|
نرفض مطار رامون وكل أساليب الالتفاف على حقوقنا
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 7319 - 2022 / 7 / 24 - 12:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العلاقة واضحة جدّا بين الاقتراح الإسرائيلي باستخدام الفلسطينيين لمطار رامون في أقصى الجنوب، وبين الأزمة التي افتعلتها إسرائيل على جسر الملك حسين، فحوّلت السفر من خلاله إلى كابوس لكل مسافر وبخاصة لكبار السن والأطفال والمرضى، ولكل من يضطر للسفر للالتحاق بعمله أو دراسته مهما رافق ذلك من عناءٍ وقهر، وقد تحوّل السفر إلى فصل من فصول الإذلال المنهجي الهادف إلى إخضاع الفلسطينيين وكسر إرادتهم، وانتزاع تنازلات سياسية منهم مقابل تسهيلات مزعومة، هي ليست أكثرَ من تخفيف القيود المفروضة بشكل تعسفي ومصطنع. ومع احترامنا للنفي الصادر عن الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات، من المهم صدور موقف رسمي قاطع وعاجل من أعلى المستويات برفض المشروع من أساسه جملة وتفصيلا، بل ومواجهته حتى لو تطلب الأمر امتناع معظمنا عن السفر. فالموضوع هو سياسي ووطني بامتياز ويمسّ كرامتنا الوطنية وحقوقنا في أرضنا ومستقبل سيادتنا عليها. نرفض هذا الاقتراح، لأن لنا مطارا مُدمَّرا ومُعطَّلا في رفح اسمه مطار ياسر عرفات الدولي، إعادة افتتاحه وتشغيله أسهل علينا وأشرف لنا من اللجوء لمطار رامون الذي يبعد عن القدس 340 كيلو مترا. ولنا مطار آخر مسروق في قلنديا اسمه مطار القدس الدولي كان لعقود خلت المطارَ المركزي للأردن وفلسطين، وتُخطّط سلطات الاحتلال الآن لتحويله إلى مستوطنة كبرى. وثمة أفكار ومخططات أولية حملها مسؤولون دوليون لافتتاح مطار دولي في منطقة اريحا، وإلى هذا وذاك فإن مطار الملكة علياء الدولي جنوب عمان لا يبعد عن مدننا المركزية بالضفة إلا بين 100- إلى 150 كيلومترا، أي أنه أقرب لمدننا من قربه مدن الكرك والطفيلة ومعان وإربد. صحيح أن ثمة إشكالات تواجه المسافرين الفلسطينيين أحيانا على الجانب الأردني من الجسر، وتطال بالتحديد أبناء وبنات قطاع غزة، وبعض من عليهم ملاحظات أمنية، لكن هذه المسائل يمكن حلّها بروح الأخوة والتعاون والمصالح الوطنية المشتركة التي لا يمكن لها أن تسمح للاحتلال الإسرائيلي أن يتسلل من شقوق خلافاتنا سواء مع مصر بشأن ترتيبات المرور عبر معبر رفح التي تخضع لترتيبات صعبة وصارمة، أو للسفر إلى الأردن عبر جسر الملك الحسين. لا يمكن أن يكون مطار رامون حلا لمشكلاتنا، والأنكى ما كشفته المصادر العبرية عن خطة للاستعانة بالفلسطينيين لإنقاذ هذا المشروع الفاشل الذي استثمرت فيه إسرائيل مليارات الشواكل لكن الإسرائيليين يحجمون عن استخدامه بسبب بعده، وكانت إسرائيل سعت عند إقامته لأن يكون بديلا عن مطار اللد في أحوال الطوارىء، وخصوصا بعدما تبين أن هذا المطار الأخير "مكشوف" أمنيا، بالإضافة لهدف إنعاش وإعمار الجنوب والنقب، أي تهويده في وجه التهديد الديمغرافي الفلسطيني. ويأتي اقتراح استعمال الفلسطينيين للمطار مقترنا بشروط أمنية مشددة، تمس حرّية السفر بشكل جوهري وتخضعها لمعايير الأمن الإسرائيلي. والسياق الأوسع للفكرة هو المنحى الجديد لحكام إسرائيل لتحسين شروط الاحتلال تحت عناوين شتى من بينها "تقليص الصراع" و"السلام الاقتصادي"، والعودة للحديث عن إجراءات بناء الثقة، كل ذلك بدل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي كان وما يزال جوهر المشكلة التي تعامت عنها "صفقة القرن" وتجاهلها الرئيس بايدن في زيارته الأخيرة. تدّعي إسرائيل أن مشكلة الازدحام على الجسر تفاقمت في الآونة الأخيرة، مع زيادة أعداد المسافرين بشكل طارىء بسبب الأعياد ونقص الكوادر البشرية. بينما يعلم كل مسافر ويحسّ، أن الأزمة جزءٌ من سياسة الإذلال المتعمد التي تطبّقها سلطات الاحتلال منذ عقود، ويكابدها عشرات آلاف العمال يوميا، والمسافرون عبر مئات الحواجز الثابتة والطيّارة، حتى قواعد المرور على طرقات الضفة أعادت تصميم الشوارع بحيث تمنح الأولوية دائما للمستوطنين على حساب المواطنين الفلسطينيين. نشأت أزمة الجسر أساسا بسبب الإجراءات البيروقراطية والأمنية المشددة، وتعدد مراحل السفر، وعدم تشغيل موظفين على كل الشبابيك المخصصة لاستقبال الطلبات، مع أن وسائل التفتيش الأليكترونية الحديثة باتت تغني عن الحاجة للإجراءات المشددة والمتكررة، ولا تزيد أعداد المسافرين عبر الجسور عن نسبة بسيطة ممن يجتازون يوميا اي مطار دولي او نقطة عبور حدودية، فأقصى عدد يمكن للمسافرين عبر الجسر أن يصله لا يتعدى ثلاثة ملايين في العام، في حين يمكن لمطار جدّة السعودي مثلا أن يستوعب هذا العدد في أسبوع، ومطار اللد يستوعب نفس العدد خلال شهر. أما ذريعة نقص الموارد البشرية والمالية، فحل المشكلة بشكل جوهري يتطلب تخصيص بضعة ملايين شيكل سنويا، بينما موازنة إسرائيل السنوية تزيد عن 450 مليار شيكل، ويقدر خبراء وطنيون ودوليون قيمة ما تنهبه إسرائيل من الموارد الفلسطينية بأكثر من 15 مليار دولار سنويا تشمل مياهنا التي يعاد بيع جزء منها لنا، والضرائب والرسوم والغرامات والمناجم والمحاجر والموارد الطبيعية واستباحة السوق الفلسطينية، وسرقة الأراضي واستخدامها مجانا للأغراض العسكرية والمدنية، وعوائد استخدام الشيكل كعملة رئيسية، وتكاليف الفرص البديلة لتشغيل العمال الفلسطينيين سواء في الداخل أو في الأراضي المحتلة عام 1967 ضمن أسوأ الشروط، وغير ذلك من أبواب للنهب، علما أن الفلسطيني هو الذي يدفع تكاليف سفره فيذهب جزء كبير منها لخزينة الاحتلال التي لا تستثمرها إلا في البطش بالفلسطينيين وقهرهم والتحكم في حياتهم.
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الناتو الشرق أوسطي وصراع القوى الكبرى
-
أثر السياسات الإسرائيلية على النظام السياسي الفلسطيني (4 من4
...
-
أثر السياسات الإسرائيلية على النظام السياسي الفلسطيني (3 من4
...
-
أثر السياسات الإسرائيلية على النظام السياسي الفلسطيني (2 من4
...
-
أثر السياسات الإسرائيلية على النظام السياسي الفلسطيني (1 من4
...
-
بايدن يتجاوز ترامب في انحيازه لإسرائيل
-
المنظمة والسلطة وخلافة الرئيس عباس
-
عقدة المشاركة العربية في الانتخابات الإسرائيلية
-
دعم إسرائيل والتطبيع والناتو الشرق أوسطي في صلب زيارة بايدن
...
-
دعم إسرائيل والتطبيع والناتو الشرق أوسطي في صلب زيارة بايدن
...
-
دعم إسرائيل والتطبيع والناتو الشرق أوسطي في صلب زيارة بايدن
...
-
تطورات تمهّد لعودة نتنياهو
-
أزمة نظام سياسي لا مجرد أزمة حكومة وائتلاف
-
تجدد التحذيرات في اسرائيل من مخاطر عدم الاستقرار (3 من 3)
-
تجدد التحذيرات من مخاطر عدم الاستقرار في إسرائيل (2 من 3)
-
تجدد التحذيرات من مخاطر عدم الاستقرار (1 من 3)
-
نحو صيغة توافقية لإنقاذ المشروع الوطني
-
سالم خلة: قائد في العشرين وطفل في السبعين
-
خلفيات التوحُّش الإسرائيلي
-
إسرائيل وعداؤها الشديد لمنظمات حقوق الإنسان
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|