|
وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي ..جرأة وحياء / الفسم الثاني والأخير
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:58
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
المقدمة التي تتصدر الوثيقة البرنامجية ، تتحدث وكأنما العراق والشعب العراقي ، يعيشان في عالم آخر ، تسوده ظروف آمنة ومستقرة ، النظام والقانون هما الفيصل في حياة الناس ، وحرية الفرد الشخصية والعامة مصانة ، وبأيدي مخلصة وأمينة ، والقوى السياسية العراقية ، بمختلف ألوانها وفصائلها ، غير متناحرة بقوة السلاح ، وتنتظم فيما بينها بعلاقات ودية وسلمية ، ومتفقة على الدستور بكل بنوده وتفاصيل مواده ، والديموقراطية هي الأسلوب الوحيد السائد بين هذه القوى لحل الخلافات فيما بينها . شيء جميل أن يحلم المواطن العادي بوطن فيه كل ما تقدم ، ولكن السياسي الملتزم والمسؤول ، أمام ضميره وأمام الفكر الذي يحمله ، والناس التي يدعي خدمتها ، عليه أن يدقق في رؤية الواقع الذي يعيشه ، وكما هو على الأرض دون رتوش ، وعليه أن يجد الحلول الواقعية والمنطقية ، لتفاصيل معيشة وحياة الناس بكل تفاصيلها وتعقيداتها ، في ظل ظروفها الآنية دون تجاوزها ، فالاحتلال والإرهاب ، والقتل الذي تمارسه الميليشيات ، والجيوش ، على الهوية وبدونها ، وانعدام الحريات الخاصة والعامة ، وغياب القانون ودولته ، ودستور على الرف ، ومجلس نيابي مزيف ، كل هذا كان على معد الوثيقة البرنامجية أن يراها ، وبوضوح ، فهي ما تؤسس لهذه الفترة التاريخية الفريدة والعصيبة في التاريخ العراقي الحديث ، حيث خضوع العراق بكامله ، لسيطرة القوات الأجنبية ، الأمريكية والبريطانية، التي أسقطت النظام البعثي الفاشي ، وفي ظل هذا الواقع ، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ، يتوجه الحزب الشيوعي العراقي ، لعقد مؤتمره الثامن . ملامح وسمات هذا الوضع تتطلب بالدرجة الأولى وضع وصياغة برنامج غير عادي ، برنامج لمرحلة تحرر وطني يستنهض قدرات وطاقات كل مكونات الشعب العراقي ، لإعادة بناء اللحمة الوطنية للشعب ، والبنى التحتية لعموم العراق ، التي خربها النظام القومي ـ الفاشي الساقط ، وتعمق هذا الخراب بسبب جرائم قوات الاحتلال ، وأجهزت على البقية الباقية من هذه البنى ، قوى الحكم ، الدينية ـ الطائفية ، والقومية ـ العنصرية ، في مثل هذا الظرف القاسي والمعقد ، من الصعب جدا رسم برنامج سياسي واقتصادي متكامل وناجح ، يعده حزب ما ، لفترة لاحقة ، مهما كانت قدرة وسعة هذا الحزب ، في ظل ظروف الاحتلال ، وإرهاب فرق الموت الأجنبية ، ونشاط فرق الذبح التكفيري ، الدينية ـ الطائفية ، ، ومليشيات الأحزاب الدينية والقومية الحاكمة . تجاهل هذا الوضع ، في صياغة البرنامج ، لن يساعد على تنفيذ أي بند من بنود هذا المشروع ، والمطلوب من معدي البرنامج أن يأخذوا بنظر الاعتبار العوامل المؤثرة عند تشريعه ووضعه موضع التنفيذ ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ملاحظات غابت عن المشروع . القسم الأخير من الصفحة الأولى للمشروع ، تتطرق إلى فدرالية كوردستان ، " ويدعو إلى تعزيزها .." فإذا كان هذا صائبا فما وجه الصواب في " ...واعتمادها في مناطق العراق الأخرى وفقا لاحكام الدستور .." الحزب الشيوعي العراقي يعلم جيدا أن الدستور قد صيغ واسُتفتي عليه في ظروف غير اعتيادية ، حين زورت إرادة الناخبين ، تحت وطأت القتل والتهديد به ، وضد الحزب ورفاقه ومؤيديه مورست مثل هذه الجرائم ، حيث حرقت مقراته وقتل الكثير من رفاقه ومؤيدية ، كما حصل لغيرهم من الأحزاب الأخرى ، وهذا دليل على أن لا حرية لناخب أو ُمستفتي ، ثم أن الدستور رهن لتغيير وتعديل بعض فقراته بموجب المادة 142 ، ومن ضمن ما هو مطلوب تعديله ، ومختلف عليه ، بين القوى السياسية العراقية ، قضية " الفدرالية " سواء أكانت في الجنوب أم في الوسط . وهل يقر الحزب الشيوعي الفدرالية على أساس طائفي ؟ وهل في الفكر الماركسي والإشتراكي تشكيل فدراليات من هذا النمط ؟ إن مجارات الفكر الديني و الطائفي ، في تحقيق أهداف طائفية ، معادية لتطلعات الشعب العراقي الوطنية ، لا يخدم الحزب الشيوعي في توجهاته الفكرية وأهدافه الوطنية التي يسعى لتحقيقها ، ولا يغير من نظرة هذه القوى العدائية تجاهه ، فهي تحاول جاهدة أن تستعدي عليه كل قوى المجتمع ، كما تسعى بكل السبل ، لاستخدام الدستور ونصوص مواده المقيدة للحريات ضده ، ولمنع نشاطه ، وفق نص المادة" 2" ـ أ ـ من الدستور " لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام " وكما هو معلوم كل الحكومات الدينية والرجعية ، في المنطقة ، تحرم نشاط الحزب الشيوعي ، والعراق ليس استثناء من هذا التوجه مستقبلا. المرأة في المجتمع العراقي ، نتيجة للأوضاع التي سادت إبان الحكم الفاشي وسيطرة القوى الدينية على الحكم ، تعاني من التمييز القانوني والديني ، وبما إنها نصف المجتمع ، على أقل تقدير ، فعليها يقع عبء كبير ، أسوة بالرجل ، في بناء وإعادة بناء المجتمع ومؤسساته ، "..في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإجتماعية .." كما ورد في نهاية الصفحة الأولى ، وهذا يحتاج إلى توثيق لحقوقها المدنية والسياسية في قوانين وتشريعات ، قابلة للزيادة وليست قابلة للنقض ، كما حصل عندما انفردت القوى الدينية في مجلس الحكم وحاولت إلغاء قانون الأحوال الشخصية للعام 1959 ، ومن هذا المنطلق ، أرى عدم التطرق للوضع المأساوي الذي تعاني منه المرأة على مختلف العهود ، وخصوصا في الظرف الراهن ، نتيجة لسيطرة القوى الطائفية والعنصرية على الحكم ، لا يعطي المصداقية في التعويل على المرأة في إشراكها بعملية البناء ، في كل مجالات الحياة ، إن لم تحصل المرأة على كامل حريتها وتحررها من كل القيود التي تشدها إلى عصر الحريم ، ولا يمكن تحقيق أي تقدم للمجتمع ، إن كان نصفه معطل ، بسبب قيود قيم رجعية ، وفرض نصوص دينية مجانبة لعصرنا ، لتكبيل المرأة بها . المرأة تستحق تفصيلا في حقوقها ، وإغناء لحريتها ، أكثر بكثير مما تناولته الوثيقة . والطفل وهو ما يعول عليه مستقبلا ، لا يستحق من برنامج الحزب الشيوعي ، أكثر من ذكره بكلمة مفردة ، مقرونة بالمرأة ، كما ورد في أخر فقرة من الصفحة الأولى " ..وضمان الالتزام بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل " مسكين هذا الطفل وأمه ! بحيث لم يدلنا البرنامج أين هي حقوق المرأة أمه ؟ وما هي حقوق الطفل في برنامجه ؟ وهل سيصون الحكم الطائفي ـ العنصري هذه الحقوق ، وكيف ؟ ألم يترسخ في ذهن معدي هذه الوثيقة ، شيئ من الحقوق التي كانت تتمتع بها المرأة والطفل في المعسكر الإشتراكي السابق ، وهل لم يسمع المعدون للوثيقة ، شيئا عن ضمانات الحقوق ، للمرأة وطفلها في الدول التي تحترم الإنسان ؟
الوثيقة حسبما تنص عليه في بداية الصفحة الثانية " إن حزبنا يولي اهتماما بالشبيبة .." لا تعتمد في وضع حلولها على إحصائيات ، شأن كل المجالات التي يتحدث عنها التقرير ، وهذا ما يجرده من الواقعية والعلمية في المعالجة ، ولكن ما هي سبل ووسائل هذه الإهتمامات ؟ الشبيبة ، من كلا الجنسين ، قطاع واسع ومهم ، ومجالات نشاطاتهم تغطي كل مجالات الحياة ، العملية والتأهيل العملي لمختلف الاختصاصات ، والعلمية ، دراسية وثقافية ورياضية وفنية وسياسية ، وغيرها الكثير ، اختصرها البرنامج ب" ضمان تمتعهم بالحقوق والحريات المكفولة دستوريا .." دون توجيه أي نقد للحكم القائم ومسؤوليته عن التردي الفعلي الحاصل آنيا لأوضاع الشبيبة ، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ، واستفحال الجريمة بينهم ، وانخراطهم في منظمات إرهابية لقتل الأبرياء ، لقاء ثمن بخس وبائس ، نتيجة للفاقة والعوز ، جراء البطالة والحالة المنية المتدهورة . المليارات التي يتم نهبها وسرقتها علانية من خزينة الدولة ، وتهريبها خارج الحدود ، تحت علم ومسؤولية رجال الحكم وأزلامه ، دون حساب أو مساءلة من أحد ، هي من أحد الأسباب الرئيسية في تدني حياة المواطنين المعاشية .بالأمس اعترف السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطلباني ، في رسالة موجهة للشعب الأمريكي ، نشرت على موقع المكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية في 20 أيلول ، اعترف متباهيا بما تحقق من ازدهار في العراق فهو يقول " إن الازدهار المالي والاقتصادي يمكن ملاحظته في المناطق الأكثر أمنا في العراق ، حيث يوجد في مدينة السليمانية باقليم كوردستان العراقي أكثر من 2000 مليونير ( نعم الرقم صحيح ألفين مليونير في مدينة واحدة ) مقارنة مع 12 قبل التحرير .." والرقم بالدولار لأن السيد الرئيس يتحدث للأمريكان وهم لا يعرفون غير الدولار عملة متداولة ، هذا هو الازدهار الحقيقي في العراق ، الذي أطبق فمه عنه التقرير ، ولم يتحدث عنه وعن ماهية القطاع الذي أنتج آلاف المليونيرية بمدينة واحدة، فلمصلحة من السكوت عن هذا الواقع ؟ وأين هي جرأة الشيوعي في عدم المهادنة . منذ الاحتلال الأمريكي ومرورا بالحكم الطائفي القومي ، وخلال بضع سنين ، تزايد عدد المليونيرية في مدينة واحدة ، وإحصائية الرئيس مضبوطة حتما ، لأنه عارف بما حوت السليمانية وضمت بنوكها ، إلا أنه لم يعرف عدد العوائل التي خربها واحد من المليونريه ، وحبذا لو اعتمدت الوثيقة البرنامجية على إحصائيات مماثلة لما عليه الوضع حاليا في بغداد وكربلا والنجف ، وباقي المدن التي يسيطر عليها الطائفيون ، أمثال عزيز الحكيم وولده المبجل عمار ، ومسؤولو المليشيات ، في بدر وجيش المهدي وحزب الله وحزب الفضيلة ، وغيرهم من الجيوش ، التي تقاتلت في البصرة والعمارة والديوانية وغيرها ، على المال العام ، وعلى نسب الثروة المسروقة والمنهوبة من النفط الخام المصدر ، وعلى ما اُستورد من مشتاقات نفطية ، وصلت السوق السوداء ، وتحولت لأرصدة في حساباتهم البنكية الإسرائيلية الأكثر أمنا ، تحت سمع وعلم الحكومة ومنظمات المجتمع المدني الساكتة عن كل هذه الجرائم . المرجعيات الطائفية ستتولى الدفاع عن كل " الآيات الحرامية " المعممة ومن هو سائر في ركابهم ، من آكلي مال السحت الحرام ، وستقنع بسطاء الناس أن هذا حق قديم لنا منهوب نسترده ، ولكن من سيعصم الحزب الشيوعي العراقي ويدافع عنه ، عندما يعرف حقيقة ما يجري ويسكت عنه ، لا عاصم له سوى الجماهير التي يضع أمامها كل الحقائق الخافية عنه ، خصوصا وهو مساهم في البرلمان ، والسلطة ، ويعرف دقائق الأمور وما يجري في الدولة وسلطتها من ارتكاب لجرائم بحق الشعب . بناء الدولة والنظام السياسي والمهام والأهداف التي يناضل من أجلها الحزب ، رغم أهميتها وشرعيتها ، وضرورة تحقيقها للنهوض بالعراق في بناء مؤسسات الدولة المختلفة ، لا يمكن أن تتحقق في ظل الأوضاع الحالية ، فقوات الاحتلال عائق أساسي أمام تحقيق هذه المهمة ، حيث تسبغ حمايتها على حكم ديني ـ طائفي ـ قومي عنصري ، يجسد المحاصصة الطائفية في كل مجالات الحكم ومؤسسات الدولة ، لذا كان الواجب أن يأخذ هذا الهدف الصدارة في الفقرة 1 من " يناضل حزبنا في سبيل "والفقرة " 7 " الخاصة بحل المليشيات ، تحل في التسلسل " 2 " . . الفقرات ، سياستنا الاقتصادية ـ الإجتماعية والقطاعات الاقتصادية والخدمية .. وغيرها من الفقرات التي عالجت الوضع الإقتصادي وسبل النهوض به ، تبقى كلاما غير دقيق ، لما قبل الإحتلال وأثنائه وما تم أو ينتظر تنفيذه من عمر الحكم الحالي ، فما يطرحه الحزب من معالجات سياسية واقتصادية واجتماعية ، يكاد لا يختلف فيه عن أي برنامج آخر ، لقوى مغايرة في العقيدة والفكر ، تضع برامجها لحل المهام المطروحة أمامها ، إلا أن ما يميز برنامج الحزب الشيوعي ، عن غيره من برامج الأحزاب الأخرى ، حتى الدينية منها ، هي العلمية في الدراسة ووضع الحلول الرصينة لها ، المستندة على الوقائع الموثقة بالأرقام والإحصائيات والجداول البيانية ، لسير العملية الأقتصادية ، متزامنة مع تطور الوضع الأمني والسياسي ، والحالة الاجتماعية للعائلة العراقية ، ونمو القدرة السكانية ونسبتها في المجتمع ، ومعرفة ما يرصد من أموال لسد احتياجات كل القطاعات ، مع ما يتناسب من دخل الفرد السنوي ، وقدرته الشرائية ، ومقدار العوائد من الثروة الطبيعية ، بمختلف أشكالها ، وبالتالي الإحاطة بمجمل الدخل العام ، وهذا يتطلب إعدادا خاصا من كوادر متخصصة ، وليس مشروع عمل تعده وتنفذه كوادر حزبية أو سياسية . البرنامج تجاهل معالجة أمور كثيرة تشغل اهتمام وتطلعات الكثير من قطاعات الشعب العراقي ، فالرياضة والرياضيون لهم مجال واسع وحيز كبير شغلوه في ساحة الحزب ، وقدموا أرواحهم وهم يدافعون عن قيم الحزب الشيوعي ، ما كان لمعدي البرنامج إغفال هذا القطاع المهم في حياة العراقيين ، وعدم الإهتمام به ، خصوصا وأنه مجال واسع لعمل الشبيبة والإحتكاك بها ، في منتصف السبعينات التقيت بكادر من كوادر الحزب الشيوعي البلغاري ، وعند الحديث عن الأوضاع سياسية ، أبدى جهلا فضيعا في سياسة بلده ، وعندما انتقدت فيه هذا الجانب ، قال أنا كادر متخصص في العمل بالمجال الرياضي بين الشبيبة ، ولا شأن لي بسياسة الحزب والدولة في الأمور السياسية ، وهذا ما يجب أن يكون عند الحزب مثله ، هناك أمر آخر تجاهله التقرير ، الفنانين والمثقفين من الشعراء والكتاب ، على مختلف صور وأشكال إبداعاتهم ، واختصاصاتهم وطبقاتهم ، لهم دورهم الريادي في المجتمع ، بإمتاع الناس وإغناء ثقافتهم ، وتربية الذوق والطبع فيهم ، خصوصا في هذه الفترة التي يكثر فيها التحريم للفن والفكر الحر ، فالموسيقى والرقص والغناء والتمثيل والكتابة بالقلم والريشة ، لم نجد لكل هؤلاء حقلا في البرنامج ، يهتم بتطوير قدراتهم الأبداعية ، أو الاعتناء بهم ، وتوفير مستلزمات تطور هذه الفنون ، من بناء دور عرض للسينمائيين لعرض نتاجاتهم ، ومواكبة التطور العلمي والتقني لفنونهم ومعارفهم ، وبناء معاهد وكليات متخصصة لهذه الفنون ، وبناء الدور لرعاية الموهوبين الصغار والاهتمام بطفولتهم ، والكبار في شيخوختهم ، وحمايتهم من العوز والضائقة المعاشية ، بتشريع يكفل لهم حياة آمنة ومستقرة ، بعيدا عن التمسح للسلطة ومسايرة فكرها و نهجها ، وتوفير كل مستلزمات الحياة لمواصلة عطاءاتهم للشعب وللمجتمع ، وهذا كله أغفله التقرير ، أغفل التقرير أيضا الأطفال والاهتمام بهم ورعايتهم ، في دور الحضانة والتعليم ، وصونهم من الإنحدار في الجريمة ، وبناء المؤسسات التي تحتضنهم وترعاهم . ما أغفله التقرير أيضا ، المكتبات والمتاحف العراقية ، ذاكرة الحضارة لشعب وادي الرافدين ، منذ آلاف السنين وحتى الوقت الحاضر ، صيانتها ، وتجديد أبنتها ، ومطالبة قوات الإحتلال برد ما سرق ، وإصلاح ما تلف منها ، وتهيئة الكوادر العلمية والمهنية للعمل على صيانة وحفظ هذا التراث . في نهاية هذا العرض للوثيقة البرنامجية ، استفزتني بصدق عبارة النهاية التي اختتمت بها هذه الوثيقة " أيها الشيوعيون وأصدقاؤهم وحلفاؤهم ! يا أبناء شعبنا العظيم ! لنناضل سوية من أجل : وطن حر وشعب سعيد ! " وتكاد أن تتفجر من مآقي الدموع ، على الحال التي نحن فيها وعليها ، ففي صفحات التقرير الأربعة عشرة ، لم أجد حرفا واحدا عن الأصدقاء والحلفاء التي اختتمت الوثيقة النداء لهم في النضال من اجل قاسم مشترك واحد يجمعهم ، فكيف نريدهم أن يناضلوا من أجل شعار شيوعي خاص بالشيوعيين ، أعتقد أن المفارقة الكبرى كانت في نهاية التقرير ، وهي التي وضعت الأصبع على الجرح ، كان المفروض أن ُيفرد كاتبوه حقلا خاصا لمعالجة وضع القوى الشيوعية والإشتراكية والتقدمية في العراق وضرورة توحدها على برنامج يحقق الحد الأدنى من القواسم المشتركة لهذه القوى ، من أجل عراق علماني وطني وديموقراطي ، ويفتح حوارا مع الجميع ، والتنازل عن كل المعوقات للجميع ، فإذا كان العمل سابقا ممكنا مع القوى الطائفية ، ألا يمكن العمل مع القوى الوطنية والعلمانية ، و الشخصيات الوطنية والمناضلين الذين يستفزهم ما آل العراق إليه ، من احتلال دنس كل القيم الوطنية والدينية ، ووضع أمني واجتماعي متدهور وبائس ، نتيجة تشرذم لقواه الوطنية ، بسبب مقنع أو غير مقنع .البارحة قرأت على صفحة الحوار المتمدن نداء إلى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي للقاء ، من أجل وضح حد لتدهور هذه القوى ، وللوقوف بوجه التحديات التي تواجه مصيرها ، وقعته أحزاب وشخصيات عربية ، شيوعية وماركسية ، إلا أني لم أجد توقيعا للحزب الشيوعي ، أو اسما لمن يمثله ، ضمن هذه المجموعة التي أطلقت النداء ، وهو الذي عودنا وعود الأحزاب الشيوعية أن يكون سباقا لمثل هذه اللقاءات ، أوصى الرفيق فهد حزبه بوصية ستبقى أبدا منارا هاديا للشيوعيين ، نراها اليوم تنحسر في بطون الكتب دون تفعيل لها أو تسليط الضوء عليها ، " قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية " فلا انفصال بين قوة الحزب وقوة الأحزاب الوطنية ، إلا أن الواقع الحالي يسير باتجاه مقلوب ، ومغاير لوصية الباني الأول فهد ، فوثيقة البرنامج ، لم تربط بين قوة الحزب في تنفيذ برنامجه ، وضرورة التعاون مع الأحزاب الوطنية وتقويتها ، لتنفيذ هذا البرنامج أو أي برامج أخرى يمكن الإتفاق عليها ، وبغض النظر عن بعد هذه الأحزاب أو قربها من فكر الحزب الشيوعي ، فالمرحلة التاريخية ، هي مرحلة تحرر وطني ، تقتضي التعاون مع كل حزب وشخصية وطني ، يهمها أمر العراق وشعبه ، لذا يقتضي إعادة النظر بهذه الوثيقة وتلافي ما أهملته ، أو لم تتراءى لها أهميته ... وستبقى عيوننا شاخصة تجاه العملاق الذي تبحر سفينته وسط لجة من الأمواج العاتية ، وهي تقاوم غيلان الشر في البحر والبر ، مع كل الأمنيات والتمنيات القلبية بالنجاح ..! 24 أيلول 2006
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثاءق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي..جرأة وحياء ..!
-
العلم العراقي ..والسيد مسعود البزاني ..!
-
الصابئة المندائيون ..ومسؤولية الدولة ..!!
-
- معا إلى الأمام -...إلى أين ..؟!!
-
الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!
-
نقد الذات ..وصراحة المسؤول..!
-
عشتار وتموز ..وقصة الخلق العراقية ..!
-
أمريكا عدوة الشعوب ..!
-
الكورد الفيلية ..والمحكمة الجنائية العراقية العليا ..!
-
من الذي شبك سيار الجميل ..؟؟
-
في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز ..!
-
الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..!
-
!...خاطرة / عن حسن سريع ..وقطار الموت
-
ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!
-
علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية..!
-
لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
-
الحكومة وخططها الأمنية ..والمليشيات ..!
-
عن صراحة ابن عبود مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية في السو
...
-
الزرقاوي والمتياسرون ..!!
-
المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|