كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 7364 - 2022 / 9 / 7 - 21:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كم كانت فكرتك ساطعة و قويّة على أفهامهم و على حساباتهم الخبيثة...
عارضك بورقيبة في دعوتك لتحرير المرأة و هو صاحب الثقافة الفرنسية و المتيم بالمدرسة الغربية في الأخلاق، فكان بذلك على نفس درجة العداوة التي حملها لك الشيوخ المتزمتين الذين أجابوك، يومها، بصفة شخصية، عن الأسئلة التي وجّهتها لهم عن حقوق المرأة التونسية، و حين نشرت أجوبتهم في كتابك الأشهر، هالتهم الحقيقة التي أصدعوا بها خفية و أعلنوا ʺالحِداد على امرأة الحدّادʺ... و أمروا الصبيان بملاحقتك في طريقك للعمل و ضربك بالحجارة حتى تلزم بيتك... و وصلوا، في بغيهم، إلى حدّ أن طالبوا بعدم تزويجك!!
هذا هو حال أهل الصّدق في القول و في العمل يا سي الطاهر... و لكنك رغم كل المرارات التي مررت بها فانّك قد كنت محظوظا من جانب آخر، فانقطع بك مبكرا حبل المعاناة في الحياة الدنيا، كما شاعرنا الخالد أبا القاسم الشابي، و رحلتَ باكرا عن دنيا الكذب و الجور و الخداع.
رحلتَ بعمر الثلاثين،،،مهموما حزين و تركت فكرتك حرّة طليقة في فضاء الفكر الحرّ الفسيح فاستولى عليها أشهر المختصين في التلاعب بالمشاهير و أخفاها في رأسه إلى أن حلّ الاستقلال فأخرجها، كساحر، من جيبه فصار، عندنا، مُحرّر المرأة و نصير النساء!
وحده طه حسين المتبصّر المستبصر قال عنك يوم قرأ كتابك: ʺلقد سبق هذا الفتى قومه بقرنينʺ.
شهادة عميقة من قامة أدبية رفيعة تُغنيك يا سي الطاهر عن صمت الجبناء و البخلاء الذين لم ينصفوك، حيّا و ميّتا، و لو بكلمة.
لا بأس يا مظلوم،،،لا تحزن يا صاحب الكتاب، إنك منصور و لو بعد حين، فكلمات الكاتب المنقوشة بدمه على أوراق كتابه هي من تنصفه على طول المدى، و الكاتب الحق لا ينتظر شهادة الحق من أشِحّة النفوس الذين لا يتصدّقون بكِسرة خبز... و لا بابتسامة... و لا حتى بكلمة الخير في حق من أهداهم، من ألمه و معاناته، كلمات رقيقة تطيب بها نفوسهم و تُغنيهم عن زيارة الأطباء.
يتبع
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟