|
الحزب والناس والديموقراطية والعراق الجديد؟!
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 1686 - 2006 / 9 / 27 - 11:57
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
مرَّ العراق بتعاقبات بين فسحة لا تشكل أكثر من كوّة ضيقة للماسرات في الحريات السياسية وبين مقصلة طغيان الدكتاتورية المقيتة. وفي جميع الأحوال عرف العراقيون كيف يعبرون عن مستويات تطور وعيهم السياسي ونضج التجاريب الوطنية والطبقية وتنامي أداءاتها المؤسساتية. ومن ذلك تلك التوجهات التي أجمع عليها العراقيون في تحقيق الديموقراطية بوصفها الآلية التي تعزز وحدتهم الوطنية المهددة والمتنفس الذي يفسح لهم حرية التعبير الحقيقية بعيدا عن استلابهم حقوقهم المشروعة.. ولقد ناضل العراقيون بطبقاتهم الكادحة بالتحديد، من أجل مطامحهم وتطلعاتهم.. ومضوا في طريق الانعتاق بثبات وتمسك بمنطلقات وطنية وطبقية غي مسيرة معقدة لا هوادة في معركة الأمل والتحدي. وعرفوا كيف ينظموا أنفسهم في جمعيات ومنظمات وفي أحزاب سياسية منذ بواكير القرن المنصرم فكانت ولادة الحزب الشيوعي العراقي وتأسيسه حدثا مميزا في الحياة الوطنية العراقية. إذ عبر ذلك عن عمق الوعي الطبقي والوطني وعن حجم التحدي الذي حملته الفئة الواعية المتقدمة من أبناء شعبنا.. ومصداق تمثيل تاسيس الحزب الشيعوعي العراقي لدرجة الوعي المتقدم لدى أبناء شعبنا العراقي وفئاته الكادحة هو التسارع الكبير لنمو الحزب وتوسع جماهيريته وقيادته أبرز المعارك السياسية منذ ثلاثينات القرن الماضي وتسيّده الساحة السياسية في الأربعينات حتى بات يشكل تهديدا ستراتيجيا للسلطة ما دعاها لأعنف حملة تُشن على حزب سياسي عندما أقدمت على إعدام قادته وزج رفاقه وأنصاره في السجون.. ومن هذه العلاقة المتينة بين الحزب الشيوعي والناس المبنية على مصداقية برامجه وتعبيرها عن طموحاتهم وأهدافهم جاءت توصيفات المجتمع العراقي لكون الشيوعيين الأكثر ثقافة ووعيا فصاروا يعودون إليهم في تساؤلاتهم واستفساراتهم وفي مفردات ما يستغهمون عنه وعن الحلول الناجعة له وخلّدت الذاكرة الشعبية العراقية حتى يومنا هذا من بسطاء العراقيين ورجال الدين وشيوخ العشائر وحتى العلماء والأساتذة والتكنوقراط، خلّدوا حقيقة تقدم الشيوعيين ثقافة وامتلاكهم مفاتيح التحليل الموضوعي الدقيق للمشكلات ولحلولها... وكان ما يعضّد هذه الحقيقة التفاعل الوطيد بين الناس والشيوعيين والتفافهم حولهم وانتظار ما يقدمونه في مسيرة العمل الوطني والطبقي. بخاصة عند استقراء الشيوعيين لرؤى الشارع السياسي والاجتماعي واستفتائهم لأصوات الناس في برامجهم وفي قراءاتهم الواقع وفي مقترحات الحلول التي يأتون بها.. فحتى في أشد الظروف قسوة في المطاردات البوليسية الدموية التصفوية كان الشيةعيةن لا يتةانون عن استقراء رؤى الناس قبل أن يخطوا مفردات برامجهم. وعلى هذا التأسيس نجدهم اليوم بوصلة المسيرة الصائبة ورايتها الخفاقة من أجل غد أفضل.. لقد قدم الشيوعيون برامجهم وتصوراتهم معروضة على مجموع العراقيين والجيل الجديد من أبناء العراق الذي ظل مسلوبا صوته ينبغي له في أول تجربة ديموقراطية أن يشارك في قراءة نصوص البرامج ومفرداتها لأنه يملك حق تدقيق ومراجعة برامج الأحزاب التاريخية العريقة التي مثلت وتمثل مسيرة الوعي السياسي الوطني العراقي.ز كما أن الحزب الشيوعي العراقي يعتقد أنه مطالب بتقديم برنامج وطني ديموقراطي يعني مجموع أبناء شعبنا في المرحلة الراهنة وهو ما يعني ظاهرة مهمة في فرضية مشاركة وطنية ديموقراطية واسعة في مراجعة البرنامج الوطني الديموقرلاطي انطلاقا من كون الديموقراطية تتأسس أولا وقبل كل شيء على المشاركة الجدية الفاعلة في رسم خارطة طريق الحياة العامة ومتغيراتها وتطوراتها.. وإذ يُفسِح الحزب الشيوعي العراقي فرصة وافية لجماهير الشعب وفئاته ونخبه للمشاركة في قراءة برامجه فإن ما يتبقى يكمن في الارتقاء لمستوى المسؤولية لكل صوت عراقي لكي يقول كلمته في الخطة السياسية للحزب وفي التصورات والمعالجات التي يقترحها.. وعلى مجموع القوى السياسية الأخرى أن تبدي رؤاها ومعالجاتها وتتبادل التصورات من أجل إنضاج المشروع الوطني الديموقراطي في ظرف دقيق يحتاج للمشاركة الفاعلة من مجموع القوى الوطنية.. إن تلك المشاركة ستعني بالتأكيد تصويتا صريحا ليس للحزب الشيوعي العراقي بوصفه حزبا عماليا اشتراكيا بقدر ما يعني وضع أصابعنا جميعا على الجرح وعلى وسائل العلاج في زمن تشتد الهجمة على أبناء شعبنا. والعاقل منا يعرف أنه من دون التفكير الجمعي ومن دون التشاور ومن دون توحيد الجهود ومن دون التفاعل الجدي المسؤول لا يمكننا أن نخطو باتجاه استقرار أوضاعنا وسنمنح قوى الإرهاب فرصا إضافية للضرب فينا ومزيدا من الخسائر والتضحيات من شعبنا.. كما إن أية فئة تبقى بلا مرجعية وبلا رأس وبلا برامج دقيقة وخطط ترتقي للمسؤولية لن تحظى بمطمح لها فكيف بنا ومطامحنا اليوم ليست أقل من بناء العراق الجديد العراق الديموقراطي الفديرالي الموحد.. لا يمكن هنا إلا أن نمضي في حوار واسع ومناقشات عميقة وتشريح مسؤول لكل فقرة لنصل إلى نتائج مرتجاة لا نلقي بعدها اللوم على جهة أو فئة أو جماعة بل لننخرط في العمل الحقيقي ونخطط سويا لبرنامج وطني ديموقراطي شامل ونطلب يومها من الحزب ورفاقه أن يمضي بنا في مسيرة تنفيذ البرنامج الذي نضعه نحن العراقيين لا غيرنا ولا فئة محدودة منا بل مجموعنا مجتمعين.. إنَّ الحزب الشيوعي العراقي إذ يقدم مشروعه الوطني الديموقراطي في وقت يعلن بوضوح أهدافه البعيدة الستراتيجية في تحقيق العدالة الاجتماعية بأسس الاشتراكية، إنما بفعله هذا يرى بنضج ما يمكن الحديث بصدده اليوم وما يُجمِع عليه أوسع فئات شعبنا وما تفرضه وقائع راهن يومنا من متطلبات محددة بالمشروع الوطني الديموقراطي.. وعليه فسيكون لدخول رؤى مختلفة أيدولوجيا وفلسفيا في مناقشة برنامج كهذا توكيد لقصدية التفاعل والوحدة الوطنية وسيكون هذا مؤشرا جديدا لعمق تمسكنا باحترام الآخر رؤية وفلسفة سياسية ومن ثم تبادلنا التصورات والتفاعلات الإيجابية بما يعزز من تربية جماهيرنا على مسيرة الديموقراطية الحقة التي ننشدها.. أما منع قوانا من المشاركة في مناقشة برنامج وطني فيعني أن القوى التي تمنع ما زالت تحيا بعقلية منقوصة في خلفيتها الفلسفية للديموقراطية أو أنها تعزف على وتر خدمة أعداء العراق الجديد أعداء طموح شعبنا في التعامل مع مبادئ الديموقراطية بمصداقية تامة وبروح الشفافية والوضوح.. إذن ننتظر اليوم أوسع حملة وطنية على مستويات الإعلام والفضائيات العراقية للارتقاء بمهمة العمل الجمعي الواسع ومن الصحافة العراقية بمختلف توجهاتها أن تعلن مناقشتها ورؤاها للبرنامج الوطني الديموقراطي المقترح كما ننتظر من المنظمات والجمعيات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني عقد جلساتها بالخصوص وإبداء رايها الواضح الصريح المباشر ولكل حقه في عرض رؤيته.. أما الجهة المؤملة بالتأكيد لمناقشة حاسمة وفاعلة فتقع شعبيا على عاتق نقابات واتحادات الشغيلة ونخبويا على الأكاديميين المتخصصين لكي يُعمِلوا تشريهم الدقيق للبرامج والمفردات المقترحة ولينتهوا إلى نتائج جدية مسؤولة ومعالجات ترتقي لطموحات أبناء شعبنا في أحزابهم التي تشكل العلامة الأهم في مسيرة تحقيقهم دولتهم المؤسساتية الجمعية التي يُخترم فيها الإنسان وحقوقه ووجوده ومطامحه.. ومن جهة الشيوعيين أنفسهم عليهم تقديم أبعد جهد للوصول إلى أبعد القرى والقصبات وأبعد الناس وألا يركنوا لانتظار أن تأتيهم الرؤى والملاحظات بل أن يؤكدوا مسيرة الرواد من مؤسسي الحزب الذين قادوا الشارع السياسي العراقي ويذهبوا بأنفسهم إلى أبعد صوت ولابد من جلسات مهمة للحوار مع الأكاديميين والتكنوقراط المتخصصين من مختلف التوجهات قبل أن يدخولا قاعة مؤتمرهم الثامن بمطأنينة لرصد الواقع بكل دقة وموضوعية وموفقية.. فهل ستشهد الساحة السياسية بمؤتمر الشيوعيين نقلة نوعية في المشهد الراهن.. أم يفوّت العراقيون والشيوعيون الفرصة لصالح أعداء المشروع الوطني الديموقراطي؟
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمات في رمضان: نمطية العقل بين سلطة الرتابة وسطوة التكرار؟!
-
العلم العراقي؟!
-
المندائيون بين جذور العراق السومرية وتطلعات الحاضر والمستقبل
...
-
الفديرالية بين رؤيتي الإيجاب والسلب؟؟
-
المسرحيون العراقيون ومهام المرحلة؟
-
العراق بين التغيير المؤمَّل ومطرقتي الإرهاب والطائفية؟
-
لوائح التعليم العالي العراقية.. تساؤلات وتطلعات؟
-
جيل الريادة في الجامعة العراقية وقرار ينصفهم ويدعم إبداعاتهم
...
-
سنديانة الصحافة الشيوعية العراقية تورق في زمن العواصف
-
بعض مثالب إعلامنا ووضعنا الراهن وتشوهاتهما؟
-
نداء إلى أبناء الجالية العراقية وممثليهم ودعوة للقاء تداولي
-
الزلزال وأشجان الهوية!؟
-
متى وكيف يُطلق سراحنا من قمقم سطوة ذهنية العقدة وفسلفة الخشي
...
-
حول مجلس الأمن الوطني؟؟
-
الحقيقة والممكن والادعاء في الخطاب السياسي العراقي الراهن2
-
الحقيقة والممكن والادعاء في الخطاب السياسي العراقي الراهن
-
المهجريون مطالبون بمسيرات شموع لتنوير الدرب
-
فلْنحذَرْ من أقلام السوء وأبواق الشقاق!!
-
دَعْوَةٌ لِتفعيلِ مَسِيرةِ التّسَامُحِ والتّصَالحُِ وتَمْتِي
...
-
أيامُ المدى الثقافية: مهرجانٌ ثقافيّ مُتجَدِّد يَسْتحِقُ الث
...
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|