أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار















المزيد.....

الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7332 - 2022 / 8 / 6 - 07:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأديان كلها وعلى مر التاريخ وفي كل مراحل تطورها لم تستطيع أن تبني مجتمع فاضل حقيقي ولا يمكنها أن تبني ذلك، لسبب بسيط هو أن الدين يتعامل مع كائن أفتراضي غير حقيقي يسمع نصائح الدين فينحاز لها ويطبقها كما هو المطلوب، هذا الكائن الأفتراضي غير موجود في الحقيقية لأنه أصلا مخالف لقانون الخلق والتكوين الذي جعل الإنسان أكثر شيء جدلا، لكن القانون والعلم والتربية يمكنها أن تصنع مجتمع ملتزم بحدود متفق عليها مسبقا، القانون يكافح الخروج عن الأتفاق والعلم يبتكر الطرق والمناهج الضابطة والتربية هي من تجعل الخضوع للقانون والتقيد بنتائج العلم فضيلة.
الدين يفترض وهذه حقيقة أن الإنسان عندما يسمع كلام الدين سيتحول مع التجربة إلى مؤمن حقيقي بما سمع، هذا الأفتراض غير حقيقي لأن الدين نفسه يقول ان الإنسان ضعيف جدلي هلوع يائس وووو، هذا التناقض ينفي الفرضية ويؤكد على بشرية الإنسان كونه كائن معرفي لا أفتراضي، كل المتدينين على مر التاريخ، اليهود ادركوا الحقيقة هذه بعد ألاف السنين فقادوا العالم للعلم، وبعدهم المسيحيون منذ اكثر من ثلاثة فرون، ولحقت بهم ديانات اخرى تباعا، الفرق أننا المسلمون ما زالنا حائرين بين اللحاق والسباق أو البقاء والأسترخاء بأنتظار المهدي المزعوم، فالأنبياء والرسل كانوا على درجة عالية من الكمال لا يصلها احد بعدهم، فكيف يكون المهدي بنظر المنتظرين والمبشرين به أفضل منهم كمالا وهو تابع لهم كما يقولون.
إذا الدين عند الله الإسلام وليس دين محدد وهو التسليم لمراد الدين وهما نقطتان، العدل المطلق بوضع كل شيء في محله دون زيادة أو نقصان، والأمر الأخر هو الإحسان بمعنى جعل كل شيء أحسن مما كان ويشمل على أعمار الوجود بالعلم والمعرفة وأعمار النفوس بالخير والأحسنية، هذا هو إسلام الله، وحتى يكون هذا الإسلام قادرا على التحرك فلا بد من منهج وقانون فكانت الشريعة والعبادات والسلوكيات والأحكام طريقا لها، هذا الموضوع كله لا علاقة له بقدرة الأديان على صنع مجتمع فاضل، ولو كان ذلك ممكنا لما قال الله لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولازال المؤمنون بالله وحتى داخل الدين الواحد مختلفون فيما بينهم وحتى داخل اجزاء الدين الواحد الخلاف على أشده.
لإنسان وبحسب النص الديني الذي نؤمن به إنسان ضعيف خطاء جدلي ظالم، هذه المواصفات لا يمكن معها أن يبني الإنسان مجتمع الفضيلة لكن هذا لا يمنع من سعيه نحو الفضائل المقتدر عليها بما يعزز من قدرته على فعل الخير والأحسنية فقط، وبالتالي فهي نتاج معرفة وتجربة الإنسان في الوجود عززها الدين، بدليل قول رسول الله ص إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق يعني الفضائل الأجتماعية، أن المثل توجد مع وجود من يتمثل بها، فلا وجود للفضيلة قبل وجود الإنسان، ولا يمكن الكشف عنها بدون أن يفرق الإنسان بينها وبين نقيضها، هذا يعني بالنهاية حتى تعرف الفضيله لا بد ان تكون موجوده ومعروفة بالتجربة وبالحس، فالفضائل من جملة المعارف البشرية لا تدرك إلا بالوعي بها، لا فرق أن تكون جيدة أو غير جيده بالنسبة لمحدد متغير.
المدارس الفلسفية والفكرية تدرس الموضوع من جانب واحد وتعتمد في نتائجها ومخرجاتها على أمر نسبي يخصهم وحدهم، فمثلا كما وضحت المدرسة التجريبية هي ليست خلاصة قول كل المدارس ولا أتجاها كاملا منطقيا وتماميا، فهي بالأخر جهد عقلي نسبي لا يلزم غير أتباعها، انا اؤمن وهذا أيضا نيسبي أن الحقيقية الموضوعية تقرأ من عدة جوانب ذاتي وموضوعي داخلي وخارجي قبلي وبعدي، أي بشكل بانورامي لأن الحقيقية هي كذلك لا تملك وجه واحد، ولكن لن نقول لها أوجه عدة، الحقيقية هي الحقيقية من حيث نراها نحن لا من حيث هي بالحقيقة.
فقد نرى جزء من القمر ونقول رأينا القمر، فهل فعلا نحن رأينا القمر كاملا بجميع ما فيه ومن جميع ما فيه، الفضيله قبلية وبعدية تجربة وتنزيل، الفضيلة فكرة وممارسة صورة وبرهان، الفضيلة كل شيء يجري وفقا للرؤية الطبيعية في الوجود وتتماهى مع قوانينها البدوية، فهي متطورة نعم نسبية نعم مخلوقه نعم لكنها بالنسبة لنا كذلك لأننا نحن متغيرون متطورون محتاجون مخلوقون...
كل بشري أيا كان شكله مرتبط بوجود البشر وبوعيه فهو بعدي كأساس، إدراك الشر اللاحق بأن هذا المدرك موافق لإرادة الحالق قبل وجوده يزيد من قوته لكن لا يكون صانعا للأصالة فيه، بمعنى مبسط أن قوانين الفيزياء مثلا أكتشفها الإنسان من التجربة العملية، ولكن في الحقيقية هي موجوده قبل وجود الإنسان أصلا، فلا يمكن أن نطلق عليها مفهوم البعدية كموضوع أصلي، ولكن نطلق عليها تجربة بشرية ما كانت لتكون لولا وعي الإنسان بها، الأخلاق والمثل تختلف لأنها صنع الوعي وليس أكتشاف، هذا الفرق بين القبلي بذاته والبعدي بذاته.
الفضيلة ليست علاقة شخصية ولا تتعلق بالفرد ولا بالسلطان، الفضيلة قيمة القيم وهي التي تتحدد من خلال أختيار الحد الأمثل والأكمل في علاقات الوجود، مثلا كيف لنا ان نحكم على شخص فاضل، هل من خلال ذاته كذات؟ ام من خلال وجوده وفاعلية وجوده في المجتمع؟ نحن نؤمن مثلا أن الإمام علي في زمانه كان فاضلا والسبب لأنه ترفع بسلوكه عما يشين، أي أنه أختار الفضيله فجسدها، الفضيلة موجوده كقيمة في المجتمع، ولكن الفاضل هو من ينحاز لها ويختارها لذا سميا فاضلا بالمعنى الفلسفي، فالفاضل هو القادر على الثبات على الفضيله بوجود القوة أو بعدمها، لو قلنا أن الله جعل الإمام علي فاضلا بإرادته وحدها، لقلنا أن الإمام غير مأجور وغير مثاب على فضله، لأن الله خلقه وسلب منه إرادة القرار كالملائكة فهي غير مثابة أصلا، وثانيا يكون الله ظالما حينما وفق فلان للفضل وحرم فلان منه، والله تعالى يقول "كل نفس بما كسبت رهين"، أي أن النفس مرهونة بالنتيجة بما تكسب لا بما يكتب لها أو عليه.
الفضيلة قيمة أجتماعية نسبية بالنسبة للمجتمع مثلها مثل قيم الأخلاق الأخرى، ولكن مطلقة بالنسبة للفهم الديني بأعتبارها على درجات الإيمان التي ترفع الإنسان من مرحلة الخطأ إلى مرحلة التمام والكمال، حتى الأنبياء الذين نجحوا في إنشاء مجتمع فاضل لم ينجحوا في إرساء ما يضمن بقائها على نفس الأسس والبنيان، فمثلا مجرد أن أنتهى حكم سليمان وداود أنهارت الدولة الفاضلة التي يعدها البعض كذلك، وانهار المجتمع وعاد لديدنه القديم وسلوكه الطبيعي، إذا الفضيلة لم تنبت بالمجتمع أصلا ولم تنتج علاقات فاضلة، والتي هي عماد المجتمع وأساسه الأخلاقي القويم.
الفضائل إذا قيم أجتماعية منتجه وجوديا ومتماهية مع قيم السماء ولا تعارضها، السؤال هنا قبل نزول الأديان هل كانت المجتمع البشري بلا فضائل مثلا؟ إن قلنا نعم خالفنا النص الديني في قول الرسول ص إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق، جاء ليتمم أمر موجود، وطالما هو موجود وبحاجة لإتمام فهو نسبي، المطلق قائم بذاته لا ينقص ولا يتم أبدا، وإن قلنا لا، فإننا نثبت أن الإنسان كائن أجتماعي وقد صدق بالدين الفاضل لأنه يبحث عن الأفضل.
إن قضية المهدي مثلا هي نتاج فشل الدين في بناء مجتمع المدينة الفاضلة، فحتى يبرر الفاشل عن عجزه لا بد من عذر يخفف من وطأة الأعتراف بالفشل، فأبتكروا قضية المهدي الخيالية التي تدغدغ المشاعر الإنسانية وأحلامها الوردية بمجتمع العدل والإحسان، ولم يحددوا له موعدا أو سقفا زمنيا وعلقوا كل ذلك بعلامات الظهور، وهي في غالبها أما أوهام أو ظواهر طبيعية تتكرر، وبذلك نجح كهنة الأديان بترحيل المشكلة إلى بعد لا نهائي وتخلصوا من السؤال المحير، لماذا فشل الدين وهو الذي تقولون أن الله قد وضعه، فأما أن الله لم يضع الدين أصلا وهي الحقيقية التي لا يريد أحد الأعتراف بها، أو أن الله أيضا عاجز عن سوق الإنسان ولو بالقوة إلى الفضيلة، لأن الخطأ ليس في الإنسان، بل بالتصميم الأساس الذي وضعه الله، وفي كلا الحالتين لا وجود للعدل الفاضل ولا الفضل العادل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على سبيل الفرض والافتراض ح6
- على سبيل الفرض والافتراض ح5
- الموقف السياسي العرافي اليوم
- رسالة إلى حامل الأختام المقدسة
- غي خضم الوضع العراقي الراهن مواقف واراء
- على سبيل الفرض والافتراض ح4
- على سبيل الفرض والافتراض ح3
- على سبيل الفرض والافتراض ح2
- على سبيل الفرض والأفتراض
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 21
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 20
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 19
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 18
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 17
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 15
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 14
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 13
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 12
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 11


المزيد.....




- بزشكيان: دعم إيران للشعب الفلسطيني المظلوم مستمد من تعاليمنا ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات وميناء حيف ...
- المقاومة الاسلامية بالعراق تستهدف إيلات المحتلة بالطيران الم ...
- اضطهاد وخوف من الانتقام.. عائلات كانت مرتبطة بتنظيم -الدولة ...
- في البحرين.. اكتشاف أحد أقدم -المباني المسيحية- في الخليج
- “ولادك هيتجننوا من الفرحة” ثبت الآن قنوات الأطفال 2024 (طيور ...
- إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأق ...
- تفاعل مع استقبال رئيس الإمارات لشيخ الأزهر (فيديو)


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار