|
قراءة - للآية 26 من سورة البقرة -
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7365 - 2022 / 9 / 8 - 20:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ / 26 سورة البقرة ) الموضوع : قبل أن نعرض قراءتنا العقلانية للآية أعلاه ، لا بد لنا أن نسرد ما جاء في تفسيرها وفق المصادر الأسلامية / وبأختصار ، فوفق " تفسير أبن كثير " ، جاء التالي بصددها (( قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : يضل به كثيرا ) يعني : المنافقين ، ويهدي به كثيرا ) يعني المؤمنين ، فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالهم لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا ، من المثل الذي ضربه الله بما ضربه لهم ، وأنه لما ضربه له موافق ، فذلك إضلال الله إياهم به ويهدي به ، يعني بالمثل كثيرا من أهل الإيمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم ، لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به ، وذلك هداية من الله لهم به وما يضل به إلا الفاسقين ، قال : هم المنافقون . وقال أبو العالية : وما يضل به إلا الفاسقين ، قال : هم أهل النفاق . وكذا قال الربيع بن أنس . )) . القراءة : 1 . أن تركيزي سينصب على مقولة " يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا " ، ومن سياق الآية ، فالأمر ينصب على النص القرآني ، فأذا كان القرآن هو كلام الله ( القرآن الكريم هو كلام الله ، المُنزل على نبيّه محمد ، المعجز بلفظه ، المتعبّد بتلاوته ، المُفتتح بسورة الفاتحة ، والمُنتهي بسورة الناس ، المكتوب في المصاحف ، والمنقول إلينا بالتواتر / نقل من موقع موضوع ) ، فكيف ممكن لكتاب يضم بين دفتيه كلاما لله أن يكون " كتاب هداية أو أضلال " وهل من مهام الله كتاب لأضلال البشر ! .
2 . ولكن لو رجعنا الى أسماء الله الحسنى / وفق المعتقد الأسلامي ، نرى أن " المضل " ، هو أحد أسماء الله ، فكيف لله أن يكون مضلا ، فالله هو الهادي ولا يمكن أن يكون " المضل " . وفقهاء الأسلام دوما يرقعون الأمور الغير عقلانية للنصوص القرآنية - بأمور غير مفهومة ! ، فقد جاء في موقع / موسوعة النابلسي ، بهذا الشأن التالي ( الاسم المضل ربَّما من خلال الممارسات وجدنا أنَّ إنساناً يُضلُّ إنساناً آخر ، فهذا العمل ليس محبوباً عندنا ، ليس عملاً مستحسناً أن يُضلَّ إنسانْ إنساناً ، إنَّه عملٌ مخالفٌ للفطرة ، مخالفٌ للقيم الإنسانيَّة الرفيعة ، أما إذا قلنا أنَّ الله هو المضل فلا بدَّ لهذا الاسم من معنىً يليق بكمال الله ) ، ثم يكمل ب ( وضلَّ الكافر .. إذا غاب عن الهدف الذي خلق من أجله ) . فلو كان المضل أنسانا ، لكان أنسانا بغيضا ، فكيف الله ! ، التساؤل هنا : هل الله يعمق من كفر الكافر ويزيد من كفره ، أم يقوم أمره ويهديه ! . 3 . وبذات المعنى ، هناك آية اخرى تنص على ﴿ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ / 8 سورة فاطر ﴾ ، وأخرى ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين /َ 56 سورة القصص ) ، والأخيرة تقول التفاسير أنها نزلت بشأن عم الرسول أبو طالب ( وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيه لا يهدي من أحب هدايته ، ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه ، والآية نزلت في أبي طالب أحب النبي هدايته ولكن الله لم يقدرها له / نقل من موقع أسلام ويب ) . وأرى أن القرآن في بعض من نصوصه / ومنها الآيات سابقة الذكر ، تظهر الله ب " المزاجية " ! ، فلم هذه الصفة الهوائية في الحكم الألهي ! ، وهل من حكمة أو عدل ، للذات الألهية ، في قضية منح الهداية أو الضلال لبني البشر ! ، وماهي المعايير العملية الذي يتبعها الله في حكمه على المليارات من عباده على وجه الأرض ! .. كل ذلك أسئلة تحتاج الى أجوبة مقنعة .
4 . من الآية نستخلص أن القرآن يضل المنافقين ، ولكن بالقفز الزمني للتطور المجتمعي المستقبلي ، نرصد الكثير من الفئات المجتمعية الأخرى ، ذات التوجهات العقائية المستحدثة ، وهم اللادينيين مثلا / وتحت مظلتهم الكثير من التفرعات ك " اللاأدرية ، الربوبية ، الملحدين واللاكتراثية .. وغيرها " ، وكان من المنطق أن تضم الآية كل ما سبق ، أسوة بالمنافقين ، وذلك حتى يصبح النص أكثر شمولا ، هذا لو كان القرآن ، أو بالأشمل الأسلام ، بكل تراثه ومنتجاته ، صالح لكل زمان ومكان ، وهذا أخفاق اخر للنص القرآني ، ودليل دامغ ، على أن القرآن نص زمكاني محدد ، وجد لملائمة عقلية المجتمع القبلي قبل 14 قرنا . أضاءة : أذا شطح النص ، أو هزلت بنيته ، فلا بد من التعقل والتدبر قبل الأيمان بما كتب بهكذا نصوص ، أن المبدأ الديكارتي ، قاعدة رئيسية في تقبل هكذا نصوص أو رفضها في أي موروث ماضوي ، فمن خلال الشك ستتوضح جليا ما كنت قد أمنت أو وثقت به سابقا ، وما كان من المفروض بك أن تؤمن به فعلا ، وكما يقول أبن خلدون " يجب أعمال العقل في الخبر " .. وأرى أن حتى العمل بهذه المقولة بات أيضا لا يكفي من التحقق من الخبر ، لأن الخبر ليس مجرد واقعة قد حدثت ، بل يجب التأكد - بغض النظر عن مصداقية الخبر من عدمه ، فهل ما كتب كان واقعا حقا في تلك الحقبة تحديدا ، أو أن النص تشكل / أي كتب ، لاحقا ، بعد عقود من الزمن لأسباب فقهية أو سياسية أو لأغراض فرض الحكم ! .. ورجوعا الى الآية موضوعة المقال ، أرى انه ليس من المنطق أن يكون حكم كلام الله / القرآن ، أن يقبل القياس بمبدأين متناقضين ، متضاددين و متقاطعين ، أي / خلاصة ، ليس من العقلانية أن يكون القرآن كتاب هداية وكتاب أضلال بذات الوقت ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوس الجنسي لدى دعاة المسلمين
-
الدول الأسلامية والعربية .. بين التحدي وبين السقوط
-
أضاءة عن هدم الكنائس في الأسلام
-
الأسلام والتحول من الدين الى السلطة
-
حروب الردة ونهاية الدعوة المحمدية
-
الرحمة والأستغفار بين المسلمين وبين الكفار
-
ماذا لو حجبت آيات الجهاد من القرآن ؟
-
- رائف بدوي - أخر المتحررين من السجون السعودية
-
سلمان الفارسي .. من الزرادشتية الى الأسلام
-
العهدة العمرية .. وثيقة تشويه الحقائق التاريخية
-
- أبراهيم عيسى - وتحطيم صنمية الموروث الأسلامي
-
الأسلام ومفهومي الرحمة والنقمة
-
الحكم الأسلامي بين الشورى وبين التوريث
-
الشريعة الأسلامية .. أضاءة في الصميم
-
المملكة العربية السعودية ومحمد بن سلمان .. قراءة نقدية
-
أضاءة في بدأ التشيع
-
السنة والشيعة - من يكفر من -
-
عائشة .. سيرة حبلى بالصراعات
-
القتل من أجل السلطة / واقعة الطف - كأنموذج
-
زهد الرسول والصحابة .. بين الحقيقة و الوهم
المزيد.....
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
-
عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|