|
أضاءة في الموروث الأسلامي
يوسف تيلجي
الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 19:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا زال الموروث الأسلامي يسوق الوهم للمسلمين ، ولغير المسلمين أيضا ، وذلك بقصص وحكايا ومرويات ، لا تمت للمنطق بصلة ، وفي هذا المقال ، سأبحث في أحدها . وهو " إلقاء قتلى بدر في القليب ومخاطبة النبي لهم " .. حيث قام رسول الأسلام بمخاطبة القتلى / وبأسمائهم ! ، معاتبا ومعنفا لهم ، كأنه يخاطب الأحياء ! ، ويقال أن الله أقامهم حين مخاطبة الرسول لهم ! .
الموضوع : سوف أنقل هذا الموضوع ، المشار أليه بأعلاه ، وبأختصار / من موقع الألوكة ، وهو مقتطع من مقال د. أمين الشقاوي . ( عندما رأى النبي بقية المشركين وهم يلقون في البئر ، قال : " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس " .. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك عن أبي طلحة أن النبي أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش ، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث ، وكان إذا ظهر على قوم ، أقام بالعرصة ثلاث ليال ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدت عليها رحلها ، ثم مشى ، واتبعه أصحابه ، وقالوا : ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : " يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان .. أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ " ، فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها ؟ فقال رسول الله : " والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ". قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخاً وتصغيراً ، ونقيمة ، وحسرة وندماً .. وقد رجح الحافظان ابن كثير وابن حجر : " أن الله أحياهم حتى سمعوا كلامه توبيخاً وتصغيراً وحسرة وندماً " ) . القراءة : ملخص هذا الحديث ، هو أن رسول الأسلام ، بعد معركة بدر في السنة الثانية للهجرة ، رمى بقتلى بدر في طوي من أطواء بدر( الطَّوِيُّ : الْبِئْرُ الْمَطْوِيَّةُ بِالْحِجَارَةِ - نقل من معجم لسان العرب / لأبن منظور ) ، ثم خاطبهم كما يخاطب الأحياء ! . 1 . من ملاحظاتي الأولية : وهي لم رماهم محمد في بئر ، والبئر من المؤكد يستقي منها البدو الرحل ، كان من الواجب به أن يدفنهم بواد أو بأي حفرة ، وذلك حتى يستفاد من البئر ، وتطبيقا للنص القرآني" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ /107 سورة الأنبياء " / أي أن محمد كان رحوما بالأخرين . من جانب أخر ، اني أتساءل هنا - بعد ما أسمع محمد القتلى كلاما ، كله " توبيخاً وتصغيراً وحسرة وندماً " ، هل من أخلاق الأنبياء أهانة القتلى ، وهل التشفي بالأخرين من عادات الرسل ! . 2 . هناك نوعا من الأنتقام في طريقة دفن قتلى معركة بدر ، رميا في بئر - وذلك لما كانوا يعاملوا محمدا من قبل ! ، ولهذا قال لهم " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس " . من ناحية ثانية ، ان هذا الحديث روحا وقالبا وصياغة ماخوذ من المسيحية ، وذلك حين قال المسيح : لاني جعت فاطعمتموني .عطشت فسقيتموني . كنت غريبا فاويتموني . عريانا فكسوتموني . مريضا فزرتموني . محبوسا فاتيتم الي .. / من أنجيل متى 35 - 36 . يظهر أن محمدا أو صناع الأحاديث ، أو الأثنين معا ، مطلعين أطلاعا كاملا على بنية ونصوص الأناجيل .
3 . بالنسبة لحديث محمد مع القتلى ، أيضا هناك أرهاصات ووهم ! ، حيث أن الله أقام القتلى من الموت حين مخاطبة محمد لهم ! ، ونحن لم نعرف أن محمدا قد أحيا الموتى من قبل ، لا بفعل نبوءته الذاتية ولا بقوة ربه ، ولم يحدثنا القرآن بنصوصه أيضا ، عن أي واقعة كهذه ! ، ولكن في الموروث الأسلامي دائما هناك رغبة لديه للمماثلة بالمسيح - الذي أحيا الموتى وفق نص قرآني صريح وتام ( ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله / سورة آل عمران:49 ) . والمسيح فعلا وواقعا ، قد أحيا الموتى ، ومنهم أليعازر / وغيره " فَانْزَعَجَ يَسُوعُ أَيْضاً فِي نَفْسِهِ وَجَاءَ إِلَى الْقَبْرِ ، وَكَانَ مَغَارَةً وَقَدْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَجَرٌ . قَالَ يَسُوعُ : " ارْفَعُوا الْحَجَر َ". قَالَتْ لَهُ مَرْثَا ، أُخْتُ الْمَيْتِ : " يَا سَيِّدُ ، قَدْ أَنْتَنَ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ .. وصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ : " لِعَازَرُ ، هَلُمَّ خَارِجاً " فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ . فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ : " حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ " ( أنجيل يوحنا 11:38-44 ) . * الموضوع الأهم هنا ، أنه وفق العقيدة الأسلامية أن الله وحده الذي يحيي ويميت البشر"اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ " / سورة الأعراف 158 . وهذه النقطة تستوجب الوقوف عندها ، لأنها دليل على مساوات المسيح مع الله !! ، لأن الأثنين أقاموا الموتى ! .
4 . والتشابه في أقامة الموتى بين المسيحية والأسلام ، تطرقت حتى في موضوعة أن الميت ينتن / يجيف ، كما في أحياء المسيح ل أليعازر - بعد أن نتن ، كذلك يتكرر الموضوع مع محمد . قال ابن حجر " وفي رواية حميد عن أنس : فنادى يا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة ، ويا أمية بن خلف ، ويا أبا جهل بن هشام . أخرجه ابن إسحاق وغيره .. قال في أوله : تركهم ثلاثة أيام حتى " جيفوا " .. فسمع عمر صوته فقال : يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث ، وهل يسمعون ؟ ويقول الله : ﴿ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ﴾ [النمل: 80]. فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم لكن لا يستطيعون أن يجيبوا . * وهنا نلحظ أن عمر بن الخطاب يشكك بمحمد - في أن الموتى يسمعون ، ويستشهد بنص قرآني ﴿ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ﴾ [النمل: 80] ، وهذا مؤشر أن صحابة الرسول ، لم يقتنعوا بمصداقية الرسول ، وذلك لأنه مخالف للنص القرآني . الخاتمة : * أن صناع الموروث الأسلامي ومروجيه - في هذه الواقعة ، كالبخاري ومسلم وأبن حجر والنسائي وقتادة وغيرهم ، هم مسوقي لحوادث ولوقائع ، كلها قد نقلت عن أنس بن مالك ، وأنس نقلها عن أبي طلحة ! ، أي أن المصدر هو : أبي طلحة ، أما المروج للخبر فهو : أنس بن مالك ، وباقي المحدثين مسوقين لها . فهل أنس كان ناقلا أمينا لما حدث ، أم أنه سمع بالحدث وأضاف له من خياله ! ، حاله حال المذكورين في أعلاه ، وهل أن أنس نقل أليه أن الموتى سمعوا ، ولم يجيبوا ! ، وكيف عرف أنهم سمعوا ، فهل القتلى مثلا ، أشاروا بروؤسهم بما قاله محمد ! . أن كل ماذكر بهذه الواقعة هو مجرد خرافة ووهم لا يصدقها أي فرد عاقل ، لهذا لم يصدقها عمر بن الخطاب ! . * أن الموروث الأسلامي ، صناعة أصبحت بضاعتها فاسدة ومشوهة ، ومن الضروري أن نتروى وأن ندقق وأن نفحص بوقائع هذا الموروث من أجل فصل الحقيقي عن الغث ، وتمييز الخرافة عن ما حدث فعلا ، وأن نعمل بمقولة أبن خلدون : " أعمال العقل في الخبر " .
#يوسف_تيلجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلا السيد المسيح .. بلا السيد المريخ
-
في الشخصية المحمدية – الجزء 4 / الأخير ( محمد .. الشخصية الل
...
-
في الشخصية المحمدية (3) / من الرعي الى الحكم
-
في الشخصية المحمدية (2)
-
في الشخصية المحمدية (1)
-
الجهاد بين الأرهاب وبين القتل المشرعن
-
نبوة محمد قبل البعث بين الواقع والوهم
-
كيف يجب أن نكون في خضم الأفكار الظلامية
-
قراءة .. في سورة الأنفال / آية 17
-
دور رجال الدين والمذهب في خراب و دمار العراق
-
أضاءة .. حول توظيف الرواية الجنسية في التراث الأسلامي
-
الفتوحات الأسلامية بين مفهومي الغزو و نشر الأسلام
-
الأسلام المبكر حقبة بلا تاريخ
-
شيرين أبو عاقلة بين الترحم وبين التكفير
-
لمحات عن توظيف العهد القديم في القرآن
-
الأمام علي دور مشهود وحق مفقود
-
أزمة المصاحف في العقيدة الأسلامية
-
الموروث الأسلامي بين الواقع و الوهم / واقعة الطف كأنموذج
المزيد.....
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|