ضياء رسن
الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرة هي العروش المتهرئة داخل بلدنا العزيز العراق ,التي تحاول جاهدة ان تجد مايمكن ان يطيل بقائها ويحسن صورتها امام الملايين الغاضبه منهم, واليوم نناقش عرش حزب الدعوة الاسلامية ولنا نقاشا اخر مع باقي العروش .
الجزء الثاني _ عرش الدعوة .
في بادى الامر علينا ان نسئل سؤالا واحدا ومهما دون مجاملة اوتزييف للواقع , هل يمتلك حزب الدعوة عرشا في العراق وماهي طبيعة هذا العرش؟
نعم امتلك حزب الدعوة عرشا وهميا صنعه له اعداء الحزب وسياسات حزب البعث الاستخباراتية ,وسوف اشرح بعض التفاصيل عن هذا الموضوع ,اما ماهي طبيعة هذا العرش؟.
فهو عرش لم يستند على نظال قادة الحزب بقدر استنادة على معاناة الجماهيرالمنظمة في الحزب والغير مرتبطة به ,واستقر هذا العرش على الكم الهائل من المعتقلين وضحايا نظام صدام حسين الذين نسبوا الى حزب الدعوة الاسلامية فيما بعد.
لقد استند قادة الحزب على الجانب الماساوي للعراقيين في طرح قضيته امام الجميع متناسيا ان للحزب دورا كبيرا في اهمالهم واعتقالهم نتيجة النظرية الدينية للحزب التي اعطت فكرة سيئة للجماهير والتي تتلخص بان العذاب يجب ان نصبر علية وليس ان نتخلص منه ,وقد اتخذوا من الحكمة القيمة" اللهم اجعلني مظلوما ولاتجعلني ظالما "طريقا لكل جماهيرهم واختاروا لانفسهم الاية القرانية الكريمة " ولاترموا انفسكم في التهلكة".
هناك حقيقة بسيطة وهي ان حزب الدعوة الاسلامية ومنذ انطلاقة كسب تاييد شريحة من اهالي العراق وتحديدا فئة الشباب المثقف والكادر التربوي ,ونجح في كسب المزيد بعد ان قتل وهرب اغلب قادتة من العراق الى دولا مجاورة .
اما مايقال عند عامة الناس والذين لم يتتبعوا عمل حزب الدعوة عن قرب او الذين يعتمدون على جهات معينة في ايضاح الصورة اعتبروا بان حزب الدعوة الاسلامية هو الحزب الاول في المعارضة العراقية , هذه الصورة لم يصنعها قادة حزب الدعوة ولا ساسته وكما قلت مسبقا فان اعداء الحزب هم من صنعوها .
لقد كانت سياسات صدام حسين قاسية جدا على كل معارضية ولاغراض امنية لم يكن الجهاز الامني يعلن عن التنظيمات السياسية التي يعتقلها ويفككها وكان يتعمد اتهام جميع المعتقلين ويرربطهم بثلاثة تنظيمات رئيسية هي حزب الدعوة والعمالة لايران , التنظيم الشيوعي ,تنظيم تخريبي اسرائيلي ,فقط.
وكان النظام البعثي المتسلط يامر قواته الامنية باعتقال الاشخاص على الظن والشبهة , والذي عاشر حزب البعث جيدا يعرف معنى هذه الكلمتين ,انها تعني ان كنت تصلي فانت تختلف مع فكر الحزب وان كنت تذهب للمسجد فان لك تنظيما وان كنت تتحدث فانت تخطط لعمل ضد الحزب , وفي بعض الاحيان يجتهد الرفاق البعثيين ويدعون معرفة الاشخاص الذين يتحدثون في صمت ويتهمونهم بانهم يفكرون باشياء ضد الحزب والثورة ويعتقلونهم على هذا الاساس وقد حصلت هذه الحالة مرارا وتكرارا في عراقنا العزيز.
ومن ضمن سياسية النظام البعثي المستبد انه كان لايريد توسيع قادعدة معارضية وعندها بقي يلصق التهم على كل شخص يعتقله بانه من هذه التنظيمات وطبعا فان اغلبية المعتقلين من المسلمين والملتزمين كما قلت على الضن والشبهة فقد ادرجهم ضمن خانه الدعوة والعمالة لايران.
ولهذا بدات تتكاثر وتنتشر سمعه هذا الحزب حتى مع ترك قادته اغلب اعضائة والجماهير التي تناغمت معه في الفكر الاسلامي دون ان ترتبط به حزبيا يواجهون مصيرهم لوحدهم اما قادة الحزب فقد غادروا العراق في اول مواجهة رسمية بين الحكم والمعارضة .
و يتحدث اغلب السجناء السياسيين اليوم عندما يسردون حكاياتهم للاقارب والاصدقاء بانهم لم ينتموا اصلا لحزب الدعوة بل كانوا ملتزمين دينيا فقط وفي بعض الاحيان تعرفوا على شخص او شخصين فقط من اعضاء الحزب البسطاء ليس الا قبل ان يدخلوا السجن.
ليس هذا موضوعنا الرئيسي ولكن للتوضيح على خلفية شهرة حزب الدعوة الاسلامية والتاكيد على انها لم تاتي من قادة حزب الدعوة والحق يقال ان هناك عدد قليل من القادة المميزين المشهورين في هذا الحزب واولهم المؤسس السيد الشهيد الصدر.
ومن هنا نصل الى ان حزب الدعوة الاسلامية لم يكن له التنظيمات او جماهير ذات حجم هائل لكي تكسبه عرشا من عروش العراق السياسية ولكنه تمتع بسمعة واسعة الانتشار بسبب سياسة النظام البعثي الذي عانى منه كل العراقيين وحتى العرب السنة.
وبعد ان هرب القادة وبقيت الجماهير في السجون تطبق الحكمة ظهرت ولادات جديدة في هذا التنظيم وهي الانقسامات الفكرية وتبلورت فيما بعد الى تيارات ومن ثم اصبح الحزب ثلاثة احزاب رئيسية واكثر من ثمانية تيارات داخلية واكثر من نظرية تطبيقية للحزب بعد الاستعداد الامريكي لدخول العراق .
ومن هذه النظريات كان اولها عدم العمل السياسي في العراق بعد دخول القوات الامريكية والبقاء خارجا في الدول الحاضنة في خانة المعارضة .
وثانيها هي الدخول الى العراق والعمل على نشر الدعوة الاسلامية في المجتمع العراقي بدون الدخول في صلب العمل السياسي الداخلي.
وثالثهما الدخول الى العالم السياسي العراقي الجديد والعمل على ايجاد قواعد شعبية باسرع وقت للحصول على اغلبية حزبية.
وقد كانت هناك بعض الافكار التي طرحت بان يسلك حزب الدعوة طريق المعارضة السياسية في العراق دون المشاركة في الحكم اي انه سوف يكون طرفا سياسيا معارضا كما هو الحال مع العديد من الاحزاب والمؤسسات السياسية المعارضة لنوع الحكم الحالي في العراق .
وهنا نصل الى صلب الموضوع وهو عرش الدعوة,لقد وصل كبار قادة الحزب الى بغداد والتقوا بالكثير من الجماهير التي عرفت نفسها للقادة وليس العكس لان القادة لايعرفون من هؤلاء وعلى اي تنظيم او متى نظموا وفي الحقيقة ان اغلب الذين تم لقائهم من ضحايا النظام الصدامي وقد حكم عليهم حزب البعث والجهات الامنية انهم تنظيمات الدعوه .
وعندها حاول الجناح الذي تمسك بضرورة العمل السياسي في العراق بعد صدام حسين والذي يقودة الدكتور الجعفري وبعض القيادات وان ختلفوا بتفاصيل طبيعة عملهم , تمسك بشدة بهذه الجماعات محاولا ان يخلق قاعدة جماهيرية ليبدا من خلالها اعادة عرشة المفقود.
حاول الدعوة جلب انتاة وتحسن اوضاع الجماهير خصوصا بعد ان اطلع على الواقع المعاشي لهذه الاغلبية الساحقة وقد اجتمع الجعفري مع المسؤولين الاجانب اكثر من مرة وطالبهم باموال طائلة لهذه الشريحة المسحوقة.
ولكن لم يكن سبب الحاحة بالاموال غاية عامة او انصاف المجتمع الذي عانى نتيجة الظلم الذي تسبب به الكثيرين على الشعب العراقي .
كانت غايته تزويدة باكبر عدد ممكن من الجماهير ,ان عدد السجناء السياسيين في العراق يصل الى خمسين الف سجين على قيد الحياة ناهيك عن عوائل الشهدا ء والمفقودين ,ستكون قاعدة واسعة جدا للدعوة يبدا بها ترميم العرش.
لم ينجح الجعفري وحتى غرمائة في اقناع الجهات الغربية بتوزيع الاموال وبقي السجناء السياسيين وعوائل الشهداء يعانون الفقر وقلة الوظائف ومنهم من سب الدعوة , ومع كل ذلك لم يصرف الدعوة الكثير من مواله الخاصة على تلك الشريحة التي عانت في ظل نشوء حزبهم وعانت مع هرب قادتهم وعانت مع رجوع قادتهم الى العراق ليحكموه.
والحق يقال حاول تنظيم الدعوة العراق ان يوفر دعما لجماهيرة من خلال ايران ونجح بعض الشيء في ذلك من خلال الدعم الخارجي ,ولكن بقي االتنظيم الاخر وهو الدعوة الاسلامية ينتظر ان يجد حلا داخليا وكان يتطلع بنفس الوقت الى الحكم .
ومع وصول الحزب الى راس الحكم في العراق ومسكة دفة القيادة اصبحت العيون تراقب التصرفات وقد كانت غريبة الى حد كبير فقد خصصت امولا طائلة لجهات معينة وغض البصر عن شخصيات معينة بينما كان يحاسب العديد على لقمة العيش الحلال من الجماهير .
لكن الجعفري وتنظيمه كان يشعر بخيبة امل كبيرة لانه غير متفرد في الحكم وانه غير قادر على السيطرة على الائتلاف وغير قادر على ان يحدد صورة واضحة لسلطة الجعفري بعد تولية منصب رئيس الوزراء .
بالاضافة الى مشكلة الحزب الداخلية وهي الديمقراطية المفرطة التي نخرته تماما ففي الحزب تيارات عديدة وعندما وصل الجعفري استند على تياره واسندة دون الاخرين.
وكل تلك التيارات كانت تبحث عما تتكئ علية لاثبات وجودها ومحاولة ارجاع العرش الذي لم يرجعوه عندما تحرر العراق من نظام صدام حسين ليقع بيد المحتل الذي لم يساندهم في توفير ادوت صناعة العروش .
وعندها انقلبت اغلب التيارات الداخلية في الحزب على تيار الجعفري لانه لم يزودها بحصص كافية من تلك الادوات التي اصبحت في يدة وبدلا من ذلك قام بتوفيرها فقط لنفسه .
هنا حصلت الطامة الكبرى عندما شعر الجعفري بانه مهدد بالعزلة الحزبية داخل التنظيم الكبير وقد بانت الاختلافات بينه وبين كل من تنظيم الدعوة عراق وحركة الدعوة وتيار علي الاديب داخليا وبينه وبين المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في الائتلاف الشيعي, فقد كان الكل يبحث عما يقوي به جذور عرشه المتهاوية .
عندها التف الجعفري على الحزب واقام علاقات خارجية جعلته سياسيا ينسلخ عن تنظيم الدعوة وجعلته يغير ارائة ويدخل حلفا مع التيار الصدري الذي يعتبر شيئا دخيلا على الائتلاف السياسي الشيعي, وكذلك الجعفري كان معارضا لمقتدى الصدر ومن المؤيدين لانهاء حركتة الشابة قد ايد الجعفري اعتقال مقتدى الصدر قبل الدخول معه في الحلف الجديد.
لكنه عندما شعر بانه في عزلة حزبية وائتلافية قرر ان يغير مواقفة والتحالف مع التيار الصدري الذي لم يكن يطالب تيار الجعفري لا بالقيادات ولا بالاموال ولا بالمناصب ولابالنقود وهذه هي اهم اليات العروش, فكان يتصور بانه وجد قاعدة شعبية كبيرة غير منهكة باقل الاثمان تجعلة يسقي جذور عرش الدعوة ويتربع علية لوحدة .
رفضت كل التيارات الداخلية للحزب والحليف القديم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق , هذه التصرفات واعتبرها خروج عن دائرة الحلف الداخلي واستخدام اليات لم يتفق عليها للحصول على العرش السياسي .
وفي حقيقة الامر لقد صدم اغلب اتباع الجعفري بهذه الخطوة وقد ترددوا في لفظها حتى ,وبعد توجيهات قيادية تعاملوا مع التيار الصدري على اساس انه منهم .
وهنا اريد ان اقف على امر واحد ان كل ماقامت به هذه التيارات هو سباق للحصول على من يغذي بقائهم على الساحة السياسية وان اختيار الجعفري للتيار الصدري هو تملص عن مسؤوليته امام جماهير حزب الدعوة من اجل الوصول لوحده قبل الاخرين الى العرش .
لقد تناسى الجعفري تلك العوائل الفقيرة التي عانت وحرمت من اولادها وتلك الاعداد الهائلة من السجناء السياسيين الذي ينتظرون يومهم في العراق الجديد, فقد تركهم كما تركهم في الماضي و لم يستند عليهم على الرغم من ولائهم المعروف وطاقاتهم المتقدحة , لانهم يحتاجون الى من يساعدهم , وتوجه الجعفري وراء من كان لايرغب بوجودة ولا بمنهاجه وعقلية جماهيرة لانه لم يكن محتاجا من الجعفري ان يقدم يد العون له او المساعدة المالية ولا ممن يطالبة بالوفاء بما وعد سابقا للحصول على مبتغاه.
وهكذا ادخل الجعفري الذي يتزعم اكبر تنظيم وتيار للدعوة في العراق اشد منافس للقيادات الشيعية التي اجتمعت على ان تدخل اللعبة السياسية بعد انتهاء نظام صدام حسين وكانت كل هذه القوى متفقة على ضرورة اهمال مقتدى الصدر وعدم الاستماع له ولعل البعض نشر كتاباته واعترف فيها عما كان يدور في جلساتهم المغلقة حول مصير مقتدى الصدر و من بين الحضور الفعال في تلك الجلسات ابراهيم الجعفري.
وكنتيجة حتمية فان من يخرج عن قواعد اللعبة سيكون خارجا عن اللعبة وهكذا تم اخراج الجعفري من قيادة الائتلاف الشيعي بعد ان كان يتقاسمهما مع عبد العزيز الحكيم , وقد اخرج الجعفري بالقوة العلنية من منصب رئاسة الوزراء نتيجة لما قام به .
هذا الامر ربما لم يكشفة الكثيرون ولكن المقربين من الائتلاف الشيعي والمجلس الاعلى وباقي تيارات الدعوة يهمس بهذه الكلمات .
عموما بعد ان نحي الجعفري ماذا اصبح في جيبة سوى خسارتة لتلك الجماهير التي سجلت تحت اسم حزب الدعوة منذ عشرات السنين ولم يستطع ان يوجد حلفا ناجحا يوصلة الى رئاسة مجلس الوزراء ولم يبقى على حلفة القديم مع الائتلاف ,وبالتالي خسر القديم والجديد.
كل هذه المغامرة التي قادها الجعفري لم يكن الهدف منها اسعاد الجماهير بقدرالتسابق على البقاء في الاعلى باي ثمن ووسيلة وقد تخلى الجعفري عن تلك الجماهير وعن الحلفاء وعن افكاره وارائة من اجل لبقاء وهاهو يسقط .
ان تخلي القيادات عن جماهيرها هو نوع اخر من ادوات الوصول الى العرش وقد استخدمه الجعفري باقصى درجاته فهو لم يعر اهيمة لكل كوادر الحزب ما عدى القلة القليلة , وقد عارضة بشدة الكثير من القيادات الداخلية للتيار ولكن لم يكن الاول يصغي لانه يفكر في جيش المهدي ومقتدى الصدر بعد ان كان يكره ان يسمع اسمه لانه اعتقد بانهم السلم الذي يوصله الى العرش.
وبطبيعة الحال فان من كان ضحية حزب الدعوة ساعة هروب قياداته هم نفسهم ضحايا تخلي الجعفري عنهم ,ان مثل هذه الاحزاب تعتمد بالاساس على قائد وتهمش القيادات الداخلية والجماهير تعد من اخطر الاحزاب .
من منكم راى مجموعة من الشخصيات الداخلية في حزب الدعوة الرسمية يتقلدون مناصبا ومسؤوليات مهمة ,نحن نتكلم عن حزب حكم مرتين ,بل اغلب الشخصيات هي شخصيات غير معروفة ,بل ان الحزب لم يكشف عن اكثر من خسمة عشر شخصا مهما في التنظيم .
ان حزب الدعوة مثلا بسيطا عن الحكم في العراق بالوقت الحالي فالعراقييون هم من يخرجون للانتخابات وهم من يضحون بانفسهم يوميا ويتحملون الصعاب والمشقة وبالتالي فان من يقف في راس الهرم الحكومي لايعرف شيئا عنهم ولايريد ان يعرف شيئا سوى هل انتخبوني ,هل ساندوني ؟,ليس الا.
ولكن مثل هذه لاحزاب سوف تخسر لانها تعلب لعبة اصبحت قديمة في حقيقة الامر داخل المجتمع العراقي , لم يعد للقيادات الهاربة او التي تبتعد عن جماهيرها حضورا ولا اهمية ,ما يتطلع الية العراقيين اليوم من يقدم لهم الخدمات لا من يتخلى عنهم من اجل الوصول للعرش وحتى ان كان غايته خدمتهم بعد الوصول فان هذه الطريق مغلوقة من قبل الاعبين الاخرين في اللعبة.
هل فهم الجعفري بانه خسر على الصعيدين السياسي والجماهيري ,وهل سيعطي الجعفري المجال للقيادات الداخلية والسجناء السياسيين وعوائل الشهداء دورا اكبر من كونهم ضحايا الحزب ام سيبقى يفكر بالوصول للعرش فقط.
#ضياء_رسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟