|
بمناسبة وفاة الملكة اليزابيث الثانية: تذكير من تاريخ الحركة العمالية
جيمس كونولي
الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 18:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كان لوفاة الملكة اليزابيث الثانية، قبل أسبوع، وقع موجة صدمية عبر العالم. أعلِن حداد وطني لعشرة أيام بين يوم الوفاة وتاريخ الجنازة. وأشاد كبار العالم بمناقب المتوفية، تلك التي كانت من بقايا عهد الاقطاع، وأحد أوجه الاستعمار الإنجليزي، ومساندا لهجوم الحكومة وأرباب العمل على الشغيلة.
فقد كانت على رأس إمبراطورية استعمارية في حقبة أفولها [اعتلت العرش عام 1952]، وعملت لكبح نزع الاستعمار والحفاظ على سطوة الإمبراطورية البريطانية على مستعمراتها.
في مطلع سنوات 1950 تنظمت المقاومة المسلحة ضد الاضطهاد البريطاني في كينيا، المعروفة بانتفاضة ماوماو. فأعلنت المملكة المتحدة حالة الطوارئ، وشنت حملة قمع شرسة على السكان المستعمرين امتدت من سنة اعتلاء الملكة اليزابيث حتى 1960. قتل فيها رسميا 11 ألف من المتمردين. لكن مصادر غير رسمية تعتبر العدد أكبر بكثير. حسب اللجنة الكينية لحقوق الانسان: تم قتل أو تعذيب او إصابة بعاهة مستديمة 90 ألف، وسجن 160 ألف في ظروف غير إنسانية.
واليوم وقد اضمحلت الإمبراطورية البريطانية، يواصل الكومنويلث علاقات استعمارية مع العديد من المستعمرات السابقة. وقد قامت الملكة اليزابيث الثانية جيدا بدورها كوسيط بين الامبريالية الإنجليزية والامبريالية الامريكية.
باختصار الملكة الراحلة شخصية امبريالية واستعمارية ومعادية للعمال، لا يمكن لشغيلة المغرب الواعون ان يأسفوا لموتها.
بعد وفاة الملكة سارع قادة نقابيون إلى الغاء إضرابات مقررة (في القطارات والبريد) احتراما للأسرة الملكية. ما هذا إلا خيانة للحركة، ولا أقل، احتفاء بوجه معادي للشغيلة.
في الوقت الذي فرض على عمال المملكة المتحدة حداد عشرة أيام، ننشر ترجمة لمقال كتبه الثوري الإيرلندي جيمس كونولي كتبه عام 1910 بمناسبة زيارة الملك جورج الخامس إلى ايرلندا
+++++++++ زيارة الملك جورج الخامس: بقلم جيمس كونولي James Connolly
أيها الرفاق العمال
إننا نحظى، كما تعلمون من قراءة الجرائد، باستقبال قريب لزيارة الملك جورج الخامس.
بالنظر إلى تجارب زيارات ملكية سابقة، وإفراط بهرجة التتويج في الأسابيع الأخيرة، نعلم أن هذه المناسبة ستُستعمل للقيام بالدعاية للملكية وللأرستقراطية ضد القوى الديمقراطية وضد الحرية القومية اللتين تنتصبان ضدها. نود أن نقدم لكم بعض الدواعي التي تلزمكم برفض بالإجماع لهذه الزيارة، أو لإضفاء شرعية عليها بحضوركم في المواكب والاستعراضات. نوجه اليكم النداء بصفتكم عمالا، مخاطبين عمالا، سواء كان عملكم ذهنيا أو بدنيا –يدويا أو فكريا-نفكر فيكم وفي أبنائكم، وقضيتكم هي ما نريد الدفاع عنه وتشجيعه.
يستوجب مستقبل الطبقة العاملة أن تكون كل المواقع الاجتماعية والسياسية متاحةً لكل رجل أو امرأة، وأن تُلغى كل امتيازات الولادة أو الثروة وان تُتاح لكل من ولد على هذه الأرض، رجلا او امرأة، فرصة بلوغ أشرف مكانة. يعتبر الاشتراكيون أن حق الولادة الوحيد الذي يجب اشتراطه لشغل وظيفة عمومية هو حق الانتماء إلى انسانيتنا المشتركة.
نعتقد أن ما مِنْ مُقدَّس على الأرض أكثر من الإنسانية، ونرفض كل ولاء لأي مؤسسة ملكية: زيارة الملك لا يمكن إلا ان تزيد حقدنا على كل المؤسسات الطفيلية التي يمثلها. أن يحتشد الرأسماليون و الملاكون العقاريون للاحتفاء به: فلأنه منهم، ويرون فيه تجسيدا للفئة المغلقة وللطبقة، يمجدونه ويكيلون المدائح لأهميته سعيا إلى تعويد الرأي العام على تصورهم للامساواة السياسية، علماً علم اليقين أن شعبا مُسَمَّماً بولع الملكية لا يمكن أبدا أن يبلغ روح الاستقلال و الديمقراطية تلك اللازمة للتحرر الاجتماعي.
إن روحا متعودة على الملوك السياسيين ستتصالح بسهولة مع الملوك الاجتماعيين: ملوك المعامل الرأسماليين، ملوك المصانع وسكك الحديد والمرافئ. هكذا حوَّل أسيادنا الحاذقون تتويج الملك وزيارته إلى حملة هائلة للدعاية الامبريالية للأهداف السياسية والاجتماعية ضد الديمقراطية. لكن إن لم يتوقف قط أسيادنا وحكامنا عن دسائسهم ضدنا، فيجب علينا، نحن الذين نريد الانتفاض ضد حكمهم، الاَّ نكف أبدا عن دعوة رفاقنا الى الحفاظ بنفس القدر جهارا على ايماننا بكرامة طبقتنا وبالسيادة النهائية لمن يعملون.
ما هي الملكية؟ ما مصدر سلطتها؟ ماذا أعطت للبشرية؟
الملكية من بقايا الاستبداد المفروض على البشرية من قبل الجشع والخيانة في حقبة تاريخينا الأشد ظلاما والمطبوعة بالجهل.
وتستمد سلطتها من سيف اللص وعجز المنتج وما أعطته للبشرية غير معروف –ما عدا إمكان قياسه بالأمثلة العديدة من الظلم الأشد وقاحة والظافر.
كل طبقات المجتمع، ما خلا الأسرة الملكية، وخاصة الأسرة الملكية البريطانية، أسهمت في الرقي بالنوع البشري عبر بعض أفرادها. لكن، لم يُسهم أي ممثل من العائلة الملكية البريطانية في العلم ولا في الفنون، ولا في الأدب، ولا في الاستكشاف، ولا في الاختراعات الميكانيكية، ولا أي مجال من النشاط البشري، في تقدم البشرية على الصعيد الأخلاقي أو الفكري أو المادي. لقد عارضت هذه الأسرة كل تقدم، وحاربت كل الإصلاحات، واضطهدت أدنى مدافع عن استقلال وطنه، وحبكت دسائس ضد كل القضايا العادلة. وبتقتيل كل أصدقاء الشعب، تآخت مع كل مضطهديه. إن كان العديد من القساوسة الطائشين يمتدحونها اليوم، فإنها اشتهرت في التاريخ بطابع جرائمها المثير للسخط. اغتيالات، خيانات، فجور، زنا محارم، سرقة، حنث: كل الجرائم التي يعرفها الانسان اقترفها هذا او ذاك من الملوك الذين يتبنى جورج الخامس بافتخار الانتساب إليهم.
” دمه زحف في أوردة الاوباش منذ الطوفان” [2]
لا نؤاخذه على جرائمه أسلافه إذا تخلى عن الحقوق الملكية التي أورثوها إياها. لكن طالما يدعي تلك الحقوق بمقتضى ولادته، فإذن عليه أن يتحمل بمقتضى ولاداته مسؤولية جرائمهم.
أيها الرفاق العمال، شرِّفوا كرامة طبقتكم. كل أعضاء العائلة الملكية المتكبرين، وكل هذه الارستقراطية الوقحة، كل هذه الطفيليات والخونة الرأسماليين كلهم أمارات المرض الملم بكل دولة – انحطاط تجسده الزيارة الملكية في كل خزيها أمام أعيننا المرعوبة. لكن كما يمثل وعي المرض المرحة الأولى نحو الشفاء، يجب علينا كي نتخلص من دولتنا ومن كل الأمراض الاجتماعية والسياسية أن نحدد عناصر الفساد.
هكذا بتجميع تلك العناصر وعرض تماسكها، يمكن لزيارة ملكية نفسها أن تساعدنا على الفهم، وهذا الفهم يمكن أن يساعدنا على إيجاد كيفية تدمير الطبقات الارستقراطية والرأسمالية التي تعيش من عملنا. يجب وضع معاملهم وأراضيهم ومصانعهم وموانئهم وسكك الحديد بين أيدينا، ويجب ان تحل الملكية الجماعية مكان الملكية الرأسمالية، والديمقراطية الاجتماعية مكان التفاوتات الاجتماعية والسياسية، وسيادة العمل يجب ان تحل مكان سيادة الولادة وحكم الرأسمالية وتدمرهما.
تقضي مهمتنا بإنارة الاكثر جهلاً بين افراد طبقتنا، وبتبديد الاوهام السياسية والاجتماعية لدى الجماهير المكبلة، والقضاء على تلك الاوهام، وبتسريع اليوم الوشيك، الذي سيضمن فيه العالمُ بأسره – بحسب كلمات جوزف برونان، متمرد عام 1848، العصيِّ على الخوف(2).
“الحق الإلهي في العمل في أن يكون الأول بين الأمور الدنيوية؛ وأن يكون المفكر والعامل ملكي البشرية الوحيدين”
ترجمة المناضل-ة
هوامش
1- إحالة الى بيت شعر لالكسندر بوب Alexander Pope (1688-1744)، الشاعر الإنجليزي الشهير، معروف بأشعاره الساخرة
2- جوزيف برنان، Joseph Brenan (1828-1857)شاعر وصحافي و كاتب ايرلندي شارك في انتفاضة 1848 في ايرلندا ، انتفاضة قومية ايرلندية فشلت وكان من ربيع الشعوب، الموجة الثورية التي هزت أوروبا برمتها في العام 1848.
#جيمس_كونولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة الطبقية والحرب الطبقية
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|