|
نواب الثورة: احذروا مناوراتهم التافهة
محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7318 - 2022 / 7 / 23 - 11:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الثابت والمتحول في انتخابات 2022 نواب الثورة: احذروا مناوراتهم التافهة
المناورة بحسب قواميس اللغة "خُطَّة قَائِمَة عَلَى الخِدَاعِ والْمُرَاوَغَةِ والحيلة"؛ والمراوغة في أحد معانيها هي الخداع. ونقيضها الشفافية والصدق والوضوح. ربما فات القواميس إضافة الكذب إلى هذه المفردات الثلاث. فهل يعصى على المتابع بعد هذا التعريف اللغوي تصنيف التحالف الحاكم في لبنان الذي هو سبب الأزمة ومديرها؟ هذه المفردات أدوات في الصراعات والحروب، لكنها حين تعبر عن علاقة الحاكم بشعبه يغدو الخداع والمراوغة والحيلة من أخلاق السياسيين المنافية للأخلاق. حين تفتقد المناورة إلى منسوب الذكاء المطلوب تتحول إلى لعبة مكشوفة وتافهة. وما أكثر هذا النوع من المناورات في السياسة اللبنانية. أبرزها ثلاثة ومعظمها من نتاج أهل الممانعة: التصويب على القطاع المالي والمصرفي، العلمانية حين ترفع شعارها قوى طائفية، الدولة حين يتردد هذا المصطلح على ألسنة الميليشيات. أول الثلاثة هو الأكثر التباساً لأن الأزمة المالية النقدية الاقتصادية التي تصيب الناس في حياتهم اليومية لا تترك لهم مجالاً للبحث عن الأسباب البعيدة فيستوقفهم الوجع الماثل أمامهم في المأكل والمشرب والطبابة والتعليم والنقل والاتصال والتواصل، ويكتفون بالصراخ في وجه من يمسك مفاتيح الخزائن المالية. إغارات القاضية غادة عون من هذا الصنف التافه من المناورات للتغطية على الأسباب السياسية للأزمة وعلى مسببيها. قلنا منذ بداية الثورة إن الأعراض اقتصادية اجتماعية أما المرض فهو سياسي. كل من تولى السلطة من أعلى مراتبها إلى أدناها مسؤول، لكن البداية في السياسة، والمحاكمة السياسية وحدها من حق الشعب أما المحاكمة القضائية فهي من مهمات القضاء. كل تصويب في غير هذا الاتجاه يؤدي، من ناحية، إلى تمويه الحقيقة وتجهيل الفاعل، ومن ناحية ثانية إلى تشويه آليات البحث عن المجرم، والمجرم هو من ينتهك سيادة الدولة والقانون والدستور. كثيرة هي المناورات من هذا النوع وهي تصوب على الجانب المالي من الأزمة لكن همها محصور بالرئاسة لتأمين صك براءة لقديمها وإزالة العقبات من أمام جديدها. هل من عاقل أو جاهل أو ذكي أو غبي أو وطني أو عميل إلا ويعرف جانبها المخادع؟ إذن هي من النوع التافه. ثاني الثلاثة مناورات العلمانية والدولة المدنية التي يجمع على رفع شعارها أطراف التحالف الحاكم الثلاثة. التيار الوطني الحر بطل تجميد المراسيم بدعوى إخلالها بالتوازن الطائفي، وحابس المراسيم في درج المستشار؛ والثنائي الشيعي بطل تعطيل عمل الحكومة بدعوى فقدانها الميثاقية، وتعطيل المؤسسة الدستورية بالقمصان السود أو بإقفال أبواب البرلمان من غير تبرير. وقد فات الثنائي أن أهم حكومة في تاريخ الجمهورية اللبنانية تشكلت في عهد فؤاد شهاب برئاسة رشيد كرامي وضمت أربعة وزراء، اثنين من السنة واثنين من الموارنة ولم يشكك أي فقيه في المجلس النيابي يومذاك، وكان يعج بالفقهاء، بميثاقيها وشرعيتها ودستوريتها، ولم يشْكُ أحد من عدم تمثيل سائر الطوائف فيها. تلك الحكومة هي التي أسست دولة القانون والمؤسسات. هذا الصنف من العلمانيين على علاقة غير سوية بالمؤسسة الدينية. إما حرب على رجال الدين إما خضوع أو إخضاع، فيما العلمانية الحقيقة لا تقوم إلا على أساس الفصل، فصل سلطة المؤسسة الدينية عن سلطة الدولة لا فصل الدين عن الدولة، وهذا لا يتحقق، كما يحلو لهم، بإلغاء قوانين الأحوال الشخصية أو بتوحيدها، بل بإلغاء كل المؤسسات الموازية لسلطة الدولة، أي إلغاء المحاكم الدينية وضمها إلى المحاكم المدنية وإلغاء الجبايات المالية والإعفاءات الضريبية، على أن تبقي الدولة على قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها وتضيف إليها قانوناً يخصها، هو قانون الدولة للأحوال الشخصية. ثالث الثلاثة الدولة. من يقرأ أدبيات الثلاثي الحاكم وتصريحات ممثليه يتيقن من أن طرفين من الثلاثة لا يعرفون معنى الدولة، أما الثالث المتمرس في الحكم على رأس المؤسسة التشريعية منذ ثلاثين عاماً فهو يعرف المعنى ويحرفه. عدا عن انتهاك الدستور والقوانين، وهو مادة للتباهي على ألستنهم، فالسلطة التشريعية جاهزة دوماً لتطويع الدستور لا لإدخال تعديلات ضرورية عليه. على رأس التعديلات الواجبة، قانون الانتخاب الذي لا يفتح النقاش بشأنه إلا قبيل نهاية الولاية، حيث يتم بداعي العجلة اعتماد القانون الذي يؤمن التجديد للطقم الحاكم. الرئيس بري لا يطرح مشروعه لقانون على أساس النسبية والدائرة الواحدة وإلغاء القيد الطائفي إلا لأنه مطمئن إلى وجود اعتراضات جاهزة لإجهاضه، فضلاً عن أن المشروع يبقى نائماً طيلة الولاية ولا توقظه إلا الحاجة إلى مناورة يقول بعضهم إنها ذكية ويقول آخرون إنها مكشوفة، والله أعلم! المشروع الوحيد بعيداً عن المناورات هو تطبيق اتفاق الطائف وبعدها يبدأ البحث بتعديل ما ينبغي تعديله.
#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)
Mokaled_Mohamad_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نواب الثورة: ادخلوا لعبة التعطيل
-
لا تجيبوا على أسئلة مفخخة
-
نقد الثورة أم شتم نوابها؟
-
رسالة إلى الرفيق حنا غريب
-
رسالة إلى نواب الثورة
-
الثابت والمتحول في برلمان 2022 أساتذه في مدرسة مشاغبين
-
أقلية نيابية من الكذابين
-
الثابت والمتحول في برلمان 2022 2- نواب الثورة
-
الثابت والمتحول في برلمان 2022 1- الرئاسة
-
الخطاب الانتخابي الخشبي التيار العوني
-
الخطاب الانتخابي الخشبي الاعتكاف، الاستنكاف
-
الخطاب الانتخابي الخشبي حزب الله
-
الخطاب الخشبي الانتخابي - حركة أمل
-
الخطاب الانتخابي الخشبي - حزب القوات
-
الخطاب الخشبي والانتخابات طفولي أم طفيلي ؟
-
اليمين الخشبي والانتخابات
-
اليسار الخشبي والانتخابات
-
الحزب الشيوعي يستعيد موقعه
-
14 آذار ماتت فادفنوها
-
كيف تربح الثورة الانتخابات
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|