أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ضياء السورملي - محمد البدري وداعا














المزيد.....

محمد البدري وداعا


ضياء السورملي

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


رحل عنا وغادرنا بغفلة الفقيد المرحوم الكاتب الكردي محمد البدري ، وبفقده خسر الشعب الكردي واحدا من أبرز الكتاب والأدباء المعروفين بنضالهم العتيد ، وفقدت مدينة الكوت واحدا من ابناءها البررة من الكرد الفيليين الذين ناضلوا في تاسيس لجنة محلية الكوت للحزب الديمقراطي الكردستاني جنبا الى جنب مع بقية المناضلين الاخرين ،

عرفت محمد البدري لاول مرة عندما كان يعمل في الأذاعة السرية الكردية للبشمركة في سنة 1974 في مدينة جومان في كردستان ، كان يعمل في القسم العربي وكان يقرأ اخبار المقاتلين الكرد وهم يتصدون للقوات المعتدية على المناطق الكردية ، كان صوته مدويا وحماسيا ويصل صوته الى اسماع كل المناضلين في المناطق الوسطى والجنوبية في العراق ، قابلته في جومان وفي سهول وجبال كردستان كنت وقتها في ريعانة شبابي انذاك حيث تركت كليتي في جامعة البصرة والتحقت بالحركة الكردية المسلحة ، وعندما التقيته في مدينة جومان اخبرني بانه يعرف عائلتنا ويعرف والدي شخصيا وانهم كانوا يعملون سوية في مدينة الكوت وفي تنظيمات البارتي وانه كان يعمل في لجنة محلية الكوت للحزب الديمقراطي الكردستاني كما أخبرني عن معارفي واهالي الكوت من الكرد الفيليين ، التقيته مرة اخرى في اتحاد الادباء الكرد في بغداد بعد عشرة سنوات من لقاءنا الأول تبادلنا الحديث الطويل والشيق ، كان حلو المعشر ولطيفا وكان يحمل في ذاكرته اشعارا وقصائد كثيرة ، كانت همومه متشعبة ومتعددة ، كان يحمل هم الوطن وهموم الكرد المسفرين وهموم العوائل التي كان مسؤولا عن اعالتهم ، كان المرحوم يعتصر من دمه ولحمه وفكره في سبيل اسعاد الأخرين

إلتقيت به اخيرا في مؤتمر اربيل للكرد الفيليين في ديسمبر من السنة الماضية وايضا بعد عشرة سنوات تقريبا . تبادلت الحديث معه مجددا ، كان المرحوم مجللا بالملابس السوداء ولم اكن اعرف ماذا ألم به من عوادي الزمن لانقطاع اخبارنا عن بعض ، بكى بحرقة عندما عانقته واخبرته لماذا تلبس السواد ، فقال لي والدموع لم تصمد في عينيه ، لقد فقدت ابني آراس ، لقد اغتالته يد الغادرين ، اغتالته ايادي المجرمين ، كان متألما جدا لفقده فلذة كبده ، قبلني وقال لي ارى في وجهك وجه والدك وبكى كان شديد العاطفة وذو حس مرهف ، قلت له لقد توفي والدي ولم اتمكن من رؤيته ولم استطع ان احضر مراسيم الدفن والجنازة بسبب الحكم العفلقي البعثي

تبادلنا العناوين وارقام الهواتف وتبادلنا الحديث الطويل ، اخبرته بانني احتفظ له بمقالات منشورة في جريدة التاخي يعود تاريخها الى شهر تموز سنة 1980 ، انفرجت اساريره وضحك وقال وكيف سترسلها لي ، قلت له سوف انشرها لك باسمك تباعا ، لم استطع الوفاء بعهدي له لكثرة انشغالي ، واليوم اصبح لزاما علي ان اعيد نشر ما كتبه قبل اكثر من عقدين من الزمان وسابدا بنشر مقالة رائعة كتبها بتاريخ 26/7/1980 في جريدة التاخي التي كانت تصدر في بغداد وهي بعنوان لحظات في رحاب الشعر الكردي الكلاسيكي

كان المرحوم البدري رفيقا وصديقا لعائلتنا وكان يقضي معظم وقته مع والدي المرحوم عبد الستار كاظم ، كانا صديقين منذ شبابهما وعملا معا في اتحاد الأدباء الكرد وعملا في تنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني كما يذكر ذلك المرحوم محمد البدري في مقالة منشورة له مؤخرا في جريدة التاخي بانه عمل في لجنة محلية الكوت للحزب الديقراطي الكردستاني مع والدي ومع سلمان بيجان وعلي اكبر براري وطاهر نادر ونامي مامكة كما تم اعتقاله اكثر من مرة وسجن في نقرة السلمان وفي السجن المركزي وفي سجن الكوت ، ان السجون العراقية لا نعني بها جرائم جنائية وعند ذكر السجون العراقية فاننا نقصد بها السجون للمفكرين السياسين ومن دون محاكمات اصولية ، يزج بالسجن كل من يقف معارضا لافكار الانظمة المتسلطة على رقاب الناس ، كان المرحوم البدري واحدا من هؤلاء الذين ضحوا بشبابهم وحياتهم في سبيل نصرة قضايا وطنهم

ان المرحوم محمد البدري موسوعة شعرية وكان هو شاعرا وناقدا واديبا ومناضلا يشهد له الجميع بالأخلاق العالية والمعشر اللطيف والكلمة العذبة ، كان هادئا رؤوفا رحيما عطوفا ، بذل كل حياته في سبيل مبادئه وقوميته وشعبه وفكره ، كان انسانا مسالما ، لقد فقد الشعب الكردي برحيله وردة ازكت برائحتها وعطرها سهول ووديان وجبال كردستان

يقول محمد البدري عن المرأة ، انني في الواقع لا اجد عيبا في ان يكتب الشاعر قصائد الحب والتغني بجمال الحبيبة ولست بمؤيد لتلك الأراء الداعية الى تحجر العاطفة وتحويل المرأة وهي تمارس عملية البناء والذود عن كرامة الشعب ومعها في الوقت ذاته حين تعود بعدها الى احضان طبيعتها الأنثوية فتبدو وكأنها بركانا من الشوق والعاطفة والرقة ...

قام الأديب محمد البدري بترجمة العديد من الدراسات والمواضيع من اللغة الكردية الى اللغة العربية واغنى المكتبة العربية بالعديد من المقالات عن الشعر الكردي الكلاسيكي والشعراء الكرد وكتب بقلمه العديد من القصائد الجميلة ، سناتي عليها في مقالات قادمة لنسلط الضوء على قابليات وابداعات الأديب والكاتب الكردي محمد البدري

وداعا محمد البدري ، ستبقى في ذاكرتنا دوما فقد كنت ثائرا لم تغرك الرتب ولم يوهنك الجوع ولا التعب ، كان الشباب عزمك رغم قسوة الزمن ولم نجدك يوما الآ صابرا ولم نسمع منك لا برم ولا عتب، اقسمت ان تكون مفكرا وفكرك متقد وروحك كالبركان كلها لهب ، اقسمت ان تستمر بدربك وتروي بفكرك انهار الزمان والحقب ، كنت نسرا وصقرا في جبال كردستان ولم ينخفض تحت جناحيك غيم او سحب ، كنت شامخا كالطود لم يفت فيك عضد ولم يلتوي لك عصب ، محمد البدري وداعا ، نم قرير العين فقد سلمت من التعب وانزاح عنك الهم والكرب ، ان البكاء على عباقرة بعد الرحيل لا يعدو عن تزلف وكذب



#ضياء_السورملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيروت تحترق من جديد
- المعتوه بن لادن
- أبو شنيور في المحكمة
- الصابئة المندائيون - ملائكة السلام
- الدكتورة رايس أو السيدة تمنايه
- الزعيم الأبله
- المرأة العراقية
- معوقات تشكيل الحكومة العراقية
- هل ينجح وباء انفلونزا الطيور في انقاذنا ؟
- هل نجحت السياسة الأميركية في العراق ؟
- ستاتين الدواء المضاد للكوليسترول
- لا تناشديهم يا بيان
- التفاعلات السياسية والحروب وتأثيراتها على الأقتصاد الأميركي
- الملف النووي الأيراني الى أين ؟


المزيد.....




- كيف سيغيّر مقتل يحيى السنوار مسار الحرب؟.. الجنرال باتريوس ي ...
- ترحّمت على يحيى السنوار.. شيخة قطرية تثير تفاعلا بمنشور
- صورة يُزعم أنها لجثة يحيى السنوار.. CNN تحلل لقطة متداولة وه ...
- استشهد بما فعلته أمريكا بالفلوجة والرمادي وبعقوبة.. باتريوس ...
- قائد القيادة المركزية الأمريكية يهنئ الجيش الإسرائيلي بالقضا ...
- سوء الأحوال الجوية يؤخر عودة مركبة Crew Dragon إلى الأرض
- رماة يتألقون في عرض -يابوسامي- ضمن مهرجان الخريف بمعبد نيكو ...
- الحرب بيومها الـ378: مهندس -طوفان الأقصى- يودع ساحة المعركة ...
- الأزمة الإنسانية تشتدّ... المنظمات المحلية طوق نجاة السوداني ...
- علماء يرسمون خارطة للجدل البشري قد تساعد في معالجة الندوب


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ضياء السورملي - محمد البدري وداعا