أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا ننتقد الغرب...ولم ننتقد أنفسنا؟















المزيد.....

لماذا ننتقد الغرب...ولم ننتقد أنفسنا؟


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 12:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا ننكر أنّ الغرب، وفي فترة من الفترات، كانت متخلفة (كشعوب) وتعاني من مشاكل اجتماعية وفكرية ودينية، وربما حتى نفسية، يوم كانت الكنيسة هي التي تحكم وتسيطر على كل شيء، فُتنصّب الملك المطلوب وتعزل آخر، بما يحلو لها الأمر، بشرط أن يخدم مصلحتها، وأن يطبق جميع الأحكام والأوامر التي تصدرها، دينية كانت أم سياسية.
ولم تتخلص أوروبا من قبضة الكنسية إلا قبل فترة وجيزة من الزمن، أي يوم نجحت الثورة الفرنسية، ثم اتسعت شرارة هذه الثورة لتعم أوروبا كُلها.
ولا ننسى أيضًا حجم الإضرار التي خلفتها الكنسية، فترة حكمها، مما انعكس سلبًا على نفسية المواطن الأوروبي، وقرأنا عن الانتقام الذي لحق برجال الكنيسة، بعد سحب البساط من تحت أقدامها، إذ نصبوا لهم مشانق خاصة واخذوا يعدمونهم بلا محاكم، على غرار محاكم التفتيش التي نصبها المقيمون على الكنيسة، وكانوا يعدمون ويحرقون ويسجنون العلماء والفلاسفة واصحاب العقول النيرة، لمجرد اتهامهم بمخالفتهم للكتاب المقدّس (وهي دعوى بلا مبرر)، وكانوا يعدون ذلك هرطقة، حتى اسكتوا الأصوات التي
دعت إلى الإصلاح والانفتاح، وتعديل القوانين المجحفة بحق شعوبها، وإلى اعطاء حرية في التفكير ومساحة في النتاج والانتاج، بهدف التطوّر وتقدم البلاد نحو ما يقيم أود الحياة.
ولما تخلصت أوروبا من هيمنة الكنسية، وهزمتها شرّ هزيمة، انفتحت انفتاحًا كبيرًا على العلوم والصناعة، واعطت المفكرين والعلماء فسحة كبيرة وحرية واسعة، حيث نهضت تلك الشعوب من سباتها، فعم الإعمار واتسعت رقعة الانتاج وبدأت الاختراعات يزداد اطرها بالتوسع، وانتشرت السّوق الحرّة واخذ الطلب يزداد على التعلم، وعلى تعليم الحرف اليدوية والمهنية، وعلى أخذ العلوم الحديثة والحث على المعرفة، وغير ذلك الكثير- الكثير مما هو اليوم واضح لدى القاصي والقريب.
ونحن العرب والمسلمين، بقينا متمسكين بالماضي، ونتباكى على العهود المظلمة، وما قال السّلف، الذي أسموه بـ "الصالح" وعلى العادات القبلية والعشائرية، التي أكل عليها الدهر وشرب، وكذلك على قوانين ما عادت تجدي نفعًا اليوم، لأنها قوانين قديمة مستهلكة لا تصلح لإنسان العصر الحديث، كون هذا الإنسان تطوّر وتعلمّ وراح يفكّر ويتساءل، ويطلب أجوبة مقنعة لكلّ تساؤلاته: الفكرية والدينية والفلسفية، فهو اليوم ليس إنسان الأمس، يوم كان ينخره الجهل، وتعوزه المعرفة، وكان رجل الدين يضخ إلى عقله من اشياء ما انزل الله بها من سلطان، من خرافات وترهات واباطيل، ما عادت تنفع اليوم وقد كشفها العلم الحديث وفندها.
رجل الدين مكانه الحقيقي في المؤسسة التي يعمل فيها، وواجبه التوجيه والحثّ على الأخلاق، ونشر المحبة والسلام بين مكونات المجتمع الذي يعيش في كنفه، لا واجبه السياسة ودخول البرلمانات، فالسياسة لمن يعمل بالسياسة، ففيها أحيانًا يصح الكذب والمراوغة، لمصلحة ما، هو يراها صحيحة، لكن بالدين لا يصح للكذب والمراوغة، كما ترى جميع الأديان.
إنسان اليوم تفتحت ذهنيته وأتقد عقله، وتوسعت زواياه المعرفية، وسئم القديم الذي كان ينطلي عليه، في العهود الغابرة، وبه سيطروا على كيانه وسلبوه نفسه، وسرقوا عقله، ووصلوا بهم الأمر أن سرقوا امواله تحت ذرائع كثيرة ومتعددة، ومسميات اخترعوها، بل أتوا بها من جيوبهم واختراعاتهم، بهدف الهيمنة والتجهيل حتى يظل الإنسان تحت ظل تعاليمهم، لا يُحرك ساكنًا، ولا يثور على قوانينهم، ولا يخالف أمرًا من أوامرهم.
في كثيرٍ من الأحيان اقرأ هناك، واسمع هنا من وسائل الإعلام المختلفة، كلام أو رأي لجماعة، ينتقدون فيه الغرب ويصبون عليهم جام غضبهم، كونهم فعلوا القضية الفلانية، أو سنّوا قانونًا معينًا، أو دعموا فكرة ما أو ظاهرة ما، أو نظرية فيها خلاف، فتذهب الانتقادات تفند وتستنكر وتارة تشجب، ناسين أو متناسين إنّ تلك الشعوب لها قوانينها الخاصة بها، وليس بالضرورة أن تتوائم وتنسجم مع قوانيننا، واعرافنا وقيمنا وعاداتنا، فحن شعوب لنا عاداتنا واخلاقنا وقيمنا، الخاصة بنا. لماذا نقيس قيمنا على قيمهم وعاداتنا على عاداتهم؟، أليس هذا من السّفه بمكان، ومن المغالطات والكذب على انفسنا بمكان آخر؟.
طالما أنّ معظم تعاليمنا مازالت تصدر عن المؤسسة الدينية، بقوانينها القديمة ورؤاها الماضوية، وهي تفرضها علينا فرضًا، وبقوة فسنبقى متخلفين لا نسير مع الركب الحضاري، ولا نرتقي التقدم الذي يشهده العالم، ولا حتى السباق التكنولوجي والصناعات بكلّ أشكالها، وسنبقى أيضًا مستهلكين غير منتجين كالبهائم تأكل علفها من تحت اقدامها؟، إن جاز لي هذا التعبير.
رجل الدين، وعلى كلّ مستوى الأديان، هو من يؤجج الحروب ويفتعل التفرقة ويؤلب الناس. قبل ثلاثة أيام قام منشد أناشيد دينية، مشحون طائفيًا، بشتم معتقد لطائفة من المسلمين كبيرة، وكاد أن يشعل المنطقة بشرارة حرب لن يهدأ أوارها، لكن آماله بائت بالفشل وعدت الأمور على خير، وانكشفت اللعبة.
وإذا بقينا نتبع هذه العقول الجافة، وعلى نمطية تفكيرهم وهم يدسونها في عقول أبنائها، بطرق متعددة، سنبقى في تخلفنا نراوح، ولا نتنفس نسيم الحرية.
إنّ الأمم والشعوب التي نهضت، وقامت من سباتٍ كان جاثمًا على خوانيقها، لم تنهض إلّا بهزة أو صاعقة كهربائية، وانتبهت إلى نفسها فثارت كالحصان الجامح، لتخرج من الأسر الفكري والذهني، بل وحتى الديني، فرجالات الدين كانوا يعدون أنفسهم هُم من يمثّل الدين، بل هم الدين نفسه، فإذا رأوا من ينتقدهم ويشير اليهم بأصابع الاتهام، قالوا: إنّ الدين في خطر، فلا يلومون أنفسهم بماء يجري.
للأسف الشّديد، نحن لا نمتلك ثقافة النقد حتى وإن كنّا نمتلك تلك الادوات، أما نخاف لأننا لا نمتلك لسان الشجاعة، وأما بعضنا يسير وهو مطأطأ الرأس كونه يعمل تحت مظلة هؤلاء الذين عنيناهم، فيخاف أن يُطرد من وظيفته، أو لا هذا ولا ذاك، إذ يرى طرف ثالث أنّ الأمر لا يعنيه، بالمرّة، طالما هو متنعم ويسير بسلام، كالمثقف السّلطوي، على سبيل المثال.
فالصحيح، يجب أن نتعلم من الشعوب التي سبقتنا، نتعلم كل شيء، ونتخذ تلك الشعوب المثل الأعلى، لاسيما ونحن نرى ما حققته من تقدّم ملحوظ على كافة المستويات، لا أن نسكت ونخنع، فالسكوت والخنوع يعنيان الهزيمة، والمهزوم لا يمكن أن يصنع دولة ويخلق مجتمع ناهض، يسوده التقدم ويعمه الانبثاق.
في كلّ مرة أسمع: إن شعوبنا العربية والاسلامية أنما تأخرت بسبب الإسلام السياسي، أخوان المسلمين ومعيتهم، بهذه الأفعال الدخيلة المسمومة، هي من فعل بشعوبنا الأفاعيل، هي من دمرتنا والقت بمستقبلنا في قاع المجهول، هي من هيمن علينا وسيطر على أفكار شبابنا، فسرقهم من أنفسهم، وبالتالي هي من سيطر على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وراحت تشرهن وتصدر قوانين على مقاس أفكارها وأيديولوجيتها؟.
وهذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي لا نحرك ساكنًا، بل يجب أن تكون أصواتنا عالية، وبالخصوص طبقة المثقفين وطبقة المتعلمين، وممن يجد فيه الشّجاعة الكافية ليقول بالرفض، ويرفع شعار الحرية للتخلص من هيمنة هؤلاء.
ويبقى السّؤال هل ستنهض الأمة من سباتها، وتصو على نفسها فتسلك الطريق نفسه، الذي سلكته أوروبا من قبل حتى أصبحت على ما أصبحت هي عليه اليوم؟.
الكُلّ معنية بالجواب.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الافتراء على اليهود؟
- تجارة الدين بديل لجشع آخر
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ الأخير
- محاولة لتعريف المثقف
- تحليل حكاية فلم: لوعة الحُبّ
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ نجيب محفوظ
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ ماركيز
- الجلبي.. هل قتله بيته؟!
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /كولن ولسون
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /سارتر
- وللآن.. نحن مكبلين
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/البير كامو
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم /كافكا
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ دوستويفسكي
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم/ فرويد
- أخطر عشر كتّاب قرأت لهم(1)
- رسائل إلى ن- ح (1)
- السادرون.. يثيرون الأسئلة
- من سجلات البتاويين
- وجودية المعرّي: إنّ للإنسان قيمة عليا في ذاته وفي صيرورته


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - لماذا ننتقد الغرب...ولم ننتقد أنفسنا؟