|
من اجل رفع الحرج عن القضاء
احمد ابادرين
الحوار المتمدن-العدد: 1687 - 2006 / 9 / 28 - 09:55
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تعرض ملفات على القضاء المغربي تكتسي أحيانا بعض الحساسية ويتعلق الأمر خاصة بالقضايا المعروضة على القضاء الزجري، حساسية الملف تأتي من عينة الأشخاص المعنيين بالمسطرة القضائية. القضاء مفروض فيه أن ينصف المظلومين ويعاقب الظالمين ويرد الحق لصاحبه والمتقاضون سواء أمامه مهما كان مستواهم الاجتماعي والاقتصادي وكيفما كان انتماؤهم العقائدي والسياسي ومهما كان مركزهم في السلطة. غير أننا نلاحظ بعض التردد في التعامل مع هذا الموضوع، مما يطرح السؤال متى يرفع الحرج عن القضاء؟ في العهد الذي نحن بصدد طي صفحاته في مجال حقوق الإنسان كانت ظاهرة الإفلات من العقاب سائدة بسبب المظلات السياسية والإدارية التي كان يحتمي بها البعض ممن يعتبرون أنفسهم فوق القانون، حتى أصبح بعض الناس مقتنعين بأن "واضع القانون خارقه". تلك المظلات كانت تتدخل بأشكال مختلفة (إما في صيغة استناجات الضابطة القضائية وإما عن طريق المسئول القضائي) حتى لا يتجاوز التحقيق القضائي حدودا مرسومة. وحتى في الحالات التي يكون فيها التحقيق والمتابعة جاريين في حق أشخاص من ذوي النفوذ فإنهم يظلون يصولون ويجولون ولا يتزحزحزن عن مناصبهم الإدارية والسياسية، بل وتتم ترقيتهم أحيانا إداريا وسياسيا (نتذكر قضية البريد حين كان أصحاب الزعيم المحجوبي احرضان، أو لنقل الخارجين إذاك عن طاعته، وهم عبد السلام احيزون ومن معه، رهن الاعتقال فأفرج عنهم بعفو، في وقت كان فيه الملف لا زال بين يدي قاضي التحقيق). قضية الكوميسير ثابت اعتبرت إشارة إلا أن الإشارة لم تسر إلا على من "عيق" كثيرا مثله. وعرفت الساحة نقاشا ساخنا مع مجيء حكومة التناوب برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي الذي كان عليه أن يرفع الحرج عن القضاء غير أنه سعى في نفس الوقت إلى التكيف مع ضغوط ما كان يسميه "جيوب المقاومة" وذلك بعدم الدخول فيما كان يسميه أول وزير لحقوق الإنسان "متاهات متابعة لا يعرف مداها" بحيث لم يجرؤ السيد الوزير الأول حتى على إعفاء "رموز الفساد) من مهامهم. في العهد الجديد عرف القضاء ملفات ذات حساسية شكلت له بعض الحرج نذكر منها القضية التي كان فيها الملك الراحل الحسن طرفا مدعى عليه بصفة شخصية (استنادا إلى تقرير أعده السيد الوكيل العام بمراكش ذكر فيه اسم جلالة الملك بصفته معنيا، ربما فعل ذلك لمنع أية ملاحقة قضائية) وبعد وفاته أدخل ابنه محمد السادس في الدعوى بصفته وارثا؛ وحصل بعض التردد للمسئولين القضائيين، بل وحصل التردد حتى للمحامي الذي عين للجواب عن الدعوى نيابة عن الملك محمد السادس، وعلى كل حال فقد صدر حكم في الموضوع. وعندما ألقي القبض على تاجر المخدرات المدعو "الشريف بين الويدان"، وحامت الشكوك حول تورط بعض المسئولين الأمنيين، صدر بلاغ يعلن عن إعفاء هؤلاء من مهامهم في انتظار أن يقول القضاء كلمته فيما نسب إليهم، وهو تدبير مؤقت لرفع الحرج عن القضاء. وكان من المفروض في هؤلاء، وكل من يوجد في وضعيتهم، أن يبادروا إلى رفع الطلب لإعفائهم من مهامهم بصفة مؤقتة إلى حين البت قضائيا فيما نسب إليهم، غير أن هذا التقليد لا زال على ما يبدو بعيدا عن أذهان الناس. ذلك أنه عندما نقرأ في الصحف قصاصات معززة بصور للأجساد المحتشدة التي حاطت بالسيدة نادية ياسين عند مثولها مع الصحافي عبد العزيز كوكاس أمام المحكمة للاحتجاج والتعبير عن رفضهم المتابعة والمحاكمة. علما أن استدعاء شخص للتحقيق معه وحتى متابعته أمام القضاء لا يستتبه الإدانة بصفة آلية. وعندما نقرأ هذه الأيام في الصحف قصاصات معززة بصور تفيد أن السيد عبد الرزاق افيلال مثل أمام المحكمة بالدار البضاء محاطا بعدد من رفاقه النقابيين والحزبيين يرفعون علامات النصر تعبيرا عن تضامنهم معه والتزاما منهم بعدم التخلي عنه. عندما نقرأ في الصحف بيانات استنكار متابعة جارية في حق صحافي أو نقابي أو مناضل حزبي أو جمعوي، بل نقرأ قصاصات معززة بصور عن المظاهرات التي تنظمها بعض الجمعيات ومعها أحيانا بعض الأحزاب وبعض النقابات أمام المحاكم في مدن مختلفة للضغط على القضاء إما لإدانة شخص وإما لتبرئته. وعندما نقرأ في الصحف أن وزيرا استقبل محتجين ضد حكم قضائي ليطمئنهم على قضية توجد بين يدي العدالة التي لا سلطة للحكومة عليها. عندما نقف أمام نكون أمام مثل هذه المواقف فإننا نتساءل متى يبتعد الناس عن القضاء مطمئنين أن القضايا التي بين يديه ستأخذ مجراها القانوني السليم وأن المحامين يمارسون الطعون في القرارات القضائية التي تبدو لهم مخالفة للقانون. وفي انتظار ذلك فإننا نتطلع إلى أن يتحلى السادة القضاة بالشجاعة اللازمة وألا يتأثروا في قضائهم بأي ضغط أو إغراء أو إيحاء. ولقضاتنا واسع النظر.
#احمد_ابادرين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد الحرب المصلحة الوطنية أولى من المصالح الطبقية الأخرى
-
أي قانون لتنظيم حق الإضراب في المغرب
-
نحن أيضا في المغرب بحاجة إلى فتح نقاش حول إصلاح القضاء ببلاد
...
المزيد.....
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|