محطة كهرباء نووية في مصر

محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7318 - 2022 / 7 / 23 - 09:02
المحور: المجتمع المدني
    

صيف 1983.. حضرت في شيكاغو إجتماعا مع المسئولين عن شركة فيش باك أن مورالأمريكية .. حضره المهندس أحمد عباسي .. رئيس مجلس إدارة شركة كوجيمي ( ايطالية أصحابها مصريون ) و المهندس سراج الدين الشيخة ..العضو المنتدب .. و الأستاذ أحمد الديب المحامي عضو مجلس الإدارة بالإضافة إلي مكتب محاماة أمريكي .. و أنا .
كان الحديث عن مشروع طرحته مصر لعمل محطة توليد كهرباء نووية قدرة 900 ميجاوات في الضبعة ( بجوار الأسكندرية )
رئيس مجلس إدارة الشركة الأمريكية إستمع بصبر لطلبات أحمد عباسي أن نشاركهم في التقدم لعطاء إقامة المحطة .. ثم قال .. شركتي نفذت 20 محطة في أمريكا منها ثلاث محطات جارى العمل بها .. كم محطة أقمتوها .
لاشيء .. فعلق الأمريكي .. طيب عايز تشاركنا إزاى .. رد .. نقصد نبقي مقاولين باطن ..
فتساءل في أى مجال .. رد سراج .. مدني أو كهرباء أو أى نشاط محلي أخر ..
إعتدل الأمريكي في كرسية .. و تساءل .. إنت عارف مدى صعوبة تصميم و تنفيذ هذه الوحدات !!.. تعرف كيف تعزلها فلا يخرج منها إشعاع .. تعرف تصب خرسانة كثيفة غير منفذة للماء و تتحمل الحرارة العالية .. تعرف ماهية العوامل الفنية المفترض مراعاتها عند تثبيت القطع الخاصة أو تجديد مياة التبريد ..أو إسلوب مراجعة تمام الأنشطة ( كواليتي أشورنس ) أو إختبارات المواد (كواليتي كونترول ) .
بتعمل برامج تنفيذك بالكومبيوتر . بتقدم رسومات تفصيلية ( شوب دروينج ) قبل م تشتغل ..أو كتيبات تحليل عناصر الأمان ...مقاولين الباطن معنا شديدى التخصص و المهارة ..و نفذوا عشرات الوحدات ..
ثم سكت .. تعرف إزاى بتشتغل المحطة . .. رد احمد عباسي بخجل .. لا
طيب جي عايز إيه .. الشغل دة تخصصي وهو ليس إسكان أو مصانع عادية أو حتي محطة توليد كهرباء حرارية نتصب شوية خرسانات .. و إذا باظت تهدها .
سكت قليلا ثم أردف .. إنت تبعت تلاته أو أربعة مهندسين يتدربوا عندنا لشهرين أو تلاته .. تتحمل تكاليف السفر و أتحمل أنا ألإقامة و التدريب .. و بعدين نشوف .. نبقي نديكم حاجة.
هذا الحوار لا أنساه أبدا ..فإقامة منشئات نووية .. يحتاج لخبرة طويلة و حرص و دقة من الاف العاملين .. لا تستطيع المقاولون العرب و لا أوراسكوم ( اللي علي الحجر دلوقت ) بإمكانياتها البشرية الحالية القيام به
كذلك لا تستطيع الهيئة الهندسية .. المعادية لدراسات الجدوى ..إدارتها و تنفيذ إشتراطات الكوليتي كونترول .و الامان .. أو معرفة ما إذا كان ما يقدمه الروس .. هو الأفضل و المطابق للمواصفات .. أم إنها زبالة المحل تباع بمليارات الدولارات لناس علي قد حالهم علميا و فنيا .. لتنفجر بعد سنة و لا إتنين .
في اليوم التالي زرنا موقع عمل للشركة ..أعلي درجات الحرص و مراقبة الجودة و الأمن و الإنضباط كأنه مصنع إلكترونيات .. بالإضافة إلي إستخدام برامج متقدمة.. وتكنولوجيا حديثة .. خصوصا في أعمال المساحة التي تعمل أغلبها بالكومبيوتر..و كنا في ذلك الوقت لا نعرفها .. عمل جاد بعيد تماما عن مستوى خبراتنا المحلية المتخلفة ..و إقتنعنا أن علينا أن نبدأ من الصفر قبل أن نشاركهم .
في إبريل 86 أنفجرت وحدة من وحدات محطة تشرنوبيل بالإتحاد السوفيتي .. و تسببت في موت 5000 بشرى و تلوث للبيئة.. لازالت المنطقة تعاني منه بعد ربع قرن .
فقررت الحكومة المصرية .. وضع المشروع في الدرج لخطورته و لعدم وجود كوادرفنية و علمية محلية تستطيع السيطرة علي التغيرات المركبة التي تحدث أثناء التشغيل .
حتي أخرجه منذ سنة أو إتنين حضرات الضباط اللي قلبهم زى الحديد و فاردين صدرهم .. و شايفين إن مفيش حاجة ميعرفوهاش .. و أتفقوا مع روسيا ..التي إنفجرت لديها و حدات من محطة مشابهه .. علي أن تصمم و تورد المعدات و تشرف علي التنفيذ و التشغيل وتزيد الديون بخمسة وعشرين أو تلاتين مليار دولار ..
أعتقد أن الروس اللي عايزين يبيعوا سقط المتاع اللي عندهم (لناس طيبين ) من أثرياء العرب ( بالديون ) كانوا أقل أمانة من الأمريكان.. فقد كنت أتصور أنهم سيشرحون للمسئولين الموقف بصدق .. و أن الخطورة ليست في التصميم أو الإنشاء فقط بقدر ما تكمن في كفاءة التشغيل و المراقبة و الصيانة .. و هي الأمور التي نعاني منها في جميع مشاريعنا القديمة و الحديثة .
لذلك كنت أتعامل مع الموضوع علي أساس إنه فك مجالس و طق حنك .. و أنه لن ينفذ.. فنحن أبعد ما نكون للتصدى لتكنولوجيا صعبة و خطرة لمثل هذه المحطات .. و لكنهم لدهشتي بدأوا فعلا أول الشهر في العمل و إستقبلوا وحدات من روسيا ..
المضحك المبكي أنه مع إنعدام خبرتنا..وإفلاسنا و تراكم الديون المتلتلة علينا .. و عدم جدوى المحطة الإقتصادية و الفنية .. و إنتهاء عصر توليد الكهرباء بالطاقة النووية .. زادوا الطين بللا فقد قامت القيادة السياسية بتكليف سيادة الفريق بطل معركة جزيرة الوراق .. و مدمر الاف المنازل العامرة و هو يشق الطرق .. مهمة الإشراف علي المشروع بجوار مهامة المتعددة .
الرجل الذى عجز عن منع حوادث القطارات .. سيقيم محطة نووية .. و الطمي يا فكيهه
هذه تكنولوجيا صعبة يا ناس .. صدقوني .. إنها ليست مونوريل و لا محطة مترو .. و لا قطر سريع فضلا عن أنها صناعة خطره ربنا يستر علي الكوكب من العبقريات الميرى و العك الهندسي في مشاريع هذا البلد ..و يتبدى في كل مكان..و يتم الطرمخة علية بسرعة
و يا رب منسببش للدول المحيطة بالبحر المتوسط مصيبة .. فالذين فشلوا في رفع قمامة المدن من الشوارع يريدون أن يشغلوا و يصونوا محطة نووية .

#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات