أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد الرحيم طالبي - الملحدين الذين لم يعلنوا الحادهم














المزيد.....

الملحدين الذين لم يعلنوا الحادهم


محمد عبد الرحيم طالبي
كاتب

(Mohammed Talbi)


الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 19:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك أنك تتساءل عزيزي القارئ، من هؤلاء الملحدين الذين لم يعلنوا الحادهم، الجواب ببساطة، إنهم الناس الذين نراهم في الشوارع والأزقة والمدارس وباقي الأماكن، إنهم عامة الناس، أو فلنسميهم الناس العاديين الذين يشكلون الأغلبية العظمى من البشر.
قبل أن نتطرق إلى صلب الموضوع لابد أن نذكر ببعض المقدمات التي تشكل دعامات أساسية تقوم عليها الأطروحة التي ندافع عنها.
من المعلوم أن الإيمان الديني الحق (الحقيقي) هو الإيمان الذي لا يخامر صاحبه أدنى شك في صحة معتقداته الدينية، إنه الإيمان اليقيني، كما أن الإيمان الديني لا يمكن أن يكون إيمانا دون أن ينعكس على سلوكات الإنسان وأفعاله، لأن كل اعتقاد لا بد أن يترجم إلى سلوك في الواقع (مشي الإيمان فالقلب كما يدعي بعض الناس خاصة من يبررون عدم ارتداء المرأة للحجاب بحجة أن الإيمان فالقلب، وأنا لست مع نزع الحجاب، بل فقط أود أن أوضح في هذا الصدد تهافت ادعائهم)
إذا سلمت معي عزيزي القارئ بصحة تلك المقدمتين (الإيمان الديني الحق يقتضي اليقين التام بصحة المعتقد ولابد أن يترجم هذا الإعتقاد إلى سلوك) ستكون ملزما بأن تسلم معي بما سيتم ذكره في هذا المقال.
مادام الإيمان الديني الحق لا يمكن أن يكون إيمانا حقيقيا إلا إذا كان يقينيا، وينعكس في سلوكات الإنسان، فهذا يعني بالضرورة وبدون أدنى شك أن معظم الناس المتدينين في عصرنا الراهن، ملحدين لم يعلنوا الحادهم، أي أن إيمانهم مزيف، أو أن إيمانهم ضعيف جدا، ويكاد يكون منعدما، ولا أجد فرقا بين هذين النوعين وبين من يعلنون الحادهم صراحة.
لتتضح الفكرة والصورة نضرب عدة أمثلة؛ إذا كنت يا عزيزي القارئ مقبل على امتحان لنيل شهادة ما، لتحصل على سبيل المثال على شهادة رخصة السياقة، من الطبيعي جدا أنك ستشعر بالقلق والخوف من الرسوب في الامتحان، لأن الاحتمال الرسوب يساوي خمسين بالمئة في المعدل المتوسط، لنعقد مقارنة بين هذا المثال وبين الإنسان المتدين الذي من المفترض أنه يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن بأن العصاة والمذنبيين مأواهم الجحيم، والصالحين مصيرهم هو النعيم الأبدي، أليس من الطبيعي والمفترض أن مثل هؤلاء الناس سيشعرون بالقلق والخوف من احتمال أن يكون مصيرهم هو الجحيم، مادام هذا الاحتمال في المعدل المتوسط خمسين في المئة كما هو الحال بالنسبة لمثال الشخص الذي يجتاز اختبار رخصة السياق، ومعلوم أن الحياة الدنيا برمتها بالنسبة للإنسان المتدين ليست سوى اختبار للإنسان، ومصير جميع الناس، إما الجحيم أو النعيم ولا يوجد احتمال ثالث.
لكن واقع حال المتدينين يثبت أن أكبر هم بالنسبة لمعظم المتدينين هو الحياة الدنيا،حيث أن تفكيرهم كله منصب عليها، ولا يبالون بتاتا بالحياة الأخرى، وهذا الأمر لا يعني إلا شيئا واحدا، هو أن إيمانهم مزيف أو ضعيف جدا.
هل يتقبل المنطق والعقل أن يرتكب الإنسان فضاعات وجرائم وهو يعلم علم اليقين أن مصيره سيكون الجحيم إذا ارتكبها، لا أظن ذلك، هناك الاعتراض على هذا الرأي الأخير مفاده أن الناس متيقينين من وجود الجحيم ولكنهم يعتقدون أنه يمكن أن يتوبوا إلى الله في آخر أيام حياتهم وسيغفر الله لهم جميع ذنوبهم بحكم أنهم يؤمنون بأن الله رحيم ويمكن أن يغفر أي ذنب بشرط أن يكون الإنسان صادق، ولكن لازال السؤال يطرح نفسه علينا بقوة وأكثر حدة، هل الناس الذين نراهم يؤدون الطقوس الدينية في المساجد بكل انضباط وتفاني ويدعون أنهم مؤمنين ورغم ذلك يسرقون ويقتلون ويكذبون هم مؤمنون حقا أم ملحدين لم يعلنوا الحادهم؟



#محمد_عبد_الرحيم_طالبي (هاشتاغ)       Mohammed_Talbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الإنتحار
- هل يجب تدريس المعتقدات الدينية للأطفال في المدارس ؟
- تأملات في معنى الحياة
- ضرورة الفصل بين مهمة الحكومة المدنية ومهمة السلطة الدينية -ج ...
- مفهوم الخلاص باعتباره أساس التسامح حسب جون لوك
- فلسفة التسامح عند جون لوك
- وظيفة العلم والفلسفة في عصرنا الراهن
- خرافة العذاب الأخروي


المزيد.....




- في تركيا.. ماذا يُخبّئ هذا -الوادي المخفي- بين أحضانه؟
- جورج كلوني منزعج من تارانتينو بعد أن شكك بنجوميته
- فيديو جديد يظهر تحرك القوات الأوكرانية داخل روسيا مع تقدم تو ...
- الخارجية الروسية: نظام كييف الإجرامي يأمر بإطلاق النار على ا ...
- تدريبات بالذخيرة الحية للقوات الأميركية والكورية الجنوبية لت ...
- كيف يمكن أن تساعد -ممرات الهواء البارد- على خفض حرارة المدن؟ ...
- -البحر يغلي- ـ درجات حرارة قياسية في المتوسط للسنة الثانية
- سموتريتش يعلن إقامة مستوطنة جديدة جنوب القدس ويتعهد بمواصلة ...
- المخابرات الأوكرانية تعلن عن سرقة أموال مخصصة لتطوير حماية ا ...
- مصر.. تعديلات مفاجئة على عدد مواد الثانوية العامة


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد الرحيم طالبي - الملحدين الذين لم يعلنوا الحادهم