أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أحمد - أعلاقة بين العقل والإيمان أم بين العقل والمصالح ؟















المزيد.....

أعلاقة بين العقل والإيمان أم بين العقل والمصالح ؟


عادل أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بسبب ما تركته محاضرة البابا بنديكتوس السادس عشر على المسلمين عموما ، وعلى العلاقة بين المسيحية والإسلام خصوصا ، من آثار وردود فعل سلبية تأتي هذه السطور محاولة أن تلقي الضوء على الأفكار التي تطرحها ... وسيكون المنطلق في هذه الملاحظات هو الجملة الأخيرة من محاضرة البابا والتي تقول : " ... فلنقبل على الحوار وستظهر المشكلات تباعا ، ويمكن البحث عن علاجات رحبة ومشتركة لها ، ودونما إزعاج . " .
مدخل :
لا يراد لهذه السطور أن تكون هجوما على المسيحية أو الكنيسة عموما ، فالمسيحية هي دين التسامح والمحبة والسلام . وإنما محاولة في الإسهام بتقويم ما اعوج ، وإصلاح ما تهدم، من خلال ممارسات بعض المسيحيين الذين يحاولون وبلا كلل خلق التعارض والعداء والقطيعة بين الإسلام والمسيحية وبين أتباعهما .
بالمقابل ، لا يراد لهذه السطور أيضا أن تكون دفاعا عن الإسلام ، وإنما محاولة لوقفة موضوعية من الأزمة الراهنة التي يعيشها الإنسان في هذه الأيام ، أزمة جوهرها هو التناقض بين الشمال الغني والجنوب الفقير، بين أسياد العولمة المتوحشة ( النيوليبرالية) وبين من يبحثون عن الحرية والأمن والحق والعدل .
وكما المسيحية هي دين التسامح والمحبة ، كذلك الإسلام هو دين السلام والمغفرة، وكما أنه في المسيحية هناك "" كهنة المعبد " الذين لعنهم السيد المسيح هناك في الإسلام ( كهنة ) من نوع آخر وهم الذين حذر منهم النبي محمد(ص) ، ( كهنة ) صادروا الدين وحولوه إلى تجارة سياسية من كل الأنواع .
لا يراد لهذه السطور أن تكون لا هذا ولا ذاك ، لأننا نعتقد أن الديانات السماوية هي من جذر واحد ، وأن كلا منها جاء استكمالا للدين الذي سبقه وتجاوزا محض طبيعي ومنطقي له .
بين يدي المحاضرة :
1- لمحاضرة البابا طبيعة أكاديمية ، فهي تتضمن أفكارا ومقولات تتعلق باللاهوت والفلسفة، بالعقل والإيمان ، ونظرا لطبيعتها هذه فإنها تشكل موضوعا حواريا بامتياز ، وكان يفترض بالتالي أن تكون لغتها بعيدة عن أساليب القطع والتأكيد والتقرير واليقين ؛ انطلاقا من أن كل صواب يحتمل الخطأ حتى تثبت صحته ، وكل خطأ يحتمل الصواب حتى يثبت خطله .
2- ولأن البابا هو من هو " رأس الكنيسة وممثل المسيحية" بمركزه وثقافته وعلمه وفكره وتجربته وتاريخه ، فان إقحامه لأفكار مجتزأة وأحكام قاطعة تجرم الآخر وتخطئه في مقدمة المحاضرة، وبهذا الشكل المستفز لمشاعر الآخرين والذي يطعنهم في عقائدهم ومقدساتهم ، كان سقطة روحية وفكرية وسياسية في آن ولن نستعجل القول في أنها مقصودة .
3- إلى جانب الانتقائية للنص، لجأ البابا وهو يتحدث عن العلاقة بين العقل والإيمان في الديانات السماوية ، لجأ إلى تجاهل لا نظنه إلا متعمدا لليهودية كدين ، مع العلم أن اليهودية هي الأساس التي قامت عليه المسيحية في محاولة لتجاوزها ، وليس أدل على ذلك من كثرة المعارك والمساجلات بينهما ، حتى بزت مثيلاتها بين المسيحية والإسلام . وإننا إذ نورد نص فقرتين من العهد القديم فليس لكي نساجل البابا أو لنصدر حكما قيميا أو أخلاقيا بحق اليهودية ، وإنما لنؤكد أنه بامكان أي إنسان أن يجد الكثير من النصوص لدى كل دين تبيح له إذا أراد أن يصدر مثل هذه الأحكام .
جاء في سفر يشوع 6: 21 ( وحرموا – قتلوا والتوضيح لنا – كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف .) .
6 : 24 ( واحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب .).
4- جاءت هذه المحاضرة في ظرف سياسي كوني معقد ومحتدم ، ولعل أبرز مظاهر الصراع فيه هي الهجمة الواضحة والصريحة ضد الإسلام . وبدلا من أن يقوم البابا بالعمل على ما من شأنه تخفيف حدة هذا الهجوم ، وتحويل الصراع من صراع حضارات وأديان إلى حوار إنساني ، قام بالمشاركة فيه سواء كان عن قصد أو بشكل عرضي .
في نص المحاضرة وأفكارها :
أولا : يبدأ البابا محاضرته وعبر عملية استرجاع تاريخية بإيراد قول للإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوغوس قاله على الأرجح عام 1391 م في حوار مع مثقف فارسي مسلم وكتبه فيما بعد داخل الثكنات العسكرية الشتوية قرب أنقرة ، على الأرجح إبان سنوات حصار القسطنطينية 1394- 1402 م. وكل هذا نقلا عن نشرة للبروفيسور عادل ( تيودور) خوري من جامعة مونستر. أما نص القول فهو : ( أرني ما هو الجديد الذي أتى به محمد ، وسوف تجد أشياء كلها شريرة وغير إنسانية من مثل أمره " بنشر الدين بالسيف" . شكل هذا القول المدخل إلى الموضوع ، ثم ظهر وكأنه هو الموضوع ، بحيث يظهر الإسلام كدين عنف وتوحش ولا إنسانية ، وهذا الفهم هو الصورة التي قصد تثبيتها في أذهان المتلقين .
إن هذه " الحقيقة " المتضمنة في الإسلام بحسب ادعاء هذا الإمبراطور هي الفكرة الجوهرية والرسالة التي على أساسها قامت محاضرة البابا وأراد إيصالها إلى البشرية . هنا ثمة ملاحظة أساسية لا بد من ذكرها وهي أن البابا دخل إلى موضوع لاهوتي وفلسفي بعد أن أصدر حكما قيميا وأخلاقيا وسياسيا على الإسلام .
ثانيا : كان واضحا تجاهل البابا للحروب الصليبية التي قامت باسم المسيح والكنيسة ، والتي دمرت في طريقها أولا بأول إمبراطورية بيزنطة ذاتها مهلكة آلاف الأرواح من سكانها المسيحيين الأوربيين قبل أن تصل إلى الممالك الإسلامية البعيدة ؛ وذلك دون أن يعطينا من خلالها حكم قيمة على المسيحية في ضوء رؤيته للدين من خلال العلاقة بين العقل والإيمان . وبالطبع فنحن لن نصدر مثل هذا الحكم لأن المسيحية شئ والفكر الذي أنتج فكرة الحروب الصليبية شئ آخر .
ثالثا : ألقيت المحاضرة في وقت تشن فيه الولايات المتحدة حربا ضروسا على المنطقة الإسلامية عموما وعلى الإسلام كدين خصوصا، وإذ تشير كل المعطيات إلى أن المحافظين الجدد في أمريكا مع حلفائهم في أوروبا يزيدون في هذه الأيام من أدائهم السياسي والعسكري باتجاه منطقة الشرق الأوسط ، فانه لا يمكننا إلا أن نتساءل عن سر هذا التلاقي بين سياسة البيت الأبيض والبنتاغون وبين ما قام به البابا ؟ . وبالتالي ، ألا يمكن القول مع من يقول : أن ما جرى لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لتشكيل غطاء ديني وروحي لهذا الهجوم المقام تحت عنوان " مكافحة الإرهاب " .
رابعا : ما إن يدخل قداسته في جوهر فكرة " العقل وعلاقته بالإيمان " حتى يعيد علينا بعضا من تاريخ المسيحية وتطورها ، يعلمنا من خلاله أن المسيحية إنما استكملت بناءها وبلغت رشدها بعد تلاقيها مع العقل الإغريقي ومن بعده الروماني ، ليؤكد لنا أوربية الفكر والدين المسيحيين . وهي الفكرة التي تقودنا إلى مفكري أوروبا الكولونيالية ممن كانوا ولا يزالون ينادون بالمركزية الأوربية على الصعيد العالمي . وغير خاف على أحد الهدف الحقيقي وراء هذه الفكرة، والتي تشكل السيادة الأوربية على العالم وبالتالي تبعية شعوب القارات الأخرى لها ، ودونيتها بالنسبة إليها مفهومها الجوهري .
تساؤلات تحتاج إلى إجابات :
1- على ضوء العلاقة بين العقل والإيمان ، والموقف من العنف في ضوء الفهم المسيحي، هل يمكن لقداسة البابا أن يتكرم ويشرح لنا ول" رعاياه " المسيحيين في كل أنحاء العالم ، موقف المسيحية من عنف وعدوانية وهمجية الولايات المتحدة وحلفائها في أوربا وموقفها كذلك من العدوان والاستباحة الصهيونية لفلسطين ولبنان واحتلالها لأراض عربية أخرى منذ عقود طويلة؟...
2- هل لقداسته أن يفسر لنا التراجع الحاصل في موقف الكنيسة البابوية المعتدل من الإسلام ومن قضية فلسطين إلى موقف يقترب أكثر فأكثر من موقف اليمين المحافظ في الولايات المتحدة، وعلى ضوء العلاقة كذلك بين العقل والإيمان؛ أم هو يريد أن يطوب لنا جورج بوش الابن " نبيا " متنبئا جديدا، أو مكلفا من السماء كما تحدث هو ذاته عن رؤاه وأحلامه .؟.
3- هل لديه تفسير مسيحي حقيقي للعنف الحاصل في العراق : أسبابه وعوامل استمراره وأهدافه ؟.
4- وهل يستطيع قداسته أن يصف المسيحية بأنها شريرة وعنيفة ، وبأنها تقوم على فكرة نشر الدين بالسيف والعنف والنار حين يسترجع ممارسات المسيحية إبان فترة محاكم التفتيش الأسبانية ،وسياسة التنصير بالقوة التي مورست أثناء وبعد خروج العرب المسلمون من أسبانيا ؟ نحن – بالمناسبة – لا نستطيع ذلك ولا نؤمن به ! .
5- ألا يعني شيئا لقداسته ذلك التعايش والتآخي الإسلامي المسيحي في منطقتنا ؟ وهل بامكان المرء ألا يلحظ نضالهما المشترك كتفا لكتف ضد المستعمر، كما حدث أثناء الحروب الصليبية وما يحدث اليوم على أرض فلسطين ! وبالمقابل ألا يمكن رؤية أن أي قتال أو صراع لم ينشب بين أتباع الديانتين إلا وكان للخارج ، ولأوربا تحديدا ، اليد الطولى فيه ؟.
في النهاية لهذا الموضوع ، ليس لنا أن نطلب من البابا لا اعتذارا ولا توضيحا ، وإنما نحن ننتظر منه ، بل ونعتقد أن من واجبه الروحي والأخلاقي ، أن يطلق نداء يتضمن الدعوة إلى التآخي والمحبة والعيش المشترك والحوار بين الإنسان وأخيه الإنسان. نداء يطالب فيه الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل أن يكفوا عن فرض إرادتهم وهيمنتهم على الشعوب. لأن تدخلهم وهيمنتهم تلك هي إلغاء للعقل وتعارض مع " اللوغوس" وضد مشيئة الخالق ورسالات رسله وأنبيائه . حينها سيبرز الوجه الحقيقي للمسيحية التي انطلقت من هذا الشرق المستهدف في ثرواته وإنسانه ، وسيتحقق التآلف الذي يدعو إليه قداسته بين العقل والإيمان .

سوريا – اللاذقية 22/9/2006



#عادل_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقطات
- هل يمكن عبور النفق المظلم؟ تأملات في الشأن السوري
- الحراك السياسي في المجتمع السوري -وجهة نظر
- الوحدة : شرك أم طريق خلاص
- بيدي لا بيد عمرو
- الصراع على سورية - المشهد الراهن - المخرج
- منظمات المجتمع المدنية
- اعلان دمشق : ولادة على عجل
- لماذا اغلاق منتدى الأتاسي ؟
- الشهيد جورج حاوي : السؤال الكبير
- المسـألة الوطنية ودورها في وحدة قوى اليسار والديمقراطية
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
- عندما تختلط السياسة بالرغبات
- سورية : ضرورة التغيير وموجباته
- عن التاريخ والفكر والانسان
- عن التاريخ والفكر وزالانسان
- الوحدة الوطنية كأداة أساسية في مواجهة المخاطر
- سوريا : التغيير وأدواته
- رؤيا عامة لحالة سياسية جديدة
- رؤية عامة لحالة سياسية جديدة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أحمد - أعلاقة بين العقل والإيمان أم بين العقل والمصالح ؟