أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - المظلوم الذي صار ظالما !















المزيد.....

المظلوم الذي صار ظالما !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1682 - 2006 / 9 / 23 - 10:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما معنى أن يذهب جلاد من الحكم في العراق ، ليحل محله جلاد آخر أكثر قذارة ، وأفظع بشاعة ؟ ما معنى أن المظلوم الذي كان يتسكع على أرصفة الدول ، والذي تشكى كثيرا من ظلم صدام الساقط ونظامه ، وأعتبره هو السبب المباشر في تشرد العراقيين في أصقاع كثيرة ، ومتباعدة من العالم ، صار هو الذي يشكو منه العراقيون اليوم ؟ صار هو الذي من سبب لهم الآن تشردا أفظع مما سببه لهم صدام من قبل ، فعاد الناس في عراق اليوم يفرون منه زرافات ووحدانا ، خوفا من الظلم الذي أنزله بهم الحكام الجدد الذين لا يستطيع الواحد منهم ، مهما نفخ ذاته ، ومهما أسبغ على نفسه من صفات تمتد من ( فخامة الرئيس ) ، والى ( مد ظله العالي ) أن يرفع صوته فوق صوت خليل زاده القادم من أفغانستان الى أمريكا لسنوات قليلة خلت .
لقد حل بالعراقيين اليوم ظلم ما عرفوه منذ العصور الوسطى حين كان يتناوب على حكم بلادهم الأجانب من العثمانيين الأتراك تارة ، ومن الصفويين الإيرانيين تارة أخرى ، عندها كانت بغداد تسبح بالدم والدمار ، ويصير العراقي يقتل أخاه العراقي ، لا لشيء إلا لأنه يخالفه في المعتقد والمذهب ، فالمستعمرون ما همهم يوما ما دم يسيل من أعناق الناس الذين يتحكمون بهم أبدا .
صورة الماضي الكريهة هذه عادت اليوم لتخيم على حياة العراقيين من جديد ، فصار لا يمر يوم من الأيام في عراق النكبة إلا وترى الجثث المتناثرة هنا ، وهناك ، ولكن السيد ( قُدس سره ) قام بدفنهم على حسابه الخاص في مقبرة مدينة كربلاء ، بعد أن حٌملوا إليها من بغداد على حسابه الخاض ! والمفزع في الأمر أن عدد هذه الجثث قد فاق الألوف ، وأن الطب العدلي في بغداد لم يتمكن من التعرف على هويات أصحابها لأسباب كثيرة من أهمها التشوه الشديد الذي أصاب تلك الجثث بسبب من تعرض أصحابها الى تعذيب فظيع فاق بدرجات كبيرة ما كان العراقيون يتعرضون له من تعذيب زمن صدام الساقط ، ولكم أن لا تسمعوا مني ، فهاكم اسمعوا ما تقوله الأمم المتحدة التي هي في حال من الأحوال شريك في الجريمة الكبرى التي تجتاح العراق الآن من شماله الى جنوبه ، وذلك بعد أن قامت هي بشرعنة الاحتلال ، وسكتت طويلا عن جرائم كثيرة نالت من العراقيين ما نالت ، لكنها نطقت أخيرا ، بعد أن عظمت المصيبة ، واشتد البلاء .
تقول الأمم المتحدة الآن ، ( وعلى لسان مانفرد نوفاك ، محققها الخاص لشؤون التعذيب : إن التعذيب يمارس في العراق الآن بوتائر أعلى مما كان يمارس ابان حكم الرئيس المخلوع صدام حسين، حيث تتجاهل جهات عدة منها الميليشيات المسلحة والمجموعات الارهابية والحكومة ذاتها القواعد الاساسية لمعاملة السجناء بشكل انساني.
وقال نوفاك لدى اطلاعه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف على اوضاع التعذيب في العالم إن التقارير التي وردته من العراق تشير الى ان التعذيب في ذلك البلد خرج عن السيطرة تماما.
وقال المسؤول الاممي: "ان الوضع بلغ من السوء بحيث يقول كثير من الناس إنه اسوأ مما كان عليه ابان حكم صدام حسين." واضاف: "ان ذلك يعني الشئ الكثير، لأن اساليب التعذيب التي كان يمارسها نظام صدام كانت ابشع ما يمكن تصوره."

وقال نوفاك إن بعض الادعاءات التي وردته بشأن التعذيب لا يرقى اليها الشك، وان الحكومة العراقية متهمة هي الاخرى ببمارسته خصوصا في السجون ومراكز الاعتقال. وجاء في التقرير الذي قدمه نوفاك الى مجلس حقوق الانسان: "إن الحكومة العراقية تواجه انهيارا شاملا في الامن وحكم القانون، مما يشكل تهديدا حقيقيا لكل المؤسسات في البلاد." وجاء في التقرير ايضا ان عدد العراقيين الذين قتلوا في شهري يوليو " تموز" واغسطس (آب) بلغ 6599 شخصا وهو رقم يتجاوز كل التقديرات السابقة. )
أرأيتم الآن هذا الجانب الفريد من تلك المأساة الرهيبة ، والمتواصلة على مدى أكثر من سنوات ثلاث عجاف ؟ هذه المأساة التي تمتد كإخطبوط تضرب كل مدينة وقرية من العراق الآن ، وإذا كانت هي لم تضرب تلك المدن والقرى بالموت ، وهذا احتمال نادر ، فإنها ستضربها بالجوع ، والفاقة ، وقلة الرزق ، وانعدام الخدمات ، وتكاثر الأمراض ، وغياب الأمن .
ألم أقل لكم إن مأساة العراقيين صارت إخطبوطا اليوم ؟ حتى عاد الواحد منهم ، وهو يبحر في خضمها ، يبحث عن لقمة الخبز بعيدا عن العراق ، هناك في ماليزيا التي رحل لها العراقيون للعمل في قطع أشجار غاباتها ، بعد أن كان الماليزيون يقومون بقطعها بأنفسهم ، ثم يصدرونها لنا ، وكان هذا منذ زمن أجدادنا ، السومريين ، بناة الحضارة الأولى على هذه الأرض .
سألني بعض من عراقيي الداخل ، ومن أكثر من مدينة عراقية : ما معنى أن يذهب العراقي اليوم الى ماليزيا ليعمل هناك في الأشغال الشاقة المتمثلة بقطع أشجار الغابات فيها ، تلك المهنة التي يرفض الماليزيون أنفسهم العمل بها ؟ ما معنى أن نذهب الى هناك ، وفي جوف أرضنا ثاني أكبر احتياطي للنفط بعد المملكة العربية السعودية ؟
أجبت أنا أن هذا يعني أن مأساتكم ستطول ، وأن العمر فيها سيمتد لسنوات ، وما تسمعونه من تلفيق إعلامي صادر من هذه الجهة التي تتربع على كرسي الحكم في العراق ، أو من تلك التي تعمل في الخفاء ، ما هو إلا محض كذب ، فالأمريكان وحكومتهم في العراق ، يشعرون الآن أن تذمر الناس فيه قد بلغ حدا لا يطاق ، وأن الكثير من العراقيين ، وخاصة الشباب منهم ، قد ضاقوا ذرعا في حياة لا عمل لأحد منهم فيها ، سوى أن تعمل شرطيا لتموت بسيارة مفخخة ، أو بعبوة ناسفة قادمة من إيران ، أو من منشأ آخر ، تلك العبوة التي تنتظرك كل يوم في شارع من الشوارع ، أو قريبا منك عند عتبة دارك التي تتطاير فوقها قنابل مدافع الهاون ليل نهار .
هذا هو الحال ، الذي جعل الأمريكان ، والمصفقين لهم في حكومتهم المسماة بالعراقية ، أن يخترعوا حلا فاشلا ، يمتص النقمة المتنامية من صدور العراقيين ، تلك النقمة التي يُخشى أن تتحول الى هبة جماهيرية عارمة ، تطيح بالكثير من الحسابات التي رسمت في دوائر البيروقراطيين في المنطقة الخضراء من بغداد ، أو في البيت الأبيض من واشنطن المعصومة .
والدليل الآخر على تواصل المأساة هذه هو ما تطاير من أخبار خلال الساعات القليلة الماضية ، وذلك حين أخذت سفارات بعض من الدول الغربية في الدول المجاورة للعراق تستقبل طلبات العراقيين الراغبين في اللجوء إليها ، ولهذا فقد هبت أعداد غفيرة من العراقيين سواء أكانوا في الداخل أم في الخارج ، ومن كل محافظات العراقية ، وبما فيها المحافظات التي تسلمت فيها القوات العراقية الملف الأمني ، كما قيل ، رغم أن الملف الأمني سيظل بيد السفارة الأمريكية التي من المؤمل لها أن تكون دولة في بغداد ، تزيد مساحتها عن مساحة دولة الفاتكان من روما ، العاصمة الإيطالية . هبوا متسائلين عن مدى صحة هذه الأخبار ، وحين ترد على هؤلاء المتسائلين من داخل العراق ، أو أولئك الذين يقطنون دول الجوار العراقي متسائلا كذلك : لماذا تريدون الهجرة ؟ أليس العراق اليوم ، كما يقول الأمريكان ، ورجال الحكومة فيه ، يحظى بحكومة منتخبة ، وببرلمان ميمون ، ودستور دائم ، ومجالس بلدية منتخبة ، أغلب أعضائها أميون ، جهلة ، ليس لهم الحظ الكثير من القراءة والكتابة !؟
يرد عليك هؤلاء بقولهم ، وأنا هنا أنقل من أفواههم ما قالوه : إن الوضع في العراق لا يطاق ، صار العراقي فيه يقتل العراقي ، بينما قاتلهم واحد معروف ، قاتلهم واحد معروف ، قاتلهم واحد معروف ، توزعت روحه على مجاميع لم يألفها الناس في العراق من قبل ، وهم في هذا لا يختلفون عما كتبته جريدة الاندبندنت البريطانية في عبارة علت صدر صفحتها الأولى ، تلاها عنوان يقول : العراق حيث الحياة هي عين العذاب . أما العبارة تلك فتقول : (غالبا ما تحمل الأجساد " أي أجساد القتلى الموجودة في مشرحة بغداد " علامات تعذيب شديد : إصابات سببتها مواد حمضية كاوية، حروقا ناجمة عن مواد كيماوية ، جلودا ممزقة ، عظاما مكسرة " عظام الظهر والأيدي والأرجل " ، عيونا وأسنانا مفقودة ، وجروحا سببها استخدام المثقاب الكهربي أو المسامير." )
ومن هذا يظهر أن المظلوم قد جاء من أجل الانتقام من الشعب والوطن ، وليس من النظام وأركانه ، فسبحان الذي جعل المظلوم ظالما .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تحدثت كيهان !
- الشاعر الشيوعي ، يوسف أتيلأ ( Attila József ) - 1 -
- هدية إيران للمالكي !
- تبلور الصراع الطبقي في العراق !
- للنشر والتوزيع ( Visionmedia ) فيشون ميديا
- إيران تدق عطر منشم بين شيعة العراق *
- إرهاصات الانتفاضة الشعبية القادمة في العراق !
- وما أدرى العجم بالعرب !
- الصفويون يهددون شيعة عرب البصرة بالرحيل عنها !
- هاتوا الانقلاب العسكري !
- المقهى والجدل باللغة السويدية
- المالكي : القصيدة الرومانسية وصولاغ !
- رحلة ابن فضلان
- قتل شيوخ العشائر العربية في جنوب العراق !
- التابوت*
- مرأة كان اسمها ميسون *
- قراءة في رسالة إزاحة الجعفري !
- نحو حكومة إنقاذ وطني !
- ما بعد الجعفري !
- حرب الأسماء في العراق !


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - المظلوم الذي صار ظالما !