الإعلام الليبي.. احتضار الخطاب ونزوح المتلقي

محمد مليطان

الحوار المتمدن-العدد: 1687 - 2006 / 9 / 28 - 10:17
المحور: الصحافة والاعلام
    

ربما قد تكون التجربة الإعلامية الليبية -مرئية ومسموعة ومقروءة- قد نجحت في فترة سابقة في جذب المتلقي المحلي، واستغناء هذا الأخير ولو بعض الشيء عن وسائط إعلامية أخرى.. لكن هذا النجاح لم يكن يرجع إلى فضل المادة الإعلامية التي قدمت خلال تلك الفترة، بل لأن المتلقي ليس أمامه نوافذ إعلامية أخرى يمكن أن يطّلع من خلالها على العالم وعلى تجارب الآخرين إعلاميا، والتي على ضوئها يمكنه أن ينتج تقييما للمادة الإعلامية التي يقدمها له الجهاز الإعلامي محلياً.
الآن..مع هذا الانفتاح اللامعقول والذي تجاوز المدهش بمراحل، وأمام مواد إعلامية عالمية تقدم بطرائق متطورة ومبهرة، لازال الجهاز الإعلامي في ليبيا بكافة وسائطه يقدم برامجه ويطرح رؤاه بطريقته المتواضعة جدا، التي لا تستطيع أن تجاري أبسط جهاز إعلامي وأفقره عالميا، فضلا عن المنافسة الإقليمية والعالمية ومسايرة روح العصر إعلاميا.
والأمر بهذا التواضع.. لم يبق أمام المتلقي المحلي الليبي إلا أحد خيارين أحلاهما أمر من نشرة الأخبار في القناة الرسمية الليبية، وهما: إما أن يكون هذا المواطن الليبي لديه من الانتماء الوطني ما يكفي لأن يرغم نفسه على قراءة الصحف المحلية والاستماع إلى إذاعته المحلية من باب الوطنية لا غير. وإما أن تكون الصحف الالكترونية والقنوات الفضائية كفيلة بأن تستضيفه -وربما إلى الأبد- خاصة في عجز الجهاز الإعلامي المحلي في صياغة بدائل عبر وسائل حديثة تستعيد بها ثقة المتلقي - المحلي على الأقل- وهو ما لا يتصور حدوثه إلا بإعادة صياغة شكل الخطاب الإعلامي الليبي برمته، وإعادة النظر في البرنامج الإعلامي، وليس أقلها السماح للقطاع الخاص بإصدار الصحف والمجلات وبث القنوات الإعلامية المستقلة عن الدولة أيديولوجيا وإداريا، وهذا – فقط - من شأنه أن يرقع ما اخترق، ويستدرك ولو جزءا مما فات، ويدفع به نحو اللحاق بالركب العالمي الذي تجاوزتنا صحفه وإذاعاته بمراحل ليست باليسيرة، ومن شأنه أيضا أن يقدم الصورة الحقيقية لتطلعاتنا، وآمالنا، وثقافاتنا كشعب، وهويتنا بشكل عام، وليس فقط تقديمنا للعالم من خلال ما تريده الدولة وما تتطلع إليه هي وحدها بلا شريك.

#محمد_مليطان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات