أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد محمد احمد - دستور تونس 2022 .. شئ من الخوف















المزيد.....

دستور تونس 2022 .. شئ من الخوف


خالد محمد احمد

الحوار المتمدن-العدد: 7320 - 2022 / 7 / 25 - 11:16
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


دستور تونس 2022
شئ من الخوف
الاجابة تونس
انا مسلم مصري يؤخذ منه ويرد عليه، مهتم بما يحدث في تونس، فقد كنا نردد في مصر عام 2011 وما بعدها (الاجابة تونس)، فعندما يسأل احدهم مشككاً: هل يمكن ان يسقط طاغية بثورة شعبية وهو مسيطر علي مفاصل دولة لمدة 30 سنة ؟ الاجابة تونس، هل يعقل ان يتصارع الساسة دون ان يشرعن احد الاطراف (الحرب الاهلية) ليحسم الصراع لصالحه؟ الاجابة تونس.
ولا أدعي معرفتي بالغيب، ولكن أدعي أن ما يحدث في تونس مهم ومؤثر بشكل أو بآخر علي ما سيحدث في مصر، لذلك سأكتب عن مشروع دستور تونس 2022 الذي سيستفتي عليه في 25-7-2022. وهو رأي يحتمل الخطأ والصواب.
بداية جميلة
في سنة 2019 فاز قيس سعيد أُستاذ القانون الدستوري المُتقاعد برئاسة تونس، ورغم محدودية ممارسته السياسة سابقاً، إلا ان الناخب التونسي اختاره لأنه نجح في كسب احترامه. فقد كان قيس سعيد علي سبيل المثال يتعمد الحديث بلغة عربية واضحة الحروف وبلاغة مقبولة، مقابل خصومه الذين يتحدثون في الجملة الواحدة كلمة عربية وأخري فرنسية وثالثة انجليزية بايقاع مزعج للأذن.
ولكن بمرور الوقت ظهرت معضلة تشكيل الحكومة التونسية تحت راية دستور رئاسي برلماني، وبعد شهور معدودة من النصر الجميل، ظهرت جائحة كورونا، وبدأت شعبية قيس سعيد تنخفض نتيجة أفعاله المحدودة في مواجهة التحديات المختلفة وعلي رأسها زيادة البطالة. فما كان منه إلا ان بدأ في اصدار تصريحات في مناسبات مختلفة حول تغيير دستور تونس، وتحميل آداءه السئ للنظام الرئاسي البرلماني ومجلس النواب، وتأكيده أن بداية حل مشاكل تونس تكون في تغيير الدستور التونسي ليصبح نظام الحكم رئاسي.
ونتيجة لهذه التصريحات عادت شعبيته للصعود مرة أخري، فقد انتخب مجلس النواب منذ سنوات، ولم يغير شيئاً في الواقع التونسي الذي يزداد سوءاً، فكان خطاب قيس الذي يريد تغيير الدستور مناسب لشعب تعداد شبابه يصل 60%، فقد أعتبر هذا الخطاب بشكل أو بآخر ثورياً.
ولكن وبعد ان قرأت هذا الدستور، اجدني غير متفائل بما قرأت، وبما ان الله سبحانه وتعالي في التفاصيل، فلندخل في بعض تفاصيل هذا الدستور.
الفصول (109) و(110) من الدستور .. سيناريو حكم العصابة
لتوضيح فساد هذه المواد في دستور تونس 2022، سأسرد جزء مما حدث في مصر في الفترة الانتقالية بين 2013 – 2014.
في مصر، وبعد سقوط حكم محمد مرسي، تولي رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئاسة مصر، وذلك حتي وضع دستور جديد للبلاد ثم إجراء الانتخابات الرئاسية، وبموجب الإعلان الدستوري الذي أصدره يوم 8-7-2013، تنص المادة 24 منه على أنه (يتولى رئيس الجمهورية إدارة شؤون البلاد، وله في سبيل مباشرة السلطات والاختصاصات الآتية حق التشريع بعد أخذ رأي مجلس الوزارة وتنتقل سلطة التشريع لمجلس النواب فور انتخابه)، وعلي أساس الاعلان الدستوري هذا وضع عدلي منصور عدد من القوانين الفاسدة المفسدة التي خدمت نظام حسني مبارك ثم ساعدت عبد الفتاح السيسي في السيطرة علي المجتمع المصري.
ولنضرب مثالين أثنين فقط لتوضيح ما حدث ولايزال:
1 – بعد شهر من إطلاق سراح حسني مبارك من السجن سنة 2013، أصدر عدلي منصور تعديل تشريعي علي قانون الإجراءات الجنائية يلغي الحد الأقصى للحبس الاحتياطى في قضايا الإعدام والمؤبد. أي يحق لقاضي التحقيق تجديد حبس المتهم بدون حد زمني أقصي، وكان النص الأصلي حدد فترة الحبس الاحتياطي سنتين، وهو النص الذي علي أساسه خرج حسني مبارك من محبسه. علي أساس هذا القانون تم مد زمن الحبس الاحتياطي في عدد من القضايا ذات الطابع السياسي لأكثر من عامين.
2 – اصدر عدلي منصور القانون رقم 32 لسنة 2014 بتاريخ 22 أبريل 2014 ، الذى يعد تعديلاً على المادة 8 من قانون حوافز وضمانات الاستثمار، والخاص بتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، والذى يقضى بتحصين العقود وقصر الطعن على طرفى التعاقد.
هذا القانون أعطي مخرج لحسني مبارك من القضايا التي كانت تلاحقه هو واركان نظامه، فبعد تحصين العقود من الطعن عليها من خارج أطراف التعاقد، لم يعد في الامكان محاسبة من باعوا أصول مصر بثمن بخس، ومعرفة أوجه الفائدة التي عادت عليهم من هذه الصفقات، بل إن هذا القانون قد مهد الطريق لنظام عبد الفتاح السيسي لإصدار مزيد من القوانين التي تتيح له التصرف في أصول مصر بدون رقابة.
ما سبق كان يجب سرده لتوضيح فساد المواد (109) و(110) من دستور تونس 2022.
فالمادة (109) تتحدث عن سيناريو خلو المنصب الرئاسي لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام أو لأي سبب من الأسباب، ويكون ساعتها رئيس المحكمة الدستورية التونسية هو البديل الذي يتم تعيينه رئيساً للدولة التونسية، و(لايجوز للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الترشح لرئاسة الجمهورية ولو في حالة تقديم استقالته). و(يمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الوظائف الرئاسية ولا يجوز له اللّجوء إلى الاستفتاء أو إنهاء مهام الحكومة أو حلّ مجلس نواب الشعب أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو إتخاذ تدابير استثنائية. ولايجوز لمجلس نواب الشعب خلال المدة الرئاسية الوقتية تقديم لائحة لوم ضد الحكومة).
ولتكتمل الصورة فالمادة (110) تنص صراحة (لا يسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.)
المنطق يقول عند شغور منصب رئاسة الجمهورية يكون البديل هو نائب الرئيس أو رئيس الحكومة، لضمان استمرار الفصل الواضح بين السلطات الثلاث (الحكومة ومجلس النواب والقضاء)، مع عدم تحصين أي جهة من المسائلة.
هذه المواد تفتح الباب أمام صنع صفقة سياسية تخدم أفراد وجماعات مصالح بعينهم، فعند تولي رئيس المحكمة الدستورية، أعلي هيئة قضائية في البلاد، رئاسة الدولة حال شغور منصب رئيس الجمهورية، مع عدم مسائلة الرئيس عن أعماله (في دستور 2022 الرئيس محصن بصرف النظر هو رئيس مؤقت أم لا)، مع تحصين الحكومة من العزل، فهذا السيناريو يمهد لصفقات سياسية من شأنها خدمة جماعة مصالح بعينها أو خدمة مرشح محدد مثلما حدث في مصر 2013-2014.


الفصل (110) .. رجل لا يُسأل عما يفعل
يعلم ساسة تونس قصة الاحتلال الفرنسي لبلادهم، لكنها شهوة الحكم.
حدث سنة 1881 توقيع معاهدة باردو التي علي أساسها تحولت تونس لمحمية فرنسية، وذلك كنتيجة مباشرة لسياسات باشا تونس محمد الصادق باي (النسخة التونسية من الخديوي المصري اسماعيل وابنه توفيق)، فقد أنشأ محمد الصادق (1813 – 1882) عدد من البنايات الفخمة في تونس، وأصدر أول دستور تونسي، وغيرها من أعمال التنمية، لكنها كانت تنمية شكلية؛ حيث أهمل هيكل الانتاج، فكانت اعمال البناء تتم بالاستدانه من دول اوروبا، كان محمد الصادق رجل لا يُسأل عما يفعل، وتعمد الاستعانه برجال اشتهروا بالفساد ليضمن عدم انقلابهم عليه واستمراره في حكم تونس أطول فترة ممكنه، ومع زيادة الديون التونسية لدول اوروبا، فتح البلاد للاحتلال الفرنسي، بل وساعدهم علي هزيمة المقاومة التونسية. كان سفيه وخائن ولا يُسأل عما يفعل.
المادة (110) من دستور تونس 2022 تنص صراحة (لا يسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.)
انها ثغرة الاحتلال الاجنبي، فهذه المادة هي سيناريو مفتوح لأشكال خراب تونس، وادعو الله سبحانه وتعالي ان أكون علي خطأ.
وهم الاستقرار
 نص المادة (69) من دستور تونس 2022: (مقترحات القوانين ومقترحات التنقيح التي يتقدم بها النواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية للدولة.)

من الذي يحدد (التوازنات المالية للدولة)؟، بمعني: إذا قرر رئيس الدولة – الذي لا يسأل عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه – ان يرفض مقترح أو انتقاد ما من مجلس النواب لأنه – حسب رأيه – يضرب التوازنات المالية للدولة، فما فائدة مجلس النواب؟

 في الباب الثالث من الدستور التونسي 2022 (الوظيفة التشريعية)، تنقسم الوظيفة التشريعية بين مجلسين: 1- يكون وضع القوانين بيد مجلس النواب، 2- والرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية علي آداء الحكومة بيد المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

المشكلة هنا لماذا يوجد مجلسين من الأساس؟، فالصدام حتمي بين المجلسين إن آجلاً أو عاجلاً بسبب انه (لا يمكن المصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية الا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين).

 وهنا يأتي دور المادة (78)؛ فهذه المادة تضع جدول زمني للمصادقة علي ميزانية الدولة، وتنتهي المادة بأن الخلاف إذا احتدم ولم يتم حله، يتم (تنفيذ مشروع الموازنة في ما يتعلق بالنفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر.)

 وهذا هو الهدف النهائي من وجود مجلسين، وهو محدودية فرص ان يتفق كلا المجلسين بالأغلبية المطلقة، ومع وجود صلاحيات الرئيس التي ذكرناها، فتكون النتيجة قدرة الرئيس التونسي علي فرض الميزانية التي وضعها رغم الاعتراضات.

أكرر لا أعرف الغيب، ورأيي هذا يحتمل ان يكون خطأ ويحتمل ان يكون صواب.
الخلاصة، بالفعل النظام الرئاسي أعتبره الأفضل لتونس لأسباب يطول شرحها، لكن هذه النسخة من دستور تونس 2022 تمهد الطريق أمام رئيس الدولة التونسية ليصبح طاغية.
هذا ليس كل شئ، لكن أكتفي بذلك، داعياً الله سبحانه وتعالي ان يحفظ المجتمع التونسي من كل شر.



#خالد_محمد_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تداعيات حملة الاعتقالات الحوثية على العمل الإغاثي في اليمن
- -نائب ترامب- يدعو لطرد -الكثير- من المهاجرين غير الشرعيين
- بعد أحداث نهائي كوبا أمريكا.. اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي ...
- بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان ...
- اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب ...
- شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل
- صحيفة: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
- منتدى حقوقي بالدوحة يبحث أوضاع المهاجرين في دول مجلس التعاون ...
- استمرار توافد النازحين إلى القضارف جراء الحرب بالسودان
- الثاني بتاريخ الفورمولا 1.. رالف شوماخر يعلن هويته المثلية


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد محمد احمد - دستور تونس 2022 .. شئ من الخوف