أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فى مصر : السلفيون قادمون















المزيد.....

فى مصر : السلفيون قادمون


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7371 - 2022 / 9 / 14 - 20:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولا :
1 ـ أديان المحمديين ثلاثة : السُّنة والتشيع والتصوف . هناك دين إنتشر وتسيد من عصر صلاح الدين الأيوبى وإستمر حتى مطلع العصر الحديث ، وهو مزيج من السنة المعتدلة والتصوف ، هو التصوف السُّنّى ، وهو ممارسة الطقوس الصوفية العملية والعقيدية فى تقديس الأولياء الأحياء وقبورهم المقدسة ، والاعتقاد فى ألوهيتهم وكراماتهم مع تطبيق الشريعة السُنّية عن طريق قضاة الشرع السنى . وكتبنا كثيرا فى ظلم وفساد هذا القضاء . لكن فى النهاية فالتصوف السُنى عندهم هو : ( الحقيقة والشريعة ) ، فالحقيقة هى التصوف ، والشريعة هى السُنة بمذاهبها الأربعة وقضاتها . ظهر ابن تيمية ومدرسته فى العصر المملوكى يجدّد المذهب الحنبلى بتطرفه ، ولكن تم إخماد حركته وتياره ، ليعود التصوف السنى بكل قوته . وظل هكذا حتى ظهر محمد بن عبد الوهاب يعيد الحنبلية ( نسبة لابن حنبل ) والتيمية ( نسبة لابن تيمية ) ، ولكن بصورة أكثر تعصبا وتخلفا ودموية ، وتحالف ابن عبد الوهاب مع أمير الدرعية ابن سعود ، وتأسست بهذا التحالف الدولة السعودية الأولى التى توسعت فى نجد ثم ضمت الحجاز وغيرها ، حتى قضى عليها الوالى فى مصر ( محمد على ) عام 1818 . قامت الدولة السعودية الثانية ثم سقطت ، ثم تمكن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود من تأسيس الدولة السعودية ، وهى التى لا تزال حتى الآن .
2 ـ كان عبد العزيز آل سعود مُحاطا بشيعة ايرانو اليمن والشام والعراق، وبالتصوف السُنّى فى مصر ، بالاضافة الى ألغام داخل عباءته تتمثل فى شيعة الأحساء ( المنطقة الشرقية ) والصوفية والشيعة فى الحجاز . الخطر الأكبر كان من :
2 / 1 : ( الخارج ) من مصر أكبر قوة سنية صوفية ، وهى التى قضت من قبل على الدولة السعودية الأولى ودمّرت عاصمتها الدرعية وأسرت أميرها ليلقى حتفه بعدئذ . ثم إن الحجاز الذى استولى عليه عبد العزيز كان تابعا لمصر ، ومنذ الدولة الطولونية .
2 / 2 : ( الداخل ) من القوة العسكرية التابعة له ، وهم ( الإخوان ) ، وهم شباب من الأعراب تشربوا الوهابية ، والتى أباحت لهم القتل والسلب والسبى باسم الاسلام ، وأرسوا بهذا جهادا حنبليا وهابيا يستبيح قتل من ليس منهم ، ولا يستثنى الأطفال والنساء . إستطاع عبد العزيز بهؤلاء الإخوان الوصول بدولته الى حدودها الحالية . ومن الطبيعى أن يشاركوا أميرهم عبد العزيز فى جنى الثمار .
3 ـ أثمر خطر الخارج مع خطر الداخل فى نشر الوهابية والاخوان المسلمين فى مصر . ونأتى لبعض التفصيل .
ثانيا
1 ـ مصر كانت لعبد العزيز عُمقا إستراتيجيا لو سيطر عليها لأمكنه مواجهة خصومه فى ايران والعراق واليمن والشام . لا يستطيع أن يغزو مصر عسكريا ، ولا يستطيع أن يحتلها ماديا . ولكنه يستطيع أن يحتلها دينيا ، بنشر الوهابية بين المصريين ، ليس بعنوان الوهابية الذى كان ممقوتا فى مصر ، ولكن تحت عناوين الاسلام والسنة . فى ذلك الوقت من بداية القرن العشرين كانت مصر أقرب ما تكون للدولة المدنية وليس الدينية ، تتطلع لأوربا ، وفيها شكل من الديمقراطية مع غياب العدالة الاجتماعية . هذا مع وجود الملكية والاحتلال البريطانى .
2 ـ بعد ضم الحجاز على يد الاخوان الوهابيين بدأ الشقاق بين عبد العزيز وقادتهم ، وهم فيصل الدويش وابن بجاد وابن حثيلين . أخذوا عليه تعامله مع الكفار ( إنجلترة ) ومع المشركين ( مصر ) . بدأت المعارضة بمؤتمرات ، ثم تصاعدت بعد أن قاموا بمذبحة الطائف. فى داخل الجزيرة العربية وفى ريف الشام والعراق إرتكبوا مذابح مسكوتا عنها ، لكن الحجاز كان مكشوفا ما يجرى فيه ، فانتشرت أنباء المذبحة ، وأشعرت عبد العزيز بالخجل ، وبسبب مذبحة الطائف إستسلمت مكة ، وتحرك فيصل الدويش نحو المدينة ، وخشى عبد العزيز من مذبحة أخرى فعزل فيصل الدويش ، وعين إبنه محمدا مكانه . تطور الصراع بين عبد العزيز وإخوانه الى حرب عسكرية . إنتصر عليهم عبد العزيز فى موقعة السبلة 1929 : 1930 . وبعد أن أحكم عبد العزيز سيطرته أعلن قيام مملكته تحت اسم السعودية عام 1932 .
3 ـ إثناء الصراع بينه وبين الآخوان ( النجديين )، وبمجرد الاستيلاء على الحجاز ومكة وشعيرة الحج استقطب له أنصارا من الهند ومصر ، وكان لا بد من وجود بديل للاخوان النجديين . فعمل مبكرا على إقامة ( إخوان ) آخرين فى مصر . وتمكّن من تحويل ( الجمعية الشرعية ) أكبر جمعية صوفية فى مصر الى الوهابية ، عن طريق شيخها الشيخ السبكى ، وأنشأ عملاء عبد العزيز له جمعيات أخرى : ( أنصار السّنة ) و( الشبان المسلمين ) لنشر الوهابية ، وهذه هى بداية السلفية الوهابية فى مصر . ثم إختير ( حسن البنا ) من داخل الشبان المسلمين لتولى تأسيس ( الاخوان المسلمين ) ، لتكون حركة سياسية تسعى للوصول الحكم . وبهذا تأسّست فى مصر السلفية لتحويلها الى الوهابية باسم ( السنة والاسلام ) ، ثم الاخوان المسلمون لتصل للحكم تستثمر ما يفعله السلفيون .
4 ـ خلال عشرين عاما ( 1928 : 1948 ) تمكن حسن البنا من إنشاء خمسين ألف شعبة للاخوان فى مصر ، وأنشأ جيشا سريا وتنظيما دوليا للاخوان ، وتسلل عملاؤه داخل الأحزاب والمنظمات المدنية . ساعده على هذا وجود ما أسميه ب ( جيل الرفض ). أسسّت ثورة 1919 طبقة جديدة من الباشوات والسياسيين ، مع وجود ظلم إجتماعى لا يزال . هذه الطبقة لم تعط فرصة للشباب الصاعد الذى تعلّم ولم يجد له مكانا تحت الشمس ، فلم تر فيه الطبقة الجديدة إلا أن يسير فى مظاهراتها . تأسس فى جيل الرفض هذا منظمات متنوعة من أقصى اليسار ( حدتو ) ومن أقصى اليمين ( الاخوان المسلمون ) وبينهما ( مصر الفتاة ) تمثّل الشوفونية المصرية . فاز الاخوان المسلمون فى هذه المنافسة بسبب شعارها الدينى ( الاسلامى والسنى ) . لم تلتفت الدولة المصرية الى خطورة الاخوان إلا بعد إغتيالها لبعض الرموز المصرية وقيامها بثورة فى اليمن ( ثورة الميثاق ) . ولكن كانت المفاجأة الكبرى أن الاخوان كانوا قد تسللوا الى حركة الضباط الأحرار الذين قاموا بالانقلاب العسكرى عام 1952 ، وكانوا الظهير الشعبى له . بعد شهر عسل قصير إستعجل الاخوان الحكم والسيطرة ــ وهى عادة سيئة فيهم ـ فعصف بهم عبد الناصر فهرب معظمهم الى السعودية ، رحبت بهم السعودية ، ولكنهم تآمروا على آل سعود ( إستعجلوا كعادتهم ) فانقلبت الصداقة الى عداوة . جاء السادات فتحالف مع الاخوان ، وكعادتهم إستعجلوا الوصول للحكم فإغتالوا السادات. بعد أن حاربوه بمنظمات شتى خرجت من عباءتهم . إستغل الاخوان الثورة المصرية التى أسقطت مبارك ، وكعادتهم استعجلوا وحكموا فعصف بهم العسكر.
5 ـ قلنا إن عبد العزيز أنشأ فى مصر ( الاخوان )، والجمعيات السلفية ، وتلك الحركة السلفية إنتشرت فى عُمق العمران المصرى بآلاف الجمعيات ، وقد إستفادت من حُمق الاخوان وحُمق العسكر على السواء . الاخوان فى عملهم للوصول للحكم جعلت العسكر يميلون للسلفية ليضربوا بهم الاخوان ، وليزعموا أنهم الأكثر تدينا ، وليبرروا طغيانهم وعصيانهم بالدين السلفى . ولقد إستفاد السلفيون من صراع العسكر والاخوان . عبد الناصر عصف بالاخوان ولكنه أبقى على السلفيين بل بدأ فى عهده تطور الأزهر وتحوله الى مؤسسة حكومية تتحكم فى الشأن الدينى . وأصبح فيما بعد معقل السلفية . السادات أوسع للسلفيين التحكم فى الدين والاعلام والثقافة ، بإعتباره ( الرئيس المؤمن ) الذى يحكم ( دولة اسلامية ) والذى كان على وشك تقنين الشريعة السُنّية . استمر مبارك على نفس الطريق ، يتعقب الاخوان ويحتضن السلفيين . وصل الأمر الى أكثر من هذا ، أن ( الفكر السلفى ) أصبح ( دين مصر ) تحمله على كاهلها تقيه شر النقاش والانتقاد . وتعرضنا ( اهل القرآن ) لموجات من الاعتقال والتعذيب لترضية السلفيين الذين أصبحوا رموزا للاسلام . هذا مع أنهم على تناقض كامل مع الاسلام فى عقيدته وشريعته وقيمه العليا .
ثالثا :
حاليا :
1 ـ الاخوان المسلمون إنتهوا . ثبت فشلهم السياسى وأنهم لا يصلحون لادارة سوبر ماركت . يكفى أن ضابطا ( عبد الفتاح السيسى ) كان نسيا منسيا ولم يكن شيئا مذكور خدعهم فأوصلوه الى الصدارة فأوصلهم الى سوء المصير . لم يعد لهم وجود حقيقى إلا مجرد واجهة يستغلها السيسى ليبرر حربه على الارهاب ، وهو الصانع الحقيقى للإرهاب .
2 ـ السلفيون هم المسيطرون على الساحة المصرية ، ترى ذلك فى مقارنة بين المصريين اليوم وآباءهم من ستين عاما ، فى الزى والتصرفات والتسامح الدينى . جهد تسعين عاما ( 1927 : 2022 ) فى نشر السلفية أثمر عن تحول المصريين الى سلفيين . تتخلص السعودية ( أم السلفية ) من السلفية ولكنها لا تزال راسخة فى مصر ، وتزداد رسوخا ، لأن الفرعون المصرى يحتاجها ، وقد أنشأ منظمات سلفية ترتكب الأعمال القذرة ، والسلفيون ـ حتى الآن ـ لا يشكلون خطرا سياسيا على الفرعون ، فهم يأتمرون بأمره ويرقصون فى مواكبه ، وفى معارضتهم الهائلة فى مجلس الشعب حين كان هناك مجلس شعب أثاروا صخبا فى موضوعات تافهة لا تعنى غيرهم .
رابعا وأخيرا :
1 ـ فى المستقبل ، هم المستقبل طالما يحكم مصر فراعنة . الفرعون يحتاج الى كاهن لا ينافسه بل يباركه . الفرعون إن لم يكن سلفيا فسيتظاهر بأنه سلفى ليُرضى أغلبية المصريين .
2 ـ ومن يدرى ، ربما يصل السلفيون أنفسهم للحكم فى نظام ديمقراطى باعتبارهم الأغلبية وأصحاب الدين المسيطر .
3، من حُسن حظى أننى أقترب من الموت ، ولن أشهد هذا فى مصر .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى:( 6 ) فتاوى فى ...
- أربعة أسئلة
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى :( 5 ) إفك ( ما ...
- عن الغمّ والزوجية وحج المشركين والدعاء على الظالم
- العسكر ضد أئمة التنوير : من فرج فودة الى نجيب محفوظ .!...
- زوجة سُنيّة متشددة على وشك الطلاق لأن زوجها معتزلى
- لا خروج من النار : من يدخلها لن يخرج منها
- السيسى والاخوان والأزهر وشيخ جهول
- القاموس القرآنى : ( بغى ومشتقاته )
- عن صلاة الجمعة ومساجد الضرار
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : ( 4 ) الطواف ...
- عن الولدان المخلدين والدخان
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : ( 3 ) المصحف ...
- حوار حول العراق الآن
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى :(2 )عن المباشر ...
- ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : الجزء الأول
- جفاف الأنهار وجفاف الأبصار وإقتراب الساعة !!
- ) أُدعوهم لآبائهم ) طبقا لل D. N . A
- الرسول محمد عليه السلام هل كان ( بوسطجى ) ؟
- قرآنيون عُصاة وملاحدة ومرتدُّون ( شهادة على العصر ).!!


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فى مصر : السلفيون قادمون