|
محكمة التمييز الاتحادية ومعيار ترجيح نشاط المرفق العام
احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني
(Ahmed Talal Albadri)
الحوار المتمدن-العدد: 7353 - 2022 / 8 / 27 - 00:46
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
ان حق الملكية الخاصة من الحقوق التي كفلها دستور جمهورية العراق حيث نصت المادة (23) من دستور جهورية العراق لسنة 2005 على ان الملكية الخاصة مصانه ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها في حدود القانون ولايجوز نزع الملكية الخاصة الا لاغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل وينظم ذلك بقانون ، كما نصت المادة (1050) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 المعدل على عدم جواز حرمان المالك من ملكه الا في الاحوال التي يقررها القانون ويترتب على ان قيام الادارة بوضع يدها على الملكية الخاصة وعلى الاغلب منها العقارات دون اتخاذ الاجراءات المنصوص عليها في قانون الاستملاك ان يجعل منها غاصبة لهذا العقار ، والغاصب ملزم برد العقار المغصوب او حق التصرف بالعقار المغصوب الى صاحبه استناداً للمواد (197) و(1176) من القانون المدني حيث يلزم الغاصب برد المغصوب عيناً والا يصار الى بدله اذا تعذر اعادة الاصل لاستحالة ذلك لاعتبارات عملية ، وقد توسع القضاء العراقي في التمسك بحرفية هذه النصوص من خلال الاستجابه لدعاوي رفع التجاوز ومنع المعارضة وهذا ادى الى الاضرار بالمصالح العمومية وخرق مبدأ استمرار سير المرافق العامة ، حيث شهد الواقع العملي الذي املته الظروف السياسية والاقتصادية والامنية قيام الدولة بتشييد بعض المرافق العامة على قطع اراضي مملوكه ملكية خاصة او استغلال بعض العقارات الخاصة لاغراض المنفعة العامة كاستخدامها كمدرسة او مستشفى او ثكنه عسكرية ، ولذلك استقر قضاء محكمة التمييز الاتحادية الى الموازنة بين المصالح المتعارضة ومنها قراراها المرقم (543/الهيئة العامة/2011) في 29/3/2011 الذي اقر مبدأ مفاده بعدم جواز التعرض لنشاط المرفق العام المشيد على ارض الغير طالما يستمر هذا المرفق العام بتقديم نشاطاً حيوياً بدعم عملية التنمية في البلد مع الزام الادارة بدفع تعويض عادل عن فوات منفعه عقاره او تعويضه باجر المثل ، وبذلك تكون محكمة التمييز الاتحادية قد وازنت بن المصالح العامة والخاصة فدعوى رفع التجاوز باعتبارها من الدعاوى المقررة لحماية حق الملكية التي يقيمها صاحب الحق العيني كالمالك او صاحب حق التصرف امام محكمة البداءة المختصة نوعياً لاتؤدي الى صدور حكم برفع التجاوز اذا كان البناء المشيد مرفق عام ويقتصر الامر على تقرير اجر المثل في حال المطالبة بذلك من قبل المدعي وهذا ماقضت به محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المرقم (1441/الهيئة الاستنافية عقار/2015) في 16/3/2015 حيث جاء فيه (....ان مشروع الماء يعتبر مرفق عام مخصص لخدمة الجمهور ولايجوز اجابة طلب رفع التجاوز وان بامكان المدعي اقامة دعوى اجر المثل لان الضرورات تبيح المحضورات ...) ، وكذلك الحال بالنسبة لدعوى منع المعارضه التي تقام على العقار والمنقول سواء كان المدعى عليه شريكاً ام اجنبياً على العقار هي ايضاً من الدعوى العينية تهدف لحماية حق الملكية الخاصة ومع ذلك استقر القضاء العراقي على رد دعوى منع المعارضة اذا كان التجاوز من قبل مرفق عام يخدم الجمهور حيث ذهبت محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المرقم (886/الهيئة الاستئنافية /عقار) في 16/2/2020 الى ان (...ولان الثابت من اوراق الدعوى ان القطعة اعلاه تشغلها وحدات من الجيش العراقي التابعة للمدعى عليه وزير الدفاع والذي تمسك بان الظروف الامنية غير مستقرة في ناحية الطارمية هي التي حتمت مسك الارض هناك من قبل قطعات الجيش العراقي ومنها القطعة موضوعة الدعوى ...بسبب اهمية موقعها من الناحية الامنية ولاسباب طارئة وظروف حتمية استثنائية من اجل حماية سكان المنطقه واراضيهم واعراضهم من الارهاب ولان درء المفاسد اولى من جلب المنافع والضرر الخاص يتحمل لدرء الضرر العام ....وتكون دعوى المدعي اضافة لوظيفته واجبة الرد وهذا ما قضى به الحكم المميز الذي جاء متفقاً واحكام القانون وتاسيسا على متقدم قررت المحكمة تصديق الحكم المميز ......) ، الا ان اتجاه محكمة التمييزالاتحادية في رد دعاوى رفع التجاوز ومنع المعارضة اذا كان المدعى عليه احد دوائر الدولة التي تدير مرفقاً عاماً ليس مطلق وانما مقيد بقيدين ، حيث وضعت محكمة التمييز الاتحادية معياراً موضوعياً لترجيح المصلحة العامة على الخاصة وكما يأتي : 1. يجب ان يكون المرفق العام المتجاوز على ملك الغير مرفقاً عاماً اقتصادياً انتاجياً يساهم بالتنمية الاقتصادية اما اذا مرفقا عاماً خدمياً فبالامكان رفع التجاوز وتقديم الخدمة من اي مكان اخرغير المكان المتجاوز عليه والمملوك ملكية خاصة للافراد وهذا ماقضت به محكمة التمييز الاتحادية في قراراها المرقم (859/ الهيئة الاستئنافية /عقار) في 18/2/2020 حيث جاء فيه ( ...وبهذا فأن القواعد التي استندت عليها المحكمة لاحضور لها في هذه الدعوى لان الضرورات وان كانت تبيح المحظورات ولكن تقدر بقدرها ولان دائرة التقاعد التي تشغل جزء من ارض الوقف هي دائرة خدمية وليس دائرة انتاجية لذا فان قرار الحكم بمنع المعارضة ورفع يدها الغاصبة عن ارض الوقف لايؤثر على تقديمها للخدمات للمواطنين طالما توجد هنالك بدائل متاحة يمكن اعتمادها من قبلهم ومنها تاجير بناية اخرى او تشييد بناية اخرى في مكان اخر اذ ان مناط تطبيق القواعد التي استندت اليها المحكمة في رد دعوى المدعية يكون فقط في المشاريع الانتاجية الحيوية الذ ي يفرض عنصر الموقع الجغرافي لذلك المشروع نفسه كواقع حال .....) . 2. عدم توقف نشاط المرفق العام عن مباشرة نشاطاته وبخلاف ذلك يعد مبررا لرفع الحماية المقررة للمرافق العامة ، وترجيح المصالح الخاصة لتوقف نشاط المرفق وانتفاء علة الترجيح وهذا ما قضت به محكمة التمييز الاتحادية في قراراها المرقم (50/الهيئة الموسعة المدنية /2018) في 16/4/2018 الذي جاء فيه ( .... ولان التحقيقات التي اجرتها محكمة البداءة ومن بعدها محكمة الاستئناف اثبتت بصورة قاطعة غير قابلة للشك بأن بناية المدرسة حالياً مهجورة بسبب بناء مدرسة جديدة لذا فأن نشاط المرفق العام والذي انشأ من اجله بناية المدرسة القديمة المتعلقة بالامور التربوية والفعلية قد انتقل بارادة المدعى عليه اضافة لوظيفته على جزء جديد من القطعة موضوعة الدعوى ولم يعد لهذا المرفق العام القديم اي دور يذكر في تقديم اي خدمة لابناء المنطقه في الجزء القديم من القطعه وبهذا انتفت عله وجوده على الجزء موضوع الدعوى بسبب توقف المرفق العام نتيجه ايلولة بناية المدرسة للسقوط مما تكون دعوى المدعية باعادة هذا الجزء المغصوب عيناً قد جاءت منسجمة مع واحكام المادة (1176) من القانون المدني ....) ومما تقدم نجد ان محكمة التمييز الاتحادية اوجدت معياراً موضوعياً للترجيح بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة وهو معيار انشاء المرافق الاقتصادية الانتاجية ومعيار ديمومة نشاط المرفق العام في تقديم خدماته وهو اتجاه سليم يحقق العدالة والموازنه بين المصالح المتعرضة ...والله الموفق د.احمد طلال عبد الحميد البدري بغداد 10/8/2022
#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)
Ahmed_Talal_Albadri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتفاء المصلحة... بسبق الحكم بعدم الدستورية ...تعليق على قرا
...
-
المحكمة الاتحادية العليا والرقابة على الاغفال التشريعي تعليق
...
-
قانون الدعم الطارىء من منظور تشريعي
-
معوقات التدريب ... في الوظيفة العامة
-
اضواء على النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لس
...
-
قرار مجلس الوزراء المرقم (301) لسنة 2019 في الميزان
-
اهمية التعليق على الاحكام القضائية
-
القرار التفسيري للمحكمة الاتحادية العليا رقم (121/اتحادية/20
...
-
الحوكمة التشريعية للسلوك البرلماني
-
الاعتراض على تقارير تقييم الاداء الوظيفي
-
المنظمات غير الحكومية ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة
-
الانشطة الحزبية في نطاق الوظيفه العامة
-
المحكمة الاتحادية العليا... والتفسير الاستبدالي
-
الأتوقراطية الحزبية ...والاصلاح التشريعي
-
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (108 وموحدتها
...
-
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بعدم دستورية ق
...
-
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ( 213/اتحادية
...
-
تعليق على القرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (17/اتحادية
...
-
الثلث المعطل ام الثلثين المعطل
-
المحكمة الادارية العليا... ومفهوم طاعة الرؤساء
المزيد.....
-
-قيصر الحدود- الأمريكي يتحدث عما سيفعله ترامب مع عائلات المه
...
-
عاجل | أسوشيتد برس: منظمة عالمية سحبت تقريرا يحذر من المجاعة
...
-
وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م
...
-
قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
-
الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم
...
-
مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا
...
-
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة
...
-
من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى
...
-
اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا
-
اعتقال -سفاح صيدنايا- في طرطوس وحراك دبلوماسي سوري مع دول ال
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|