|
قليل من الهدوء : حول الأزمة المغربية التونسية
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 7355 - 2022 / 8 / 29 - 20:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
حين تحكمنا انظمة من جنس الذئاب على المحكومين أن يتصرفوا بصبر الفلاح والراعي لتقليل الخسائر، وليس بالإنفعالات المشحنة من أبواق الأنظمة، لا قيس سعيد نسخة القذافي الإلكترونية يستحق الدعم ولا النظام المخزني في المغرب أيضا يستحق هذا الصخب، نحن الشعوب لسنا قطعان ذئاب تتمحور في مجالات معينة وترسم حدودها ببولها تلك القطعان الذئابية. كمغربي لست مع "هاشتاك" مقاطعة المنتوجات التونسية ولست مع المقاطعة الإقتصادية والثقافية والرياضية ولن أكون أيضا مع ردود الفعل التونسية الخاضعة لنفس الإنفعال. إن مبدأنا كشعوب هو التكتل والتعاضد وليس خنق البعض للبعض، إن حلمنا كان هو إنشاء وطن شاسع يتجاوز الحدود الجمركية، تكتل قوي يجابه الآخرين كما كانت حركة التحرر الوطني في شمال إفريقيا متضامنة مع بعضها ومتناسقة وليس تقزيم استراتيجيتنا الجماهيرية في محاور تبول ذئاب الأنظمة. إن حركة التحرر الوطنية حين رفعت شعار التحرر من الاستعمار، رفعته بوعي يتجاوز وعي التخندق في تكتلات جمركية وكان في نفس الوقت يتجاوز خندق المتارس العسكرية : لقد رفعت شعار الوحدة ضد التقسيم الاستعماري الديموقراطية مع ذواتنا هي ان نضع انفسنا على بعد من دائرة الإنفعال المشحون بالوطنية المزيفة، يجب ان نقرأ الأحداث بموضوعية بعيدا حتى عن الشحون الأيديولوجية ولا ننساق وراء الماكينة الإعلامية المزيفة من الطرفين التي من مهامها صنع الاوهام، صنع الأعداء، صنع المؤامرات وغير ذلك.. لن ادافع عن هذا الطرف على حساب الطرف الآخر ولن انصاع مع ماكينا الإعلام المضمر من كلا الطرفين وندخل في السجالات العقيمة، هذه الماكينات مدمرة من الطرفين تبني لميكيافيلية عقيمة: حساب المنفعة الذاتية للتمحور. في هذا الحساب، كل الأخطاء مبررة: في المغرب مثلا "التطبيع" مبرر بمطر من الافكار: سيادة الدولة، "السياسة مصالح واستراتيجيات"، "علاقتنا بالتطبيع ليست ضد احد"، "التطبيع مقابل اعتراف أمريكي"، خزعبلات اخرى... نفس الأفكار بشكل مقلوب من الجهة الأخرى: "السيادة الوطنية في استقبال من شئنا"، "الجوار مع عدو المغرب جوار حتمي جغرافي تاريخي يفترض التنسيق معه"، العلاقات الاقتصادية كذا وغير ذلك مما يزكي رائحة بول الآخر .. تبدو الأمور براغماتية وذات بعد نفعي استراتيجي لا تخدم إلا تلك الذئاب الجائعة للسلطة والهيمنة، اما نحن الشعوب فعلينا أن ننتظر معجزة من معجزاتهم "التنموية". الكل يستقوي بمحوره ويبني له قاعدة نفعية والأوراق المحورية كلها هدامة. إليكم حقيقة ثورية ذات بعد توحشي من نوع توحش الذئاب، الذئاب التي كبر جراؤها (أقصد ج جرو): ضدا للأمن القومي الموريتاني والجزائري سامنح الصحراء المتنازع عليها للصحراويين الساكنين بها وليس اللاجئين عند الجزائر وسادعمهم بالسلاح ليخوضوا حربا بالوكالة ضد وكلاء الجزائر في تيندوف وسأمنحهم كل الإستقلال التام وليس الذاتي، وسأتبرأ من المسؤولية كما تبرأت إسبانيا نفسها وساتضامن معهم بكل الشحن الأيديولوجي : نفس لغة الغربان: حق تقرير المصير، الاغلبية الساكنة هي التي لها الحق وخرافات اخرى.. ما الذي سيحصل؟ قتال بين شعوب نفس الأمة متمحورة على محاور ذئاب متنافسة، امام العالم منحت الصحراء لأهلها وساكنتها وحققت مبدأ حق التقرير، أمام الآخر اقول هذا ما تريده: تريد دولة مستقلة لكن ليس بمقاسك بل بمقاس أمننا القومي، لكن هذا لا ينهي المشكلة، إنها عملية عبث تقوي العواء بين الذئاب عوض التضامن والتعاضد والوحدة لصالح شعوب المنطقة، غن منطق الذئاب يزكي هذا الطرح، وجود منطقة متوترة يقضي تصدير الازمات الداخلية إليها لتضييع الطاقة في أمور جمارك بولها . لو فعل المغرب هذا لما رأينا مدينة العيون بشكلها الجمالي الآني، ولا أقول هذا لتبرير وضع يد المغرب عليها بل لنسف خلق التوتر. مفهوم الدولة شيئ معقد جدا بينما تاريخيا كان يخضع لقوة التمحور (العصبية بمفهوم ابن خلدون) الدولة الحديثة هي الإرث الذي ورثناه من الدول المستعمرة معناها أن مفهوم الدولة هي كما ورثناه، مساحة جغرافي، حدود فاصلة مع دول أخرى، جيش، حكومة مركزية وغير ذلك مما يميز الدولة الحديثة.. وحتى في شقه هذا ليس إرثا مبنيا على حقيقة علمية فدولة الزاير مثلا كانت دولة كبيرة وبحدود شاسعة موروثة من الدولة الاستعمارية وقسمت اخير، السودان نفسه وعدة مناطق، ومعنى هذا ان الاستناد إلى خرافة القانون الدولي الحديث غير صحيحة تماما (ممكن وضع الإتحاد السوفياتي في هذه القائمة أيضا) وحتى الآن كلما اراد العالم الإمبريالي ابتزاز دولة ما صنع لها رديفا قوميا وسلحه يالسلاح وأبجديات حقوق الإنسان وخرافة حق تقرير المصير. ما هي معضلة ليبيا؟ تصور 6 مليون شخص في قتال بسبب المحاور ويبدوا انهم لا يستطيعون الوصول إلى حل، وليبيا ذات ثروة بيترولية هائلة وفقها يمكن وضع ميثاق تصالح يتجاوز التناقضات الثانوية في الهيمنة. سلوك النظام الجزائري نشاز في منطقتنا و"يسروجيته" لا علاقة لها بحق تقرير المصير التي ليست في عقليته إلا تقرير مصير جزء من المغرب، برغم عداوته الآن لإسبانيا، لم يتجرا حتى في ان يطرح القضية الكاتالانية ولا الباسكية في إسبانيا ولا حتى الاندلسية باعتبارها إقليم مستقل في إسبانيا (استقلالا ذاتيا بالطبع). إليكم هذه المعطيات: الكاتالونية ليست إقليم إسباني فقط بل إقليم يمتد حتى مارسيل بفرنسا (حتى من شاهد فيلم الكوندي دي مونتي كريستو الشهير سيلمس في الفيلم هذا البصمة الكاتالانية) وحق تقرير المصير الذي تومن به الشعوب الاوربية لا تمنح هذا الغقليم شرعيته على الرغم من انه وضع مشروع استفتاء السكان وصوتوا لصالح الإستقلال عن إسبانيا. لم نرى هذا الخطاب في كون الجزائر تدافع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها: الجزائر لا تتكلم أصلا عن القوميات في اوربا بل فقط في منطقتها الجنوبية الغربية. بخصوص استقبال غالي في تونس، لم يكن على المغرب أن يتسرع في مقاطعة القمة وسحب السفير، كان عليه ان يسجل انتصارا ديبلوماسيا في تونس نفسها: كان عليه ان يحضر اللقاء ويلغي وجود غالي باللقاء استناد غلى التوصية الاخيرة رقم 762 التي تنص على ان الدعوة تقدم موقعة من طرفين: الطرف الياباني والطرف المستضيف وإذا لم يحضر التوقيعين فالدعوة باطلة. بيان وزارة الخارجية التونسية لم يكن مبنيا: في تيكاد 8، الذي يقدم الدعوة ليس مفوض الإتحاد الإفريقي بل ممثل الدولة المستضيفة والطرف الثابت الذي هنا هو اليابان واليابان لا تعترف بدولة الجمهورية كذا وليس الامر كما ذهب غليه الكثير من المحللين من خلال التركيز على حضور كذا ممثل الجبهة في مؤتمر كذا: القمة هي قمة اليابان مع الدول الإفريقية التي تعترف بها اليابان وتوضيح اليابان قيم في هذا الأمر، لا تعترف بجبهة البوليزاريو) . لم يكن على الوفد المغربي ان ينسحب بل كان عليه أن يفجر الامر في المؤتمر استنادا إلى التوصية سابقة الذكر، وبعد ذلك يمكنه سحب السفير أو لا يسحبه وهذا ما استغلته خارجية تونس في المناورة على كون الداعي هو الإتحاد الإفريقي لياتي تصرح آخر لبيان الخارجية المغربية يوضح الامر . نزول وفد البوروندي مع وفد ابن بطوش في نفس الطائرة وهي تابعة للرئاسة الجزائرية كان فاضحا بشكل لا يليق باستاذ جامعي يتراس دولة تونس لأن المراسم البروتوكولية دقيقة في هكذا لقاء (هذا الأسلوب نسميه عند الشعوب المغاربية "قباحة" لا تليق بأستاذ جامعي ) ممكن ان تتكولس بالشكل الذي تريد لكن ليس بهذا الفضيحة: ان يتمثل الرئيس استقبال وفد نزل من طائرة ثم يمضي وقت ويعود ليستقبل وفدا آخر من نفس الطائرة وبشكل وضع القناة التونسية في اضطراب من امرها، وهذا ما أغضب المغاربة، يعني أن عملية استقبال الوفد البوليزاري كانت عملية مقصودة تستهدف إرسال رسائل إلى المغرب واستفزازه وهو بروتوكول يخرج عن الأعراف الديبلوماسية). بحساب الخسارة والربح، في المغرب نتفهم الوضع الجغرافي الذي بموجبه يمكن ان تكون العلاقة بين الجزائر وتونس أفضل من علاقة تونس مع المغرب، لكن العلاقة بالبوليزاريو، بجبهة ميليشيات، ما وزنها بالمقارنة بالعلاقات التونسية المغربية؟ أقصد أن ما يفصل المغرب من تونس اقل مما يفصل تونس من جبهة تيندوف، وهنا الأستاذ الجامعي لم يستوعبها جيدا برغم مناظرته الجميلة في الإنسانية في ملتقى تيكاد8. اللقاء نجح بعيون الإعلام التونسي، لكنه لم ينجح على مستوى استثمار تونس للقاء، مناظرات قيس كانت جامعية ونظرية (حنين إلى جو الجامعة) لم يتصرف فيها كرئيس دولة كان عليه ان يتسلح بفريق اقتصادي اولويته إنقاذ اقتصاد تونس وليس التنظير في الخرافات الإنسانية والدولية وكل ما تحقق هو اتفاقيات تفاهم والخبراء الإقتصاديون يعرفون ماذا تعني اتفاقيات تفاهم وحتى لا اطيل تعني اتفاقيات تفاهم مرهونة بظروف معينة وليست كالإتفاقيات التي تبرمج ويوضع لها سقف زماني ومالي . الدييلوماسية النظامية المغربية اخطات بشكل لم تعرف كيف تستثمر الحدث في صالحها وتونس ليست هي إسبانيا المجاورة لنا بشكل نستطيع التاثير على قراراتها بعقوبات اقتصادية او غير ذلك وعموما هذه سياسة الذئاب بمعناها الميكيافيلي .
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ذاكرة جبل عوام 2
-
قضية الصحراء بين الابتزاز الغربي والتشتت المغاربي
-
من ذاكرة جبل عوام
-
تيط أوسردون (عين البغل)
-
خبراء الطبع السيئ ومفهوم التحريفية
-
المراة ومنطق الاحتواء
-
ما يجوز ولا يجوز في التعايش (تتمة للموضوع السابق )
-
حول التعايش والإندماج
-
غورباتشوف بالدار البيضاء
-
كرة القدم النسوية
-
مقام الفرس
-
على هامش احداث مليلية الأخيرة
-
الخير والشر وموقع الفاروق المعظم منها
-
الرحلة إلى وليلي، تتمة لموضوع الحمار والكلب والقطط
-
هزلت!
-
البورغواطيون وقياس الزمن
-
أنا وكلاب القرية وقططها وحمارنا الذهبي
-
مؤشرات تحلل الولايات المتحدة
-
نقض هيكلية الحزب السياسي
-
نيرون القرن الواحد والعشرون
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|