|
الهوس الديني وجحيم الفوضى!
بثينة تروس
(Buthina Terwis)
الحوار المتمدن-العدد: 7339 - 2022 / 8 / 13 - 12:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مشهد اول: لقد عبث الجنرال الانقلابي البرهان، وقبيله من الاخوان المسلمين، بهيبة شيخ وقع في فخ المكيدة، وللأسف لم تسعفه حكمة الشيوخ في استقراء سوئهم واستغلالهم للدين، ولا انوار الطريق في التفريق بين القاتل والمقتول، او الخبيث من الطيب. وذكر الشيخ الطيب ود بدر الجد ضمن مبادرته (ان الصوفية هم الذين ظلوا دوما يبادرون الي معالجة أوضاع السودان وهذا ثابت منذ التاريخ ولهذا نجدهم دوما يعملون لفعل الخير).. ونحسب انه رأي صائب بالفعل فلقد حفظ التصوف هذا البلد، وحفظ على اهله اصائل الطباع! ذلك قبل ان يحكم الاخوان المسلمون البلاد باسم المشروع الاسلامي، وتحكيم شرع الله، وتخضع لهم اعناق الصوفية، والفقهاء، والسلفيين، والوهابية، ورجال الدين! وبينهم فقه الضرورة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).. صمتوا صمت القبور عن مفاسد الحكام، والفجور باسم الدين، لم تمتلئ بهم بيوت الاشباح، ولم تخشوشن جلودهم من تعذيب المعتقلات! بل نالوا جزاء صمتهم السلامة والنعم. ثم اندلعت ثورة ديسمبر المجيدة، وخاض الشباب غمار التهلكة، يلقون بأيديهم في نيرانها، يقدمون ارواحهم رخيصة من اجل اللحاق بركب المدنية، (الموت الموت وينو) (مدنيااااو).. ولقد فتحت مبادرة (الجد) شهية (نداء الهوس الديني)، حتى وجد (التكفيري) مزمل فقيري مرتعاً خصبا، لممارسة هوايته في الانحطاط بهيبة المساجد، والتهريج وسوء الادب في مساجد الله، وتوزيع صكوك التكفير، و(ان التصوف هو دين الكفر بالله)، وسط تهليل وتكبير تابعيه، وبالرغم من استخدام الشيخ السلفي للميديا ووسائل التطور الإعلامي الصادر من بلد (الكفار) ( غير الموحدين) لم يساهم في حل ازمة البلاد الراهنة، غير انه صب جام غضبه علي جميع الصوفية بما فيهم الشيخ فرح ود تكتوك الذي خدم مجتمعه واصلح حال المسلمين بحكم وقته، واصفا له بانه (اكبر طاغوت) وصمت عن الطاغوت البرهان، ولم يفعل غير تفنيد قصائد القوم، وخلق مسرح للإضحاك من قيم حفظت الاخلاق بين الناس، قبل ان تعبر السلفية والوهابية مع شيوخ الريالات السعودية، و(ظروف) الحكام! ويكفي ان مزمل فقيري لم يتعرض للسجون والمعتقلات الا حين شتم وخاض في عرض النبي صلي الله عليه وسلم.. مشهد ثاني: له علاقة متجذرة في أصل المشهد الأول، اذ الجمهور الذي يتحلق حول حلقات الهوس والفتنة الدينية، تفرخ في حقبة حكم الظلاميين، الذين كانت ثورتهم في التعليم العالي، ضد الفكر والتمدين والحداثة، بحيث قاموا بتعريب المناهج، وتحريم اللغات الاجنبية وحرمان أبناء الشعب من الابتعاث للتعليم في الخارج، وسيطرت مافيا الاستثمار الاخواني على الجامعات والمؤسسات التعليمية غير الحكومية، وجميع ذلك تحت ستار الدين والقيم الإسلامية، والابتعاد عن التغريب والكفر! في حين ان أبناء الحكام في الدولة الدينية، درسوا وتخرجوا في الجامعات الغربية ويتحدثوا اللغات الأجنبية بتجويد يفوق تجويدهم للقراَن الكريم، الذي يتاجرون به لنهب أموال الناس. وبرنامج (تاج الحافظين) وجه من أوجه ذلك الاتجار بالدين، التي نشطت مستغلة خلف الكواليس أوضاع حالة اللادولة وانعدام المؤسسات في ظل الانقلابيين، لقد قرأت استغاثة بروفيسور مهدي امين التوم، التي يدق فيها ناقوس الخطر من اعتماد وزارة التربية (لنظام تاج الحافظين) الذي يهدف الي تحويل المدارس الي خلاوي، وانهيار النظام التربوي - 10 أغسطس 22.. وبالرجوع لليوتيوب يطالعك نظام لا يستحي ولا يفتر فيه الاخوان المسلمين من الاستثمار في دين الله!! جاء فيه (نظام تربوي يخضع لوزارة التربية والتعليم مقسم لعدة مستويات الرياض: جزء عم وتبارك ونور البيان، بإضافة اللغة الإنجليزية والرياضيات (التربية الإسلامية). ثم الابتدائي يحفظ كتاب الله في الصف الرابع، واجادة بقية المواد، ثم يتفرغ التلميذ لبقية المواد الاكاديمية كاملة، ليمتحن الابتدائي قبل اقرانه بعام كامل! يلي المتوسط يراجع ما درس ثم يمتحن بعد عامين فقط! اخيراَ الثانوي يدرس الفصلين الأول والثاني كل فصل سبعة أشهر، ليجلس الطالب لامتحان الشهادة مختصرا لعام كامل) انتهي.. البرنامج يستبطن سياسات الذين وقفوا في وجه ثورة التعليم العالي، وتغيير المناهج في ثورة ديسمبر المجيدة، لا يعني بالسلم التعليمي، وسنين الدراسة الذي توافق حوله العالم، يجنحون لتسويق التعليم على طريقة البضائع الكاسدة في الأسواق المتجولة، مطلية بدهان اختصار السنين الدراسية، وقداسة القراَن الكريم (تاج الحافظين)!! مستفيدين من معركة الإرهاب الديني ضد سياسات التعليم وتطوير المناهج، التي قادها الفقهاء، وجماعة الحل والعقد، ومافيا الفساد! من الذين وقفوا ضد مجانية التعليم والكتاب المدرسي، وحولوها لمعركة تكفير ومفارقة للعقيدة! بالصورة التي تمنع حتى التربويين، والمثقفين، والمعلمين من الإقرار بان تحفيظ القراَن ليس بفريضة مقررة علي المسلم، وانما القران خلق للتدبر، والاعانة على العبادة، وان يعاش في اللحم والدم (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) قول هادينا عليه الصلاة والسلام. لقد زيف هؤلاء المستثمرين الوعي الجمعي، ودمروا مستقبل التعليم، والأخلاق، وفشلوا في مواكبة التطور والابداع وخلق الجمال الذي طالب به الشباب في ثورتهم. ومشهد أخير تجمعت فيه ويلات بلادي من غده! حيث ختمت ورشة (الحوار حول الإطار الدستوري الانتقالي) بدار المحامين، بأحداث عنف وضرب بالهراوات وشغب قام به الأعضاء المنتمين للإخوان المسلمين، احتجاجا على أعضاء لجنة التسيير، وأنها قد تم تعينها بواسطة لجنة إزالة التمكين! وبحق يا خسارة القضاء الواقف، الذي فشل في استخدام القانون بين القانونيين أنفسهم، فكيف يرجي من أمثال هؤلاء المخربين عدالة! واحترام لحقوق الانسان! ان الذي اثار مخاوفهم حقاَ هو التفاف القوي الحية حول مسار التحول الديموقراطي، وأسس دستور يؤسس للسلطة المدنية. الشاهد ان القوي السياسية في عجزها عن رؤية ان المتفق حوله بينها أكبر من خلافاتها، تتناسي ان قوي الردة واعداء التغيير اليوم هم القادة الفعليين للبلاد.
#بثينة_تروس (هاشتاغ)
Buthina_Terwis#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفد (السفارة) بين الاخلاق والسياسة!
-
قادة حركات ولؤم طباع!
-
البرهان وتجديد وصاية المحتل!
-
انهم يغتالون الاخلاق!
-
مالك عقار ومصيدة الانقلاب!!
-
(9) طويلة (الجريمة والعقاب)!
-
يا ويل المساكين.. من جمعية القراَن الكريم!
-
البون الشاسع بين (الفحولة) والتمدن!
-
كبر.. والتكبير فوق أشلاء المساكين!
-
قصور المواثيق ام ذكورية القائمين عليها!
-
لا يحل مشكلة السودان الا السودانيون أنفسهم!
-
طوى حمدوك عباءته.. فلنواجه خفافيش الظلام
-
الاغتصاب في حكومة حمدوك!
-
المواطنة كعب أخيل الحركة الإسلامية!
-
حمدوك.. (كيف سنعبر)!
-
محنة الوطن لا تحل بجوع البطون!
-
التطرف والفوضى صناعة اخوانية!!
-
ما بين ترك والقراي.. (اي كوز ندوسه دوس)!
-
مخاوف نسوية في ظل معارك الإسلامويين!!
-
القضايا النسوية والعقول الطالبانية! (2) الاعلان السياسي ووحد
...
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|