|
الماذون الشرعي والحاجة إليه
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 12:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شرع الله الزواج من اجل ديمومة الحياة وإثرائها وتحقيق غاية الخالق من الخلق في عبادته على وفق قوله عز وجل في سورة الذاريات الآية 56 ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) بالإضافة إلى توفير عنصر السكينة والاطمئنان لدى الإنسان وفي رأي للفقيه المصري سيد سابق بكتابه الموسوم فقه السنة ج2 ص 87 إذ يقول (أن حكمة الزواج هي سكون نفس كل من الزوجين إلى الآخر، والمودة والرحمة بينهما وبين من يلتحم معهما بلحمة النسب فقال : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة" . فقيد سكون النفس الخاص بالزوجية ، ولم يقيد المودة والرحمة ، لأنها تكون بين الزوجين ومن يلتحم معهما بلحمة النسب ، وتزداد وتقوى بالولد) كما وأولت الشريعة الإسلامية السمحاء اهتمام خاص بهذا الموضوع واجتهد فقهائها في تيسير سبل إتمامه وإنجازه فخففت شروط انعقاده وغلظت شروط واركان فسخه او حل وثاقه، بالاضافة إلى أن الرسول الأكرم (ص) قد دعا إلى تخفيف القيود وحفز النساء على القبول دون التكاليف الباهظة والاكتفاء بالإنسان دينه لكفاءته للزواج ووصف النساء ذوات المهر الأقل بأنهن خير النساء على وفق ما ورد في الحديث الشريف (( أفضل نساء أمتي ،اقلهن مهرا ، وأحسنهن وجهاً )) . ومن هذه الديباجة البسيطة أعرج على موضوع عقد الزواج في المحاكم العراقية في الوقت الحاضر وهل وسيلة إتمامه وتسجيله الآن يسيره أم تعتريها القيود والغلظة لذلك سأوضح الأمر على وفق ما يلي :. 1. إجراءات تسجيل العقد حينما يروم الزوج أو الخاطب في أكمال تسجيل العقد لدى المحكمة عليه الذهاب إلى بناية المحكمة بمعية زوجته أو خطيبته ثم يذهب إلى دائرة الأحوال المدنية لجلب صورة قيد الأحوال المدنية لكلا الطرفين الخاطب والمخطوبة ويكون في اغلب الأحيان احدهم في سجلات الأحوال المدنية التابعة لدائرة الأحوال المدنية في إحدى المحافظات البعيدة أو الساخنة على وفق التوصيف الحديث للمناطق المضطربة، ثم الذهاب إلى إحدى المستشفيات المخصصة لغرض إجراء الفحص والمطابقة بين دم الزوجين ويبقى ينتظر إلى حين وصول النتيجة التي تستغرق أيام عدة في بعض الأحيان وبعدها يحضر إلى المحكمة التي تسعى لان تسهل له كل شيء، لكن ما يجري في ارض الواقع هو لجوئه إلى كتاب العرائض وبعدها تسجل البيانات ثم تعرض على القاضي للتوقيع وبحضور الطرفين وقد لا تنتهي المهمة عند هذا الحد وإنما تعقبه سلسلة من المراجعات الإدارية في دوائر الأحوال المدنية وغيرها . 2. الآثار والعوارض السلبية لتلك الإجراءات إن الأوضاع الأمنية المتردية في الوقت الحاضر والضائقة المالية والاقتصادية خلقت أجواء سلبية تجاه هذه الإجراءات ومعظم أماكن المحاكم غير كافية من حيث الأبنية والتأثيث والخدمات لاستقبال الأطراف المذكورة ويمتاز العرف في العراق المتعلق بالزواج بكثرة المرافقين للخاطبين فترى مجموعة من أهل الزوج ومجموعة أخرى من أهل الزوجة ويكتظ المكان بهما ولا يتسع لكل الحاضرين فيقفون في الساحات المكشوفة وخارج أبنية المحاكم وقد تعرض الكثير من هؤلاء إلى حوادث التفجير والتفخيخ عدى مخاطر الطريق فبعضهم يأتي من القرى ولا يستطيع العودة لانقطاع الطرق ويبقون هم وعائلاتهم في العراء والطرقات وبعضهم تعرض للقتل سواء من قبل المجاميع الإرهابية أو قوات الاحتلال أما من الناحية الاقتصادية فنرى إن هذه السلسلة من المراجعات تولد إنفاقا كبيرا يثقل كاهل الأطراف ويشجع على الابتزاز وينمي روح الارتشاء ويصل حد الإنفاق إلى المساومات على مبالغ كبيرة نسبيا وكل فرد منا يدرك هذه الحقيقة . 3. الآثار القانونية بعدم تسجيل عقد الزواج أما إذا افترضنا إن المواطن لم يحضر إلى المحكمة ولم يتبع تلك السلسلة من الإجراءات ما الذي يحدث له اذا ما تزوج خارج المحكمة وأتم الزفاف بحضور رجل عارف بالشؤون الشرعية وتلفظ بالصيغة المتعلقة بالزواج؟ ان الذي يحدث لايوثر على عقد الزواج من الناحية الشرعية وان عقد الزواج صحيح ويرتب كافة الآثار القانونية والشرعية من ثبوت النسب والتوارث والإنفاق وغيرها من الآثار . أما من الناحية القانونية فان الزوج ان حضر لاحقا وطلب تصديق زواجه الخارجي فانه لا يتعرض سوى إلى إحالته إلى محكمة التحقيق باعتباره ارتكب جنحة لعدم تسجيله عقد الزواج أمام محكمة الأحوال الشخصية وفي النتيجة إن اشد عقوبة قد تفرض عليه الحبس لمدة محددة بالأشهر مع وقف تنفيذ العقوبة بحقه وأصبح أشبه بالمعاملة الروتينية الغرض منها إكمال الشكلية المنصوص عليها في المادة 10/ف5 من قانون الأحوال الشخصية . وبعد ذلك يبقى العقد صحيحا ونافذا ومرتبا لآثاره الشرعية والقانونية ولم يحصد المواطن سوى المزيد من التعطيل والعرقلة والروتين الذي أثقل المواطن والدولة دون أن يرتب اثر.
4. الأعباء الوطيفية والمالية على الدولة فيما يتعلق بمقدار الجهد والوقت والكلفة التي تنفقها الدولة فان الأمر كبير جدا حيث يشغل القضاء بإجراءات وأمور روتينية بعيدة عن وظيفة القضاء المتمثلة بالاجتهاد القضائي ونرى إن القاضي ينشغل بإجراء التسجيل ويبتعد عن صلب وظيفته لان تسجيل عقد الزواج لا يحتاج إلى أي اجتهاد أو حكم قضائي مما يؤثر سلبا على سرعة حسم الدعاوى ، كما يرتب رصد مبالغ لرواتب الكوادر الوظيفية التي تنهض بمهمة إتمام العمل كما تشكل القرطاسية مبالغ مهمة ومؤثر في الميزانية العامة للدولة، كما تفسح المجال لذوي النفوس الضعيفة من ابتزاز المواطن واستغلال أما جهلة بالقانون والتعليمات أو ظروفه الشخصية . لذلك ومما تقدم أرى ان نسعى لإصدار تشريع يتضمن إيجاد مركز قانوني للمأذون الشرعي مهمته تسجيل عقود الزواج الخارجي ومن ثم توثيقها لدى المحاكم على أن يكون ذلك المأذون من الحاصلين على شهادة البكلوريس في القانون أو العلوم الإسلامية ويجاز من قبل وزارة العدل او مجلس القضاء بممارسة هذه المهنة ويخضع لرقابة جهة منح الإجازة وتفرض عقوبات صارمة عليه في حالة مخالفته الضوابط التي يحددها القانون مع فرض رسم على أي معامله يجريها الماذون مما يعظم من موارد الدولة ويساعد الخزينة العامة ويخفف العبء عن المواطن ويلبي رغباته تجاه إجراء الاحتفال بالخطوبة في البيوت أو النوادي أو أماكن أجراء مثيلاتها, علما إن العرف في العراق يسير تجاه رغبة العائلات بانتقال الماذون إلى دار الخاطب أو المخطوبة وكلا حسب مذهبه ويخفف الزخم الحاصل في محاكم الأحوال الشخصية ويبعد المتزوجون الجدد من مشاهدة الخصومات المتعلقة بقضايا الطلاق التي يرى البعض إنها نذير شؤم لهم وهم يضعون خطواتهم الأولى في طريق الحياة الزوجية علما إن بعض البلدان العربية والإسلامية المجاورة تعمل بفكرة الماذون الشرعي وإنها وسيلة مطروقة ولم تظهر أي سلبية تجاهها عليه أدعو مجلس النواب وكل الجهات ذات الصلة بإصدار التشريع وسن القوانين مثلما أدعو منظمات المجتمع المدني إلى دراسة الفكرة وإنضاجها باتجاه إصدار مثل هذا القانون .
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا يستأذن الوزير عند إحالة الموظف إلى المحاكم المختصة
-
القانون وسيلة دكتاتورية
-
هل يجوز توقيف الكفيل بموجب القوانين النافذة ؟
-
التكييف القانوني لفعل الاعتداء على وسائل الاتصالات
-
أثر الصورية في بطلان العقد
-
مفهوم البراءة والافراج في القانون العراقي
-
التنفيذ بواسطة حبس المدين
-
مفهوم الاستجواب في الاثبات المدني
-
دور الحكمين في دعاوى الاحوال الشخصية
-
طبيعة إجراءات التحقيق والمحاكمة الجنائية في العراق
-
الطعن في دستورية القوانين
-
التكييف القانوني لفعل التطاول على الرموز الدينية
-
الأثار القانونية للفصل العشائري
-
تعريف الإرهاب في قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005
-
الحقوق العينية
-
الوزير قد يعطل أعمال القضاء أحياناًَ !
-
الوزير قد يعطل اعمال القضاء أحيانا
-
أحكام الصلح في القضايا الجزائية
-
مؤسسات المجتمع المدني واعادة النظر في القوانين النافذة
-
الوعي والثقافة القانونية
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|