عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7355 - 2022 / 8 / 29 - 23:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ربما أخطأ كثيرون، كما أخطأت أنا في قراءة أعلان مقتدى الصدر إعتزال السياسة، حيث أدرجتها دون تدقيق في ما عرف عن الصدر من تذبذب أو تخبط في المواقف. وربما فاتهم كما فاتني، ربط لعبة الاعتزال، هذه المرة، بتهديد الصدر في وقت سابق، بأالتخلي عن دوره، وترك العراقيين يقرروا، الأساليب التي يرتأوها في حل الأزمة المستديمة التي خلقتها منظومة حكم المحاصصة. ويبدو أن تطوراتا نوعية قد أثرت على الصدر ودفعته إلى تفعيل تهديده، ويمكن التكهن بطبيعة هذه التطورات من خلال التمعن في تغريدة الاعتزال الصدرية.
ويمكن أيضا تلمس الدور الإيراني في هذه التطورات، فالتغريدة تبدا بالحديث عن الدور القيادي، نافيا أن يكون موقعه القيادي مرتبط بالتزامه بمرجيعة (( أية الله )) كاظم الحائري، مؤكدا أن ذلك الموقع فضل من الله وفيض من والده محمد صادق الصدر، الذي لم يتخل عن العراق وشعبه، في تعريض واضح بتخلي الحائري عن العراق، من خلال أعتزاله مهامه الدينية، ودعوته لمن يتخذوه مرجعا، بمن فيهم الصدر، الى الألتزام بالمرشد الإيراني علي خامنئي مرجعا لهم. ومعروف أن الحائري يعيش في أيران ولابد أنه قد تعرض لضغوط نجحت، كما يبدو، في دفعه الى أن يضغط هو بدوره على الصدر، ويطالبه بالتفاهم مع أتباع أيران في التيار التنسيقي، لمواصلة حكم المحاصصة، بعنوان الحفاظ على وحدة المكون الشيعي.
الصدر أعتبر في تغريدة الإعتزال مبايعة خامنئي بالمرجعية الشيعية، التي طالب بها الحائري، تخليا عن العراق وشعبه، ونقلا للمرجعية الشيعية من النجف الأشرف في العراق حاضنتها التأريخية إلى أيران. وهو تلميح يبلغ حد التصريح بأن الحائري قد خان المرجعية العراقية. رغم أنه يؤكد قناعته بأن هذا الموقف قد أملي على الحائري ولم يتخذه بمحض إرادته.
ويختم الصدر تغريدته بالتأكيد أنه مهدد بالقتل أو الموت، داعيا أنصاره الى أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة. وبعد أن يتحرر الصدر من نفوذ الحائري ، يعلن إعتزاله السياسة، في ما يشبه نداء الشروع بالتحرك لتغيير الأوضاع بطريقتهم ـ التي وضع ومستشاريه ـ أسسها، وربما حتى تفاصيلها، تنفيذا للتهديد ألذي سبق وأن أطلقه في وقت سابق بأنه في حال إعراض الإطاريين عن الإصلاح فأنه سيتخلى عن دوره، ويترك للعراقيين أن يحققوه بالطريقة التي يرتأونها.
إعتزال الصدر هذه المرة يختلف عن كل المرات السابقة، ويشكل قطيعة مع إيران، وربما ثقة، قد لا تكون في محلها، بقدرة أنصاره في التيار على تحقيق التغيير، الذي يستهدف، كما دعا في التغريدة ما قبل الأخيرة، إصلاح العملية السياسية، بما يبعد كل القوى والشخصيات التي شاركت في منظومة الفساد الحاكمة، بما في ذلك من ينتمون إلى تياره.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟