|
صدق مع الذات
نزار صباغ
الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 10:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قد تبلغ الآلاف ، تلك المقالات ضمن المواقع الالكترونية التي تهاجم "البابا" وما يمثله وصولاً إلى "الماما" إن استطاع كاتبوها سبيلا ، إضافة إلى التعليقات والأدعية والدعوات للانتقام في مواقع الدردشة والمواقع التي تسمح باستقبال آراء وتعليقات الزائرين ، هذا عدا عن الرسائل البريدية الالكترونية والتي وصل بعضها إلى بريدي الالكتروني وبكل ما تحمله من رقي وارتقاء وسمو (!؟) في إثبات علاقة الإسلام ب "العقل" و"التسامح" ........ كثيرة هي إنجازات "العقل" التي يتم استخدامها ، أليس كذلك ...؟ ذات العقل الذي اكتشف الكهرباء واخترع الموبايل والسيارة ، والذي استطاع إنقاذ حياة الكثير من الناس باكتشافه الأدوية واللقاحات وتطويره المستمر للعمليات الجراحية وكل ما يرتبط براحة الإنسان ، كما بالقضاء عليه إن كان استخدامها شريراً ..... هكذا العقل ، بالإمكان استخدامه باتجاه الخير ، كما بالإمكان إفقاده وجوده عند تحويره باتجاه الشر ... بمعنى آخر ، ما من إنسان لا يملك العقل ، لكن القليل القليل من يملك المعرفة . ..................... وردتني رسالة ضمن ذات السياق ، يهاجم كاتبها "البابا" ويصفه بأوصاف يمكن للبعض استخدامها لإثبات أن الفكر الديني الظلامي "المتعصب" عبارة عن فكر هدّام للإنسان وللإنسانية ، كما يشرح بإسهاب ما فعلته المسيحية بمذاهبها المختلفة في عهودها المختلفة ، كما يذكر البعض مما ورد في التوراة من "آيات" تحض على القتل والفسق وغير ذلك من الأعمال الشريرة ، المبتعدة عن التسامح والمحبة ...! لست في موضع الدفاع ، لكني أأسف لهذا الدرك من المستوى الفكري والعقلي الذي انحدر له الكثير ممن يدعون أنفسهم "غيارى على الدين" بدءاً من "مشايخ التكفير" إلى الأتباع البسطاء الذين "لا يعلمون ماذا يقولون أو يفعلون " . ...................... يكفي الأوروبيين فخراً أنهم قد اعترفوا وواجهوا بصراحة مطلقة كل ما حصل ضمن تاريخهم من أحداث ، دينية أم سياسية ... فهم من قام بفتح "دفاتره العتيقة" ونفض الغبار عنها ، لم ينقحوها أو يحاولوا تجميلها بغلاف جديد ، بل قرؤوا بصراحة كل ما كان فيها ، وناقشوا ، واستوعبوا ، وتعلموا من أخطائهم .... ليتمكنوا من بناء مستقبل صحيح وسليم لهم ولأجيالهم اللاحقة ... لم يتطلعوا أبداً لإعلاء نفسهم كبشر خليقه الله من خلال إثبات أن ما يعتنقوه من دين هو الأفضل ... لم يضعوا أنفسهم كما وضعها أسلافهم في سالف الزمان كقربان لمصالح فئة معينة تتحكم بهم باسم الدين ... لم يتجاهلوا أن بدء حضارتهم كانت جراء متابعتهم لأعمال أناس مفكرين عظماء – وبالمناسبة فهم من أبرز عظمتهم بعدم تغييبهم - ، أناس قرؤوا وفكروا وحللوا واستنبطوا ، وكتبوا وقالوا وعلًـموا ما اعتبره الكثير في حينه كفراً وخروجاً ومروقاً عن الدين ، أناس اعتبروا أن الدين لخير الإنسان لا العكس ، أناس كابن رشد الذي أمر "حراس الدين" و " المدافعين عن الدين" بإتلاف وحرق كتبه .... يكفي الأوروبيين فخراً أنهم كانوا صادقين مع أنفسهم ، وأنهم أول من نادى وبدأ فعلياً بتصحيح المفاهيم الدينية وفصل الدين عن الدولة ، وأنهم أول من بدأ فعلياً بنقد وتفنيد ما ورد في الكثير من أسفار التوراة وأبرز أنها عبارة عن قصص تاريخية كانت في مرحلة ما ، وأنهم من طالب ولا يزال بإعادة النظر في فصل التوراة عن الإنجيل فما يرد في الكثير من أسفارها لا يلائم بل ويناقض ما يرد في الإنجيل ، وأنهم من أعلن بصراحة في مواجهة مع التاريخ والذات أن الحروب التي سببها أسلافهم في العصور الوسطى كانت "تدميرية" وتهدف للمصلحة المادية تحت غطاء ديني . بالمناسبة ، فهم وبالغالبية ، من وقف ضد أميركا في سياساتها عامة ، وتشددوا في ذلك باسم الإنسانية ، وحتى في ذات الدول التي ساندت أميركا في حربها ضدنا ... أتذكرون ذلك أم أن العقل العربي انتقائي . ..................... عودة إلى موضوع المحاضرة إياها ، ما دفعني إلى ذلك تساؤلات عدة حول ماهية الفكرة التي أوردتها ضمن مقالي السابق "الناطق باسم الجميع" ، من أن "البابا" كان في موضع انتقاد للإمبراطور الذي اقتبس عنه تلك المقولة صاحبة "التسونامي" ، وشرحت القليل عن رأيي في سطر واحد دون توسع .. وأعتقد ان الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الشرح بالنسبة للجملة التي قالها "البابا" قبل أن يذكر الجملة التي سببت إشهار قناة الجزيرة ، والشيخ القرضاوي ، فقد كانت : he addresses his interlocutor with a startling brusqueness on the central question about the relationship between religion and violence in general إن startling brusqueness هنا تأتي بمعنى ( قاسية – عنيفة – حادة ) ، وقد ذكرها "البابا" ضمن مقولته بشكل يستغرب فيه صدور مثل هذا القول من رجل مثقف يعتمد المنطق والعلم أسلوباً للتعامل والحوار ، رغم معرفته أنه كان يتجادل مع رجل مثقف قادم بغرض احتلال مدينته ... فأن يذكر هذا التعبير ضمن سياق محاضرة أكاديمية تركز على استخدام العقل والمنطق أساساً لكل حوار ، فإنه يعني النقد لقائل الجملة المذكورة ، وبخاصة أن "البابا" ذكر عدة جمل وردت ضمن سياق المحاورة ذاتها وكانت في مجملها تحمل معاني فكرية روحية إنسانية عميقة ...وللتأكيد على ذلك يمكن لمن يرغب العودة إلى المحاضرة مكتوبة أو مشاهدتها كاملة بعد طلبها من موقع "الفاتيكان" . (بهذه المناسبة ، أعتقد انه من المستهجن أن يحاول أحدهم الدفاع عن الغرض من الحصار ، يكفينا تزييفا وتزويراً للحقائق والتاريخ ، أم أن اسبانيا كانت تدعى الأندلس قبل أن "يحتلها" طارق بن زياد ... ) أعتقد أن ما حصل من ردود أفعال يوحى وكأن هناك عملية متابعة مستمرة وجدية ودؤوبة لما يتصرفه أو يقوله الرموز الدينية أو السياسية العالمية بهدف إثارة المشاعر بشكل فوري ومباشر تحت عنوان : هام ، ورد الآن ، عاجل ... وبطريقة تستفز الناس عاطفياً جراء ألفاظ وعبارات منتقاة بسبب ما تعانية شعوب "الشرق المؤمن" من اعتماد على النقل والسماع من أولي الأمر– وبخاصة من يعتبر نفسه وصياً عليهم وعلى الدين - عوضاً عن العقل والقراءة والتفكير ، الأمر الذي يجعلها سهلة الانقياد لكل ما يمكن أن يوجه عواطفها من مفوهين أو متكلمين أو أخبار سماعية "موجهة" ، دون إعمال العقل أو التفكير في صحة ما يقال تماماً كالقائل " لا تقربوا الصلاة " مبتعداً عن " وانتم سكارى" ومتجاهلاً تماماً السبب الأساسي " حتى تعلموا ما تقولون" . وبالمناسبة ، ألا تعتقدون أن الدعوات لاستعادة الأمجاد - المفقودة ظلماً – ، والتي أخذها منا – الاستعمار - في "الأندلس" وسواها ، دعوات تعتبر بالشاذة أمام عصر الحقائق التاريخية والتعامل العقلي ...؟ ................... التعامل العقلي ؟ هل هو موجود عندنا .... اليوم تحديداً سمعت ما يقارب نصف خطبة صلاة الجمعة ، بسبب سكون الضجيج والأصوات قوية الضخامة لمكبرات الصوت التي قد تسبب ما يزيد عن /10000/ ديسيل تقريباً للبيوت المجاورة ، كان النصف الأول منها يدور حول الشهر الفضيل ، وما يحمله من معان سامية ، ومنها – قال الخطيب – قهر الشهوات ، وبرأيه أن من متطلبات النجاح في ذلك هو عدم الاختلاط في المطاعم والمتنزهات بل وعدم ارتيادها نهائياً لأنها تتسبب بالشهوة (؟) لدى المؤمن .. حسناً ، إن كان الأمر كذلك فكيف يتم قهر الشهوة إذاً ...؟ وماذا سيكون بالمقابل . .................. بالمناسبة ، كم إسلام عندنا ...؟ إسلام أندونيسيا أم ماليزيا أم طالبان أم ابن لادن والظواهري وأبو سياف والجزيرة والشيخ القرضاوي ، إسلام السمع والنقل أم العقل ....؟ أهو إسلام أم فكر إسلامي ...؟ ألا يتوجب الأمر إعادة النظر في المفاهيم وإعادة قراءتها قراءة جديدة عقلانية صحيحة تتناسب مع العقل المتطور ومع وجود الكهرباء والكومبيوتر والانترنت ...؟ كيف لمن يدافع عن الإسلام بأنه دين السماحة أن يستطيع إقناع من يرى راهبة تقوم بواجب إنساني لخدمة المرضى من النساء والطفال ، تقتل برصاصتين في ظهرها لمجرد أنها راهبة ..؟ كيف لمن يدافع عن الإسلام بأنه دين العقل أن يستطيع إقناع من يرى جموعاً صاخبة صائحة زاعقة ترفع السيوف والعصي والسواطير بحجة الدفاع عن الدين ...؟ كيف لمن يدافع عن الإسلام بأنه دين الرحمة أن يستطيع إقناع من يرى جموعاً تذبح وتجلد وترجم باسم الدين ...؟ .......................... ثم ، أكرر السؤال القديم الجديد ، أيحتاج دين سماوي ، مطلق دين ، لمن يدافع عنه.....؟ ألا تعتقدون أن الموضوع يحتاج لوقفة صدق مع الذات ...؟ ......................... رحمك الله ياعمتي ... كانت تسمع الكلمات التي ترغب بسماعها ، وتتجاهل تلك التي ترغب بتجاهلها بحجة عدم سماعها ... لم يكن هناك وقتها محطات فضائية كالجزيرة وأخواتها ، ومكبرات هائلة للصوت ... فهل سنتمكن اليوم من التصرف مثلها ....؟ لا أعتقد . أعتقد أن أولي الأمر في بلادنا جميعهم ، مسؤولين ورجال دين ومحطة الجزيرة ومروجوها ، قد تآمروا جميعاً بمؤامرة عالمية مع أطباء القلبية على الشعوب العربية والاسلامية المسكينة ، لأن التوتر العصبي هو أحد أهم الأسباب التي ينجم عنها الأمراض القلبية المختلفة .. فيصاب من يصاب بالأمراض ... وهم يستفيدون ، بأتعاب التشخيص ، والعلاج ، والقثطرة ، والمراجعات ، وقيمة الأدوية ، والعمليات الجراحية من جانب ... ويستفيدون بالرقي ، والحجابات ، والحجامات ، والأدعية ، والقراءات ، والعمليات بأيدي خفية من الجان ، من الجانب الآخر ... فلا عجب إذاً إن ازدادت كثيراً ، رسوم التسجيل في كليات الطب البشري - اختصاص قلبية -من جانب ، وكثرة "الغيورين" و "المدافعين" و "الداعمين" و "مفسري الأحلام " ....من جانب آخر
22/9/2006 نزار صبـاغ
#نزار_صباغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الناطق عن الجميع
-
ابتكار
-
قرارات وعدادات
-
خطوط بالألوان
-
حول دولة المؤسسات
-
التجيير في الصحافة المحلية ... الموظفة
-
ذهول
-
من دون تشبيه
-
رب ضارة .. نافعة
-
مصادر موثوقة .. واستنساخ
-
المقاطعة الدينية
-
للكعبة رب يحميها
-
من دون تأويل
-
المسرح واللاعبون
-
أحلام اليقظة.. والسياسة
-
البواقون
-
أحلام اليقظة ... والسياسة
-
كلام الناس - 2
-
المرتد - 2
-
المرتد
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|