جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 40 - 2002 / 1 / 20 - 10:01
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
في العام 1977 كنتُ ، في الصحراء الغربية في منطقة العفايف قرب الرطبة ، في يوم التعداد العام متنقلاً من مكان الى مكان مطلعاً على أحوال البدو الرحل البا حثين عن الكلأ والماء ..!
قال لي أحد الشيوخ وهو يحتضن أبنه الصغير الذي أغتسل لتوه :
ـ الكلأ من الله ، والماء من نزيهة . وحياتنا ماشية .
لم أفهم منه غير أمتناعه عن تسجيل أسمه وأسم عائلته في قوائم التعداد ..
ـ لا فائدة من التسجيل . الحكومة تريد جنوداً لجيشها . كم أتمنى لو كل الوزراء مثل الوزيرة العتيجة نزيهة ..! النسوان يشتغلن ويحفرن . ما يريدن جنود ..!
فهمتُ شيئاً ، ولم أفهم جوهر كلامه ..
ـ لماذا نزيهة ..؟
ـ الله يذكرها بالخير إن كانت حية . الله يرحمها إذا كانت ميتة . حفرت في هذه الصحراء خمسين بئراً للماء . كان ماءً طيباً عذباً . رحمة الله عليها ..!
قلتُ له أنها حية ترزق .
ـ أين هي ..هل ما زالت وزيرة ..؟
ـ كلا.. أجبرتها الحكومة على العيش في خارج العراق..
ـ اللعنة على الحكومة . كلنا نترحم على ماء نزيهة . ماء الوزير مج . ماء الحكومة مر ..!
تذكرتُ هذه القصة القصيرة وأنا أقرأ خبر فوز السيدة جازية عبد السلام ، برئاسة حزب الاحرار المصري المعارض .
لا أعرف عن السيدة جازية غير أنها امرأة .
ولا أعرف عن حزب الأحرار غير أنه حزب " معارض " وفق الصيغة الشكلية للتعددية المصرية ..!
المهم أن المرأة العربية تتقدم . صارت ليست فقط داعية سياسية وناشطة من أجل حقوق المرأة بل رئيسة حزب نافسها في الانتخابات عشرة رجال ..! نتمنى لها التوفيق في أن تكون حفارة لتربة الديمقراطية في الشقيقة مصر .
أمنية أخرى .. على ذكر الدكتورة نزيهة الدليمي المحفور أسمها في ذاكرة بدو الصحراء الغربية لدورها في حفر 51 بئراً صالحة للشرب في أعماق الصحراء الجافة يوم كانت وزيرة للبلديات . الأمنية هي أن تتقدم المرأة العراقية في المنفى لتكون ناشطة في العمل المعارض ، حاضرة في الندوات والأجتماعات ، متبوأة مكانتها كعراقية أصيلة ، ناهلة من تاريخ المرأة العراقية في القرن العشرين تجربتها في السياسة والنضال والفن والادب والثقافة ، ومستفيدة ايضاً من تجارب مجتمعات تعيش فيها حالياً..
أمنية ثالثة : هي أن نسمع مبادرات الاحزاب والقوى المعارضة لأشراك النساء في العمل الديمقراطي أشتراكاً أوسع في اللقاءات الدورية للمعارضة وندواتها وانتخاباتها ، وحتى في المفاوضات بمستوياتها المختلفة .
المرأة أحسن حفارة ، أحسن مانحة للماء .. وأبقى في ذكريات الناس ..!
لنتذكر جميعاً أن أم كل واحد منا امرأة..!
كلام الناس : سعيد من تقوده امرأة..! فبغير المرأة لا يتغير الزمن ..!
_______________
جاسم المطير
بصرةلاهاي في 20/1/002
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟