واجبنا أن ننبه الأخوة في حزب العمال الكردستاني على مدى خطورة تواجدهم عسكرياً في المناطق المحررة من الإقليم الجنوبي؛ حيث بتواجدهم ذاك يعطون (المبرر) للحكومة التركية وقواتها أن تتدخل في شؤون الإقليم، هذه من جهة و من الجهة الأخرى تضعف موقف حكومة الإقليم كونها (تتدخل) في شؤون دول الجوار، مع تأكيدنا على أننا غير مقتنعين بهكذا أطروحات ونحن أيضاً نعتبر كوردستان واحداً كلاً ولكن السياسة هي البراغماتية و(فن) ممارسة الممكن على الأرض وليست مجموعة أماني ورغبات و(أحلام وردية). وفي هذا الصدد نطلب من الأخوة في حزب العمال الكردستاني أن ينسقوا مع حكومة إقليم كورستان – كما نطلب من الأخوة في الإقليم احتضان ورعاية تلك المجموعات العاملة باسم هذا الحزب على أراضي الإقليم أو حتى على أراضي الجمهورية العراقية عموماً – وذلك بخصوص جميع هذه المسائل حيث ذاك من مصلحة الجميع وهذا ما نبتغيه جميعاً؛ الخوف والحرص على القضية الكردية وليس على هذا الفصيل أو التنظيم السياسي والذي هو بالأساس أداةً ووسيلة للوصول إلى ذاك الهدف المنشود لنا جميعاً.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المخاض والولادة(بعد 11 سبتمبر)
-
الأوطان أم الأوثان
-
الخطاب العربي والقضية الكردية- 7
-
حوار مع الكاتب الكردي بير رستم
-
قراءة في منهاج البارتي
-
إعلان دمشق والمسألة الكوردية
-
القيادات الكورية والقراءات السياسية
-
المجتمع المدني بين الثقافي والسلطوي
-
وطن وقضايا
-
قضية وحوار
-
تحية حب للأخضر العفيف
-
الخطاب العربي والقضية الكوردية
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|