افتتاحية "طريق الشعب" الصادرة في 18 أيار 2003
على طريق الشعب
لنضع مصالح الشعب العليا فوق كل اعتبار
منذ الانهيار المخزي للدكتاتورية وبلادنا تعيش وضعاً استثنائياً، وظروفاً بالغة الصعوبة، تتميز بفراغ السلطة، وغياب الامن والاستقرار والطمأنينة،واستمرار الازمة المستفحلة التي تلقي بظلالها القائمة على كل مناحي الحياة، وتؤدي خصوصاً الى تفاقم المعاناة المعيشية والحياتية وتنامي مشاعر السخط والتذمر في اوساط ابناء الشعب.
وقد اصبح واضحاً ان حل هذه الأزمة يرتبط وثيق الأرتباط باقامة الحكومة العراقية الوطنية الأئتلافية الموقتة، التي تتمتع بصلاحيات كاملة، وتتميز بارادتها المستقلة وقدرتها التنفيذية.
وبيّن حزبنا ان السبيل الأمثل للوصول الى هذا الهدف، هوعقد مؤتمر وطني موسع لممثلي الاحزاب السياسية الوطنية، والمكونات القومية والدينية، ومن مختلف المناطق. وان يأتي هذا المؤتمر بعد عملية تحضير جادة ومسؤولة من جانب الاحزاب والقوى السياسية التي ناهضت الدكتاتورية، وتطمح الى اقامة البديل الديمقراطي، وتحظى بنفوذ جماهيري واسع ومشهود.
ويتطلب هذا الجهد التحضيري من الاطراف المعنية كافة شعوراً عالياً بالمسؤولية التاريخية ازاء مصائر الشعب والوطن، والتخلي عن كل ما من شأنه عرقلة تجميع القوى وحشد طاقتها، وعن كل ما يمكن ان يثير خيبة الأمل ويشيع القنوط والتشاؤم في اوساط جماهير الشعب، وذلك بنبذ الانانية، والابتعاد عن السعي الى المكاسب الضيقة، وعن الغرور وروح الاستئثار والوصاية، وتغليب مصالح الشعب العليا على المصالح الخاصة.. والتمسك اولاً وقبل كل شيء بحق الشعب في ان يدير شؤونه بنفسه ويحكم بلده ويعيد بناء وطنه.
وفي هذا السياق يأتي تقديم مشروع القرار الاميركي الاخير الى مجلس الامن بمثابة جرس انذار لكافة القوى العراقية، وتهديد لطموحها الى تشكيل الحكومة الوطنية العراقية ذات القرار. الامر الذي يستدعي تنظيم حوار عاجل بينها، لانضاج ورسم موقف وطني مسؤول، معبر عن ارادة ومصلحة العراقيين العليا، التي يجدر ان تكون حاضرة وبقوة في مداولات مجلس الامن.
ان حكومة كالتي تطمح جماهير شعبنا الى قيامها، تجسد ارادتها المستقلة، هي وحدها المؤهلة لأدارة حوار مسؤول مع حكومات الدول الاجنبية التي تحتل قواتها بلادنا، وفقاً للقانون والاعراف الدولية وبالتعاون مع الامم المتحدة، لتحديد الالتزامات والحقوق والمدى الزمني لبقاء هذه القوات، بما يؤمّن مغادرتها ارض الوطن في أسرع وقت ممكن، خاصة بعد ضمان الامن والاستقرار والهدوء، وعودة الاوضاع الطبيعية.
وذلك ماتتحمل الاحزاب والقوى الوطنية العراقية المعنية مسؤولة السعي الى تحقيقه، عبر تأمين متطلباته كافة، لاسيما وحدتها المتينة وتعاونها المنتظم وتجسيدها لأرادة الشعب ومطالبه.
وفي كل الاحوال يتوجب الا تبقى مصائر البلد حكرأً على اطراف دون اخرى، أو محصورة في دهاليز المشاورات والمفاوضات الفوقية بين قيادات الاحزاب، رغم أهمية مثل هذه المشاورات والمفاوضات. فمن الضروري ان نتوجه الى جماهير شعبنا لتأخذ قضيتها بيدها، وتقوم بدورها الطبيعي والضروري في هذا الوقت العصيب بالذات، وتضغط من اجل استعادة حقوقها واعادة بناء الوطن بعد سقوط الدكتاتورية وانهيار النظام البغيض، وتمارس حقوقها الديمقراطية، حتى اقامة العراق الجديد المنشود في ظل دولة القانون والحرية والاستقرار والتنمية.