أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مظهر محمد صالح - على مائدة الرئيس :هموم الحرب وشجون السلام.



على مائدة الرئيس :هموم الحرب وشجون السلام.


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 7334 - 2022 / 8 / 8 - 01:34
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


كانت غابة استوائية ظلماء لشدة اخضرارها في فصل ربيعي لاتضيع فيه ابتساماتي المكتومة التي لفها نسيم افريقيا الصامت ولكنها تثير في النفس حالاً ،وانت تدخل بوابة قصر ،قوة تشعرك من فورها انك لم تتزعزع امام مسرح للادارة والسياسة والعسكرة والتاريخ الاستعماري للبلاد.
فالقصر الذي شغل مدخله اسد محنط باسم يوحي اليك منظره ان لغزاً ما قد ورثته تلك البلاد عندما تحول المكان وتغير الزمان ليصبح من ممتلكات الامة الزامبية بدلاً من سكن المندوب السامي الابيض الذي حكم روديسيا الشمالية برجالها و اسودها قبل تاريخ استقلالها.
كان الوقت مساءً وقد لفته ظلمة لامعة ونحن ندخل يومها فصل ربيع افريقيا الجنوبية .ففي اواخر سبعينيات القرن الماضي ، استقبل حينها الزعيم الافريقي بنفسه وفدا جاء من شرق المتوسط ليقدم لتلك البلاد قرضاً ميسرا صغيرا لاغراض التنمية في واحدة من بلدان الحزام الافريقي الجنوبي التي كانت تتعرض لخراب عصابات القوى العنصرية البيضاء ممن كان يدفع بهم النظام العنصري في جنوب افريقيا لتخريب البنى التحتية في بلدان شمال الحزام وعلى مسارات نهر الزمبيزي الذي مازال يشق مجراه جنوبا وينتهي بشلالات عظيمة سميت منذ العهد الاستعماري بشلالات (فكتوريا ).هنا تنفس الرئيس الصعداء ونحن على مائدة عشاءه كي يطلق عليها بتلك اللحظة بنفسه بشلالات (افريقيا) بدلاً من الاسم الذي ارتبط بعهد الملكة فكتوريا في القرن التاسع عشر والذي رسم خرائط التقسيم بين روديسيا الشمالية وروديسيا الجنوبية لبلاد افريقية واحدة.
تسلمت من يد الرئيس طبق الطعام بنفسي لاجلس قبالته على مائدة لم تتعدى حينها على نوعين من الطعام ، الاول ، طعام من الذرة المطبوخة وهي رمز وطني لغذاء الشعب الزامبي والاخر هو لحم من الطيور التي تتكاثر في غابات البلاد.
اقتصر حديث الرئيس كاوندا على مائدة طعامنا وهو يمسك بيده السمراء منديله الابيض ولم يتركه من يده لحظة ، ليهمس بصوت خافت انه نتيجة لمعاناة بلاده في الداخل ، فقد تمرد المستوطنون البيض ،الهاربون الى جنوب افريقيا ليهاجموا حافات نهر الزمبيزي ونحن في حرب عصابات معهم عبر غابات البلاد .فالقرض الميسر الذي ستقدمه بلادكم لنا اليوم سيصرف برمته وبالكلفة نفسها على اعادة اعمار احدى الجسور المشيدة على فروع انهار بلادنا والذي فجره العنصريون البيض يوم امس و بوحشية مفرطة. بهذا الاسى ، تحدث الزعيم الافريقي قائلاً انه لما جلا الانكليز عن بلاده ظلت مهمته دراسة احوال البلاد دون ان يغفل التفكير في المستقبل . فبمناجم النحاس الزامبية وحدها لا تحيا البلاد ، قائلاً ،فان استقلالنا بحاجة الى قوة مساندة هي بناء الانسان لضمان وحدتها : لذلك كان شعاري منذ البداية هو : زامبيا واحدة وشعب واحد…فالناس في تلك البلاد هم قوة كامنة بزعامات محلية مختلفة و لا توحدهم الا التنمية والتقدم الاقتصادي .
شعرت حينها بنظرات تلسع وجهه من الالم وانا اتمادى بالسعادة الموعودة والايمان باقبالها القريب ، وبالرغم من ذلك لم اتخلص يومها من الارق الذي احتل ليلة نومي المضنية وانا في تلك الجولة البيروقراطية التي تناثرت السنوات الطوال فيها لاحقاً وعلى مدار اكثر من اربعة عقود من الحروب والصراعات التي خاضتها بلادي ،ليتلقى كياني المتهالك صدماتها .فقد مادت بي الارض وانا اتحرى احزاني وادافع عن نفسي ضد مجهول تحت ياس الضوضاء العالية وضغط العشرات من الايادي القوية … ! .
اما زامبيا التي تركتها قبل اكثر من اربعين عام ونيف فمازلت بانتظار ان تتحول اذرع شلالاتها القوية ويتغير اسمها الى ذراع افريقي واحد هو شلالات افريقيا ….بدلاً من شلالات فكتوريا والعهد الاستعماري .
(( انتهى)).



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقلام لاهبة في السياسة العراقية
- عقيل الخزعلي: شذرات من فكر عراقي لا ينقطع.
- ‏‎انسداد المزدوج: تحليل الدولة المشرقية -الهشة
- طواحين الشرق السياسية بلا دقيق.
- الديمقراطية المشرقية: تأملات في الكمائن والتلاقي والضد النوع ...
- الاستجواب وادوات الدولة الاديولوجية الموازية .
- معبد الاغتراب الديمقراطي.
- ‎:النخبة وصعود الطبقة الوسطى وجهات نظر في الثقافة العراقية.
- العراق بعد العام 2003 : الدولة اللينة والدولة الموازية
- بوابات الاجتماع السياسي المغلقة :مفاتيح الفكر العراقي الاربع ...
- النفط و النظام النقدي الدولي: من صدمة نيكسون الى صدمة اوكران ...
- الفكر العراقي الراهن : رؤى في الصدق ، الحب والمروءة.
- النقود الملكية الحمراء
- تعويضات حرب الكويت: مسار داكن في التاريخ الاقتصادي للعراق.
- قراءة إنسانية في قلم المفكر عقيل الخزعلي
- رباعية الفكر الرافديني
- موديل الدولة المشرقية :العراق انموذجاً.
- الحرس الدستوري الجديد في العراق
- تجربتي العملية مع الراحل د. سنان الشبيبي
- المفكر كاظم حبيب : حوارات في ذاكرة الضمير.


المزيد.....






- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مظهر محمد صالح - على مائدة الرئيس :هموم الحرب وشجون السلام.