أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يسري حسين - صراع الحضارات : بضاعة أمريكية















المزيد.....

صراع الحضارات : بضاعة أمريكية


يسري حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إختار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذهاب إلى الشرق الأوسط لزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية , وأنهى جولته بالتوقف في لبنان واللقاء مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة . وكانت خطة الطيران إلى المنطقة محاولة ضرورية لتبييض سجل بلير السياسي قبل الوقوف أمام مؤتمر إتحاد النقابات , ثم حضور المؤتمر السنوي لحزب العمال الحاكم , الذي يتزعمه .
وكان بلير قد تعرض لإنتقادات حادة من داخل حزبه , لأنه ترك إسرائيل تواصل عدوانها على لبنان دون إدانة أو تدخل لوقف إطلاق النار .
وإعتبر أعضاء داخل الحزب الحاكم نفسه الذي يتزعمه بلير , أن رئيس الوزراء تواطؤ مع الولايات المتحدة لترك إسرائيل تدمر لبنان , وتزيل المقاومة وتقضي عليها بالكامل . وخلال إشتعال المعارك رفض بلير إرسال وزيرة خارجيته مارجريت بيكيت إلى لبنان , التي بدورها إتخذت موقفاً متخاذلاً ولم تدن العدوان ولم تتحرك بطريقة إيجابية لإنهاء المذبحة التي تعرض لها الشعب اللبناني والبنية التحتية هناك .
وكان التواطؤ هو ثمرة التحالف الأمريكي البريطاني الوثيق منذ الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 . كما أنه شكل الدعم لإسرائيل في مواجهة مقاومة إسلامية تأتي في ضوء الإستراتيجية التي تعمل على محاربة ما يسمى بالإرهاب .
وقد حاول بلير تبرئة نفسه من تهمة ترك إسرائيل تدمر لبنان . وتبرع لخطط الإعمار في بيروت والجنوب بمبلغ 40 مليون جنيه إسترليني كمنحة بريطانية تقدمها حكومته في هذا الشأن .

وطرح رئيس الوزراء البريطاني أثناء زيارته غزة والقدس المحتلة , خطة تحريك السلام بين إسرائيل وفلسطين , لعل هذه الخطوة تغفر له مجموعة الأخطاء التي تورط فيها منذ تحالفه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش , بهذا الشكل الذي ترتب عليه تعريض بريطانيا للنشاط الإرهابي .
وكانت مجموعة من النواب المسلمين في البرلمان كتبوا عريضة , إتهموا فيها السياسة الخارجية البريطانية بأنها مسئولة عن نمو الأفكار الإرهابية وسط الشباب البريطاني . وقد تعرضت لندن لعمليات تفجير في يوليو عام 2005 . ونفذ الهجوم مجموعة من 4 مسلمين .
تمرد على الحلفاء المقربون له . وقالت الوزيرة السابقة لتنمية ما وراء البحار كلير شورت , أن رئيس الوزراء كلف بريطانيا الكثير بهذه السياسات التي تتبنى وجهة النظر الأمريكية للإدارة المحافظة الحالية في واشنطن .
والعلاقات الوثيقة بين بوش وبلير لا ترضي حتى اليمين البريطاني نفسه . فقد وعد ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين المعارض بنهج سياسة متوازنة تحافظ على العلاقات مع واشنطن , ولكنها تضع مصالح بريطانيا في المقام الأول .
وأظهر إستطلاع للرأي , أن أغلبية البريطانيين غير سعداء بالتحالف بين بلير وبوش وأن المعركة على الإرهاب فشلت , وأنها حركت العداء للغرب وتثير الخلافات الدينية وتطرح قضية الخوف وتدفع نحو تراجع الإرث الديمقراطي البرلماني .
وقد حاول بلير منذ الحادي عشر من سبتمبر الإيحاء بوجود معركة كونية ضد الإسلام المتطرف وعلى الغرب المواجهة لحماية أمنه الخاص .
رتب رئيس الوزراء غزو العراق , على أسس معلومات كاذبة ترتبط بالحديث عن أسلحة دمار شامل عراقية . وفقد بلير كل أوراقه , وكان الأداء خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان محل إنتقاد صارخ . وقد عارضه حتى ويليام هيج , السياسي المحافظ ووزير خارجية الظل .
بسبب هذه السياسات الخاطئة , تمرد أعضاء من الحزب الحاكم على توني بلير ووقعوا بيانات تطالب بخروجه . غير أنه تحرك بسرعة وأعلن تركه منصبه خلال عام . وإتجه للشرق الأوسط ليحصل على البراءة , وأنه رجل سلام , حتى يعود لحزبه ويعلن نجاحه في تحريك مسيرة التفاوض في الشرق الأوسط , وأن علاقاته بإسرائيل وأمريكا وراء قدرته على دفع الموقف نحو جولة من المباحثات الجديدة . وقد تأتي دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب بجوار دولة أخرى إسرائيلية .

التظاهر والغضب
في بيروت

وقد تظاهر لبنانيون ضد لأنه ليس رجل سلام ولا شريك محايد . فقد كشف مدى إلتزامه بالمصلحة الإسرائيلية . وهذا يعود إلى إيمان ديني شخصي لم يكشف عنه . لكنه أعطى إشارات تجاه موقفه . كما أن مستشاره للشرق الأوسط ومبعوثه , هو اللورد < ليفي > من أشد أنصار إسرائيل , وهو المسئول عن أن < بلير > يكون أكثر وزراء بريطانيا إنحيازاً لسياسة الدولة الصهيونية على حساب العرب .
وقد أبدى قياديون داخل إتحاد النقابات خلال المؤتمر السنوي رفضهم لسياسة بلير اليمينية المتطرفة , حيث كان موقفه خلال الحرب على لبنان إستفزازياً , لا علاقة له بما يدعيه من السعي لتحقيق السلام .
لقد قُتل أكثر من ألف شخص , وتم تدمير المدن اللبنانية والقرى بينما كان < توني بلير > يصر على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ! . وعندما ذهب إلى الدولة العبرية إستقبله إيهود أولمرت بلقاء الأصدقاء . حيث لم يوجه رئيس الوزراء البريطاني كلمة واحدة تنتقد سياسة نسف المنازل اللبنانية وإطلاق النار على المدنيين في غزة وبيروت والجنوب اللبناني .
إن سياسة بلير فشلت في دعم السلام . لكنها ساعدت على إندلاع الحروب والتورط فيها . وهذا ما يقوله أعضاء في الحزب الحاكم نفسه , يطالبون بخروج رئيس الوزراء الأن قبل غداً . لكن < بلير > يريد الضمان للخروج الآمن مع إحتفالات تليق به في مايو المقبل ومع مرور عشر سنوات على توليه زمام السلطة . وهو لا يهتم سوى تاريخه الشخصي وعلاقاته مع واشنطن وتحقيق لدعاية ضخمة تنهي سنوات حكمه العاصف الذي بدأ ديمقراطياً وإنتهى بهذه الطريقة الدموية التي أيدت الحرب على لبنان وتركت إسرائيل تدمر كما تريد .
إن الدول الكبرى عليها مسئولية حماية الإستقرار العالمي وتطبيق الشرعية الدولية . وموقف < بلير > من الشرق الأوسط إنحاز إلى اليمين المحافظ في واشنطن وتحالف معه لغزو العراق و مساندته أيضاً في دعم إسرائيل لشن حروبها على الشعبين الفلسطيني واللبناني .
ورغم محاولات < بلير > للبقاء في السلطة والخروج منها على طريقته , فأنه سيترك مقعده في بداية العام المقبل . وكل الأنظار على وزير المالية جوردون براون , الذي يطرح سياسة مغايرة , لن تتورط في الإندماج مع واشنطن , لكنها ستحافظ على مصالح وأمن بريطانيا أولاً , والسعي للتناغم مع الأقليات والجاليات العربية والمسلمة .

فك الإشتباك
مع واشنطن

إن مرحلة الإندماج البريطاني الأمريكي تتجه للإنحصار . و < بلير > سيترك المسرح , ويبقى من محور الشر الرئيس الأمريكي جورج بوش فقط , بعد رحيل أسماء أخرى شاركت حملته العسكرية على العراق مثل رئيس وزراء أسبانيا السابق ماريا خوسيه أزنار .
إن الحرب على العراق جريمة العصر بكل المقاييس , والشركاء في المؤامرة يتساقطون تباعاً . وخروج < بلير > سيكون مثيراً للغاية خصوصاً في ظل هجوم حزبه عليه . لقد أعلن نقابيون في مؤتمرهم السنوي , أنهم لا يريدونه , بسبب تغليبه لفكر الرأس مالية العداونية والشرسة على كل شئ , وترك الشعب اللبناني تقتله إسرائيل دون تدخل أو حتى كلمة إدانة .
لقد جاء < بلير > في مايو 1997 , يحمل الأمل في عالم جديد . لكنه يترك المسرح السياسي والخراب في العراق وأفغانستان والقتلى في غزة وبيروت والجنوب . والغريب أن < بلير > تصور أنه يمكن غسل كل الأخطاء التي إرتكبها بزيارة للمنطقة ومصافحة محمود عباس < أبو مازن > وفؤاد السنيورة . وهو يدرك أن العرب ينسون بسرعة ولا يتذكرون . لكن إمرأة لبنانية وقفت خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره اللبناني ورفعت < لافتة > تذكره بحمام الدم الذي أيد نزيفه ودعمه للدولة الإسرائيلية القاتلة للبنانيين بقنابل عنقودية , ألقتها بالملايين على الأراضي اللبنانية .
ويقول الديمقراطيون البريطانيون أن بلادهم لا تحتاج للحروب وإستعمار الشعوب الأخرى ونهبها . وأن التنمية والتجارة وعلاقات الصداقة , قادرة على فتح الأسواق دون عدوان وإراقة دماء .
ويصتدم هذا الموقف مع نهج الرئيس الأمريكي جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد , ومجموعة الصقور في واشنطن . وقد إنضم إليهم توني بلير في سباحة ضد العصر وحقوق الشعوب .
لقد إستغل المحافظون الجدد حادث الحادي عشر من سبتمبر لشن العدوان وإستعمار العراق وإعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لتدمير الشعب الفلسطيني وإلحاق الشعب اللبناني بهذه المأساة , لأنه أعطى المقاومة سجل الشرف وحق تحرير الأرض .
إن الموجة المحافظة في طريقها للإنحصار لأنها فشلت في حربها على الإرهاب ووضعت العالم على حافة المواجهات والخوف .
وبرحيل < بلير > المقترب , سيكون حلف العداون أقل خطورة , وهو ذاته في طريقه للتلاشي مع إحتمال هزيمة المحافظين الجدد في الإنتخابات الأمريكية الرئاسية المقبلة . إن العالم لا يستطيع العيش في أتون الحرب وعليه التخلص من أمرائها بأسرع وقت ممكن لإعادة ترتيب البيت الدولي نحو التعايش وليس التناحر وإصتدام الحضارات كما سعت بذلك إدارة بوش .



#يسري_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقابيون البريطانيون : الرأسمالية المتوحشة تدمر الشعوب
- غضب من سياسة ( بلير ) المنحازة لإسرائيل
- الديمقراطية ضحية الحرب على الإرهاب
- صوت الناس ضد الهزيمة والإنكسار
- حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده
- طارق علي مثقف نبيل مع العدل وضد الإستبداد والإستعمار
- الرهان على المستقبل
- وداعاً حزب التطبيع مع إسرائيل


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يسري حسين - صراع الحضارات : بضاعة أمريكية