|
خصائص النظام الفيدرالي و طبيعة النظام الحاكم في طهران
ياسين الاهوازي
الحوار المتمدن-العدد: 1686 - 2006 / 9 / 27 - 11:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قال الرئيس الأمريكي الديمقراطي (1917-1921) في بيان السلام الذي تقدم به الى شعبه ” يجب ان نقبل ونعترف بالمطالب الوطنية وان نحترمها وهذا ليس مجرد كلام وانما حاجة ماسة قيد التنفيذ، وان كل امة تتجاهل ذلك تكون قد اشترت الخطر الذي يهددها ويهدد نظامها، لان العالم الحديث قائم على حق الامم في تقرير مصيرها. (*)
كما أشار "هنري كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في الكثير من بحوثه ومقالاته واصفا القرن 21 على انه قرن الشعوب. وقد ادت التحولات العميقة التي حدثت في كل من بلاد البلقان وبعض الدول الاوروبية الاخرى واسيا الوسطى ومن ثم ما حصل في اندونيسا والصحراء الغربية، وأفغانستان، وأخير ما حدث في العراق وما يحدث الان في تركيا لتؤكد على صدق ما قال.
إن الهدف من تدوين هذا المقال المختصر هو رفع الأوهام والالتباسات التي اعترت ومع الأسف الشديد بعض القوى المخلصة النشطة حول مفهوم الفيدرالية وماهيتها السياسية والقومية. وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد توهم البعض على إن الفيدرالية تساوي الحفاظ على نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، او بصورة اشمل واعم أن الفيدرالية ممكن أن تتحقق في ظل النظام الشوفيني الحاكم في طهران، وهذا يعد خطأ جسيما. الا اننا نشاهد وفي اوساط الاعلام غير العلمي و لدى البعض من السياسين القوميين الذين اثاروا هذه المسالة مقرونة بالضجيج الفارغ دون النظر الى الماهية الاساسية للفيدرالية ودون الاستناد على أي أدلة تاريخية وعلمية، وهم بذلك سواء بعلم منهم او دون علم يصبون الماء في طاحونة الشوفينين من الفرس. ولكن دعونا نعرف ماهو واقع الامر.
تتمتع الفيدرالية كمشروع للبناء السياسي والاجتماعي الايرانى بضمانة تاريخية وحقوقية من قبل الرأي العام العالمي الحر والديمقراطي، هنا تعتبر الفيدرالية كحقيقة تاريخية موضوعية أثبتت صحتها في الكثير من بلدان العالم وهي تتمتع بتجربة قوية مر عليها اكثر من قرنين، الا إن السؤال الملح الذي يطرح نفسه فيما اذا اجبر النظام الحاكم في طهران وتحت الضغوط الدولية والعصيان المدني الداخلي على إخلاء الساحة لبعض القوى الوطنية والقومية، فان الفيدرالية ونتيجة الظروف الجغرافية، القومية السياسية الخاصة في ايران فانها تستطيع إن تكون نموذجا جيدا من اجل حل المسالة القومية ومن اجل استقرار الديمقراطية مقرونة بتقسيم السلطة بين المركز والاطراف. وكما ذكرنا فان هذه المرحلة ـ يعني الاستفادة من النظام الفيدرالي وبسبب تجاربها التاريخية الناجحة في الكثير من بلدان العالم بدءا من الولايات المتحدة الأمريكية الى امريكا اللاتينية الى البلدان الأوربية الى بلدان أسيا وأفريقيا تعتبر مقبولة و تحظى بالدعم الشامل من كافة اطراف المجتمع الديمقراطي العالمي. ويجب الا ننسى الحديث عن التجربة الديمقراطية في ايران، فهذه التجربة وبسبب التخلف الذي تعاني منه ايران وفقدان الحوار بين القوميات ومختلف القوى السياسية وفقر مؤسسات المجتمع المدني ووجود الاختناق السياسي الذي سيطر ولا يزال يسطر على ايران قد حالت دون طرح مفاهيم هامة لحل المعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما فيها ايجاد حلول ناجعة للمسالة القومية عبر الفيدرالية او غيرها من الحلول المتاحة لحل المسالة القومية. وحل محل ذلك ثقافة الاتهام والافتراء بدل ثقافة البحث والنقاش الجاد والاهم من ذلك سيطرة القوى الشوفينية الفارسية طيلة 80 عاما مارست خلالها سياسية الاضطهاد القومي بحق الشعوب غير الفارسية والتي تسببت في بث الفرقة بين هذه الشعوب من جهة و القومية الفارسية من جهة اخرى، من هنا تبقى الفيدرالية والطرق السلمية وما تحظي اليوم به من دعم عالمي افضل حل لممارسة الديمقراطية وتوسيع نطاقها، كذلك تمهيد الطريق لنقل السلطة السياسية من المركز الى الاقاليم القومية، ويشكل مبدأ حق تقرير المصير الجوهر الاساسي والنهائي للقوميات الايرانية. ويتمثل ذلك عبر مرحلة انتقالية يتم فيها انتقال السلطة السياسية عبر مرحلة تتم من عام الى 5 أعوام الى الاقاليم وخلالها وفي حال رغبة القوميات ووجود الدعم الدولي تكون الفيدرالية قد أكملت دورتها بإعلان تلك الشعوب عن استقلالها التام، وتكمن اهمية المرحلة الانتقالية كونها تفسح المجال لتلك الشعوب اكتساب المزيد من العلوم الديمقراطية العامة وأساليب انطباقها مع المجتمع والحياة الاجتماعية الامر الذي سوف يتيح لها ايجاد ثقافة تقف تماما بالضد من الثقافة البالية للأنظمة المستبدة الحاكمة سابقا وحاليا في ايران. ويبقى التأكيد على سلمية المرحلة الانتقالية لها أهمية كبيرة، لان أعداء الشعوب والمجتمع سوف يبذلون قصارى جهدهم لتسميم الأجواء وإشاعة أجواء الاضرابات والنزعات، وذلك من اجل الحيلولة دون تطبيق الديمقراطية بشكل سلمي في المجتمع، لانهم يعلمون لان المرور السلمي وتعميق الديمقراطية في نسيج المجتمع المتحرر، يفقدهم مكانتهم في المجتمع ويحكم عليهم والى الأبد بالموت المحتم. وترتبط الفترة الانتقالية من اجل الوصول الى أعلان حق تقرير المصير بالظروف الاجتماعية – السياسية، الاقتصادية وغيرها التي يعيشها ذلك الشعب، في الاقاليم المعنية. وكما قلنا أنفا إن الورقة الاكثر ربحا هو اسلوب النضال السلمي والديمقراطي لذلك الشعب، حتى كسب الاستقلال النهائي، ولكي لا يقع المجتمع في حالة من الفوضى والصراعات الشخصية والاجتماعية. لقد تحدثت في مقال سابق تحت عنوان " مرحلة باسم الفدرالية " عن مراحل الفيدرالية و بناء مؤسسات دولة ما. والمسالة المهمة التي يجب أن نصر عليها هي مسالة التوازن وإقامة المساواة بين الشعوب او الحكومات الفيدرالية وهذا هو الجوهر التي تقوم عليه الفيدرالية، توازن يحتل قمة الهرم فيه القانون، ونعني به قانون حماية البشرية او ما يعرف باسم حقوق الانسان والذي يبسط سلطته على كافة قوانين الفيدرالية. وبالتالي يعتبر الضمانة للديمقراطية الشعبية، لان الفيدرالية بنيت أساسا على هذا القانون، ومن هنا فان النظام الفيدرالي يرفض أي نوع من الأنظمة غير الانسانية والمركزية و الشمولية، لذلك يبقى من الصعب ومن سابع المستحيلات الجمع بينه و بين نظام مركزي شمولي – ” توليتاري ” معادي لحقوق الانسان كما هو الحال بالنسبة للنظام الحاكم في طهران. بعض الأصدقاء يسألون فيما كان النظام الحاكم في طهران وافق يوم غد وبدون ضغوط على الفيدرالية واعلن استعداده لتقسيم السلطة، عندئذ ماذا يحدث ؟ و هل يمكن التعاون مع هذه الحكومة ؟ والجواب على مثل هذا السؤال باختصار هو إن النظام الحاكم الان في طهران هو نظام مركزي مستبد ليس على استعداد للتعاون مع بقية القوى السياسية غير الفارسية هذا من جهة، وليس على استعداد لتقسيم السلطة وجعلها تحت أشراف الشعب من جهة اخرى . إن النظام المتحكم اليوم برقاب الشعوب الايرانية يتكون من مجموعة من الافراد المعادين للديمقراطية وللتطلعات لقومية ومتعصب دينيا وهو يساند ويدعم قمع الشعوب غير الفارسية ويدافع بشدة عن مواقف العنصريين من الفرس وعن مواقفه الشوفينية، وان البناء السياسي والثقافي له مبني على سياسة تذويب الهوية القومية للشعوب وترويج لغة وثقافة الشعب الفارسي حتى العظم وفرضها على القوميات الاخرى وان الطاقم السياسي و الأيدلوجي الحاكم يتكون بما نسبته 97 % من الفرس، اما في المجال الاقتصادي فان ما يقارب ال 90 % من رؤوس الأموال توظف في المناطق الفارسية ( استنادا الى إحصائيات النظام على سبيل المثال تحتل مقاطعة يزد الفارسية من الناحية الصناعية المرتبة الخامسة في حين كانت تحتل مقاطعة الاهواز العربية قبل 25 عاما المرتبة الثالثة الا انها تراجعت في عهد الجمهورية الاسلامية لتصل اليوم الى المرتبة ال 17 ) إن هذا النظام يستند في تدعيم سلطته الى المال والسلطة، كما انه على الصعيد الدولي مدان سياسيا بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الانسان وان جميع سلوكيات هذا النظام سواء من ناحية انتهاكه لحقوق الانسان – الحقوق السياسية – الاقتصادية وحتى الأخلاقية على نقيض من النظام والحكومة الفيدرالية، ولو راجعتم أنفسكم قليلا وعبر محاسبة بسيطة هل تتصورن إن نظام كهذا ممكن إن يرضخ لتقسيم السلطة وإقامة نظام فيدرالي في ايران؟ . إن من سمات المرحلة الراهنة إن كل امرئ مسئول عما اقترفته يداه من جرائم وممارسات منافية للانسانية تجاه الشعوب و لا يستطيع احد سواء على الصعيد الداخلي او الدولي إن يفلت قبضة العدالة، ولعل اكبر النماذج البارزة في هذا المجال هو ملاحقة مجرمي الحرب العالمية الثانية وحروب البلقان وأفريقيا الجنوبية وغيرها من البلدان. ورغم أن النظام يدرك جيدا أن الحكم الذاتي ليس له طلب سياسي ويستطيع النظام أن يستمر بالحكم عبر سلطته المركزية، إن يخشى اتساع الطلبات الآتية للشعوب لذلك فانه يمتنع عن منح هذا الشعوب أي طلب ثقافي وهذه سمة الأنظمة الشمولية في العالم ومن بينها النظام الايراني المتربع حاليا على دفة الحكم في ايران. واذا اردنا الإجابة على السؤال الانف الذكر والرامي الى قبول النظام الفيدرالي من قبل حكام طهران ولو 1% للنظر ما ذا سوف يحدث. جميع المقاطعات او الاقاليم سوف تستقل من الناحية السياسية والثقافية والاقتصادية، سوف يكون لها برلمانها ومن ثم حكومتها الفيدرالية المحلية، كما سوف يكون لها نظام قضائي مستقل عن النظام السياسي، واخيرا سوف يكون لها بوليسها وعلمها ونشيدها الوطني أضافة الى ذلك سوف يلغى مركزة السلطة وسوف تحل محلها السلطة او الحكومة الفيدرالية المنتخبة من كافة الاقاليم الفيدرالية وعندها لن يبقى الشعب الفارسي يمثل الاكثرية وانما يمثل جزء من الحكومة الفيدرالية وبالنتيجة لن يكون له أي تأثير في اتخاذا القرارات الداخلية والخارجية ولهذا السبب ترى الطغمة الحاكمة في طهران إن النظام الفيدرالي بالنسبة لها يعني الموت. ناهيك عن ذلك أن الحكومة الفيدرالية القائمة على الديمقراطية وسلطة الشعب واحدة تكمل الاخرى، إذن الاحزاب و الافراد الذين ارتكبوا طوال تاريخهم السياسي الجرائم الانسانية بحق الشعوب لا يسمح لهم المشاركة في الحكومة الفيدرالية المستقبلية. وعلى سبيل المثال، في ثاني من انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية وإعلان النظام الفيدرالي قبل 200 عام سنت ولاية نيويورك قانونا يقتضي بموجبه منع الاحزاب الدينية من المشاركة في الحياة السياسية وذلك انطلاقا من مبدأ " فصل الدين عن الدولة. وقد اكد حينها الرئيس الأمريكي جمس ميسون 1817 – 1807 ومن خلال طرح البناء السياسي - الاقتصادي - القضائي على استقلال الحكومات الفيدرالية، لان ذلك جزء من المعادلة من الناحية السلطوية وهو نتاج جميع الشعوب ويمنع من تسلط قومية على قومية اخرى. ومن خلال الفيدرالية، اذا حدثت فجأة تطورات غير متوقعة ادت الى تقسيم ايران واو ما شابه ذلك على القوى السياسية للشعوب غير الفارسية إن تكون مستعدة لأخذ زمام المبادرة من اجل قيادة شعبها وذلك عبر الاتحاد والتعاون مع القادة السياسين للقوميات الاخرى، وعليهم المبادرة فورا الى ايجاد المؤسسات الديمقراطية حتى يتسنى نقل السلطة سلميا الى الشعب وذلك بدعم المجتمع الدولي، واذا تم العمل بغير ذلك فاننا سنصاب بجروح غير قابلة للالتئام وهذا ما يريده العدو الشوفيني الواقف لنا بالمرصاد. اما أي نظام ننتخب، فيدرالي ام استقلال، فهذا ليس مهم، وانما المهم في المرحلة الاولى إن نؤكد على المستوى الحزبي والتنظيمي على الهوية السياسية، كما أن أي طرح يجب إن لا يكون مانعا او حائلا دون اتحادنا وائتلافنا في عمل وطني على هذا القدر من الأهمية، لان من حق كل طرف إن يحافظ على مواقفه وان الشروط العقلانية هي إن ننتقد أخطاءنا بشجاعة في جميع مراحل الاتحاد وان نتعلم منها الدروس وان نكون على أهبة الاستعداد وبالتعاون بين جميع القوى السياسية الوطنية وفي وحدة مشتركة قائمة على القيم الديمقراطية والوطنية من اجل التعاون في سبيل مقابلة ألازمات. (*) Ralph Puetola, national self-determination, an international political lie. 24 -9 2006 اهدي هذه المقالة الى أحبائي مخلصي هويتهم القومية بقلم: ياسين الاهوازي ترجمة جابر احمد
#ياسين_الاهوازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|