|
في إشكالية مصطلح الهاشميية السياسية 2-5
قادري أحمد حيدر
الحوار المتمدن-العدد: 7343 - 2022 / 8 / 17 - 10:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قادري احمد حيدر
في صواب مصطلح "الهاشمية السياسية".
٢ في إشكالية مصطلح "الهاشمية السياسية"
(5-2)
في الغالب المفاهيم والمصطلحات يتم هندستها وبناءها وإنتاجها عبر غرف عمليات بحثية/ معرفية فلسفية فكرية وثقافية من خلال اجندات الجدل النظري والفكري والسياسي، وعبر المناقشات النظرية حول هذه المسألة أو تلك. كما أن هناك مصطلحات توجد وتظهر معبرة عن نفسها عبر ومن خلال عملية صراعية سياسية اجتماعية، وقد يأخذ الصراع فيها أحياناً أشكالاً مختلفة من العنف بما فيه العنف اللفظي، والعنف المسلح، فتأتي المفاهيم أو المصطلحات مصطبغة بالصبغة المذهبية والأيديولوجية والثقافية والسياسية المنتجة لها وتعبيراً عما يجري في واقع الممارسة.
إن مفردة أو كلمة "الرافضة" (الروافض) - كما سبقت الإشارة - ظهرت في بادئ الأمر على لسان الإمام زيد بن علي، وهو أول من أطلقها في مواجهة وضد من كانوا يصرون عليه في قلب المعركة السياسية والعسكرية في مواجهة الأمويين على ضرورة تفسيق وتكفير الشيخين (أبوبكر وعمر)، ثم تحولت تدريجياً في مجرى الصراع إلى صفة وتسمية ومصطلح تطلق على الخوارج وعلى الشيعة، بل وعلى غيرهم. كما تحول أسم ومصطلح "الخوارج" الذي أطلق على من خرجوا على الإمام علي ورفضوا التحكيم، إلى مصطلح يحمل حمولة دينية وفكرية وسياسية سلبية، ليست فيه بالمجمل والمطلق، كما رسخت في الكتابة الفكرية والسياسية والتاريخية التي انتشرت بعد تاريخ زمني طويل، دمغ "الخوارج"٫ بوصمة سلبية مطلقة، وكأن لا أثراً إيجابياً لهم على مستوى المعرفة والفكر السياسي. كما أن مصطلحي "سنة" و"شيعة"، تبلورا وتكونا بعد تاريخ زمني طويل من الخلفيات السياسية الصراعية التاريخية التي جرت في التاريخ السياسي. كذلك الأمر مع مصطلح "الحروب الصليبية" - كما سبقت الإشارة - تم اختراعه وانتاجه في قلب جحيم الصراع الأيديولوجي والسياسي والعسكري، كأداة أيديولوجية في مواجهة الطرف الآخر (الإسلامي)، لأسباب اقتصادية ومصالحية ودولتية،في ذلك الحين، وليس لأسباب دينية، وعلى ذلك نقيس ونفهم ونقرأ العديد من الصراعات السياسية التي انتجت مفاهيمها، ومصطلحاتها، التي ظهرت في تاريخنا الفكري والسياسي العام، وفي التاريخ السياسي العالمي، حول هذه المسألة أو تلك، تعبيراً عن هذه القضية (الموقف) أو ذاك، وبعضها اصطلاحات لا يمكننا تحديد زمن انتاجها بالضبط، ومن انتجها وبلور معناها كصياغة اصطلاحية، وكأن حاجة المعرفة والفكر والسياسة والواقع لها هي من بلورتها وانتجها في هذه الصورة أو تلك الصياغة التي صارت تعرف بها، بعد تحولها إلى تعبير واصطلاح شائع. وغالبا يأتي المصطلح ليدلنا وليوصف حالة موضوعية وذهنية وفكرية وواقعية، كانت موجودة وقائمة، أو لتجسيد صورة اختلاف أو حوار كان في هذا الزمن أو ذاك، مثل مصطلح "الهاشمية السياسية"، الذي نحن بصدد الوقوف أمامه وبحث خلفياته ومعناه، أو ماذا يقصد به بعض من يستخدمونه في قلب الصراعات أو الحوارات الفكرية والسياسية الجارية في بلادنا، أو من يستخدمون هذا الاصطلاح وهم يؤرخون للتاريخ السياسي في بلادنا على الأقل خلال العقود الأربعة، أو العقود الستة المنصرمة. وفي هذا السياق، من المهم التنبيه والإشارة إلى أن هناك جملة من المفاهيم والمصطلحات الفلسفية والسياسية والاجتماعية وحتى الانثروبولوجية التي يجري استخدامها بصورة سلبية، بعد توظيفها لخدمة مشاريع سياسية مناقضة لما وجد المصطلح من أجله وللتعبير عنه، أي لما يقصده المصطلح من أهداف وغايات فكرية وثقافية وسياسية مباشرة. كما أن هناك قضايا ومفاهيم ومصطلحات علمية محايدة، بما فيها بعض المصطلحات التقنية والعلمية (العلم)، التي يتم توظيفها لخدمة قضايا معادية للعلم وللتقدم العلمي والاجتماعي. فهل المشكلة في المصطلحات والمفاهيم والتقنيات العلمية (المادية /والفكرية) أم أن المشكلة والأزمة تكمن في من يقف وراء ذلك الاستخدام والتوظيف السيئ لتلك المصطلحات، والذي من المهم قراءته ومحاسبته ضمن السياق النظري والفكري والسياسي الذي ورد فيه، محاكمة ونقد الفكر ومن يقف خلفه، وليس تخطئة المصطلح.
إن الخطأ العظيم ليس القول بمصطلح "الهاشمية السياسية" بل في الشرعنة للتمذهب السياسي، وللطائفية السياسية،"السلالية/ التفوق العرقي", وتحويل المذهب والطائفة، إلى سياسة وسلطة في يد جماعة مميزة عن كل المجتمع. ذلك هو الخطأ والخطر العظيم.
إذا اتفقنا على أن تعبير أو مفهوم "الهاشمية السياسية" غدا مصطلحاً بحكم كثرة تداوله واستخدامه في كتابات العديد من الكتاب من مختلف المنابت الاجتماعية والطبقية، ومن مختلف المشارب الفكرية والمذهبية ..إلخ، وفي العديد منها، لخدمة أهداف قد تكون متناقضة أيديولوجياً وسياسياً، فهل النقد هنا يذهب لمصطلح "الهاشمية السياسية" الذي أراه مصطلحاً دقيقا وعميقا وشاملا،جاء ليفك الاشتباك بين الهاشمية كمكون اجتماعي ثقافي، وبين البعد السياسي الذي يسعى البعض لتوظيف المكون لخدمة مصالحه، بعد تجيير مصالح كل المكون الهاشمي لمصالحه السياسة الخاصة به، باعتباره جزءاً من المكون. وهذا يحدث مع جميع الحالات المشابهة، هناك من يستخدم مصطلح "الهاشمية السياسية" لفضح الجماعة السياسية المذهبية ",السلالية", التي تقف خلف ذلك الخطاب وتقر به، أقصد الخطاب المذهبي والطائفي والعنصري، كما هناك من يمكن أن يستخدم مصطلح "الهاشمية السياسية"، لتكريس انتاج الخطاب الفكري والسياسي النقدي المضاد، فهناك جملة من الكتابات والكتب من اتجاهات مختلفة فكرياً، وثقافياً وسياسياً، تعاطى مع هذا المصطلح بمنطق مذهبي طائفي قبلي مناطقي يعيد تكريس الطائفية والقبلية، وتعميق ثقافة الكراهية وعدم التسامح، فهل الخطأ يكمن في المصطلح، ام في القراءة الخطأ؟!
أنا شخصياً وغيري من الكتاب تعاطينا مع هذا الاصطلاح أو المفهوم لنقض الفكر الطائفي والقبلي والمناطقي، ومؤلفات وأبحاث العديد منا تشهد بذلك.
إن ذهنية المثقف والسياسي ورجل الدين الذي يحمل لواء الطائفية السياسية، تفرض عليه ذهنيته ومنطق تفكيره (مصالحه)، ان يقدم طائفته السياسية على كل المجتمع، والدولة، فالتفكير المذهبي والفكر السياسي الطائفي يحولان دون التأسيس لفكرة المواطنة،وبالنتيجة ضد بناء وقيام الدولة المركزية المدنية الحديثة.
ومن هنا أقول إن من المهم في البداية الاقرار بأن المصطلح بمفردتيه: الهاشمية، والسياسية، جاء كرد فعل للخطاب الطائفي والعصبوي من جميع الاتجاهات، سواء من ينطلق من داخل المكون الهاشمي بعد تحويل المكون الهاشمي إلى إطار طائفي، أو الخطاب الآتي من خارج نطاق خطاب الهاشمية السياسية. ذلك أن "الهاشمية السياسية"، وفقا لمنطقها المذهبي الديني (العقائدي)، لا نرى في هاشميته نقيصة أو إساءة لأحد، على خلاف من ينطلق من أن هاشميته تنطوي على تمييز عنصري؛ فمن ينطلق من هكذا رؤية وموقف ويرى أن في ذلك حقاً مقدساً معلوماً له في اللوح المحفوظ من خلال "وصية خفية" أو "جلية" من النبي بأمر إلهي، وهي من تقف خلف الوصية بالولاية، فإن مثل هذا الخطاب هو خلاصة معنى ومفهوم "الهاشمية السياسية"، وهي الجماعة التي لا تفرق بين الإمامة والدين، والتي ترى في الإمامة أصلاً من أصول الدين مثلها مثل الصلاة والصيام والزكاة!!
ومع مثل هذه الجماعة يحضر شرط البطنين (النسب/ العرق).
على أن القول بذلك لا يعني أن كل أطراف وقوى المكون الهاشمي تقول بذلك أو تتفق معه، ولذلك نقرأ خطاباً نقيضاً وبديلاً لذلك من المكون الهاشمي الزيدي ومن اتباع الزيدية القبلية والهاشمية معاً في صورة أسماء عشرات، إن لم يكن المئات من الكتاب من المنتمين للمكون الهاشمي.
إن مصطلح او مفهوم "الهاشمية السياسية "٫هو تعبير مكثف وعميق عمن يقولون،في الأمس واليوم،ب"الولاية"٫كونها -الولاية- تعطيهم الحق باحتكار السياسة/السلطة، فيهم،في جماعتهم الخاصة،باسم الدين،والإله . . احتكارها في جماعة مميزة ومتميزة، دونا عن جميع مكونات المجتمع، وبهذا المعنى فإن اصطلاح"الهاشمية السياسية"٫جاء ليصور ويوصف واقع حال أراد البعض ان يفرضوه على كل المجتمع/الشعب !!
إن التحشيد والتجييش الذي كان يمارسه علي عبدالله صالح ويملأ بها الشوارع والساحات،بأسم الوطنية، ودفاعا عن الوطن من الأعداء والخونة،من خلال شراء الولاءات والذمم، وبقوة بطش السلطة : الترهيب والترغيب،فضلا عن توظيف حالة الجهل السياسي،والأمية التعليمية والثقافية ،لخدمة ذلك التجييش والتحشييد، فإن ذلك الحشد القطيعي ذاته هو من اصطف واحتشد وما يزال يحتشد ضده، وضد غيره،وما يحصل مع الجماعة الحوثية"انصار الله",من تحشييد قطيعي،ومن ذهاب للموت المجاني، تحت ضغوط وظروف مختلفة، لايعني صدقية وواقعية خطاب هذه الجماعة،قدر ما يشير إلى العكس على طول الخط . . ويؤكد على صدقية وواقعية مصطلح"الهاشمية السياسية"٫ وهو المصطلح الذي يرفض الفرز "السلالي"٫ الطائفي",اللاوطني" . وكان الأولى بالصديق/عيبان ان يتوجه بنقده إلى شعار وخطاب "الولاية"٫ وليس لنقد مصطلح "الهاشمية السياسية" .
اتصور ، وقد اكون مخطئا،وتمنى ان اكون كذلك، ان القول بخطأ مصطلح"الهاشمية السياسية"٫هو دخول في الكتابة الخطأ، وفي المعركة الحوارية الخطأ .
ٱن مصطلح"الهاشمية السياسية"٫جاء ليقول ان الحروب على الارض ليست دينية، وإن البست ذلك اللباس الديني، هي حروب سياسية مصالحية ، ودولتية، ومن هنا أهمية وضرورة فك الاشتباك بين الديني والسياسي، وبين الإجتماعي، والمذهبي، والطائفي
ختاما لهذه الفقرة، في مناقشة مصطلح "الهاشمية السياسية"، والتي سأعود إليها مرارا في الفقرة الثالثة/ التالية وفي أكثر من مكان لاستكمال صورة ما اريد ايضاحه باعتباره العنوان المركزي للمقالة، فإنني أرى أن مصطلح "الهاشمية السياسية" بقدر ما هو توصيف ذاتي وموضوعي للحالة البائسة، هو في الوقت ذاته نقد فكري وسياسي لها .
#قادري_أحمد_حيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 1-5 مقاربة أخرى
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|