|
المعري الجريح / وشوبنهاور اليتيم …
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 7352 - 2022 / 8 / 26 - 10:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ لقد برعوا على مرّ العصور ومنذ ولادتهم الفكرية في اختطاف الأضواء ، لكن مهارتهم ظلت من زاوية الظل ، وفي النهاية ، تبقى الحالتان هنا 👈 بالنقلتين الجديدتين ، على الرغم من المدة الزمنية بينهما ، لكنهما جديرتان بالقراءة والتفحص ، وهي فعلاً 😟 ، العزلة أو الوحدة سمات تتعلق بكل من يشتغل بالتفكير ، حتى تعتقد 🤔 الأغلبية أنها أمام شخصيتين متكاملتين في طريقة الحياة والمصير في الشرق والغرب ، وفي الأغلب ، مثل هذه الشخصية تكون علاقاتها مع البشر الأحياء محدودة ، لأنها قائمة مع من يسكنون القبور ، فبالأحرى ، علاقتها 👈 تحديداً مع كتبهم 📕 ، وذلك ليس لأنها متكبرة بقدر أن أهدافها وطريقة تفكيرها تختلف ، إذنً ، لا توجد أرضية مشتركة مع الأغلبية الساحقة ، وبالتالي ، عادةً من لديهم أهداف يحتاجون إلى تحقيقها ، وهذا لا يحصل سوى بالابتعاد عن الضوضاء والعلاقات الاجتماعية وكل شيء سلبي يمنع مِّن الوصول لها ، وعلى الرغم أيضاً من هجرة كل من اشتغل بالتفكير ، إلا أن ملاحقتهم ممكنة بل مرجحة من المعجبين ، كما هو الحال مع الحاقدون / الحسد 🧿 😕، أو من مجموعة عادةً تنخرط في تفسير قدراتهم الفذة وإحالتها إلى المخفيات ، لكن في المقابل ، هناك شخصيات قلة إجتمعت كل ذلك في شخصيتهم☝ ، كما هو الحال مع صاحبنا ابو علاء المعري ، بالفعل ، لقد إجتمع على قبره لحظة دفنه 🪦 أمم من المحبين والكارهون ، يقال أن عدد الشعراء الذين واروه مثواه الأخير وصلوا قرابة ال 100 شاعراً ، ولأن ابو علاء يعتبر السّباق في تأسيس بين العرب مدرسة الإعتراف بالهبوط المكاني ، أي أنه رفض 🙅 الألقاب والأسماء التى يحمد فيها الرجل أو رُيّفع بها ، بل تهكم عليها حتى وصل الأمر إلى التهكم بنفسه ، وكان قد قال في هذا بيتاً شعرياً ، يقول ( دُعيت أبا العلاء وذاك مين / ولكن الصحيح أبو النزول ) ، ثم أتخذ لقباً له من عمق تجربته التى أجبرته الالتزام بيته 🏡 ، وأيضاً لأنه ضريراً ، فنادى نفسه رهين المحبسين ، البيت 🏠 والعمى 👀 ، وهذه الثنائية لا يمتلاكها سوى شخص مثل المعري ، لأنه كان يؤمن بأن مثله لا يمكن له أن يكون في الخارج سوى ملكاً 👑 ، ففضل الرهبانية على مجالسة الناس ، وهذا لم يكن مجرد كلاماً بقدر أنه ترجمه لأقولاً وأفعالًا ، وقد يكون أيضاً أول من أبتكر مسألة ال ( فجتيرين ) ، السلوك النباتي في الطعام ، لأنه منع عن نفس أكل اللحوم وأمضى حياته على أكل العدس ولبس القطن ورفض الكسب من الشعر ، وأعتبر المجتمع بالمنافق والنمام والخائن ، هي سمات منتشرة ، بل أعتبر العلاقة الزوجية بالكارثية ، لأنها تنتج أفرادً ومن ثم تلقي بهم في ميادين حياة جحيمية لا ذنب لهم ، وأختلف مع نظرية الحب لأنها كما أعتبرها بالاضطراب النفسي ، لأنه أعتقد🤔 أن الأصل من ذلك ، هي السعادة التى يصعب تحقيقها 🤨 ، ثم تساءل ، كيف لعاقل له أن ينجب أشخاص ستكون نهايتهم في مكان ممتليء بالكئابة والوحوش والألم والكذب .
بصرف النظر 👀 عما يُردد في كل حقبة حول ال ( نحن ) ، وهي في جوهرها ليست سوى صفة شمولية / معتمة ☹ ، والمحصلة ، خائرة ، لكن التبصر في حقل ما ، ليس بالطبع أبداً 👎 ضمانة لتجاهل أي خصومة ، فمنذ سقوط العالم الافلاطوني ، وهو ليس بالأول ، لأن واقعة هابيل وقابيل سبقت جميع الاسقاطات ، كانت الأخلاق الرمز التى مجدت العلاقة الأخوية ومن ثم البتولية والتى كانت تخص الجسد مع الزهد في الحياة ، لكن الأخلاق التقليدية تعرضت على مر العصور إلى نكسات ، حتى أن التدخلات الإنسانية سعت إلى وضع قوانين من أجل 🙌 إدارة الحياة محكومة من التجربة ، خصوصاً بعد عصر النهضة ، وعلى الرغم من التاريخ الثقيل ، إلا أن هناك من أعلن موتها 💀 ، تماما 👌 كما هي عند المعري وأيضاً شوبنهاور ، بل ذهبوا إلى أن البشرية تتعلق فقط بخيال الأخلاق وهذا يمهد لهم في المستقبل إلى طمسها للأبد ، دون أن تدرك بأن القوة تبدأ من الأخلاق وأما الهزيمة تكون بانهيارها ، وهذا مهد لشيء يسمى بالهيمنة الشمولية باعتبارها نهجاً للحكم ، والتى لم ترضى فقط بعزل قلة من الناس ، بل سعت لتدمير الحياة العامة بعد الخاصة ، ولقد أسس الحاكم شمولية حكمه على نشر شعور الوحدة ، وعلى الرغم من الاختلاف بالاعتقاد عند الطرفين ، فالمعري كان متأثراً جداً بقصص القرآن وبواقعة كربلاء ، أما شوبنهاور تبني من نشأته النظرية التشاؤمية عند البوذية ☸ الهندية ، لكن كلاهما نادا بضرورة تطبيق إدارة الحياة ، طالما أن الحياة بطبيعتها لا تهدأ ، لأنها ثورة مستمرة ، وهذا بالطبع ، لدى المعري يُطلقِ عليه بكبد الحياة ، أما عند شوبنهاور ، فهو إنسان يواصل الشكوى منذ ظهوره إلى الحياة حتى رحيله ، وهو مفهوم يناقض في جوهره ، لمفهوم إدارة القوة ، فالحقيقة هنا 👈 تخلق ولا تكشف ، وهي أيضاً تخترع وليست شأناً بحثياً ، وأيضاً كان الاختلاف حول المرأة بين المعري وشوبنهاور والذي يعتبر الأخير باستاذ نيتشه ، هو سلوكي وجذري / تكويني ، فعند الأول ، يحيلها للطبيعة التربوية التى جعلت العلاقة مستحيلة ، أما شوبنهاور ، يعتبرها فخ الافخاخ ، قد كانت الحياة صنعتها من أجل 🙌 أن تهيمن على إدارة الحياة ، أي على الجنس البشري ، لهذا ، كان من الذين يدعون بصراحة 😶 إلى اقتناء السوط عندما يجالس الرجل المرأة ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك ، وطالب الرجال بالبحث عن مخلوق أكثر رقة من النساء ، وإن تمكنوا من إيجاده ، لا مانع من استبداله بالنساء ، وقد يكون ما قاله المعري عن الفارق بين الوعي الرجل والمرأة ، يشابه حد ما عند شوبنهاور ، فالأول ، قال أن الرجل عادةً ينخرط بالتفكير أو العمل ، أما المرأة همها الطبيخ ، بل كان نيتشه أيضاً علق حول هذه المسألة ، عندما تساءل عن نوع العلاقة بين عقل 🧠 الرجل الذي يهتم بالتفكير والتخطيط والحروب ، أما المرأة لا يوجد لديها سوى الثرثرة والمزاح والرقص .
وإذ شاء المراقب إنشاء ساجلاً استنباطي بين الطرفين ، وعلى الرغم من التباين العميق 🧐 بين الشخصيتين ، فالمعري جده شاعر وقاضي ، وكذلك أبوه قاضي وأمه عالمة ، أما شوبنهاور ، أبوه أقدم على الانتحار وأمه تخلت عنه ، وهذا ما جعله أن يتبني الكتابة الصفرية ، كما هي عند الفرنسي البير كامو 🇫🇷 ، اعتقاداً منه ، أنها الأمثل ، بالطبع ، عندما تتحرر من الوعي البرجوازي ، بل بعد ما تخطا الرجلان حاجز العمري ال70 ، تشابهت لديهما فكرة النوم المستعار من الموت ، وباتا يتغزلان وينصحان به ، فابو العلاء يقول بهذا الشأن بيتاً شعرياً ، ( ونومي موت قريب / وموتي نوم طويل ) ، أما شوبنهاور يعتبر النوم أفضل شيء على الإطلاق ، لأنه خلاص الإنسان ، وهو الطريق الوحيد للمرء نحو نفسه دون شريك أخر .
حتى لو كانت أطروحات شوبنهاور متطرفة على نحو صاعقاً ، احياناً استفزازية أو 😣 استعراضية أو جحيمية ، لكن أفكاره شكلت مصدراً هاماً للبشرية ، قد يكون نهض فكره على الطنان / الرنان في أوروبا 🇪🇺 ، ومن الخير للمرء ، وهذا يصب في إنصاف نزاهة الطرح والبحث ، من المؤكد أن شوبنهاور كان قارئ جيد 😌 للمعري ، لأنه كان يحسده على عماه تماماً 🤝 كما كان المعري يحمد الله على نعمة 😇 فقدانه 😩 البصر ، وهذا ما قاله الشاعر الأرجنتيني 🇦🇷 خورخي لويس بورخيس ، لقد قال ، ( العمى ليس عالم الظّلمات، إنه شكل من أشكال العزلة ) ، وعلى هذا النحو العزلوي ، إن جاز لنا إطلاق عليه هذا المختصر ، والتى كانت واقعة نعته بالاصطبل ، هي لا سواها التى دفعته إلى العودة من بغداد للمعرة بلدته والاعتكاف في بيته 🏡 ، والاصطبل تعنى بالعربية الاعمي ، لأنه ببساطة ، لم يتقبل من الشعراء تسميته بذلك ، بل كان لاحقاً البعض في زمانه ، قد وصف شعره بالعواء ، تماماً 👌كعواء الكلب في وحدته ، لكن الوقت أثبت ومع مروره ، أن كل من وصفه بذلك ، أنتهى الأمر بهم إلى النسيان ، لكنه بقى هو بكتاباته مثل ( رسالة الغفران أو متاهات القول وشعره ) مستمرون ، تتناقلها البشرية على مر العصور .
وعلى الرغم من الانقسامات العنيفة والعميقة والتى عادةً تستقطب أطراف عديدة حولها ، يبقى السؤال الكبير ، هل من جديد حقاً 😟 في كل ذلك ، نعم 👏 ، بالطبع ، الجديد تحت 👇الشمس 🌞 هو ، وعلى الصعيد البشرية ، لم تخسر شيءً بعزلة المعري أو تطرف أفكار شوبنهاور ، بل يساءل الامرئ هكذا ، ماذا 🤬 يعني ، إذا كان شخصان ظلمتهما الحياة أو ظلموا أنفسهم بعدم انتهاجهما نهج الآخرين ، وهذا العدم أتاح للبشرية معرفة كيف يفكر 🤔 الأعمى الجريح وأيضاً تعرفت على نظرة 👀 اليتيم ، بالمرأة ومفهوم الحياة التى وصفوها بالمستعارة من الموت ، وهو مفهوم يندرج تحت خداع العقل ، تماماً 👌كما تفعل المرأة بخداع 🧐 العقل بالنوم من أجل 🙌 تخفيف وزنها ، بل كان الروسي تشيخوف قد ترك مقولة أعنف بحق الحياة ومن عليها ، عندما رجح فضائل الموت على رذائل وعيوب العيش 😰 ، قال ( مع الموت ستكون أنت الرابح الأكبر ، فلا حاجة للجري وراء الطعام ولا الشراب ، ولا حاجة لدفع الضرائب ، ولا تحتاج أبداً للجدال مع الآخرين ، وبما أنك ستمكث في قبرك لمئات أو آلاف السنين فإن الفائدة العائدة من موتك لا تُقدر بثمن ) . والسلام 🙋 ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين المناهج العربية والغربية 📕/ الفارق بين التكوين و
...
-
كيف كانت هزيمة جيش البطاطس🥔 أمام جيش العمائم👳
...
-
عقدان ويزيد على تجربة حزب العدالة والتنمية 🇹🇷
...
-
بين الغيبة الصغرى والكبرى / ضاعت المنطقة / لم يجدوا سوى رشدى
...
-
لا شيء 👎 يعجبني / صراع على الحكم وأخر إيديولوجي …
-
خادمات لبنان 🇱🇧 الطلقة التى أماطت اللثام الأ
...
-
صاروخان 🚀 ، واحد☝يتجنب المدنيين والأخر يسوقهم
...
-
إحياء الحلف الأمريكي الآسيوي / الاسترالي
-
المعركة بالأصل على المحيط الهادئ وليست كما يشاع على تايوان &
...
-
الكسكس واحد من القواسم المشتركة للبحر الأبيض ، تاريخ طويل من
...
-
أماه نحبك إلى الأبد / اسيا كانت وآسيويون سنكون …
-
لماذا🤬الانتماء للصهيونية والانتساب لليهودية ✡
...
-
حضارة الأسفلت 👣وهمجية الكعب العالي 💃/ يد
...
-
سريلانكا 🇱🇰 من دولة نامية إلى مفلسة …
-
شينزو أبي 🇯🇵 المحافظ والباحث 🔬Ԏ
...
-
لم تدين ليبيا 🇱---🇾---/ للشعب أو للطبقة السي
...
-
معركة الأرباح بين الميتافيروس والواقعيون …
-
بين طريقين الحرير الصيني 🇨🇳 والأخر الغربي ال
...
-
رافضاً 🙅♂ للقيم الديمقراطية ويعتبرها سبباً لل
...
-
مقتدى الصدر يستقيل ✍ بروحية مقاومة الموت وبالمحبة للحي
...
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|