أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...















المزيد.....



لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7371 - 2022 / 9 / 14 - 13:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...

الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 42 / جوان 2022
شادي الشماوي
الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعيّ الثوريّ ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة

( ملاحظة : الكتاب برمّته متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
-------------------------------------------------------
مقدّمة الكتاب 42
في مستهلّ هذه المقدّمة ، نعرّج قبل كلّ شيء على الثلاث نقاط المسترسلة في العنوان الذى إصطفيناه للكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فقد عمدنا إلى ذلك عمدا عامدين بحثا منّا عن تجنّب التعسّف على الواقع الموضوعي و إضافة مرغوب فيها إلى ضروريّة و ممكنة . الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالفعل ضروريّة و ممكنة كما ترشح ذلك أعمال بحثيّة علميّة مستندة إلى التحليل الماديّ الجدليّ العميق للمجتمع و تناقضاته و إمكانيّات و مسارات تطوّره في عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكية و المصالح العميقة للجماهير ليس فقط في الولايات المتّحدة بل عالميّا أيضا ، أي المصالح الأساسيّة للإنسانيّة . و هذا ما تبيّنه بجلاء أعمال بوب أفاكيان ، خطاباتا و بحوثا و دستورا ، التي يقوم عليها هيكل هذا الكتاب و فصوله . إلاّ أنّ هناك بُعدٌ آخر لا يزال غائبا بصفة ملموسة ألا وهو بُعدُ المرغوبيّة بمعنى أن تكون هذه الثورة فضلا إلى ضرورتها و إمكانيّتها مرغوب فيها جماهيريّا و شعبيّا . القيادة و الحزب الطليعي و البرنامج و الإستراتيجيا و طريق الثورة و ما إلى ذلك متوفّرين في الأساس كعنصر ذاتيّ و الوضع الموضوعيّ متفجّر و قابل للتفجّر اكثر و يحتمل حلّين راديكاتليّين ، كما يقول بوب أفاكيان ، إمّا حلّ رجعيّ و إمّا حلّ ثوريّ يمكن إنتزاعه إنتزاعا – حين ينشأ وضع ثوريّ تستغلّه الطليعة الشيوعيّة لتقود الجماهير الشعبيّة لصناعة التاريخ بالإطاحة بالنظام و الدولة القائمين و بناء نظام و دولة جديدين و غايتهما الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالميّ - شرط أن تصبح الثورة الشيوعيّة مرغوب فيها من قبل الجماهير الشعبيّة التي ينبغي أن يرتقى وعيها الطبقي و الشيوعي فتغدو ثوريّة و تبذل قصارى جهدها لإنجازها . و هذه المرغوبيّة في الثورة الشيوعيّة – الإشتراكية حاليّا في هذا البلد الإمبريالي – هي محور نضالات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة و مهمّته المركزيّة راهنا . و خطابات بوب أفاكيان و كتاباته تتنزّل في هذا الإطار .
قبل سنوات في العدد التاسع من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " الذى إخترنا له من العناوين عنوان " المعرفة الأساسيّة لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( من أهمّ وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) "، صغنا مقدّمة عرّفنا بفضلها بإختصار بهذا الحزب و بالصراعات العالميّة حينها و نعتقد أنّ بضعة فقرات من تلك المقدّمة لا تزال مفيدة اليوم في التعريف بهذا الحزب بشكل مقتضب :
" الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية حزب ماركسي - لينيني - ماوي تأسّس أواسط السبعينات من القرن العشرين و تعود جذوره إلى الستينات و السبعينات أي هو نتيجة الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية و الصراع الطبقي على النطاق العالمي لا سيما النضال ضد التحريفية المعاصرة عالميا و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين و تأثيرها المزلزل عالميا كثورة داخل الثورة و قمّة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى تقدّمها نحو الشيوعية.
تأسّس الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى خضمّ صراع طبقي محتدم فى البلاد و عالميّا سنة 1975 و جاء ثمرة نضالات عدّة مجموعات ثورية أهمّها " الإتّحاد الثوري" و إمتدادا لنضالات الستينات و السبعينات على شتى المستويات ، على أنّه تحوّل نوعي بإعتبار تبنّى المبادئ الشيوعية الثورية الحقيقية ووسائل النضال البروليتارية الثورية و غاية الثورة البروليتارية العالمية ، تحقيق الشيوعية من خلال الثورة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهلية لتحطيم دولة البرجوازية الإمبريالية و إرساء دولة إشتراكية كقلعة من قلاع الثورة البروليتارية العالمية تعمل على السير صوب تحقيق الشيوعية على النطاق العالمي .
وقد شهد هذا الحزب فى مساره عدة صراعات الخطين منها نذكر على وجه الخصوص الصراع الكبير حول الموقف من الصين بعد إنقلاب هواو - دنك عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 حيث عدّ البعض من القادة و الكوادر أنّ الصين لا تزال على الطريق الإشتراكي فى حين أكّدت الأغلبية إستنادا لدراسات على مختلف الأصعدة أنّ الصين شهدت تحوّلا من صين إشتراكية إلى صين رأسمالية و بالتالى وجب القطع معها و فضحها عالميّا . و خرج الخطّ الشيوعي الثوري الماوي منتصرا ما جعل أنصار دنك سياو بينغ يستقيلون من الحزب أو يطردون منه .
و مثّل ذلك حدثا جللا بالنسبة للبروليتاريا العالمية إذ أنّ الحزب الشيوعي الثوريّ الأمريكي وقد حسم الموقف لصالح الشيوعية الثورية و الماوية و الدفاع عن إرث ماو تسى تونغ و الثورة البروليتارية العالمية صبّ جهوده نحو إعادة البناء الثوري للأحزاب و المنظمات بإتّجاه الإعداد للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية على شتّى المستويات. و للتاريخ نذكّر بأنّه بمعيّة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي صاغا مشاريع وثائق كانت بمثابة أرضية منذ 1981 لتوحيد الماركسيين - اللينينيين الحقيقيين [ الماويّين ] بدعم هام من الحزب الشيوعي لسيلان لتنتهى هذه النضالات و النقاشات التي شملت الكثير من المنظمات و الأحزاب الأخرى عبر العالم إلى تشكيل الحركة الأمميّة الثوريّة على قاعدة الندوة الثانية و بيان 1984 و إلى إصدار مجلّة " عالم نربحه " منبرا فكريا للنواة السياسية الساعية لإعادة بناء قيادة عالمية جديدة للحركة الشيوعيّة العالميّة. و بموجب تطوّر الصراعات الطبقية عالميّا و بفعل الصراع الداخليّ للحركة الأمميّة الثورية حصلت قفزة نوعيّة أخرى فى 1993 بإعلان تبنّى الحركة جميعها للماركسية - اللينينية - الماوية علما للثورة البروليتارية العالميّة ... "
( إنتهى المقتطف )
و حدث إنشقاق صلب الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى تقريبا 2006 و إنقسمت الماويّة إلى إثنين ( أنظروا كتاب " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، العدد 13 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ) و أنتج الحزب الشيوعي الثوري أعمالا عدّة خائضا صراع الخطّين داخل الحركة الماوية و الحركة الشيوعيّة العالميّة تجدون أهمّها في عدّة كتب بمكتبة الحوار المتمدّن وهي موثّقة في فهارس كتب شادي الشماوي كملحق لهذا الكتاب 42 . و إلى ذلك لزاما علينا أن نذكر أبرز كتابين مطوّرين للماركسية – اللينينيّة – الماويّة : الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة لمهندسها بوب أفاكيان " إختراقات الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة خلاصة أساسيّة " ( الكتاب 35 ) و " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ( الكتاب عدد 38 ) . و من يتطلّع إلى التعرّف على بوب أفاكيان فعليه ، على سبيل المثال لا الحصر ، بسيرته المعروضة في هذين الكتابين .
و نكتفى بهذا مدخلا و ندعو القرّاء للتمعّن مليّا في مدي أهمّية ظفر ثورة إشتراكية هدفها الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالمي و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في قلب الغول الإمبريالي الأمريكي ، بالنسبة للحركة الشيوعية العالميّة و للبروليتاريا العالميّة و لجماهير الإنسانيّة ...
و محتويات هذا الكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فضلا عن هذه المقدّمة :
الفصل الأوّل - الخطاب الأوّل : لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة
I - وحدها ثورة فعليّة بوسعها أن تحدث التغيير الجوهريّ الذى نحتاج إليه ؛
إضطهاد السود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة
إضطهاد النساء و العلاقات الجندريّة الإضطهاديّة
حروب الإمبراطوريّة و جيوش الاحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة
شيطنة المهاجرين و تجريمهم و ترحيلهم و عسكرة الحدود
تحطيم الرأسماليّة – الإمبرياليّة للكوكب
- كيف يمكننا أن ننجز حقّا ثورة ؛II
ملاحق الخطاب الأوّل (4) ( حسب التسلسل التاريخيّ و هي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها )
-1- بصدد إمكانية الثورة
- ردّ جريدة " الثورة "
- رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة :
- إستنتاجات جديدة و هامّة :
* بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة
- 2-" بصدد إستراتيجيا الثورة "
- مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة :
- التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته :
- ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية :
- 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة "
- 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
- ما نحتاج القيام به الآن
- كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
الفصل الثاني - الخطاب الثاني : أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة
1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة
2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة
- الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم "
- الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة
- سياسات الهويّة و الفرديّة
- الفرديّة و " اللامبالاة "
3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة
4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة
5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟
- كسر قيود الفرديّة الطفيليّة
6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله !
هوامش
الفصل الثالث - الخطاب الثالث : شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛
أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة
...
ملاحق الخطاب الثالث ( 5 )
1- ثورة حقيقيّة ، تغيير حقيقي نكسبه – المزيد من تطوير إستراتيجيا الثورة
- النضال ضد الفاشيّة الآن و النضال المستقبلي الشامل
- إلحاق الهزيمة ب " التطويق و السحق " و التقدّم بالنضال الثوري
- " عدد من جريدة الثورة خاص بالجولة الوطنيّة تنظّموا من أجل الثورة – ماي 2019 : 5-2-6 : 5 أوقفوا ؛ 2 خياران و 6 نقاط إنتباه
2- سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء
3- بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة
هذه الثورة ليست مجرّد " فكرة جيّدة " – إنّها عمليّا ممكنة
4- هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة
- أوّلا ، بعض الحقائق الأساسيّة
- لماذا يعدّ هذا الزمن زمنا تصبح فيه الثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا
- ما يجب القيام به لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة
- خاتمة
5- لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا راديكاليّا – فهم علميّ أساسي
- مثال توضيحي لهذه العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّتين : لماذا لا يزال السود مضطهَدين بعدُ بخبث ؟
- يتوفّر الآن أساس تحرير كافة الناس المضطهَدين و كافة الإنسانيّة
- من أجل التغيير الجوهريّ للمجتمع ، ينبغي إفتكاك السلطة
- هذه الثورة ممكنة و الحاجة إليها ملحّة
الفصل الرابع - دستور المجتمع البديل : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مقترح )
تقديم : حول طبيعة هذا الدستور و هدفه و دوره
يشمل هذا الدستور مدخلا و ستّة أبواب :
الباب الأوّل : الحكومة المركزية .
الباب الثاني : الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية .
الباب الثالث : حقوق الناس و النضال من أجل إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد كافة .
الباب الرابع : الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا .
الباب الخامس : تبنّى هذا الدستور .
الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور .
----------------------------------------
بمثابة الخاتمة : التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح
ملحق الكتاب 42 : فهارس كتب شادي الشماوي
--------------------------------------------------------------------------------------------------
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أمل من أجل للإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة
بوب أفاكيان – جريدة " الثورة " عدد 621 ، 11 نوفمبر 2019
https://revcom.us/avakian/hope-for-humanity-on-a-scientific-basis/index.html

المحتويات :

1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة
2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة
- الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم "
- الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة
- سياسات الهويّة و الفرديّة
- الفرديّة و " اللامبالاة "
3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة
4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة
5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟
- كسر قيود الفرديّة الطفيليّة
6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله !

هوامش
------------------------------------------------------------------------------------
يمثّل النقص الحقيقي في أمل تحقيق حياة أفضل في هذا العالم عائقا ثقيلا يشدّ إلى الأسفل و يخنق و يتسبّب في جراحات عميقة لجماهير الإنسانيّة ، بمن فيها الشباب المحتشدين في غيتوات و الأحياء الشعبيّة لهذه البلاد و كذلك في سجونها المكتظّة، الشبيهة بقاعات التعذيب . و منتهى الفرديّة الذى يلقى التشجيع عبر المجتمع وهوس التركيز على " الذات " قد عزّز الحجب الكثيفة أمام عيون الناس ، حاجبا قدرتهم على التعرّف على إمكانيّة إيجاد عالم مختلف راديكاليّا و أفضل ، يتجاوز الحدود الضيّقة و الخانقة لهذا النظام ، بكلّ فظائعه الحقيقيّة فعلا . هذه هي المسائل الكبرى التي سأتناولها بالحديث هنا .
1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة

بداية ، من المهمّ الكلام عن الفرق بين الوضع اليوم و الوضع في فترة ستّينات القرن الماضى في هذه البلاد و في العالم ككلّ . وقتها ، بالعودة إلى الستّينات ، كانت الجماهير الشعبيّة عبر العالم قاطبة ، بما فيه هذه البلاد ، تنطوى على أمل كبير و تصميم كبير بشأن أفق إنشاء عالم مغاير راديكاليّا و أفضل . و عبر ما يسمّى بالعالم الثالث ، وُجدت نضالات تحرّر كانت تهدف إلى الإطاحة بنير الإضطهاد الإستعماري الذى فُرض عليها لعقود و أجيال و حتّى قرون . و في البلدان الإمبريالية ذاتها – بما فيها ، بوجه خاص ، الولايات المتّحدة – كان الجيل الذى بلغ الرشد في الستّينات يملك في آن معا فهما للحاجة و إيمانا حقيقيّا بإمكانيّة إنشاء عالم مغاير راديكاليّا و أفضل ، و لم يكن ليهتمّ بسماع كافة الحجج حول لماذا يجب أن تكون الأشياء كما هي عليه .
كان هذا صحيحا في ما يتعلّق بالشبّان المتعلّمين ، و الكثير منهم كانوا الأوائل في أسرهم الذين يلتحقون بالجامعات حينما كانت الأمور تتفتّح على يد الطبقة الحاكمة لحاجياتها العالميّة ، المتأكّدة على سبيل المثال بكامل قصّة سبوتنيك عندما أرسل الإتّحاد السوفياتي قمرا إصطناعيّا حول الأرض و ، فجأة ، وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة ما أطلق عليه " سباق الفضاء " كجزء من النزاع الشامل مع الإتّحاد السوفياتي الذى كان عندها بصلابة على طريق إعادة تركيز الرأسماليّة و يجتهد ليصبح قوّة إمبرياليّة عالميّة عظمى ، لكنّه كان ، في حدّ ذاته ، يمثّل تحدّيا حقيقيّا لهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم . لذلك وُجد ملايين الشبّان البيض المتعلّمين حديثا و كانوا بدورهم يستقون الإلهام من شبّان متعلّمين منحدرين من صفوف الجماهير الأساسيّة ، لا سيما السود ، و كانوا في مقدّمة النضال من أجل الحقوق المدنيّة في خمسينات القرن العشرين و خاصة أواخر خمسيناته ، و الذين في أواسط إلى أواخر الستّينات من القرن الماضي ، صاروا أكثر جذريّة و مضوا من الحقوق المدنيّة إلى تحرير السود بتوجّه و إندفاع ثوريّين معيّنين على أنّ ذلك كان محدّدا بصفة واسعة و مفهوما بصفة مختلفة ضمن مختلف الناس .
و قد إنتشر هذا في صفوف الجماهير الشعبيّة الأساسيّة ، و المضطهَدين بمرارة في هذه البلاد - السود ، و لكن أيضا الشيكانو و آخرون داخل حدود الولايات المتّحدة الذين كانوا لزمن مديد مضطهَدين – و بالتالى ، وُجدت ضمن هؤلاء الفقراء و المضطهَدين من الجماهير الأساسيّة ، و كذلك الملايين ضمن الطبقة الوسطى من الشبّان المتعلّمين ، رغبة في تغيير راديكالي و عالم مغاير و أفضل ، و شعور ثوري حقيقي و قويّ بانّ هذا العالم بأسره يحتاج إلى أن يُقلب رأسا على عقب و " لن نستمع إلى أيّ شخص يكلّمنا عن كيف أنّ " هذا أفضل العوالم الممكنة " و لن نستمع لنافق الذين كانوا في السلطة و كانوا طوال الوقت يقترفون هذه الفظائع " . و قد تجسّد ذلك في شعار إنتشر خاصة في أوساط الشباب المتعلّم ، " لا تثقوا في أيّ شخص عمره أكثر من ثلاثين عاما " ؛ وهو و إن كان نوعا ما ميكانيكيّا يمسك مع ذلك بنقطة حقيقيّة هي : لا نريد أن نستمع لهؤلاء " القادة " القدماء المتهالكين " .
و أذكر أنّي حينما كانت سنّى تناهز العشرين ( و عليّ الآن أن أنظر إلى الخلف و أفكّر في هذا كشخص واصل المشوار لعقود بعد ذلك ! ) ، أذكر أنّي ذهبت مع والدى إلى واشنطن دى سى و قصدنا مجلس النواب / الكنغرس . و في لحظة ما، دخلنا مصعدا و إلتحق بنا إليه رجال مسنّون متداعون و كانوا من النواب ، حالئذ فكّرت ، " يا إلاهى ، هؤلاء هم الذين يسيّرون شؤون البلاد ؟ هذا لا يستقيم ! ليس هذا ما نحتاج إليه ! " . و كان هذا الشعور شائعا جدّا في تلك الفترة . ( طبعا ، جيرى روبين ، أحد قادة الحركة الشبابيّة زمنها ، حين صار عمره 31 ، عدّل الشعار ليجعل منه " لا تثقوا في أحد عمره أكثر من 35 سنة " . و مع ذلك ، سواء كانت 30 أو 35 سنة ، كان الأمر شعورا حقيقيّا ).
و كذلك عليّ أن أقول إنّنى صدمت لمّا دخلت مجلس النواب نظرا للصورة التي تكوّنت لديّ بفعل كتب التربية المدنيّة و كيف تمّت تنشأتنا ، و لعثورى على ذات هذا المجلس و العتمة تغطّيه و " أروقته فارغة " . ولجت المكان و إندهشت بما رأيت . كان هناك شخص بصدد إلقاء خطاب . و ما كان بالمجلس على الأرجح إلاّ حوالي عشرة أنفار وقتها ، و معظمهم منهمكون إمّا في الأكل أو في البصاق على الأرضيّة و ما إلى ذلك . ثمّ فجأة قُرع جرس و جاء الجميع مهرولين و رفعوا أيديهم للتصويت ثمّ تبخّروا من جديد . لم يكن هذا الذى رايته يحصل بالضبط متطابقا مع الصورة التي لديّ عن مجلس أوغسطس ، عن النظام الديمقراطي العظيم الذى يدرّسوننا عنه أثناء حصص التربية المدنيّة.
لذا ما كان هذا شعور متّصل ببساطة بمسألة العمر بل كان أشبه ب : لا يمكن أن نسمح لهؤلاء بتسيير العالم و تخريبه على النحو الذى يقومون به . و كان هذا شعور الملايين و الملايين من الفقراء و المضطهَدين و كذلك شعورا واسع الإنتشار صلب شباب الطبقة الوسطى . و مثلما أشرت في " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا القيام بثورة "(1) ، مع نهاية الستّينات ، إنتشر هذا على نطاق واسع و بعمق عبر المجتمع ، و حتّى في صفوف القوّات المسلّحة للنظام ذاته ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، في هذه البلاد نفسها . و أذكر ، مثلا ، أنّه وُجدت نزعة لدى الجيش ، ضمن أشياء أخرى ، أثارت سؤال : لمن يتوجّه الجنود و المنضوين تحت راية جيش الولايات المتّحدة للبحث عن القيادة السياسيّة - و بالأخصّ في صفوف الجنود السود – و كان رئيس الولايات المتّحدة حينها في مؤخّرة القائمة . الأغلبيّة من أعلى " نسب الأصوات " ، إذا أردتم ، كانت تمنح لألدردج كليفر ، أحد قادة حزب الفهود السود . حين تتوفّر لدينا أمور من هذا القبيل ، يكون ذلك مشكلا حقيقيّا بالنسبة للنظام . و على الرغم من نقائص ألدريدج و حدوده ، و التي كانت حقيقيّة جدّا ، كان ذلك يعكس أمرا إيجابيّا جدّا ، جدّا .
و كمظهر لكلّ هذا ، في صفوف السود – الذين يُقال لنا على الدوام أنّهم مجرّد نوع من ورثة الدين – وُجد إبتعاد كبير عن الدين ، لا سيما ضمن الشباب . لماذا ؟ لأنّ الناس كانوا يزخرون أملا ، و لم يكونوا يعتقدون أنّه لا أمل في عالم أفضل . كانوا ممتلئين أملا في عالم أفضل يتمّ إنشاؤه في هذا العالم بالذات . و من ثمّة ، ضمن السود ، وُجد ، من جهة الشباب بوجه خاص ، إبتعاد كبير عن الدين و عن كافة التقاليد القديمة التي كانت تلازم الدين و كانت تأثيراتها محافظة تشدّ إلى الوراء . تذكّروا ، مالكولم آكس الذى كان يُلقى خطابات أين ( حتّى و إن بقي متديّنا ، تبنّى الإسلام ) ، كان يقول للمستمعين إليه " لا يهمّنى ( أنا أذكر الجمل التقريبيّة و لكن هذا جوهر ما كان يقوله ) " لا يهمّنى إن كنت معمدانيّا أم بروتستانيّا أم AME أم مهما كنت ، عندما تأتى إلى هذا العالم تحتاج إلى أن تترك هذا الدين في المخدع ، لأنّه مهما أحسن إليك ، نحتاج إلى وضعه جانبا ". و حتّى و قد ظلّ متديّنا ، لم يكن مالكولم آكس يقول " لا تكن مسيحيّا ، كن مسلما " – كان يقول " لا نحتاج هذا الشيء هنا في المجال العام ". و كان يقال للأجيال المتقدّمة في السنّ أكثر من غيرها : " هؤلاء شبّان اليوم ، لا يرغبون في سماع شيء عن الآلهة ، لا يرغبون في سماعكم تروون قصّة العم توم التي تقول لهم أنّ الآلهة ضدّهم ". كان هذا هو الشعور السائد في صفو الشباب خاصة ، لكن كذلك في صفوف بعض الكهول أيضا . و ما كان هذا ضمن السود فحسب فقد مثّل مالكولم آكس مصدر إلهام كبير و تأثير راديكالي ، إيجابي و ملهم للشباب المتعلّم و منه العديد من البيض من الطبقة الوسطى .
و هكذا، كانت المسألة الدينيّة تتمظهر بشكل مختلف للغاية . كان الناس يبتعدون عنها . ولو كنتم تذكرون شريط " الفهد " ( و ليس شريط " الفهد الأسود " ، بل الشريط القديم " الفهد " ، عن حزب الفهود السود ) ، هناك مشهد حيث أحد الشبّان يتحدّث إلى أمّه ، في نوع من ما بعد مسيرة نظّمها حزب الفهود السود .و كانت الأمّ تقول شيئا عن الدين ، و كان الشاب يجيب وفق الخطّ التالي : " حسنا ، يقول حزب الفهود السود إنّنا لا نحتاج إلاّ إلى ترك الدين بعيدا ، فهو لا يتسبّب لنا في أي شيء حسن ، ليس ما نحتاج إليه ". ( مجدّدا أنا أقرّب الجمل ، لكن هذا جوهر ما قيل ) . و كانت الأمّ تردّ : " أتؤمن بذلك ؟ " . حسنا ، كان الكثير من الشباب السود حينها يؤمنون بذلك و إلى درجة كبيرة .
عادة ما يُقدّم الدين كمصدر ل" الأمل " أو العزاء . لكن هل هو حقّا مصدر أمل – أو هل هو ، جوهريّا و في مظهره المحدِّد، وهم يفرز الشلل ؟ يبثّ الدين مفهوم العزاء عن العذاب ، و البحث عن عالم آخر و قوى عالميّة أخرى للحصول على بعض العزاء عن العذاب الذى يتعرّض له الناس ، و لأجل مواصلة الحياة اليوميّة . لكن المسألة هي : هل أنّ ما يحتاجه الناس هو العزاء عن العذاب الذى يعيشونه في ظلّ هذا النظام ، أم يحتاجون إلى النهوض و القضاء على النظام الذى يجسّد و يعزّز هذا العذاب ، و بالقيام بذلك القضاء على الحاجة إلى العزاء عن العذاب الذى لن يظلّوا يعيشون ، العذاب غير الضروري الذى يطحنهم ؟ و قد أشارت أرديا سكايبراك في الحوار الصحفي ، " العلم و الثورة " (2) ، إلى أنّه من غير الواقعي التفكير في أنّه يمكن أبدا التخلّص تماما من العذاب الإنسانيّ ، لكن ثمّة قدر كبير من العذاب غير الضروري الذى يتعرّض له الناس في عامل اليوم بسبب ديناميكيّة هذا النظام المهيمن على العالم و علاقاته الأساسيّة ، النظام الرأسمالي- الإمبريالي . و من الممكن نهائيّا و الضروري بشكل ملحّ ، وضع نهاية لهذا العذاب .
الآن ، لتقديم صورة دقيقة تماما من كلّ الجوانب لهذا نعلم أنّ هناك عديد الناس المتديّنين الذى تلهمهم وجهات نظرهم و مشاعرهم الدينيّة و تدفعهم إلى إتّخاذ مواقف ضد و إلى حتّى التضحية في النضال ضد الإضطهاد . و هذا طبعا ، يجب إحترامه و الوحدة معه لكن ، في الوقت نفسه ، لا يلغى هذا الحاجة إلى خوض نضال حاد في المجال الإيديولوجي ضد نظرة أنّ الدين و الدور الذى ينهض به الدين اليوم كعائق ذهنيّ للجماهير الشعبيّة ، وهو يعمل في الواقع ضد كسبهم و تطبيقهم منهجيّا و صراحة مقاربة علميّة لفهم الواقع ، و بوجه خاص ما يتسبّب في العذاب الذى تتعرّض له جماهير الإنسانيّة و ما هو حلّ هذا . لذا هناك حاجة لمواصلة الفضح و النضال حول الدور الإيديولوجي للدين ، و دوره بمعنى كونه من العوائق الذهنيّة أمام الجماهير ، حتّى بينما من الضروري أيضا الوحدة معهم و أجل ، إحترام الذين إنطلاقا من شعور ديني أو وجهات نظر دينيّة ، يتّخذون مواقفا و عادة يضحّون في النضال ضد شتّى أشكال الإضطهاد .
الأشكال مختلفة جدّا ، مع ذلك ، بالنظر إلى الأصوليّة الدينيّة – و بصورة خاصة الأصوليّة المسيحيّة في هذه البلاد . الأصوليّون المسيحيّون ( بمن فيهم نائب الرئيس الحالي مايك بانس و آخرون في مواقع نفوذ في الحكومة و وسائل الإعلام و مؤسّسات كبرى أخرى ) هي القوى المحرّكة للفاشيّة التيوقراطيّة ( حكم طغياني بسلطة دينيّة من عصر الظلمات ). إنّهم يتبنّون و يروّجون بعدوانيّة الولاء دون تفكير ، و تطبيق الدوغما الدينيّة الذى عندما نتناوله حرفيّا ( كما يشدّد على ذلك هؤلاء الفاشيّين المسيحيّين ) ، نلفى أنّه يروّج و أدّى و سيؤدّى إلى كافة ألوان الفظائع و الأهوال ( كما يمكن رؤية ذلك من كلّ من الكتاب المقدّس القديم و الجديد – شيء قمت بتحليله في كتاب " لنتخلّص من كافة الآلهة !..." (3)
و في مستهلّ كتاب " الشيوعيّة الجديدة " ( " مقدّمة و توجّه " ) ، تحدّثت عن الواقع المرير لكون جماهير المضطهَدين يخشون الأمل :
" يخشون الأمل أنّه يمكن أن يتعيّن على العالم أن يكون على ما هو عليه ، أنّه يمكن أن يوجد مخرج من هذا . يخشون الأمل لأنّ آمالهم قد سُحقت العديد و العديد من المرّات " .(4)
هذا عامل له دلالته في لماذا يتوجّه عدد كبير جدّا من الناس نحو الدين - لأنّه لا يبدو أنّ هناك أي أمل لنهاية ، في هذا العالم، للعذابات و الإهانات الكبيرة التي تسلّط عليهم بإستمرار و هو شيء يفرضه سير هذا النظام ، و هو كذلك يعتّم عليه و يحجب بذات الطريقة التي تسير بها مؤسّساته و موظّفيه و فارضيه و دورهم ، وهو بصفة منهجيّة يعمل على تضليل الناس في ما يتعلّق بلماذا العالم على ما هو عليه و إذا و كيف يمكن حقّا تغييره ، إذا و ما هي الطريقة الممكنة لوضع نهاية لكافة هذه العذابات غير الضروريّة .
و هنا تبرز مرّة أخرى الأهمّية الكبرى للمنهج و المقاربة العلميين للشيوعيّة مثلما قد جرى مزيد تطويرهما من خلال الشيوعيّة الجديدة ، و واقع و إمكانيّة تغيير رادكاليّ ، تحريريّ ، في هذا العالم . في علاقة بكلّ هذا ، و بوجه خاص مسألة الأمل ، هناك أهمّية كبرى للموقف التالى لماركس المذكور في الجزء الأوّل من " بيان الحزب الشيوعي الثوري، الشيوعيّة : بداية مرحلة جديدة " :
" حين ندرك الرابط الداخلي ، كلّ الإيمان النظري في الضرورة المستمرّة للظروف القائمة يتداعى قبل تداعيه في الممارسة العمليّة " (5)
و هذا في منتهى الأهمّية لأنّه يشدّد على أهمّية النظريّة و العمل – النظريّة المرتكزة على و المطبّقة كمنهج و مقاربة علميين صريحين – لكشف ما هي العلاقات و الديناميكيّة الفعليّتين ، ما هي العلاقات الداخليّة و " السير الداخلي " للنظام الذى يتحكّم في الجماهير. قبل كلّ شيء لكشف أنّ هناك نظام يُخضعون إليه ، و ما هو سير و ما هي ديناميكيّة هذا النظام و كيف ينسجم مع كامل التطوّر التاريخي للمجتمع الإنسانيّ . ( أو بكلمات أساسيّة ، يعيش الناس في إطار نظام ؛ و هذا النظام ليس مجرّد شيء يفرضه بعض الناس ذوى النفوذ بل هو نتيجة بعض التطوّر التاريخي ؛ و هذا النظام يسير و يجب أن يسير وفق " قواعد " ناجمة عن علاقاته الأساسيّة ، و هذا يُجسّد و يُظهر التناقضات التي تتسبّب في كافة أنواع عذابات جماهير الإنسانيّة ، تناقضات جوهريّة و أساسيّة بالنسبة لهذا النظام و لا يمكن القضاء عليها دون القضاء على هذا النظام ذاته ). و تكشف هذه النظريّة العلميّة أنّ هناك مخرج من كلّ هذا – و ما هو هذا المخرج .
أجل ، في نهاية المطاف ، يجب خوض النضال في مجال الممارسة العمليّة ؛ يجب خوضه في مجال النضال العملي من أجل النهوض و في نهاية المطاف الإطاحة بالنظام الذى يجسّد و يفرض كلّ هذا الإضطهاد المريع . لكن هناك أهمّية هائلة للجماهير ، حتّى قبل أن يتحوّلوا إلى أناس متطوّرين نظريّا تطوّرا عاليا ، أن يحصلوا على فهم أساسي بأنّه لا وجود لضرورة مستمرّة ، للظروف القائمة ، و لماذا هي كذلك. هذا مصدر الأمل ، ليس على أساس أوهام كتلك التي يروّجها و يؤبّدها الدين ، بل على أساس علمي .
و التالى ( خاتمة مقال " قفزة في الإيمان " و قفزة في المعرفة العقلانيّة : نوعان مختلفان جدّا من القفزات ، نظرتان و منهجان مختلفان راديكاليّا " ) يشدّد على منتهى أهمّية نقاط التوجّه هذه :
" معرفة الواقع الفعلي – و مزيد معرفته بإستمرار – أمر مهمّ على نحو حيوي بالنسبة للإنسانية و مستقبلها ؛ إنّه مهمّ على نحو حيويّ ليس للعاملين فى مجال العلوم و الأكاديميين و حسب و إنّما أيضا للناس المضطهَدين و المستغَلّين بوحشية على وجه هذه الأرض ، و الذين يجب و يمكن أن يكونوا حجر الزاوية و القوّة المحرّكة لثورة تطيح بكافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد عبر العالم و تضع لها نهاية – لكي يكونوا من محرّري ليس أنفسهم و حسب بل في النهاية محرّري الإنسانية جمعاء . مواجهة الواقع كما هو فعلا – و كما يتغيّر و يتطوّر – و فهم القوى الكامنة و المحرّكة لهذا ، مسألة حيوية فى لعب دور حاسم و قيادي فى إنجاز هذه الثورة و تدشين عصر جديد تماما فى تاريخ الإنسانية ، عصر سيمزّق و يستبعد إلى الأبد ليس السلاسل المادية و حسب – أصفاد الإستغلال و الإضطهاد الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي التى تستعبد الناس فى عالم اليوم ، و لكن أيضا السلاسل الفكرية ، طرق التفكير و الثقافة ، التى تتناسب مع هذه السلاسل المادية و تعزّزها . فى بيان الحزب الشيوعي ، صرّح كارل ماركس و فريديريك إنجلز اللذان أسّسا الحركة الشيوعية قبل أكثر من 150 سنة ، بأنّ الثورة الشيوعية و مبادئها و مناهجها و أهدافها التحريرية ، تعنى " قطيعة جذرية " مع علاقات الملكية التقليدية التى تستعبد الناس بشكل أواخر و كذلك قطيعة جذرية مع كافة الأفكار التقليدية التى تعكس علاقات الملكية التقليدية هذه و تعزّزها .
المعركة فى مجال الإبستيمولوجيا – نظرية المعرفة و كيفية تحصيل الناس لها ، نظرية ما هو الصحيح و كيف يتوصّل الناس إلى معرفة الحقيقة – مجال حيوي فى المعركة الشاملة من أجل تحرير غالبية المضطهَدين والمستغَلين من البشرية ، و فى النهاية الإنسانية ككلّ . إستيعاب المميزات المحدّدة للمنهج العلمي و أهمّيتها – و فوق كلّ شيء المقاربة العلمية الأكثر إتساقا و منهجية و شمولية للواقع ، النظرة للعالم و المنهج الشيوعيّين اللذان يمكن أن يعانقا دون أن يعوّضا أو يخنقا الكثير من مجالات المعرفة و النشاطات الإنسانية و يمكن أن يعبّرا عن سيرورة التعلّم الأغنى بشأن الواقع و تغييره فى مصلحة الإنسانية - له أهمّية حيوية فى هذا النضال التحريري . و فهم الإختلاف العميق بين محاولة فرض " مفاهيم " قائمة على الإيمان " فرضا على الواقع ، و فى تعارض مع ذلك ، إتّباع فهم علمي للواقع بما فى ذلك فهم للدين و جذوره و إنعكاساته – فهم الإختلاف الجذري بين " القفزات فى الإيمان " و التحصيل الجاري للمعرفة من خلال القفزات المستمرّة من المعرفة الحسّية إلى المعرفة العقلية – هذا جزء حاسم من المضيّ قدما بالصراع نحو بلوغ القطيعتين الراديكاليتين اللتين تميّزان الثورة الشيوعية مثل القفزة إلى عصر جديد و تحريري تماما فى تاريخ الإنسانية . " (6)
هذه المسألة ، مسألة رؤية إمكانيّة الثورة و عالم مغاير جذريّا و أفضل ، على أساس علمي ، بديهيّا لها أهمّية قصوى ، وهي أمر سأعود إلى تناوله بالحديث لاحقا .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور العالميّة لإضطهاد النساء و النضال العالمي ضدّه
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( م ...
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج ...
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج ...
- تُسجن و تُعذّب النساء الإيرانيّات لمقاومتهنّ الحجاب الإجباري ...
- مقدّمة الكتاب 42 : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأ ...
- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق ...
- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق ...
- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق ...
- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق ...
- نحتاج إلى النقاش النزيه و ليس إلى الهجمات اللامبدئيّة : مزيد ...
- ردّا على - بيان ضد - لننهض من أجل الإجهاض - -: دفاعا عن تحري ...
- الحاقدون الذين - لا يرغبون في السماع عن بوب أفاكيان - يخبرون ...
- روبار ماككاي يُشيطن بشكل تضليليّ بوب أفاكيان و يمحو الثورة و ...
- بوب أفاكيان : مسألة خلافيّة
- خلفيّة أسبوع من الهجمات على شبكة الأنترنت ضد بوب أفاكيان و ا ...
- المنظار الفضائي جامس واب ( JWST) : - المجرّات على حافة الزمن ...
- جولة بيدن في الشرق الأوسط توفّر دليلا حيويّا على أنّ الحزب ا ...
- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حق ...
- لآ وجود لإلاه - نحتاج إلى تحرير دون آلهة - الجزء الرابع من ك ...


المزيد.....




- ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
- الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة ...
- بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
- مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم ...
- بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا ...
- النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
- الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال


المزيد.....

- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...