حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)
الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 14:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تلقيتُ رسالة بالبريد الورقي من الشركة التي أسـتأجر منها منزلي. تعْلمني فيها بأن فاتورتي الأخيرة المدفوعة كانت تنقص 20 سنتاً، وأنني مطالب بدفعها لا محالة.
كان الأمر غريباً، وقد ازداد غرابة حين رأيت أن كلفة الرسالة ذاتها من ورق وحبر وجهد موظف وأجرة بريد، تزيد كثيراً عن قيمة العشرين سنتاً. لماذا تخسر الشركة 2 يورو مثلاً لتسترد مني 20 سنتاً؟
غير أنني فهمت بوضوح أن الشركة الغربية ممثَّلة النظام الاستهلاكي الغربي المعاصر أرسلت لي صكّ العبودية لأقوم بتوقيعه.
أنا مضطر لدفع 20 سنتاً لهذه الشركة الضخمة لأثبت لها ولائي، وأنني فعلاً أحني رأسي أمامها علامة الخضوع والاستسلام. إنّ أي رفض مني لسلطة الشركة العقارية الضخمة يعني تلقائياً طردي خارج جنتها الأرضية التي أعيشها.
ويبدو أنّ كل الجنّات الأرضية والسّماوية منها تحتاج إلى توقيع صكوك العبودية.
فصكوك الغفران التي تقدمها المؤسسات الدينية الخاصة والعامة، هي صكوك عبودية فعلية. غير أن الفارق الوحيد المضحك، هو في رقم العشرين. في البلاد الغربية تدفع عمل حياتك المُنْتج كاملاً بالإضافة إلى 20 سنتاً ثمناً لدمغة الولاء،
بينما في البلاد الشرقية تدفع عشرين سنة من حياتك هباءً (طقوس وعبادات) أو عشرة آلاف دولار (ثمن رحلة دينية) أو مليون دولار ( ثمن بناء صرح ديني) كل ذلك هو صك يخوّلك دخول الجنة الموعودة.
ليته بالإمكان التوفيق بين الجنّة الأرضية والجنّة السماوية!
يبدو ذلك ضرباً من المحال، لأن الفقراء المساكين وحدهم من يدفعون ثمن جنة واحدة فقط.
#حسان_الجودي (هاشتاغ)
Hassan_Al_Joudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟