|
شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7376 - 2022 / 9 / 19 - 16:33
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
هناك في الساحة الكردية السورية من يسعى الى الحوار الناجز لتحقيق هدف إعادة بناء الحركة الكردية ، وهناك من يتهرب من الحوار ويضع العراقيل أمامه ، وهناك من يعمل على افراغه من عوامل النجاح . يعتبر الحوار من الطبائع البشرية بمعنى التواصل ، وتبادل المعرفة ، والتفاهم حول شؤون الحياة ، وتنظيم أسس ومستحقات الحقوق والواجبات بدء من اطار العائلة ومرورا بالمجتمع ، وانتهاء بالنظام السياسي ، والهادف طبعا الى العيش المشترك ، وإرساء العدالة ، وصيانة الحقوق الأساسية ، والديموقراطية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والتسليم بحق الشعوب في تقرير المصير ، والمساواة بين بني البشر من كل الاجناس ، والألوان ، والاعراق ، وبين المرأة والرجل . ولن يثمر الحوار او بعبارة أدق لاحوار حقيقي الا بتوفر شروط نجاحه من حرية الرأي ، والعقيدة ، والبيئة الآمنة في قبول المختلفين ، وديموقراطية النقاش ، وتوضيح الهدف الرئيسي من الحوار ، والاختيار السليم لموضوع الحوار ، وتوفر الآلية المناسبة لاستخلاص النتائج ، والتوصل الى الحقيقة ، ومتابعتها ، واستكمالها ، والالتزام بها في مجال التطبيق العملي . في الحوار السوري العام بعد تصفية الثورة السورية المغدورة ، وخروج كيانات المعارضة عن نهجها الثوري ، وتشتت وتراجع مجاميع ( الجيش الحر ) ، وانتشار الفساد ، والمحسوبية ، وظاهرة الارتزاق لمصلحة النظام الإقليمي الرسمي ، والاقتتال الداخلي بين الفصائل المسلحة من اجل النفوذ ، وموالاة هذه الدولة المحتلة او تلك ، وتفشي النزعات العنصرية الشوفينية ، وسيطرة الميليشيات على المقدرات ، لم يبق امام الوطنيين السوريين خيارا آخر لإنقاذ مايمكن إنقاذه ، وتصحيح المسار الا انتهاج الحوار على المستوى الوطني ، لمراجعة الماضي ، واستخلاص الدروس والعبر من احداث وتراجعات المراحل السابقة ، وبالرغم من الدعوات الصادقة من جانب الحريصين على قضايا الوطن والشعب ، فانهم يصطدمون بعقبات مانعة وفي المقدمة عدم توفر شروط الحوار الناجح حتى الان . في الحوار الكردي الخاص لابد من التأكيد ان الحوار في اطار الخصوصية الكردية هو جزء مكمل للحوار الوطني العام ، وعليه فان هناك مايشبه الاجماع على أن الكرد السورييون يمرون بالمرحلة الأصعب في كل تاريخهم ، ليس بسبب الظروف الاقتصادية ، والمعيشية الضاغطة ، ومخاطر تبعات سلطات الاحتلالات ، ونظام الاستبداد ، والميليشيات ، وحالات القلق وعدم الأمان ، والخشية على المصير ، وانعدام الحرية والمستقبل المجهول ، فحسب ، بل لأن أداتهم النضالية الوحيدة – الحركة السياسية الكردية – تعيش حالة التمزق والانقسام ، والضياع ، وتحت تأثير عوامل الفشل ، والعجز عن انجاز المهام القومية ، والوطنية ، تتوزع أحزابها الراهنة في طرفي الاستقطاب المتصدرة للمشهد بين محاور خارجية تأتي القضية الكردية السورية في آخر اهتماماتها بسبب واقع حال البعد الكردستاني من النواحي التاريخية ، والجغرافية ، والوظيفية ، وخصوصية كل جزء ، وأولوياته في الانشغال بقضاياه الداخلية ، والتفاعل مع متطلبات الانتماء الوطني – القطري - . لاشك ان الحركة القومية الكردية عموما والسورية بشكل خاص امام مفترق طرق ، ومازالت متاخرة عن تعريف هويتها ، ومرحلتها التاريخية ، وتشخيص مهامها ، خاصة بعد فشل دول المنظومة الاشتراكية في حل المسالة القومية في بلدانها ، ثم انهيارها ، وتردد الغرب الراسمالي في فهم وتفهم طبيعة نضال الحركات القومية في الشرق الأوسط وبينها الحركة الكردية ، وعجز نظم الاستبداد الحاكمة بالمنطقة عن إيجاد حلول لكافة القضايا الوطنية ، والديموقراطية ومن ضمنها قضايا الشعوب والقوميات المحرومة ، وكذلك التطورات الداخلية ضمن صفوف الحركة القومية الكردية ، والتي يغفلها الكثيرون ، او يتجاهلونها وهي انتقال الحركة اوبعض تياراتها في قواها الرئيسية التقليدية ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق ، حزبي ديموقراطي كوردستان – ايران ، حزب العمال الكردستاني – ب ك ك ) من مفهوم الحل الكردستاني الموحد للقضية الكردية بالمنطقة على ضوء مبدأ حق تقرير المصير ، الى الحلول الوطنية المجزأة ، كما هو مثبت الان في برامجها ، ومسارها السياسي ، وممارساتها العملية ، بالإضافة الى انتقال المركز الأساسي المتقدم – إقليم كردستان العراق – من مرحلة الثورة التحررية الى مرحلة استلام السلطة وبناء الكيان الدولتي ( وهو تطور هام ومبارك ) وما لذلك من تبعات وانعكاسات منهجية ، واجتماعية ، وثقافية ،على مجموعة المنظومة الفكرية – الفلسفية للحركة القومية الكردية والتي لم تتم التعمق فيها بعد واستخلاص عناوينها الرئيسية . كل ذلك يضاعف من أهمية الحوار بشأن حاضر ومستقبل الحركة الكردية السورية المفككة ، وكيفية إعادة بنائها من جديد على صعيد تجديد وتطوير ، وتفعيل العامل الذاتي أولا ، ابتداء من تشخيص هويتها الفكرية ، وعلائم مرحلتها التاريخية ، واصدقائها ، واعدائها ، وخصومها، وصياغة مشروعها ، وتحديد مهامها الراهنة والمستقبلية ، ومراجعة انحرافات بعض تعبيراتها الحزبوية بنظرة نقدية ، وتحديد دور الطبقات ، والفئات الاجتماعية ، والشرائح الشبابية ، والوسط الثقافي الملتزم في عملية التجديد ، وبشكل خاص دور الكتلة التاريخية المنقذة ، والسبيل الى تحقيق ذلك ، وهو توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، والآليات المتبعة لتحقيق ذلك . محاولات الالتفاف على الحوار هناك فرق شاسع بين حوار ديموقراطي حر ، جاد ، حول موضوع واضح ذي أولوية مطلقة ، وهو إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، واستعادة وحدتها ، وشرعيتها ، وانقاذها من تحكم الجماعات الحزبوية الفاشلة التي انحرفت عن خط الحركة ، واعادتها الى الحضن الشعبي ، والقيادة المؤهلة المنتخبة من المؤتمر الجامع من الوطنيين المستقلين ، والشباب من النساء والرجال والمثقفين الملتزمين ، والمبدعين ، وبين حوار مزعوم يديرها من هو جزء من الازمة ، ويتحكم في فرض ( لجان تحضيرية ؟! ) غير منتخبة ، ومواضيع للنقاش ليست من اولويات قضايانا ، وفوق كل ذلك لديه أجهزة قمع ترفض الآخر المختلف ، ان قضايا الحوار الأساسية المفيدة في هذه المرحلة يجب ان تكون مثلا : أسباب فشل الأحزاب في توحيد الصف الكردي ، وفي فقدان الدور الوطني للكرد ، وفي انتزاع مكاسب للكرد ، وفي إضاعة الحلفاء والأصدقاء السوريين ، وفي دوافع محاربة ب ك ك لشعب إقليم كردستان والنيل من إنجازاته ، وفي أسباب تبعية الأحزاب للخارج ، وتصفية الشخصية الوطنية الكردية السورية ، ودور المال السياسي في اضعاف الحركة ، وأسباب وقوف الأحزاب ضد الحوار مع المخالفين لها ، وأسباب رفض الأحزاب في المشاركة باللجنة التحضيرية مع الوطنيين المستقلين للاعداد للمؤتمر الكردي السوري الجامع ، وقبل هذا وذاك أسباب احتلال عفرين والمناطق الأخرى ، والموقف من سائر المحتلين ، والعلاقات السرية مع نظام الاستبداد والموقف منه ، وحقيقة دور وتواجد النفوذين الروسي ، والإيراني المتحالفين مع نظام الاستبداد. قبل عدة أعوام تواصل معنا السيد – مارتن غريفث - رئيس ( المعهد الأوروبي للسلام ) – وهو الان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية – وبعد عدة لقاءات ارسل لنا اقتراحا مضمونه الدعوة لعقد لقاء حواري ثلاثي ( ب ي د و الانكسي ، وحراك بزاف ) لمناقشة الوضع الكردي السوري وسبل التقارب بين الأطراف على ان يتولى الاتحاد الأوروبي رسميا الاشراف في حال نجاح اللقاء الاولي ، فمن جانبنا رحبنا بالمقترح ، ورفضه الطرفان الآخران ، والان ومن اجل استكمال الالتفاف على الحوار يزيل القائمون على ( لقاء القامشلي التشاوري ) اسم مؤسسة ( اولف بالمي ) على دعوتهم ، علما ان حراك " بزاف " اول من اطلق تسمية اللقاءات التشاورية على الحوارات منذ عشرة أعوام ، والتي بلغت حتى الان اكثر من مائة وعشرة من اللقاءات التشاورية . وحتى تكون الأمور واضحة أحيي العديد من الشخصيات وبينها أصدقاء أعزاء من النساء والرجال الذين شاركوا في تلك النقاشات وطرحوا وجهات نظرهم قدر المستطاع ، وختاما يجب القول ان الأولوية الان وفي هذه المرحلة الأكثر خطورة للحوار لترتيب البيت الكردي ، وإعادة بناء الحركة ، والبدء بتشكيل لجنة تحضيرية من غالبية وطنية مستقلة ومشاركة الأحزاب للاعداد للمؤتمر المنشود ، وهذا ليس الطريق الوحيد لإنقاذ وتجديد الحركة الكردية فحسب ، بل أيضا السبيل لخروج أحزاب طرفي الاستقطاب من المأزق الذي هي فيها .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة بناء الحركة الكردية السورية مهمة أولى وعاجلة
-
عود على بدء : نحن والخط الثالث
-
العراق رهينة الشيعية السياسية
-
كانت الفرحة اكبر لو شملت الوحدة كل أطياف كردستان ايران
-
أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان
-
من تزييف التاريخ الى تزوير الوقائع
-
التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي
-
السورييون لن يتحملوا المزيد من المفاجآت
-
عود على بدء : التوازن بين القومي والوطني
-
الحدث الذي أعاد تعريف وتجديد الحركة الكردية السورية
-
تأملات في دروس التجربة التونسية
-
الخيار الشعبي هو الحل للازمة
-
الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
-
دفاعا عن الحقيقة
-
- قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
-
إشكاليات التمثيل الحزبي
-
حوارات وطنية
-
وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
-
- حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
-
- الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
المزيد.....
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
-
استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين
...
-
رائد فهمي: أي تغيير مطلوب
-
تيسير خالد : يدعو الدول العربية والاسلامية الانضمام إلى - مج
...
-
التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر
...
-
Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
-
هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح
...
-
مقترح ترامب للتطهير العرقي
-
برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر
...
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|