|
الثابت والمتحول في انماط الاستبداد(الطريق الى مقاربة وطنية تحرر المسار الديمقراطي من خلط الاوراق)
وليد المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المجتمعات تنتج الاستبداد نتيجة الصراع علي الثروات والخيرات منذ ان بدأ الانسان يعي قيمة الملكية ، تلك السرقة الاولي التي باشرها الانسان القديم في تفضيل ذاته من حيث الاكتناز وتوفير الكثير من الصفات المعنوية والمادية حول هذه الذات بشكل يدعو الي تأبيد الهيمنة الفردية علي جميع من حوله من الادوات المستخدمة من عبيد ونساء وأراض واملاك اخري كثيرة ، نشأ حينها الاستبداد الفردي وظل سلسلة من التبادل المستمر للادوار من بطل فردي جديد الي أخر وان تغيرت صورته من المراحل الاولي القديمة الي المراحل الحديثة ولكن لاتزال الهيمنة لدي الفرد وحكم الاستبداد يشي باغتراب الانسان وتماثله مع صور واشكال متردية وتشكل علامات فارقة علي بقاء ذلك المخلوق الضعيف من سيطرة الاقلية التي تحكم وتجبر وتعزل الاخرين ضمن اطارهم وصورهم المطلقة . ان استبداد اليوم لايختلف عن جميع اشكال الاستبداد القديمة إلا من حيث إسباغ الشرعية والقبول المجتمعي علي ذلك الشكل من الاستبداد ، فمجرد ان يملك الفرد مجموعة شركات كبري يستطيع من خلالها التحكم بمصير الالاف من العمال ، فأن ذلك يعني ان العالم لم يتغير كثيرا إلا من خلال القوانين التي تهدأ هذا الطرف او ذاك من خلال استمرار الهيمنة لدي الافراد ومن خلال اساليب متعددة تشي بالعزلة والتخدير الاجتماعي من خلال اساليب كثيرة تتعلق بالاستهلاك الدائم لثقافات وانماط حياة غير مدركة لقيمة استبدادها ومن ثم هي متماهية مع ارباب السجون او هي تعيش حالة السرنمة لانها لا تعاني الاستبداد المادي المباشر بالشكل الذي يجعلها تتمرد وتحلم بالتغيير ومن ثم تؤسس قواعد كبيرة للبناء الحلمي الهائل مرتبط بسرديات الخلاص الكبري ، كما كان الامر معمولا عليه إبان القرن التاسع عشر او كما كانت عليه البشرية في زمن الثورات التاريخية الكبري كالثورة الفرنسية والروسية وغيرها من الازمنة الحديثة ، فالاستبداد الحديث يختلف عن الاستبداد في الماضي من حيث وجود السلطة المطلقة الفردية بشكلها الجوهري اي وجودها من حيث الفرد كواحد حاكم مطلق لايوجد هنالك من ينافسه او يدخل في مجاله الخاص من الخيرات والثروات ومطلق جاهزيات احلامه الفردية ، إذ لاتزال مجتمعاتنا تمارس ذلك الاستبداد القديم من حيث السلطة الشمولية لدي الانظمة المتحدة مع عالم الشمول القيمي بقيادة الفرد الواحد ، هذه السلطة تتوزع بشكل كبير علي الافراد عموما حتي يغدو الاخرون متماهين معها بشكل كبير ومن ثم تغدو آفاق الحرية لاتعمل علي بناء اية طاقة للتغيير او الخلاص إلا من خلال لغة التمرد اوالعصيان ، تلك التي تلاقي المحاربة المستمرة من قبل هذه السلطة ان الاستبداد الحديث هو استبداد مرتبط بشكل التعامل مع الانسان بوصفه حمالا لطاقة المنفعه والربح اي انه مجرد اداة او " كوبري " لدي الاخرين وضمن سلالم هرمية من السلطة كل شخص يصل علي اكتاف الاخرين وهكذا ضمن سلسلة مستمرة وصولا الي سلطة النهاية متمثلا بالطبقة الاقوي والاكبر تلك التي تملك وسائل السيطرة والهيمنة علي الجميع ، انه نظام يتصف بتشيؤ الانسان وضياعه ضمن قيم لاتؤصل الجانب الانساني ومن ثم تعمل علي نشر السلام والعدالة الاجتماعية ليس ضمن نطاق البلد الواحد فحسب بل ضمن العالم الانساني الاشمل . كل ذلك يضفيه استبداد اليوم مرتبط بالافراد وقيمهم الزائفة ، ولكن ماذا عن استبداد المستقبل .. هل يحمل ذات السيطرة والفردنه علي نطاق الجميع ونحن نعرف ان نسبة الذين يعيشون تحت مستوي خط الفقر تصل الي خمس سكان العالم كما تشير آخر الاحصاءات ، وهل يبقي العالم العربي الاسلامي يعيش ذات الانظمة المتخلفة من سلطات وقوانين تؤصل الجوانب القديمة من السلطة الشمولية بجميع ابعادها ام تأخذ زمام المبادرة حالها حال الدول المتقدمة التي تعيش حالة الاستبداد من حيث احتكار الاقلية للقوانين والمعرفة والثقافة الخ .. الامر الذي حدا بهم الي عزلة البشرية هنالك من خلال مؤسسات الاعلام والثقافة الجاهزة التي تبثها مختلف الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة . ان استبداد المستقبل اذا سار علي ذات الطريق من هيمنة الاقلية ومن توحد اقتصادات العالم في بوتقة واحدة فأن مصير الفقراء والمعدومين اومصير الذين لا يتاح لهم توفر الامكانات المادية والمعنوية بشكل حقيقي سوف يعاني الكثير من التلاشي والسحق تحت قسوة هذه القوي الكبري المتحدة في ما بينها ضمن شبكات قوية من السيطرة والتحكم في مصير العالم البشري، هذه الشبكات لاتعني في انتاج وتوفير فائض قيمة مادية فحسب بل تعني ايضا في توفيرقيمة معنوية من اجل ان تضفي السيطرة والهيمنة بشكل دائم ، بحيث يصبح ذلك الاستبداد وكأنه يحمل طابع الخلود مادام العالم كله محاطا بهذه القوي الكبري التي قد تتصارع في ما بينها لتنتج الصراعات والحروب ، والنتيجة لايوجد هنالك اي تقدم في مجال السلام العالمي بين الشعوب من حيث تضاؤل ونهاية الكثير من العاهات المرضية التي تملكها بعض المجتمعات تلك المتعلقة بسيادة العنف والتطرف والعنصرية فضلا علي بعض المفاهيم المرسخة لدي الدول العظمي من حيث كونها موجودة من اجل خلاص العالم من خلال رسالتها التاريخية وما علي البشرية سوي تحقيق الانبعاث الحضاري بقيادتها اي بقيادة هذه البلدان المسيطرة بشكل سلطوي مادي ومعنوي وهنا مثالنا الولايات المتحدة الامريكية التي تحمل صفات الخلاص بشكل ايديولوجي من خلال صيرورتها ضمن امبراطورية كبري تحاول ان تنشر فكرة الانبعاث الحضاري الجديد للعالم المتخلف ، وهكذا كل ذلك يجري بشكل ايديولوجي وما تحت الغطاء الفكري سي الابنية التاريخية التي تقود الي الهيمنة والي مضاعفة الثروات والخيرات فضلا علي زيادة الافق المستقبلي لسيطرتها علي الجميع . ان الاستبداد في المنطقة العربية الاسلامية سوف ياخذ منحاه المستمر مادامت هذه المنطقة خالية من مفاهيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ليس من خلال مفاهيم حرية الرأي والفكر والعقيدة فحسب بل من خلال احترام الكرامة البشرية وحقها في العيش الانساني الكريم ، نقول ان الاستبداد سوف يتوسع ويزاد هيمنة وذلك من خلال جانبين ، الاول من الممكن ان ياخذ صفات المؤسسة التي تعتمد علي قيمها من خلال سطوة الموروث الذي يتحكم به عادة الكثير من القادة الافراد الذين يسبغون الكمال علي توجهاتهم وسلوكهم اليومي المعاش ومن ثم ماعلي الافراد او المجتمع ككل سوي التبعية الكاملة تحت قيادة كاريزما الفرد وسيطرته ، بحيث تكون اكثر المؤسسات وخصوصا مؤسسات الدولة غير منتجة لقيم التمدن والتعدديةوالاختلاف داخل المجتمع ككل ومن ثم هنالك التراتب المستمر لقيم الانسان الذي لايعاني التاريخ المعزول قديما وحديثا عن ذاته وعن ذوات الاخرين ابداعا ومعرفة وصيرورة مستقبلية نحو اشكال متغيرة بشكل مستمر . اما الشق الثاني فيتحدد من خلال سيطرة المؤسسات التي تسودها قيم الهامش المعرفي والثقافي وحتي قيم الهامش من الحرية والديمقراطية كمفاهيم ومصطلحات لاتغني عن شئ ولاتؤسس لمستقبل انساني افضل ، هذه المؤسسات يسودها او يسيطر عليها الكثير من المتاجرين بمفاهيم حقوق الانسان والديمقراطية وغيرها من القيم الحديثة لان المجتمع غير متأصل فيه هذه القيم من حيث الاعتراف بالتعددية والاختلاف كأسلوب حضاري انساني داخل المجتمع ، فكل ما تمارسه هذه العصابات الديمقراطية المرتبطة بأحزاب شمولية تحولت فجأة الي احزاب ديمقراطية مضمونا ومحتوي من حيث الشكل فحسب هو تكوين اكبر قدر ممكن من الاقطاعات السياسية ومن ثم الحصول علي اكبر الامتيازات والنتيجة بقاء المجتمع ضمن ذات الظروف وذات الاشكال من القيم والتقايد التي لا تستطيع ان تغير واقها اليومي المعاش وخصوصا في العراق بعد ان تم التغيير فيه عن طريق توجهات الارادة العالمية الشاملة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية . هذه الصورة المرتبطة بالاستبداد في العالم العربي وخصوصا في العراق من الممكن ان تتلاشي في حالة نهوض خطاب وطني حقيقي ديمقراطي يعمل علي توزيع الحريات بشكل واسع وعلي الجميع وبلا اية امكانات مادية ومعنوية لسيطرة الافراد علي مقدرات المجتمع وحقوقه من خلال السيطرة علي الزمان والمكان ككل من قبل الذوات الواعية لامكانية التغيير وواعية لمسقبل هذه البلدان التي يسودها التخلف والتراجع والجمود في مختلف المجالات المادية والمعنوية فضلا علي وجود الاحتلال ليس من قبل الاخر بشكله العسكري المادي فحسب بل من قبل الذات المستبدة بشكلها التاريخي قديما وحديثا ، كل ذلك يتحقق بعد ان يتم زوال جميع الاطراف التي تؤصل التبعية والانصهار ضمن بوتقة المؤسسة الاولي المرتبطة بسيادة قيم الفرد وهيمنته وهنا نقصد بالمؤسسة الدينية التي لايهمها تطوير ذاتها ومن ثم ايجاد منافذ جديدة من التسامح والانتقال من شكل ثقافي مجتمعي الي آخر مختلف عنه اوضمن المؤسسة الثانية التي يسودها الاقطاع السياسي لاكثر الاحزاب التي يتحكم بها الافراد سلوكا وخيار ومستقبليا وتمويلا .. الخ ،كل ذلك من الممكن ان يعطي الصورة المختلفة بشكلها النسبي عن طابعها الحامل لصورة الاستبداد وبكلا الشكلين السابقين ، نقول من الممكن ان يحدث التغيير والانسنة علي نطاق الوعي والمعرفة والحقيقة ومن ثم لاتوجد هنالك اية سيطرة وتبعية يضمنها الافراد علي مقدرات المجتمــــــــــــع وتطوره.
#وليد_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعرفة العامة نسق ثقافي سلطوي
-
المجتمع بين العقل والغريزة
-
كتابة السلطة – سلطة الكتابة
-
تاريخية العنف في المجتمعات العربية الاسلامية
-
سلطة الايديولوجيا
-
المصالحة الوطنية بين الوهم والحقيقة
-
نحو رسم خارطة جديدة للمواجهة مع القوى الكبرى
-
العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية
...
-
جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
-
الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث
-
العنف المنزلي .. سلطة ذكورية أم خضوع نسائي
-
صورة أميركا في العراق
-
الرأي العام وآيديولوجيا الدولة
-
في التربية والعولمة - نحو تربية حداثية جديدة
-
الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
-
أسس الانتماء الى الثقافة والمثقف
-
الحريات السياسية ضمن جدلية البناء والتغيير
-
الارهاب والطائفية في العراق - نحو إعادة تشكيل الواقع السياسي
...
-
المعرفة وأدوات البناء في المؤسسة التربوية العراقية
-
أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|