|
قراءة في كتاب: الهجرات العالمية والمغربية قضايا ونماذج. مقاربة سوسيو تاريخية (1045 – 2011) لمؤلفه الدكتور. الكبير عطوف
عبد الجبار الغراز
كاتب وباحث من المغرب
(Abdeljebbar Lourhraz)
الحوار المتمدن-العدد: 7343 - 2022 / 8 / 17 - 15:08
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
عن منشورات جامعة ابن زهر بأكادير، صدر للكاتب والباحث المغربي المتخصص في شؤون الهجرة الدكتور الكبير عطوف الطبعة الثانية (مارس 2012) كتاب " الهجرات العالمية والمغربية. قضايا ونماذج. مقاربة سوسيو تاريخية (1045 – 2011). وهو عبارة عن دراسة / كراسة جامعية تجمع مواد ووحدات خاصة بالموسم الجامعي (2009 – 2010)، وجهها الكاتب، على الخصوص إلى المهتمين المتخصصين بشؤون الهجرة وغير المتخصصين، وموجهة أيضا إلى كافة الطلبة والطلبة الباحثين. وللعلم؛ فقد أتى هذا الكتاب في الحجم المتوسط ويحتوي على 167 صفحة، وشمل، إلى جانب التقديم والخاتمة، ثلاثة محاور كبرى. ونظرا لأهمية هذا الكتاب الكبيرة، فقد ارتأينا أن نقدم قراءة له، نتبع فيها أهم محطاته التحليلية والتفسيرية والتركيبية التي خصها الكاتب لظاهرة الهجرة (الداخلية والخارجية)، آملا أن نوفق في هذا المسعى الذي يروم تقديم الإفادة لكل طالب لها. تقديم منهجي – تحديد بعض مفاهيم الهجرة وأنماطها ورمزيتها اعتبر الكاتب د. الكبير عطوف، هذا التقديم، ذا طابع منهجي، مَكَّنَ من تحديد بعض مفاهيم الهجرة وأنماطها ورمزيتها؛ محاولا، في نفس الوقت، تقديم تبرير لاختياره للحقبة المدروسة في هذا الكتاب (1045– 2011)؛ فسنة 1045 مثلت ، في رأيه ، تاريخ و نزوح العرب المستقرين الأوائل إلى بلاد إفريقية ( تونس حاليا ) ؛ أما سنة 2011 ، فإن كل متتبع سوف " يجد شرعيتها في بعض الاحصائيات المحينة و المذكورة في المتن والتي تهم الهجرة المغربية " فعلى الرغم من كون الهجرة، موضوع هذا الكتاب، ظاهرة قديمة قدم الإنسان، فإنها، متفاعلة، في الآونة الأخيرة، وبشكل كبير ومتسارع، بحسب رأي الكاتب، مع سياقات مجتمعنا الراهن المعولم؛ حيث استطاعت أن تعكس مختلف تناقضاته، وتأثيراته، الإيجابية والسلبية، على دول الانطلاق ودول الاستقبال: فالعولمة الاقتصادية قد جعلت التفاوت الحاصل بين دول الجنوب ودول الشمال الغني تتسع رقعته مع مرور الأيام والسنين، بشكل مهول أدى إلى حصول مزيد من التدفقات؛ حتى أصبحت الفترة الراهنة تنعت فترة الهجرة بامتياز. يرى صاحب الكتاب د. الكبير عطوف، أنه ، في ظل غياب تعريف جامع مانع لمفهوم الهجرة (La migration / L’immigration / L’émigration ) ، و أمام المحاولة التوفيقية السائدة الآن ، التي قامت بها منظمة الأمم المتحدة و نادي روما منذ بداية العشرينات من القرن الماضي ؛ و نظرا للطابع المركب لهذا المفهوم وتعدد و تداخل الاختصاصات الدراسية التي تدخل على الخط لمقاربته وفق رؤاها و توجهاتها المعرفية و المنهجية ، يبقى تعريف مفهوم المهاجر ثابتا وسط هذه اللجة المتغيرة ، كمفهوم يعبر عن ذلك الكائن الذي يغادر بلده الأصلي في اتجاه بلد آخر كي يستقر و يعمل فيه . أما حركات الهجرات الداخلية المرتبطة في مراحلها المبكرة بالتحولات الكبرى المصيبة للمجتمع العالمي، فتبقى، حسب رأي الكاتب، في صميمها رباعية الأنواع: الهجرة من القرية إلى المدينة، والهجرة من القرية إلى القرية، والهجرة من المدينة إلى القرية، والهجرة من المدينة نحو المدينة؛ كما تبقى العوامل الاقتصادية والديمغرافية والسياسية، في نظر الكاتب، من أقوى العوامل المساعدة على فهم الفعل الهجري. المحور الأول: بعض القضايا من تاريخ الهجرة والتهجير في العالم تناول الكاتب د. الكبير عطوف في المحور الأول من هذا الكتاب بعض القضايا من تاريخ الهجرة والتهجير في العالم؛ حيث قدم نماذج من الهجرات الدولية والسياسات الهجرية، وكذا تاريخ الحركات الهجرية المتوسطية وذاكرتها، مع إبراز دور الهجرة في صنع المجتمع الأمريكي. و قبل ولوجه في تفاصيل و حيثيات هذا المحور، أبدى الكاتب ملاحظتين ،الأولى ارتبطت بكل من الهجرة الداخلية والهجرية الدولية ، محاولا أن يوضح من خلالها للقارئ أن مسألة الاختلاف بين الهجرتين ليس نوعيا ،من حيث الأسباب والنتائج والتحولات السلوكية و الاستهلاكية ؛ بل من حيث المعنى و الحقل الدلالي الذي يتناول تيمة الهجرة ؛كارتباط الهجرة الدولية مثلا ، في معناها بالبعد القانوني ؛الذي بمقتضاه يصبح المهاجر في وضعية قانونية تضفي عليه صفة ذلك الأجنبي البعيد كل البعد والغريب كل الغرابة بثقافته و لغته عن ثقافة البلد المستقبل له. فالهجرة الدولية، بما هي تنقل عبر الحدود من وإلى الدول المجاورة أو عبر القارات، تطرح، حسب الكاتب، قضايا وإشكاليات هووية مرتبطة عضويا باللغة والدين والعادات ومختلف الأنماط السلوكية التي يحملها المهاجر من أرضه الأصلية إلى الأرض المستقبلة له. أما الملاحظة الثانية، فلها، بحسب الكاتب جانب من الأهمية، وتخص الركن المنهجي؛ ومفادها أن الوثائق والمصادر والمراجع المعتمدة من قبل أي باحث في شؤون الهجرة تبقى أحادية في طبيعتها؛ أي أنها تخص فقط الجانب المهتم بالتاريخ الخاص لبلد دون غيره من البلدان الأخرى، ناهيك عن أنها مكتوبة ومدونة بلغة ذلك البلد، الشيء الذي يطرح إشكالية ترجمتها، فكل هذا، في نظر الأستاذ عطوف، يجعل مهمة الباحث صعبة معرفيا ومنهجيا، على مستوى إحاطة الباحث بتاريخ كل الهجرات الدولية إحاطة تتوخى الدقة والتفصيل. لكن، ورغم هذه القضية المنهجية تبقى، النظرة التركيبية العامة، في نظر الكاتب، هي المشروعة، والحل الأمثل المسعف للباحث للغوص في هذه التجربة الهجرية الهامة؛ لكونها تستهدف رسم الخطوط العريضة للهجرات الدولية، مع تركيزها على بعض النماذج الهجرية. أولا. نماذج الهجرات الدولية والسياسية الهجرية من خلال دراسته للتقارير الرسمية للسياسات الهجرية المتبعة، رأى د. الكبير عطوف، أن هناك أربعة نماذج كبرى لوصف واستقبال الحركات الهجرية العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. النموذج الأول، وتمثله دول حديثة في نشأتها نمت في سياق تاريخي هجري حديث جدا مثل الولايات المتحدة الامريكية واستراليا وكندا. هذا النموذج الهجري اعتبره الكاتب د. الكبير عطوف تقليديا – كلاسيكيا، في تمثيله للهجرة؛ النموذج الثاني، وتمثله بريطانيا وفرنسا، وهو نموذج ذو طابع " كولونيالي – استعماري " سعى إلى تقديم المهاجرين التابعين له (الهند والباكستان بالنسبة لبريطانيا ودول المغرب العربي والسنغال ومالي بالنسبة لفرنسا) عن البقية الأخرى من المهاجرين؛ النموذج الثالث، وتمثله كل من ألمانيا وسويسرا وبلجيكا؛ الذي يعتبر العمال مجرد " ضيوف "، مقيمين بشكل مؤقت في هذه البلدان، ويلبون، لا أقل ولا أكثر، لهذه الأخيرة حاجات سوق العمل؛ أما النموذج الرابع والأخير المرتبط ب «الهجرة غير الشرعية (الهجرة السرية) فهو ممثل من قبل الأفارقة والمكسيك المتدفقين بالآلاف على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد غدته عصابات المافيا الدولية والشركات المستحدثة من قبلها التي تقوم بعملية تهريب واسعة للمهاجرين السريين في البر وفي البحر عبر حدود دول المهجر. هذا ، ورغم هذا التعدد في النماذج الهجرية ، تبقى ، في نظر الكاتب د. الكبير عطوف ، أسباب و مسببات و نتائج الهجرة متشعبة و معقدة ؛ مع ميل جل النظريات إلى التركيز على عوامل الدفع المشيرة لطبيعة التحولات التي تطال البلدان الأصلية للمهاجرين ، كالحروب و المجاعات و الاستبداد السياسي والنمو الديمغرافي، و التركيز أيضا على عوامل الجذب المرتبطة بالحسنات و الفوائد الموجودة في دول الاستقبال، والتي تغيب بشكل مطلق في البلدان الأصلية ، كمنح المهاجر وضعية معيشية راقية نسبيا تساعده على الارتقاء في السلم الاجتماعي ، أو شيء من هذا القبيل . ورغم اتساع شيوع استعمال نظريات الجذب و الدفع ، يرى د. الكبير عطوف، أنها قد تعرضت للنقد ، لكونها تغالي في التبسيط لعملية الهجرة كظاهرة مركبة و معقدة ؛ لذا ، ففهم هذه الأخيرة في سياقها التاريخي و السوسيولوجي لا يستقيم ، في نظره ، إلا بالتعامل معها كجملة أنساق أو نظم بنيوية تتفاعل عناصرها الكلية الكبيرة ( الماكرو هجرة ) ، المحيلة على الأوضاع السياسية و الاقتصادية، و كذا القوانين و ما يرتبط بها من تعليمات و توجيهات عاكسة و المنظمة للسياسات الهجرية العامة للهجرة و للمهاجر؛ و الوضع الجيوسياسي المحلي و العالمي ، مع عناصرها الجزئية ( الميكرو هجرة ) الملتصقة و المعبرة عن الوقائع الاجتماعية للمهاجرين كأناس بسطاء تدفعهم ظروفهم الاقتصادية و الاجتماعية المزرية إلى ركوب خطر الهجرة وبناء عليه، يعتقد الكاتب د. الكبير عطوف أن الهجرة إما أن تكون اختيارية أو قسرية. فالاختيارية، تعتبر، في رأيه، مشروعا لا يتحقق إلا بقرار جماعي حاسم تتخذه عائلة المهاجر؛ إذ تناقشه بحسب ظروفها المعيشية الخاصة، وبحسب الوجهة الهجرية لابنها المهاجر الذي يريد سلكها، وأيضا بحسب إمكانيات الاستقبال بدول المهجر المرتبطة؛ إن كان للمهاجر عائلة تقطن هناك. أما الهجرة القسرية فقد تمثلت، في رأي الكاتب، في تجارة الرقيق. وهذا موضوع أفرد له الكاتب عنوانا خاصا ودراسة موجزة خاصة من كتابه. اعتبر د. الكبير عطوف الهجرة القسرية إحالة " على هجرة أو تهجير الأشخاص المنقولين او المطرودين من بلدانهم لأسباب مرتبطة بمشاكل القوميات أو الديانات أو الحروب « وقد قدم، في هذا الباب، أمثلة من الماضي ومن الحاضر كطرد اليهود من إسبانيا والبرتغال وطرد المورسكيين، وترحيل وتبديل الملايين من الأشخاص، بين الهند وباكستان، بعد تأسيس دولة باكستان، وترحيل الأفغانيين في الحرب الأفغانية وطرد الفلسطينيين من أرضهم، منذ تأسيس إسرائيل سنة 1948 ألخ ألخ فهذا العدد من المهجرين قسرا المقدر سنة 2010 من طرف منظمة الأمم المتحدة، المتجاوز ل 21 مليون نسمة، والذي لا يشمل تجارة الرقيق وتهجير الأفارقة إلى أمريكا وأوروبا، اعتبر، اعتبر، في رأي الكاتب، كاف " لشرعنة دراسة موجزة لتجارة الرقيق او التجارة الثلاثية Le commerce triangulaire " وعليه، فقد تناول الكاتب د. الكبير عطوف، في هذه الدراسة الموجزة لتجارة الرقيق الثلاثية، مسألة تهجير واستبعاد الأفارقة، كما تناول أيضا ظروفها؛ واعتبرت في رأيه، من أصعب الفترات التاريخية التي سعت إلى طمس معالم الحضارة الإفريقية الثقافية والديمغرافية. فقبل أن تتم مأسسة الاستعباد في شكل استعماري، كما هو مع الدول الأوروبية، تمت ممارسته، في نظر الكاتب، عن طريق تجار عرب متخصصين في تجارة الرقيق منذ القديم. وقد بقي هذا النوع من التجارة سائدا حتى حدود القرن 15 الميلادي؛ إذ رآه الكاتب قد تم عبر البلدان العربية بالمشرق العربي وبشمال أفريقيا. فمع بداية هذا القرن اهتم الوسطاء من برتغال وغيرهم بهذه الظاهرة التهجيرين للأفارقة بطرق مغرقة في الوحشية؛ مما دفع الدول الأوروبية نحو التسابق من أجل إرساء وتوسيع مستعمراتها. وقد ترتب عن هذا التهجير القسري الذي وصل عدديا إلى ما بين 33 و38 مليون إفريقي، نتائج وخيمة ارتبطت بهدم بنيات المجتمعات الإفريقية وفقدان القارة لسواعد وعقول أبنائها؛ مما جعلها قارة عاجزة عن إنتاج الفعل التنموي خصوصا في هذا العصر المعولم. وتبقى حالة إفريقيا، في نظر الكاتب، جد فريدة في التاريخ، لتأثيراتها النفسية الفردية والجماعية؛ وهذا يطرح، في رأيه، عقدة الذنب أو الضمير La culpabilisation لدى الأفارقة الذين يتوارثونها أبا عن جد، فكل جيل مر من هذه الأجيال الإفريقية طرح على نفسه السؤال التالي: «لماذا تم استرقاقنا دون غيرنا من الأجناس البشرية؟ " كما يطرح أيضا إشكالية مرتبطة بالذاكرة الجماعية الإفريقية التي أصابها، على حد تعبير الكاتب، " ثقب في نخاعها الشوكي ناتج أساسا عن عدم الاعتراف الأوروبي بخطاياه خاصة في كتب التاريخ التي عانت ولا زالت تعاني، من تحريف وتزوير للحقائق، وكذا من عدم تدريسه للأجيال الصاعدة في العالم " ثانيا. من أجل تاريخ الحركات الهجرية المتوسطة وذاكرتها و تحت هذا العنوان المستفز Titre provocateur الموسوم ب : " من أجل تاريخ الحركات الهجرية المتوسطة و ذاكرتها " الذي يقترحه الكاتب على القارئ ، لكونه يثير، بحسب المؤرخ الفرنسي كلود ليوزي Claude Liauzu ، تناقضا يحيل على غياب مزدوج Double absence : " غياب الهجرات في إشكالية الدراسات المتوسطية ثم غياب البعد المتوسطي في إشكالية الدراسات الهجرية " فالكاتب الأستاذ عطوف يطرح بعض المشاكل التي تعوق دراسة تاريخ و تاريخية الهجرة المتوسطية ؛ أولاها عدم وجود إحصائيات موثوقة ، فقط هناك أرقام تقريبية تقديرية غير معبرة عن الواقع المدروس للمهاجرين ؛ و ثانيها غياب ، ما أسماه الكاتب ب "الدراسات التركيبية الشاملة " التي تدرس الهجرات ، عبر وضعها في سياقاتها التاريخية التي خرج منها. وقد اعتبر الكاتب محاولته على أنها إجرائية، من الناحيتين المنهجية والأبستمولوجيا، تسمح بإظهار " البعد الرمزي والحقيقي لتاريخ الاستعمار ودوره في تفكيك العلاقات الاجتماعية، وبالتالي في خلق عدم التكافؤ السوسيو ديمغرافي، الذي شكل السبب الأكثر أهمية في خلق عدة تحولات مجتمعية وتداعيات لا حصر لها في العالم ". . فالعالم المتوسطي متداخل و متشعب الثقافات و مجال " ديناميكي و حركي بامتياز " على حد تعبير فرناند بروديل؛ فرغم حواجزه الطبيعية و الجغرافية تبقى الهجرات فيه لها طابع الديمومة ، كما شكل مسرحا لحروب و نزاعات دموية من تاريخه (السلافيون في شبه جزيرة البلقان، العرب في ضفاف البحر الأبيض المتوسط و شمال و شمال إفريقيا، في القرن السابع الميلادي، و الأتراك منذ القرن التاسع الميلادي)، و هذا عامل آخر اعتبره الكاتب الأستاذ عطوف مهما في دفع السكان إلى الهجرة أو التهجير . كل ذلك ساهم، في نظر الكاتب، في تغيير التوازن الاجتماعي والسوسيوديمغرافي في العالم المتوسطي؛ ناهيك عن اعتبار هذا الأخير قد شكل شبكة مواصلات بين المناطق التي تعاني من العزلة، ولم يتوقف نشاط التجار والحجاج عن الهجرة إلى المشرق العربي إبان الحروب الصليبية، وكذلك نشاط التجار اليهود المستقرين بالدول الإسلامية المتوسطية بعد طردهم من إسبانيا والمستوطنين بنابولي وسييليا وليفورن والقسطنطينية وغيرها. فالعالم المتوسطي كان ولايزال في الحاجة إلى اليد العاملة المهاجرة. وقد رسم الاستعمار الأوروبي المعاصر معالم جديدة للخريطة الجيوسياسية المعبرة عن نمط اقتصادي جديد تسود فيه الرأسمالية التوسعية، التي ضربت في العمق الاقتصاد التقليدي المعمول به في العصور الوسطى، والاتجاه نحو تدشين عهد الهجرة البعيدة المدى المتجهة صوب المستوطنات والمستعمرات الإفريقية والأسيوية، والسعي إلى الاستحواذ على أجود الأراضي وتهجير أصحابها (الهجرة الأرمينية والهجرة اليونانية). يرى الكاتب د. الكبير عطوف، أن الحركات الهجرية المعاصرة انطلقت في اتجاهين اثنين، الأول نحو دول الخليج العربي خصوصا بعد اكتشاف البترول والاحتياج إلى العمالة العربية والأسيوية؛ والثاني نحو الدول الأوروبية. لقد ازدادت الحركات الهجرية من الجنوب إلى الشمال كثافة؛ حيث اعتبر المغاربة إلى جانب الأتراك الأكثر توزيعا في العالم مقارنة مع الجزائريين في فرنسا. لكن الأزمة البترولية لسنة 1973 أرغمت أوروبا على إغلاق حدودها وتوقيف هجرة اليد العاملة المغاربية ، والانفتاح على الهجرة الحدودية المجاورة المتمثلة في الإسبان والإيطاليين و البلجيكيين و البولونيين المتوفرين على التقنية و التكوين العاليين؛ مما ساهم في بروز تحولات مجتمعية في الدول المستعمِرة و المستعمَرة، و خلق منافذ و أسواق جديدة لاستقطاب أنواع جديدة من الهجرات. ويذكر د. الكبير عطوف أنه، في الفترة ما بين 1970 و2000، قد تغرب وهاجر، لأسباب مرتبطة بمحاولة إعادة الإنتاج الاجتماعي المعتمد أساسا على التحويلات المالية الضخمة لبلدانهم الأصلية، أكثر من ثلاثين مليون متوسطي في العالم. فالمغرب حول لديه عبر البريد ما مقداره 5,7 مليار دولار سنة 2008 من مجموع 300 مليار المحولة إلى كل العالم، محتلا بذلك المرتبة الثانية بعد مصر. وقد أورد الكاتب في هذه النقطة بعض الأرقام الخاصة بالمتوسطين من إسبان وإيطاليين برتغال بالأميركتين الشمالية والجنوبية، خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين والبرازيل. ثالثا. دور الهجرة في صنع المجتمع الأمريكي فمسألة التعمير والاستيطان الأوروبي بالأميركتين، قد لعبت، في رأي الكاتب د. كبير عطوف، دورا طلائعيا في تطوير المجتمعات الأمريكية وصنعها بدرجة عالية سهلت وعمقت الاندماج الأولي بين الشعوب الأوروبية المهاجرة، وقربت من ثقافاتهم المتعددة التي أفرزت ما أسماه الكاتب ب «Meeting –pot "المجسد للتلاقح الفعلي للتسامح والتعايش مع الآخر؛ دون أن ينسى الكاتب ذكر أن هذا التوسع الاستيطاني كان على حساب أهل الأرض الأصليين من هنود البنكي والأزتيك. " فأن تحكم معناه أن تعمر وتستوطن «كما يقول كلود ليوزي. فهذا النموذج الهجري الأمريكي رغم تناقضاته ، استطاع أن استيعاب مضامين التحولات التي أفرزتها الثورة الصناعية و التقنية استيعابا عميقا ، إلى درجة أنه اعتبر ممثلا نموذجيا للفعل الاندماجي Modèle intégrationniste المعتمد في سياسته الهجرية على الأساس الجماعي و قوة الجماعة المهاجرة المشكلة للجالية و الممثلة بممثلين في حوارها مع الحكومة ، المناقض للنموذج الفرنسي الانصهارين le modèle assimilationniste ، المعتمد في سياسته الهجرية على المسؤولية الفردية للمهاجر ، على مستوى توفير الدولة لحقوقه تسهيلا لإدماجه داخل المجتمع ؛ ذلك إن السياسات الهجرية العالمية ، حسب الكاتب الأستاذ عطوف ، تستمد معارفها من هذين النموذجين العالميين ؛ ذلك أن مسألة الإحصائيات الإثنية les statistiques ethniques حول المهاجرين المتعلقة بالمعتقد الديني تكون متوفرة في أمريكا و لا تكون متوفرة في فرنسا . و إلى جانب هذا الدور الذي لعبته الهجرة في صنع أمريكا ، أبرز الكاتب دورا أخر لا يقل أهمية عن الأول ، يتعلق الأمر بما أسماه ب " تشكيل الطبيعة الأساس " لهذا المجتمع ؛ حيث أبرز خمس محطات زمنية متباينة تعكس كل منها و تترجم تباينا واضحا في معدلات الهجرة ،و تعكس أيضا مستوى نوعية الجنسيات القادمة من مناطق مختلفة من العالم على مستويات عدة اقتصادية و سياسية و ثقافية و هوياتية ؛ الأولى مرتبطة بالمستوطنين في العالم الجديد من القرن 17 إلى بداية القرن 19 ؛ و الثانية مرتبطة بالهجرة الجماعية من سنوات 1820 إلى سنوات 1880 ؛ و الثالثة مرتبطة بالفترة الممتدة من نهاية القرن 19 إلى بداية القرن 20 ؛ و الرابعة مرتبطة بتشريع الهجرة أو قانون : الأصول القومية " – الكوطا ؛ أما الحاسمة والأخيرة فهي مرتبطة بقانون هارت سيلار : من 1965 إلى 2000 . المحور الثاني: "رحل شمال إفريقيا" أو هجرة عرب بني معقل وتهجيرهم إلى المغرب أما المحور الثاني، من هذا الكتاب، فقد درس فيه الكاتب د. الكبير عطوف رُحَّلَ شمال إفريقيا؛ حيث ركز على هجرة عرب بني هلال إلى إفريقية، ووصولهم إليها عام 1045 م بعد أن تسلموها من الفاطميين، وأصبحوا أسيادا لها في ظرف خمس سنوات. لكن بعد مرور ازيد من قرن على هذا النزوح استطاع السلطان الموحدي عبد المومن بن علي تحقيق انتصار على هذه القبائل العربية وتهجير قوادهم إلى مراكش، وتغير، بفعل هذا الانتصار ميزان القوى لصالح السلاطين البربر، هؤلاء استطاعوا التحكم في الهجرات العربية إلى المغرب ومحاولة تغيير مجراها ومسارها عبر السهول الأطلنطية. ويعتبر هذا التنقيل ذو هدف مزدوج حسب الكاتب الأستاذ كبير عطوف : تحديد مواقعهم وضبطها تحسبا لكل تمرد مرتقب، وتوظيف ما بقي من قوتهم العسكرية في المعارك الكبرى كما الشأن في الأندلس. وهكذا ذابت هذه القبيلة في الكل البربري وشكل هذا المزج تجانسا عرقيا وإثنيا انصهر في إطار حضاري عربي بريري إسلامي. أولا. هجرة عرب بني هلال إلى إفريقية (ق 11 – ق 13) كما تناول الكاتب د. الكبير عطوف في هذا المحور الثاني نزوح عرب بني معقل إلى المغرب وفتح جنوب موريتانيا وتداعيات سيرورة الهجرة ك «أسلمة " الصحراء و" تعريب " شمال إفريقيا. فتدفق عرب المشرق إلى شمال إفريقيا لم يتوقف؛ إذ نجد عرب بني سليم قد هاجروا إليها بعد السيطرة على بركة وطرابلس ثم افريقية – تونس في اتجاه الغرب نحو المغرب؛ حيث أرغموا هناك على الاستقرار في مناطق غير ملائمة لتربية جمالهم، فغذوا، في نظره، مع مرور الوقت فلاحين صغارا، بعد تعميرهم الشاوية وسموا بعد ذلك بأسماء أخرى مثل: " بني عمير " مكونين أهم مجموعة استقرار بالمغرب. ثانيا. نزوح واستقرار عرب بني معقل بالمغرب وفتح جنوب موريتانيا هذا، وقد عرف الجنوب المغربي وموريتانيا، في نظر د. الكبير عطوف، عدة تدفقات هجرية عربية؛ حيث تمكن عرب بني معقل (خاصة فرع بني حسان) من الانتشار بسهولة بجنوب موريتانيا حسب ابن خلدون في الربع الأخير من القرن الرابع عشر الميلادي تشجيعا من المرينيين. وأصبح عدد النازحين منهم مرتفعا جدا ابتداء من القرن التاسع عشر. ويرى الكاتب الأستاذ كبير عطوف أن ابن خلدون قد ذكر بأن عرب بني هلال كانوا يشكلون عدة مجموعات : مجموعة بني عبد الله في المغرب الأوسط ، و مجموعة أولاد المختار في سوس ، و مجموعة بني معقل درعة ، معتبرا أن فتح انهزام المرنيين أمام قوات بني معقل سنة 1348 م الباب على مصراعيه توسيع الهجرات العربية في كل مجموع البلاد الإفريقية و الصحراوية ؛و بالتالي التوسع ، فيما بعد ، في اتجاه سوس في القرن السادس عشر ، الأمر الذي ترتب عنه ، حسب الباحثة جاك مونيي ، التي استشهد بها الكاتب ، حصول فراغ سياسي أدى إلى القضاء على التجارة الصحراوية .و انقسم المغرب إلى إمارات صغرى متناحرة فيما بينها ، و أصبحت أرض المغرب مخربة بعد أن كانت موحدة في العهد المرابطي و الموحدي . واعتبر الكاتب هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المغرب مرحلة مخاض، شكلت استقرار سكان المغرب كعرب وبربر بالشكل النهائي المعروف حاليا؛ حيث تَبَرْبَرَ العرب وتَعَرَّبَ البربر على حد تعبير روبير مونتاني. ثالثا." أسلمة " الصحراء يرى صاحب الكتاب د. الكبير عطوف، أنه بعد طرد المرنيين لبني معقل هاجر هؤلاء إلى موريتانيا الشمالية ( منطقة الساقية الحمرا ) أولا وبعدها إلى عمق الصحراء مرة عن طريق ما أسماه الكاتب ب"التسرب الهادئ"( L’infiltration pacifique )؛ ومرة أخرى عن طريق الحروب الضارية للسيطرة عن نقط الماء أو عن النقط المشكلة للممرات التجارية الصحراوية التي كانت تسيطر عليها القبائل الصنهاجية ، وقد ساعد هذا التوسع ، فيما بعد الدولة السعدية على فتح توات سنة 1581 م ؛ مما أدى ،في نظر الكاتب ، إلى انصهار الجنود المهاجرين وعائلاتهم مع السكان المحليين – السود في بوتقة واحدة . وحصول " أسلمة " الصحراء رابعا." تعريب «شمال إفريقيا إن " تعريب" لشمال إفريقيا " ؛ جاء ، في نظر الكاتب د. الكبير عطوف ، نتيجة تأثيرات الهجرات العربية تجسدت في اللغة العربية المؤطرة للفكر والحاضرة في كل تحركات العرب اليومية ، من تجارة و تنقلات الجند و حركات و ترحيل / تهجير مفروض و غيرها, وهكذا انتشرت ، في نظر الكاتب ، اللغة العربية في كل أفريقيا عن طريق لهجات عرب بني معقل الموجودة في كل من موريتانيا و المغرب و الجزائر الغربية ، و عن طريق لهجات بني سليم ،كما هي موجودة في الجزائر الشرقية و تونس و ليبيا ، و بقيت مواقع بسوس و الأطلس المتوسط محصنة نظرا لوعورة المسالك التي عرقلت تغلغل العرب الفاتحين في الأراضي المغربية . يمكن الوقوف على التحولات الاقتصادية والسياسية والثقافية من خلال الهجرة والتهجير او الترحال والترحيل، والتي لها، حسب نظر الكاتب الأستاذ كبير عطوف، علاقة كبيرة مع المعطيات الجغرافية المجالية الصانعة لتاريخ المنطقة. فعدم ملاءمة الظروف لهذه القبائل العربية على الاستمرار في أنماط عيشهم البدوي ، زيادة على التحولات الجيو- سياسية و انعدام الأمن بالنسبة للقوافل التجارية ، كلها ، في نظره، عوامل تصب في هذا اتجاه تفكيك البنية القبلية و ذوبان الشخصية العربية المشرقية في الشخصية الأمازيغية المغربية ؛ ذلك أن العرب البدويون الرحل كان لهم الفضل في تحقيق الوحدة اللغوية المعروفة الآن في مجموع شمال أفريقيا .وفي هذه النقطة يسجل الكاتب أنه لا بد من التأكيد على أن الظروف الإيكولوجية و الاقتصادية والجيو- سياسية و القانونية قد فرضت على السكان أن يكونوا منسجمين معها ؛كما أن منطق الدولة الحديثة المطبق بشكل واسع هو الذي فرض أيضا على الرحل الاستقرار و هجر نمط العيش الترحالي، وهذه ، في نظره ، اعتبرت مرحلة عامة عرفتها جميع شعوب ومجتمعات العالم المعاصر( فرنسا مع الغجر مثلا في الربع الأخير من القرن 19. المحور الثالث: الهجرة في تاريخ المغرب المعاصر أما المحور الثالث والأخير، من هذا الكتاب، فقد خصصه الكاتب د. الكبير عطوف، للهجرة في تاريخ المغرب المعاصر؛ حيث تناول الهجرات القروية والداخلي والأصول التاريخية للهجرة المغربية في فرنسا ؛ إذ أشار في مستهله إلى تعدد الأبحاث و التخصصات العلمية المقامة خلال سنوات 1970 – 1980 ؛ لكن في المقابل أبدى أسفه الشديد لغياب الأعمال التي تخص المرحلة السابقة لسنوات 1960 ، معتبرا الباحث دانيال نوان Daniel Noin ، الذي اشتغل في الهجرات الداخلية في الأرياف المغربية ، هو من نبه إلى هذا النقص : فهناك أبحاث أنجزت خلال الفترة 1912 – 1956 ؛ لكنها ، في رأيه ، تبقى أبحاثا ذات منحى كولونيالي، تلبي ، حسب تعبيره ، أهدافا " سوسيو- إثنوغرافية " . أولا. الهجرات القروية والداخلية وحتى يقدم الكاتب د. الكبير عطوف فكرة عن هذه المرحلة، استشهد ب كتاب " ميلاد البروليتاريا المغربية"، كمثال مجسد لها، والمنجز خلال الفترة 1948 – 1950 من طرف موظفي الحماية تحت إشراف روبير مونتاني، والمهتم بنزوح الساكنة القروية من القبائل في اتجاه المدن الساحلية في شمال المغرب وتشكل البروليتاريا المغربية. يبقى هذا الكتاب، في نظر الكاتب، رغم أهميته الحالية، على مستوى التوثيق، " يقدم عموميات مبسطة ومعطيات جغرافية غير دقيقة ..." يوضح الكاتب د. الكبير عطوف أنه، من أجل استغلال الثروات الاقتصادية ، فقد سعت الهندسة الاستعمارية إلى هدم البنيات التحتية التقليدية المغربية و أحلال بنيات الاقتصاد الرأسمالي محلها ، بعد القضاء على آخر معقل للمقاومة في الجنوب المغربي سنة 1936 و بعد تحقيق حرب" التهدئة " La pacification ، و تزايد سكان المنطقة الفرنسية ، خاصة في منطقة الشاوية ،الذي وصل إلى 5.400.000 نسمة سنة 1931 ، و تزايد بشكل مواز لها حجم الساكنة الحضرية المغربية ؛إذ وصل إلى 875.000 نسمة في نفس السنة ( مراكش ، الدار البيضاء ، أزمور ، فضالة ، أكادير ، فاس ، وجدة ، الرباط ...)؛ حيث لعب اليهود المغاربية ، منذ بداية القرن العشرين هذا الدور الاستيطاني في المجال الحضري ، و بدأت مدن الصفيح تتزايد و تتكاثر نتيجة نزوح القرويين إلى المدن ، بعد شرعنه مصادرة أراضيهم الخصبة، لصالح المعمرين الأوروبيين و مساعديهم من المتعاونين المغاربة، بفضل ترسانة من القوانين و الظهائر الصادرة في هذا الشأن ( ظهائر 31 غشت و 8 نونبر 1914 ، و3 ماي و 16 أكتوبر 1919 و 19 أبريل 1922 ) ، و قد لعبت ما أسماه الكاتب ب" السياسة اليدوية " دورا محوريا في هذا الصدد ( نموذج الكلاوي ) تسهيلا أيضا لمراقبة كل البلاد المغربية أما القطاع الصناعي ، فقد ظل، في نظر الكاتب د. الكبير عطوف، محدودا و سطحيا، و لم يعط لمفهوم التصنيع سنوات الثلاثينات من القرن العشرين مضمونه الحقيقي المرتبط بالثورة الصناعية ، بل كان مجرد قطاع هجين يلعب دور الوساطة و المتاجرة و المضاربة في المواد الأولية؛ اللهم إلا في مجال البناء الذي شمل الموانئ و الطرق و المرافئ و المؤسسات التجارية و السكك الحديدية و العمارات العمومية و الطرق المنجمية و مكاتب الشركات المالية الكبرى ،أو في مجال بعض الصناعات التحويلية و صناعة الزيوت و السكر و الإسمنت ... المتمركزة أساسا في الدار البيضاء . هذه الأخير امتصت عددا كبيرا من هؤلاء النازحين من الأرياف الذين شكلوا النواة الأولية للحركة العمالية المغربية. هذا، و قد ترتب، حسب الكاتب، عن هذا التطور الاقتصادي والاجتماعي تسريع لوثيرة الهجرة نحو المدن أملا في الحصول على " السيولة النقدية " التي شكلت، في نظر الكاتب" أداة فعالة للاندماج في مسلسل الرأسمالية العالمية " " و معيارا اجتماعيا و اقتصاديا للتباهي " فاستقرار الأوروبيين في المدن المغربية و إنشاء أحياء على النمط الأوروبي و بُنى تحتية جديدة ، كان مشروطا بجلب اليد العاملة من القرى المغربية ، هذه الأخيرة أصبحت ، في رأي الكاتب ، مندمجة بشكل سريع في العلاقات الرأسمالية الاستعمارية هذا ، و قد ميز الكاتب د. الكبير عطوف بين ثلاثة أشكال للهجرات الداخلية : أولا الهجرة الموسمية ؛ ثانيا الهجرة المؤقتة ؛ ثالثا الهجرة الدائمة ؛ كما حاول الكاتب أيضا إبداء ملاحظات أولية تخص الترتيب حسب درجة الأهمية، المعتمد من قبل روبير مونتاني ،أثناء تلخيصه لأسباب الهجرة الداخلية في المغرب ؛ حيث وضع ، هذا الأخير ، في المقام الأول ، الانفجار الديمغرافي ؛ ثم تلاه بالجفاف الذي طال بعض المناطق الداخلية الوسطى و المناطق ما قبل الصحراوية ، و بعده تلاه بالرغبة في تحسين مستوى المعيشة ؛ بالإضافة إلى أسباب أخرى ، كتطور الاستعمار الأوروبي ، و تدفق و انتشار الجراد ، و النمو السكاني المضطرد و تجزيئ الأراضي الفلاحية إلى وحدات صغرى و احتكار الأراضي من طرف الاعيان و تعسفات السلطات المحلية و انحلال و فذلكة المجتمع الرعوي – القروي ، مشيرا إلى أن كل تلك الأسباب المذكورة تحيل على تطور المغرب في علاقته مع ما أسماه ب " الحتمية الجغرافية " ، لكن يبقى ، في نظره ، الدور الاستعماري ، الذي همشه ، مونتاني ، و جعله في المرتبة الرابعة ، أمرا رئيسيا ، لكون هذا الأخير قد عمل على الهدم من الداخل لتلك البنيات التقليدية و الروابط الاجتماعية و ساهم ، بالتالي ، في خلق ما أسماه الكاتب ب " الفائض الديمغرافي " ، كشرط ممهد للهجرة . فالكاتب يرى أنه ما ينبغي تفسيره، من قبل مونتاني هو كيفية حصول ذلك: الفائض الديمغرافي «فمونتاني قد تأثر، في نظره، ب «الأطروحة الديمغرافية " كموضة استعمارية هدفها التضليل وتشويه حقائق مجتمعات شمال إفريقيا على العموم والمغرب على الخصوص. و تبقى ، في نظر الكاتب د. كبير عطوف ، مقاربة التاريخ الاجتماعي و الاقتصادي هي الكفيلة بتحليل حركية و ديناميكية ظاهرة الهجرة ؛ لما تمتلكه ، حسب رأيه ، من أدوات منهجية تحليلية فالعنف الاستعماري المادي و الرمزي و نتائجه قد أديا إلى الإسراع بوثيرة الهجرات بكل أطيافها ؛ إذ تم أفلاس وإتلاف القطاعات المنتجة لسكان القرى و الحواضر التي كانوا يعتمدون عليها كأساسيات عيش في حياتهم ، فَعَمَّرَ هؤلاء مدنا حضرية كالدار البيضاء بإنشائهم " مدن صفيح " تلاءم وضعهم الاقتصادي و الاجتماعي ك" بروليتاريا " أو " شبه بروليتاريا " ( عين السبع ، كاريان بن مسيك ، و هناك تحولات أخرى ارتبطت بالتوزيع الجغرافي اللامتكافئ للسكان المختلف كما و كيفا من مدينة إلى أخرى ، بل من حي سكني إلى آخر ؛ فهذه الحركية الجغرافية السكانية – الحضرية غيرت ، حسب رأي الكاتب ، العلاقات الاجتماعية و ركزت العمال في الهوامش ؛ إلى درجة جعلت الصيرورة الاجتماعية التاريخية بعيدة عن تحقيق وعي طبقي بمعناه الماركسي ، لغياب التنظيرات النقابية المؤطرة ؛ و في مقابلها ظهرت " بورجوازية " تجارية سوسية ، التي اعتمدت في نظر جون واتربوري ، على البعد القرابي كنظام و كبنية اجتماعية قائمة الذات ، و كانت تنافس مثيلتها الفاسية ؛ فتحول ، في نظر الكاتب ، مركز الثقل الاقتصادي من فاس إلى الدار البيضاء ،التي استمرت في احتكار النصيب الأكبر من الهجرات القروية و الداخلية و الأوروبية . ثانيا. الأصول التاريخية للهجرة المغربية إلى فرنسا بعد استنفاذ أغراض هذا الشق من المحور الثالث الذي خصصه الكاتب د. الكبير عطوف لتحليل الهجرات القروية و الداخلية و الأوروبية، انتقل، بعدها، إلى تحليل الأصول التاريخية للهجرة المغربية إلى فرنسا ما بين 1910 و 1963؛ حيث اعتبر أن الهجرة المغربية إلى فرنسا، قبل مأسسة الحماية، منعدمة، و أن الحرب العالمية الأولى هي التي شكلت منطلقا أوليا لتلك الهجرات، أو بحد تعبيره ، " " الهجرات المجندة أو المعسكرة " وقد اعتبر صاحب الكاتب د. الكبير عطوف الحرب الكونية الأولى إيجابية، لكونها أثرت، في نظره، على الوعي الاجتماعي للجنود المغاربة؛ إذ مكنتهم من مقارنة وضعيتهم بمثيلتها عند الجنود الفرنسيين. أصبح الجنود المغاربة، بعد انتهاء الحرب، عمالا يدويين، يبيعون قوة عملهم بالمؤسسات الصناعية. وأمام هذا الوضع، عاش الجنود المغاربة اغترابا وانفصاما عسكريا، تم عن طريق الهجرة المعسكرة إبان فترة الحماية؛ إذ شكل في رأي د. الكبير عطوف" شرطا سوسيولوجيا وتاريخيا مسبقا بواسطته يمكن إثارة أولى الحركات الهجرية المغربية إلى الخارج. ولا سيما بفرنسا والتي كان لها تأثير مباشر وكبير حول الهجرات الكثيفة التي تمأسست ما بعد الاستقلال " أثار الكاتب د. الكبير عطوف ملاحظة مفادها أنه قد حصل نوع من تطور لا متكافئ لهجرات شمال افريقيا بفرنسا؛ فقد نشطت، كما رأينا سابقا، الهجرات الداخلية نحو معامل مدينة الدار البيضاء، وبقيت الهجرات الخارجية تنتظر بداية الستينات من القرن العشرين حتى يتم تحقيق شروط سوسيولوجية وتاريخية موضوعية، وتوقيع معاهدة 1 يونيو 1963 كأول معاهدة فرنسية مغربية أبرمت كرمز فعلي لتلك الشروط. لقد كانت أغلبية المهاجرين أمية؛ إذ لا تتطلب من الرأسمالية الفرنسية أي كلفة كبيرة أو أي استثمارات زائدة، وهذا شرط لازم جعلها عمالة ضرورية بالنسبة لها. كان التوزيع الجغرافي للعمال والمهاجرين المغاربة غير متساو مجاليا فباريس العاصمة وضواحيها تستقطب نصيبا اوفر من المغاربة (ناحية لاسين) لكونها لا تبعد عن سكناهم أو عملهم (ص 124) وكذلك مدينتي كليشي (Clichy) وجون فيليي (Gennevilliers) حاول الكاتب د. الكبير عطوف أن يجيب عن التساؤلات التالية: لماذا ظل الجنوب المغربي موقعا وخزانا جغرافيا للهجرة المغربية دون المناطق الأخرى التي بقيت مهمشة طيلة فترة الحماية؟ وهل هناك خصوصيات الأصل الجغرافي؟ ولماذا وكيف اقتصرت الهجرة على مناطق دون أخرى؟ انطلاقا من اعتبار ليوطي قد سعى إلى توجيه الهجرة من المناطق السوسية لكون هذه الأخيرة كانت تشكل جيوب مقاومة شرسة للمستعمر. (ص 127) والتي لم تستسلم إلا بعد سنوات 1934 – 1936. لقد كان ليوطي يدرك تمام الإدراك دور الهجرة في تسهيل دور الاستعمار في بسط نفوذه العسكري والسياسي والاجتماعي والإيديولوجي والثقافي أيضا على المناطق التي لم تخضع بعد لسياسة " التهدئة " لهذا فتحليل الهجرة، في نظر الكاتب، هي تفكيك للبنى الاجتماعية المغربية المساعدة على الهجرة. وبالفعل، فقد استطاع الكاتب د. الكبير عطوف من خلال دراسته لمجموعة وثائق ترجع إلى تلك الحقبة الاستعمارية، أن يتبين بأن الهجرة المغربية كانت مقتصرة على جنوب المغرب خاصة" منطقة أكادير "التي أعطت نسبة 90 % من المغاربة الذين كانوا بفرنسا قبل سنة 1942 و80 % بالنسبة للفترة المحددة ما بين 1942 – 1956 و70 % بالنسبة لسنوات أواسط الستينات من القرن 20. . كما أظهرت له الوثائق العسكرية المدروسة بأن المهاجرين المغاربة الأوائل قد تم تأطيرهم من طرف " مصلحة العمال الكولونياليين" تلك المصلحة المستحدثة من قبل وزارة الحرب أنداك سنة 1916 التي يرمز لها ب " STC وأغلبهم منحدرين من الجنوب المغربي. لقد دفعت المقاومة المغربية مسؤولي نظام الحماية إلى استغلال الهجرة كوسيلة من أجل امتصاص غضب الشارع المغربي ، و اعتبارها ، بالتالي ، بمثابة معجزة كبرى يتم من خلالها " تصدير "اليد العاملة المغربية انطلاقا من مناطق مغضوب عليها كالريف و الدار البيضاء إلى فرنسا و و بلجيكا و هولندا و العراق و ليبيا ، واستطاعت ، بفعل ذلك ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد : تحقيق السلم الاجتماعي انطلاقا من هذه المناطق و الحصول على العملة الصعبة و التخلص من المشاغبين و إيجاد حل لمشاكل الشغل التي كانت تطرح بحدة منذ بداية الاستقلال . لقد أصبح الكل ،بما فيهم السكان الريفيون ، يفكر في الهجرة إلى فرنسا بعد أن أغلقت ورشات المقيمين الأوروبيين بالجزائر المستعمرة ، منذ انطلاق الثورة الجزائرية سنة 1954 و أحداث الريف الدامية ( 1958 – 1959 ) ، إلى جانب أحداث دامية مماثلة بالدار البيضاء أيام 23 و 24 و 25 مارس 1965 . يرى الكاتب د. الكبير عطوف أن هجرة الفلاحين والعمال المغاربة إلى الخارج، الذين كانوا يعملون في المصانع وفي الحقول، قد أحدثت عدم تكافؤ وتوازن البنى الاجتماعية والديمغرافية والإيكولوجية والاقتصادية المرهونة بغيابهم. والآن، وبعد تأصيلهم في بلاد المهجر، أصيب هؤلاء المهاجرين بنوع من الاستلاب بتركم أسرهم مغلوبة على أمرها؛ بحيث أصبحت، هي الأخرى، مستلبة ومشيأة ومرتهنة لسلطة ونفوذ عائدات الهجرة. فضمن هذا الإطار السوسيو تاريخي لهجرة المغاربة إلى الخارج حاول د. كبير عطوف استخلاص فكرة مفادها أن الهجرة تمثل ظاهرة اجتماعية تاريخية فريدة من نوعها؛ إذ اعتبرها تميزت كنظيرتها التركية، بكونها اكثر انتشارا بأوروبا و باقي العالم، عكس الهجرة الجزائرية التي ارتبطت بفرنسا كبلد تربطه بها علاقات تاريخية منذ 1830 فبعد تحليله لظاهرة الهجرة الأولية للعمال المغاربة إلى الخارج، انتقل الكاتب د. كبير عطوف، إلى ظاهرة أخرى لا تقل قيمة عن هذه الظاهرة، يتعلق الأمر بظاهرة " الهجرة السرية " طارحا من جديد السؤالين التالين: " أين تكمن سرية الهجرة " هل في بلد الإقامة بالمهجر أم في مرحلة الذهاب / السفر أم في العبور إلى البلد المستقبل للمهاجر المعني بالأمر أم في العمل أم في أرباب المعامل أنفسهم؟ " فإذا كانت الهجرة المغربية تتسم بطابع السرية، فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة؟ ليجيبنا بأن الجواب كائن عند الباترونا الأوروبية، التي كانت، حسب الباحث الفرنسي روني كاليسو، تضغط بكل ثقلها على نظام الحماية الفرنسية بغية تقنين الهجرة المغربية ومأسستها بسن قواعد قانونية صارمة تمكن من تقليص حجمها إلى الخارج، بل ومنعها سنة 1928، والبحث عن يد عاملة بخسة من الجنود أو القوات الاحتياطية ـ ففي ظل هذه الظروف لم يعد للمغاربة أي اختيار سوى سلك الهجرة السرية. وهذا، في رأي كاليسو، ما يفسر وجود شبكات معقدة ومتعددة لتنظيم ذهاب ما يسمى ب «المهاجرين السريين " في السنتين 1928 – 1929 وما بعدها. لا يبذل المغاربة أي جهد، في رأي صاحب الكتاب د. الكبير عطوف، كي يعثروا على أرباب عمل يسهلون لهم التسويات الفردية أو الجماعية لدى السلطات المحلية. فالباترونا، بإخلالها وخرقها عن قصد لقوانين الهجرة، لم تكن تسعى إلى تقديم مساعدات للعمال بالشكل الذي يمليه عليهم التضامن الإنساني، بل كانت المصلحة والربح والمنطق الرأسمالي القائم على الاستغلال هو هاجسهم الأكبر والأوحد. فالكاتب الأستاذ كبير عطوف يورد أرقاما توضح أن أكثر من 50 % من المهاجرين النازحين إلى فرنسا لا يمرون عبر القنوات الرسمية الممأسسة من أجل تنظيم الهجرة ؛ مما يدفعه ذلك إلى التأكيد بأن ما يسمى بالهجرة السرية " يبقى ضروريا و نافعا بالنسبة للرأسمالية العالمية ، فهي تلعب دورا أساسيا في تقوية السلم الاجتماعي و تطعيم البنى الاقتصادية و الاجتماعية و إضفاء التوازن على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي دون إغفال الدور السوسي-ديمغرافي الذي تلعبه هذه الهجرة المسماة بالسرية على المدى المتوسط و البعيد حين تكوين أسر بالمهجر " هناك، حسب الكاتب د. الكبير عطوف، وثائق ومصادر تثبت على أن ارباب العمل بفرنسا يفضلون المغاربة على الجزائريين بحجة أن "إنتاجية المغاربة عالية وتفوق بكثير مردودية العمال الجزائريين، لكن هذه الإيديولوجية تدخل، في رأي الكاتب، ضمن منطق الاستعمار وليست لها أي مصداقة علمية؛ ذلك أن الغرض منها هو التفرقة من أجل السيادة وتسهيل السيطرة. والحقيقة أن المغاربة، كانوا بالمهجر عكس الجزائريين، بعيدين عن ساحة النضال الاجتماعي النقابي. هذا وقد اعتبر الكاتب د. الكبير عطوف أن " السياسة الكولونيالية لمسلمي شمال إفريقيا بالمهجر " قد تم مأسستها، إبان ما بين الحربين العالميتين. وقد تمثلت هذه المأسسة في بناء مسجد باريس الذي دام بناؤه ما بين 1922 و1926 كمحاولة من الحماية الاستعمارية استقطاب المهاجرين المسلمين بالمهجر لتجنب المد السياسي الوطني التحرري الذي بدأ يلوح في الأفق منذ تأسيس " نجم شمال افريقيا " بالمهجر سنة 1926 من طرف مصالي الحاج الاب الروحي للوطنية الجزائرية بمساعدة الشيوعيين الفرنسيين. كما تمثلت تلك المأسسة في تشييد المؤسسة البوليسية الشمال افريقية La brigade nord-africaine التي تأسست ما بين 1923 – 1925، والتي اعتبر الكاتب أن ظاهرها كان يشكل تقديم خدمات إنسانية لمهاجري شمال إفريقيا، ولكن باطنها، في رأيه، كان هو ضبط ومراقبة تحركات المهاجرين المنحدرين من المستعمرات والذي بدأ تسييسهم يلوح في الأفق منذ 1926 أما تشييد مستشفى بوبيني المعروف الآن ب " المستشفى الفرنسي الإسلامي "فهو مأسسة طبعت المشهد السوسيو – صحي بفرنسا إلى حد بعيد. وقد اعتبر الكاتب أن فرنسا قد قدمت تبريرا لتشييدها له، ظاهره يقول بأن مهاجري شمال افريقيا يحتاجون إلى مؤسسة طبية من نوع خاص؛ إذ لا يصح إدماجهم مع ساكنة باريس، وهم لهم عادات وأمراض خاصة، وباطنه يفيد، من خلال الوثائق الرسمية بأن الشمال إفريقيين لهم " امراض وراثية كولونيالية معدية " والمستشفى شكل المادة الخام لجمع معلومات تخص أسماء الوطنيين من اجل ضبطهم وسجنهم. وفي هذا الصدد أشار الكاتب، في عجالة، إلى الدور السياسي للطلبة المغاربة المقيمين بالمهجر، بعد عقد مقارنة بينهم وبين الطلبة الجزائريين؛ حيث اعتبرهم قد تميزوا، إلى جانب الطلبة التونسيين بتسييسهم في" ساحة سان ميشال " بالحي اللاتيني المشهورة بنضالاتها السياسية منذ العشرينات من القرن الماضي، عكس الجزائريين الذين كانوا، على حد تعبيره " مفرنسين جدا إلى حد الاستلاب الثقافي " وفي آخر هذا المحور، أشار الكاتب إلى بعض خصوصيات الهجرات اليهودية المغربية؛ ضمنها في دراسة ميدانية سبق له نشرها، حيث اعتبر أن هجرة اليهود المغاربة ويهود شمال افريقيا إلى فرنسا كانت شبه منعدمة قبل تأسيس إسرائيل سنة 1948، مستثنيا بذلك الجالية اليهودية المغربية التي تم تكوينها بسان فونس بضاحية ليون. فالمجموعة التي كانت تنحدر من مراكش وموكادور الصويرة، و التي هاجرت في ظروف الحرب العالمية الأولى، اعتبرت، في رأيه ، أول جالية يهودية مغربية شمال افريقية بفرنسا. كما أشار أيضا إلى أنها قد اعتبرت اكبر جالية يهودية في إفريقيا ، فخلال الثلاثينات من القرن العشرين ،كان عددها يتراوح ما بين 250 إلى 400 فرد؛ و شكلت سنة 1947 حوالي 240 الف شخص ؛ لكن ذلك العدد تقلص بسبب الهجرات إلى إسرائيل و أمريكا و أوروبا ، و أصبح 60000 فرد في بداية الستينات ؛ حيث مارسوا ، بفعل ذلك ، ما أسماه الكاتب ، ب " الهجرة النخبوية " ، خصوصا بعد الأحداث التي عاشها المغرب سنوات 1958 ، 1959 ، 1963 ، 1965 ، ثم أحداث حرب يونيو 1967، التي كان لها اثار كبيرة في خلق ما اصطلح عليه الكاتب ب " الهذيان الذهني " و الهلوسة الهجرية التي أصيب بها اليهود المغاربة . أما الفقراء منهم، فقد هاجروا إلى فرنسا وكندا. الخاتمة: أما الخاتمة ، فقد أرادها كاتب هذا المؤلف د. الكبير عطوف ، أن تكون، من جهة أولى ، في شكل خلاصات تركيبية جد مقتضبة لما جاء في المحاور الثلاثة ، و من جهة ثانية ،في شكل توجيه عتاب للدول الأوروبية الهجرية ، التي اعتبرها متجاهلة أو متقاعسة أو مترددة " في مسألة تدريس و تعليم تاريخ الثقافات و تاريخ الهجرة الذي ما يزال شبه غائب في تخصصات الجامعات الأوروبية و الفرنسية كما هو الشأن لدى المراجع أو الكتب المدرسية الرسمية " ، مؤكدا على ضرورة " استحضار و استرجاع و تكوين الذاكرة الجماعية و تحسيسها و تحفيزها و " ترويضها " على عذم النسيان " و متمنيا صادقا أن يمثل كتابه هذا بداية فعلية تدخل في إطار تحفيز الذاكرة على عدم النسيان . كما أرادها، الكاتب د. الكبير عطوف، من جهة ثالثة، أن تكون في شكل توصية تخص مسألة تدريس تاريخ الهجرة في البلدان الموفدة والبلدان المستقبلة للهجرة؛ إذ اعتبر تلك المسألة جد ضرورية بغية إدماج الجاليات فيما أسماه ب " الذاكرة الجماعية الوطنية " حتى تتمكن تلك البلدان من تجاوز ونبذ الجاهز من الأفكار المكرسة للدونية والمركبة للعنصرية في الأذهان الواعية وغير الواعية. وأتت الخاتمة، من جهة رابعة، في شكل إحالة القارئ على رواية " الاغتراب المزدوج " من أجل قراءتها، والتي تعتبر من تأليف الكاتب نفسه، لكونها ترصد، في رأيه، بعض قضايا الهجرة المتناقضة التي عايشها المؤلف عن كثب. كما أتت الخاتمة، من جهة خامسة وأخيرة، في شكل تنويه بمسألة خلق " المدينة / المؤسسة الوطنية لتاريخ وذاكرة الهجرة " بفرنسا La cite nationale de l’Histoire et de la mémoire de l’immigration المشيدة أواخر 2007. وقد صب تأسيس " ماستر الهجرة والتنمية المستدامة " بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير (2009 – 2010) في نفس ذلك الاتجاه.
#عبد_الجبار_الغراز (هاشتاغ)
Abdeljebbar_Lourhraz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإيمان والعقل.. وجهان لعملة إنسانية واحدة
-
الجامعة الإسلامية بمينيسوتا الولايات المتحدة الأمريكية، فرع
...
-
أشغال الندوة العلمية الدولية -الهجرة والفنون - المنظمة بكلية
...
-
الحاجة إلى ثقافة عربية متسامحة
-
الغرب .. و هويتنا البيضاء
-
لماذا تفشل النخب السياسية العربية المعارضة في مناهضتها للاست
...
-
طفولة قاتلة .. و مقتولة !
-
الفيلم الوثائقي: - تحت الثلج.. البياض القاتل - للمخرج المغرب
...
-
اقرأ .. !!!
-
آكادير .. على إيقاع ليلة الورشات الفنية
-
إيبولا و داعش .. أيةعلاقة ؟
-
فيلم :- أندرومان من دم و فحم - .. قراءة تحليلية لمفارقات الم
...
-
وهج الأفكار و الذكريات
-
في الحاجة إلى نقد ثقافة الإقصاء
-
الربيع العربي .. المبني للمجهول !
-
السوسيولوجيا الكولونيالية بالمغرب
-
كرنفالات فاتح ماي .. نحو تأسيس خطاب مناهض لعنف الشغل
-
أي دور للفلسفة في بناء الإنسان العربي ؟
-
المنظومة التربوية المغربية : من المسؤول عن تعنيف نساء و رجال
...
-
الأخضر الإبراهيمي كبش فداء ؟
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|