|
محنة الاقدام الكاذبة ام اليد المنفردة؟
كمال الدين الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7329 - 2022 / 8 / 3 - 01:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محنة الاقدام الكاذبة ام اليد المنفردة ؟ يقدم جمال جاسم أمين كتابه القيم (محنة الاقدام الكاذبة) بكلمة أولى بإمكانها أن تشرح كل ما يحتويه الكتاب ببساطة وايجاز " فإن المسلمين يتناقضون دون أدنى شعور بأن التناقض يهدر المعنى ويصرون بصلف غريب على أن الخرافة (متكاملة) والعلم (ناقص) " ، فالاقدام الكاذبة اصطلاح يطلقه جمال جاسم أمين على الكهنوت أولئك الذين يدعون إلى التمسك بالخرافة وإنكار الحقيقة والعلم ، فهم أقدام لا تستطيع الوقوف أو الحركة إلى أمد بعيد إذ أنهم يحرمون الفكر ولا يجيزون مخالفة أفكارهم مما يدعوا الى جمود فكري لدى المتلقي الذي سيتحدد بحدود ما يقوله رجل الدين . وبهذا فإن الاقدام الكاذبة ستقع بمجرد معرفة الحقيقة عن طريق العلم لذا جاء الكتاب داعيا لسلوك مسالك الثورة الفكرية واتباع طرائق التنوير والإيمان بما يجيء من بعدها ويشدد على الرجوع إلى الانسنة باعتبارها الفطرة الحقيقية للإنسان وما يميزه عن باقي المخلوقات . قد نتفق جميعنا على أن ما جاء بكتابات الأستاذ جمال جاسم أمين هو شيء لا يمكن إنكاره حتى من قبل أصحاب الاقدام الكاذبة أنفسهم لكن رغم أن الكتاب اتسم بروح الثورة والجنوح إلى التغيير واتباع الانسنة إلا أنه كان خاليا من اي واقعية يعيشها الفرد العراقي المثقف (عن التغيير اقصد) ؛ فالعودة إلى الانسنة تحتاج دعاة إليها وكيف نجد دعاة لها واغلب الأفراد يشكلون قطيعاً بيد رجل الدين ؟ ثم كيف يستطيع الداعي للانسنة ان يحافظ على روحه في ظل مجتمع جاهل يؤمن بأن التبرك بقبر كلب من السلالة الملكية يعد كافياً لان يمنحه شهادة الماجستير أو يشفي مرضاه؟ ان حال المثقف العراقي في مجتمعه كحال اليد المنفردة لا تستطيع التصفيق أو القيام بعملين في ذات الوقت ، لذا فإن محنتنا تكمن بأننا(يد منفردة) بالطبع لن أتحدث عن المثقفين الساكنين في بروج عاجية وينظرون إلى التغيير بأنه واقعي الحدوث وسهل المنال ، ولكن ساتناول المثقف الميساني بالشرح كونه الأقرب لي بسبب البيئة التي نتشاركها معاً . في ميسان ينقسم المثقفون إلى فئات كثيرة منها : ١ - مثقف انتهازي ٢ - مثقف محافظ ٣ - مثقف ثوري فالمثقف الانتهازي ذلك الذي طور من أفكاره وقولبها في قالب انتهازي وصولي يميل مع من تميل له الكفة من الأحزاب لا لشيء إلا ليقال أنه المثقف الأول ويحصد الجوائز والدروع والاوسمة من قبل دولة المرتزقة ؛ هؤلاء هم عضارطة الثقافة أولئك الذين يجعلون من الفكر والثقافة والقراءة سبباً لتفرعن الجهلة عبر إعطائهم المبررات الكافية وخلق ايدولوجيات لاخطائهم . وفي ميسان يكثرون كثيرا لكن لا دور تنويري لهم ليذكر بل أنهم يحاولون بأن يصبحوا كهنة للمعرفة ولا يشجعون اي ثورة ويحاولوا اقصاء اي فرد يجنح للتنوير عبر تهمة شهيرة كلنا نعلم بها . أما الفئة الثانية فهي الفئة الغالبة في محافظة ميسان تلك الفئة التي تؤمن بأن الحفاظ على النمط الثقافي للمحافظة بوضعه الحالي سيكون أفضل من الدخول في صدامات مع الدولة والأحزاب ورجال الدين فتجدهم حاضرين في كل المحافل الثقافية في المحافظة متى ما وجدت دون خطر لا لشيء إلا لغرض التسلية والترفيه ولإبراز العضلات الفكرية المتكونة بفعل القراءات والتجربة وأقصى ما يمكن أن يطرحوه من معارضة فكرية للواقع المرير هو منشور فكاهي في الفيس بوك له رمزية معينة ، لذا ستجدهم متصالحين مع أنفسهم ومع الانتهازيين والثوريين على حد سواء ويكتم سخطه إلى الأقرب إليه من الأفراد الذين سيكونون بطبيعة الحال محافظين مثله لذا لن يأتِ اي تغيير من هؤلاء ولا يعول عليهم في شيء إلا اللهم في تعليم الناشئة حول المذاهب الفكرية والفلسفية . أما الفئة الثالثة وهي الفئة التي لازالت تحاول إثبات وجودها رغم محاولات سحقها وطمسها عبر القتل والاغتيالات والتعنيف والإقصاء متمثلة بالمثقف الثوري ذلك الذي يحمل نعشه على ظهره ويتكلم دون اي خوف (عبد القدوس قاسم أنموذجا) متبنياً كل الأفكار التي يؤمن بها كمبدأ أساسي للوصول إلى الخلاص ذلك الناقم على وضع البلاد والعباد الداعي إلى التغيير والتنوير وان كان البعض من هذه الفئة يتسم بالطيش أحياناً إلا أن هذا الطيش هو سبب من أسباب بقاء مبادئه حية ولتبقى روحه خالدة بعد الموت ذلك الذي يغرس البذرة فيموت لتثمر شجرة ، أولئك الذين يُقدمون قرابين لديمومة الفكر الحر والانسنة على حد سواء ، وهؤلاء وان شكلوا عماد التغيير إلا أن تشتتهم أمر معلوم فتجد هجرتهم كبيرة وقتلاهم كثر حتى يصبحون فئة قانعة بالسكوت . بالتأكيد هناك فئات اخرى غير التي ذكرتها إلا أن هذه الفئات تمثل الأغلبية في مثقفي ميسان .
#كمال_الدين_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محنة الاقدام الكاذبة ام اليد المنفردة؟
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|