|
صفعتان مدويتان يتلقاهما خذ النظام السطاني المخزني المغربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7338 - 2022 / 8 / 12 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظرف وجيز وجد متقارب ، تلقى النظام السلطاني المخزني المغربي صفعتان مدويتان ، لم يكن ينتظرهما على الاطلاق . الصفعة الأولى قيام رئيس الدولة الكولومبية الجديد ، اليساري Gustavo Petro باستقبال مبعوث إبراهيم غالي وزير الخارجية الصحراوية ، التي اعترف بها النظام المغربي في 31 يناير 2017 ، ونشر اعترافه في الجريدة الرسمية للدولة عدد 6539 .. ، محمد ولد السالك ، مُجدداً اعتراف دولة كولومبيا بالجمهورية الصحراوية ، حين أعاد ربط العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .. وبالمناسبة ، فتجديد الرئيس الكولومبي Gustavo Petro ربط علاقات بلاده مع الجمهورية الصحراوية ، لم يكن مفاجأ كمفاجئة الصفعة الثانية الأكثر من قوية ، لان لها دلالات تعبيرية واضحة ، لان الرئيس اليساري الكولومبي ، من المناضلين الثوريين الذين انتموا باكرا الى تنظيم حرب العصابات المدينية الثورية La guérilla urbaine ، وانتمى في سنة السابعة عشر من عمره لحركة " 19 ابريل الثورية " التي تأسست سنة 1970 ، وتم حلها في سنة 1990 . كما كان ضحية تعذيب جسدي فظيع من قبل جيش النظام الكولومبي ، وافكاره كلها مستمدة من الديانة الكاثوليكية في رافدها التحرري . Ces idées politique sont influences par la théologie de la libération .. فاسترجاع العلاقات بين كولومبيا والجمهورية الصحراوية كان متوقعا منذ فوزه في الانتخابات .. لكن الصفعة القوية التي تلقاها النظام المغربي ، والتي لم تكن منتظرة على الاطلاق ، هو قيام الولايات المتحدة الامريكية بالشروع في بناء قنصليتها على مساحة 2،8 هكتار بالدارالبيضاء ، وبتكلفة 300 مليون دولار .. الخطورة فيما أقدمت عليه الولايات المتحدة الامريكية ، ليس البناء لقنصليتها ، بل ان الخطورة هو ان بناء قنصلية أمريكية بالدرالبيضاء ، هو موقف صريح وواضح من واشنطن من نزاع الصحراء الغربية ، واهم ما يستفاد منه ، هو التخلي النهائي لواشنطن عن اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، الذي وعد بفتح قنصلية أمريكية ولو افتراضية بمدينة الداخلة .. فان تقْدم الولايات المتحدة الامريكية على الشروع في بناء قنصلية على مساحة 2،8 هكتار ، وبتكلفة 300 مليون دولار ، وتتجاهل ما وعدت به من فتح قنصلية لها بالصحراء ، ليس له من تفسير غير ما سبق للرئيس الأمريكي John Biden ان أكد عليه بالإلزام بالمشروعية الدولية ، والأمم المتحدة لحل نزاع الصحراء الغربية ، خاصة عندما شدد على ضرورة تعيين مبعوث شخصي للأمين العام بملف الصحراء ، وحث اطراف النزاع على الدخول في مفاوضات مباشرة ، ومن دون شروط لحل النزاع الذي عمر لأزيد من سبعة وأربعين سنة مضت . ان موقف واشنطن الذي كان واضحا ، لان اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، لم يكن قناعة أمريكية راسخة بمغربيتها ، لكنه كان ابتزازا ورط فيه النظام المغربي المتهافت ، بإخراج علاقاته مع الدولة الصهيونية التي كانت من تحت الطاولة الى العلن .. وهو ما اعتبر في حينه بمقايضة رخيصة للقضية الفلسطينية بقضية الصحراء الغربية .. الآن النظام السلطاني المخزني المغربي ، اعترف صراحة بالدولة الصهيونية ، لكن الإدارة الامريكية لم تعترف بمغربية الصحراء ، ولن تعترف بها الاّ اذا اقرتها نتيجة الاستفتاء الذي تنص عليه قرارات مجلس الامن ، وبقي من ثم وعد Trump بفتح قنصلية بالداخلة المتنازع عليها ، بمثابة حلم ذهب ادراج الرياح .. دون ان ننسى تألم النظام المغربي كثيرا ، من تبخر خمسة مليار دولار التي وعد بها Trump ، كاستثمارات في الصحراء .. وفي سبيل التودد للإدارة الامريكية بتنفيذ التزاماتها ، وأهما الاعتراف الصريح ، وتأكيد اعتراف Trump ، ومراهنة على دور إسرائيلي في هذا الصدد ، ذهب النظام السلطاني المخزني ، الى تبادل الزيارات بين المسؤولين المغاربة والصهاينة ، وزار الرباط بالأساس وزير الدفاع الصهيوني ، والقائد الأعلى للجيش ، ورئيس الوزراء ، وتم ابرام اتفاقيات بين الجهاز البوليسي السلطاني ، وبين الموساد والشاباك الصهيوني ، كما تم ابرام اتفاقيات بين الجيشين الصهيوني والسلطاني ، ووصل التعاون اوجهه ، وباسم الدفاع عن مغربية الصحراء ، حين وجهت الدولة الصهيونية تهديداتها للجزائر من الرباط عاصمة الدولة السلطانية . ولعمري انه اول مرة توجه فيها الدولة الصهيونية تهديداتها لبلد عربي من بلد عربي اخر .. ورغم ذهاب النظام السلطاني المخزني في علاقاته مع الدولة الصهيونية بعيدا ، عند ابرام تلك الاتفاقيات المرفوضة ، وهي علاقات تعود الى اربعينات ، والى ستينات القرن الماضي ، فموقف تل ابيب من نزاع الصحراء ، حينما ايدت حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في ابريل 2007 ، لم يتجاوز هذا الحل ، لصالح اعتراف الدولة الصهيونية صراحة بمغربية الصحراء .. فتمسك الساسة الإسرائيليون بحل الحكم الذاتي ، لا يعني انهم ضد المشروعية الدولية التي تتمثل في القرارات التي اتخذها مجلس الامن من النزاع ، بل ان تل ابيب التي تؤيد حل الحكم الذاتي لا تنفي تشبتها بالقرارات الأممية ، وبالأجهزة الدولية التي تنظر في حل النزاع المعلق . وحتى ولو افترضنا جدلا ان الدولة العبرية ، اعترفت صراحة بمغربية الصحراء ، فهذا الاعتراف في حقيقته سيبقى لترطيب خاطر النظام المغربي الذي تهدد وجوده قضية الصحراء . بل ماذا سيجني النظام المغربي من اعتراف صهيوني بمغربية الصحراء ، وغطاء الدولة العبرية ، الولايات المتحدة الامريكية لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتصر على المشروعية الدولية ، وتتصرف ضد مغربية الصحراء .. بل ما هي القيمة المضافة التي سيضيفها الاعتراف الصهيوني بمغربية الصحراء للموقف الأوربي الداعي الى التمسك بالمشروعية الدولية . بل ماذا سيغير الاعتراف الصهيوني من موقف الاتحاد الافريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية التي ساهمت في تحرير قانونه الأساسي .. ان النظام السلطاني المخزني الذي يراهن على دور إسرائيلي عسكري في الدود عن مغربية الصحراء ، يجهل تماما انه اذا قدر الله واندلعت حرب بين النظامين الجزائري والمغربي ، فان اقصى ما تستطيع إسرائيل فعله ، لن يتعدى بيع أسلحتها الى النظام المغربي .. اما اذا اعتقد النظام السلطاني ان تل ابيب ستهِب جنودها للموت في حرب مع الجزائر ، وهي التي تحرص على سلامة جيشها ومواطنيها ، فهذه قمة الغباء التي وصلها النظام السلطاني المخزني المغربي .. ان إسرائيل التي تنفخ في الأوضاع بالتحريض ، وبالظهور بالطرف المعني بما يدور بالمنطقة ، سيكون من مصلحتها انْ تنشب حرب طاحنة بين النظامين المتنازعين المغربي والجزائري ، لتدمير البلدين معا ، وارجاعهما الى الحالة التي أصبحت عليها ايران والعراق بعد ثماني سنوات من حرب عبثية لم يحسمها أي منهما لصالحه .. فما جرى بين العراق وايران ، هو ما تأمله تل ابيب بين الرباط والجزائر العاصمة .. وهو نفسه الترجي المنتظر لواشنطن ـ وللاتحاد الأوربي الذين سيستفيدون من هذه الحرب اذا اندلعت ، ويمكن ان تندلع فجأة لسبب بسيط ، وستخدم مشروعهم الذي هو تقسيم المقسم ، وتجزيئ المجزأ .. ورغم ان موقف الولايات المتحدة الامريكية كان واضحا منذ انطلاق بداية النزاع ، فان النظام المغربي كان يملي نفسه بحدوث مفاجأة أمريكية ، تؤكد اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وكان اعتراف ابتزاز امريكي للنظام المغربي ، واعتراف مقايضة على القضية الفلسطينية . لكن ان قيام واشنطن بالشروع في تشييد قنصلية ضخمة بالدارالبيضاء على مساحة 2،8 هكتار ، وبتكلفة 300 مليون دولار ، وتجاهل وعد Trump بفتح قنصلية بمدينة الداخلية ، ولو افتراضية ، يكون قد قطع الشك باليقين من الموقف الأمريكي الحقيقي من نزاع الصحراء الغربية ، وهو رفض الاعتراف بمغربيتها ، لان مسألة الاعتراف من عدمه ، هي بيد مجلس الامن والجمعية العامة اللذان يتوليان بحث هذه القضية مرة او مرتين في السنة . فالقول باللجنة 24 التابعة للأمم المتحدة ، يعني ان الأمم المتحدة تعتبر نزاع الصحراء ، هو تصفية استعمار حله سيكون بالاستفتاء وتقرير المصير .. ان الموقف الأمريكي ، وموقف الاتحاد الأوربي ، وموقف الاتحاد الافريقي ، وحتى القضاء الأوربي بالنسبة للقرارات التي خرجت بها محكمة العدل الاوربية ، في دعاوى ابطال الاتفاقيات المبرمة بين النظام المغربي ، والاتحاد الأوربي .. هي مواقف واضحة وليست رسائل .. والحل الذي ينتظر نزاع الصحراء ، سيصبح جاهزا خلال السنتين القادمتين ، وربما اقل اذا حصل الفراغ في الحكم ، ونزل الشعب الى الشارع ، خاصة في الجنوب في الأراضي المسترجعة ، وتم رفع شعارات تناصر الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام المغربي ، حتى يصبح عضوا بالاتحاد الافريقي ( اعتراف 31 يناير 2017 / الجريدة الرسمية عدد 6539 ) .. فالمنتظر هو حل تيمور الشرقية La timorisation du Sahara occidental ، وربما وحسب الأوضاع التي ستحصل داخل المغرب عند حصول الفراغ ، خاصة النزول والاعلان العصيان المدني في الصحراء ، فان الأمم المتحدة قد تلجأ الى التصويت المباشر على قبول او عدم قبول الجمهورية الصحراوية في حظيرتها .. والخطر الذي سيتدرع به الجميع ، هو اعتراف السلطان المغربي بالجمهورية الصحراوية امام العالم .. فكيف هنا للنظام ان يحرم العالم مما قام به هو وعن طيب خاطر ، عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ؟ الوضع خطير والمنتظر سيكون اخطرا ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحطيم التقاليد في إطار التقاليد . توظيف الدين والتراث في الص
...
-
هل جاء تذكير جوزيف بوريل بجديد لنزاع الصحراء الغربية ؟
-
5 غشت 1979
-
أنتِ // أنت
-
السيد عبدالرزاق مقري زعيم - حركة مجتمع السلم - الجزائرية ، ي
...
-
آليات السيطرة الامبريالية على الدولة السلطانية المخزنولوجية
...
-
حظروا كفنكم لرفع الظلم ونيل حريتكم . ان غدا لناظره قريب .. ا
...
-
خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة عيد العرش
-
الدولة الرعوية - البطريركية
-
هشتاگ - أخنوش - إرحل .
-
هل تم تأجيل أم إلغاء حفل الولاء / البيعة
-
في الديمقراطية .
-
أستراتيجيات الدولة السلطانية
-
التبضّع - البزْنسْ - المِرْكنتيلية حتى في السياسة .
-
حقوق الانسان والاستثمار السياسوي المفضوح .
-
الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السي
...
-
الإستبداد السياسي .
-
الهزيمة التاريخية
-
موسم الهجرة من بلاد قابلة للنسيان ...
-
محكوم على زيارة ستيفان دوميستورا بالفشل .
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|