مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 17:46
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
للأسف أن الكثير من الكتابات عن الصراعات الاجتماعية في السنوات الأخيرة مثقلة بلغة جامدة خشبية ، لغة متعبة ميتة تتناقض مع حيوية الانتفاضات التي تتحدث عنها . إنها لغة الناشطين ، لا لغة الحرية ، و لا الفرد الذي يخلق و يبدع على الرغم من كل العقبات . ربما يرجع هذا جزئيًا إلى أن العديد من صراعات يومنا تصدر عن قساوة زماننا ، أنها رد فعل على قسوة الواقع الاجتماعي ، السياسي و الاقتصادي . لكن كيف يمكن لأي رد فعل على هذا الواقع أن يكون لطيفًا ؟ ألا تعكس الطريقة التي نجيب بها على هذا الواقع ، ألا يفترض أن تعكس رفضنا لهذا الواقع المفروض ؟ إننا نستبدل الشغف و الحماسة ب"النشاط" السياسي ( الناشطين السياسيين ) ، بينما أن تكون ناشطًا ليس إلا "ستر عري" المرء بقميص المجانين المدرع الذي يقيد و يمنع حركته . و بنفس الطريقة نستبدل الحزم بالجدية ، التي هي في الحقيقة ، استعبادنا للمجرد ، للمستقبل ، للقضية ، للماضي ، ليست إلا شكلًا آخرًا من سجن الذات . لكن أليس هذا ما نحتاج أن نرفضه بالتحديد بينما نقاتل لكي نصبح سادة حياتنا في كل دقيقة ؟ ربما تكون المشكلة في أن الكثيرين من المنخرطين في تلك الصراعات الاجتماعية لا يرون أنفسهم كأفراد أحرار يخلقون حياتهم و يحاولون التغلب على كل العقبات أمام عملية خلقهم لذواتهم و حياتهم و يكافحون لتدمير كل تلك العقبات ، بل يرون أنفسهم كبشر مضطهدين ( بفتح الطاء ) يقاومون الاضطهاد الذي يتعرضون له . ليس من الضروري تجاهل واقع الاضطهاد لكي تدرك أنه عندما يقتصر مشروعنا على مقاومة الاضطهاد فقط ، فإننا نبقى ندور حول مضطهدينا . و أننا بذلك نخسر حياتنا و معها القدرة على تدمير كل ما يقف في طريقنا . بما أن المقاومة تركز على مشاريع الخصم ، فإنها تبقينا في موقع الدفاع و ستكون بالتالي ضمانة هزيمتنا ( حتى عندما ننتصر ) بسرقتها مشروعنا منا . لكن لو بدأنا ، من جهة أخرى ، من مشروعنا الخاص لإعادة خلق أنفسنا ، مصرين على أن نوجد و نتحرك في هذا العالم ككائنات حرة و بلا هدف ( نهائي أو محدد ) ، فإننا سنواجه الحكام ، المستغلين ، رجال الشرطة ، رجال الدين ، و القضاة ، الخ ، ليس كبشر و أشياء تضطهدنا بل كعقبات في طريقنا يجب تدميرها لا مقاومتها . فقط في هذا السياق يكون للتدمير معنى ثوريًا و شعريًا ، كفعل مكتفي بذاته يتحدى منطق العمل ( الروتيني و الممل ) و يفتح الواقع أمام الأعاجيب و المفاجآت . فقط عندما يصبح فعل التدمير ممتعًا
نقلًا عن
https://theanarchistlibrary.org/library/wolfi-landstreicher-against-the-language-of-militancy
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟