محمد عبد الرحيم طالبي
كاتب
(Mohammed Talbi)
الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 19:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الإنتحار هو الحل الوحيد في نظر أولئك الذين فقدوا الأمل في أن يتخلصوا من لعنة الألم والشقاء والمعاناة، إنه الحل الوحيد الذي سيريحهم من قساوة الحياة وضراوة ظروفها التي لم ترحم ضعفهم وعجزهم وفقرهم، انهم فقدوا الأمل في أن تصبح حياتهم أفضل مما هي عليه، لذلك كان الإنتحار بالنسبة إليهم هو الإختيار الوحيد الذي سيخلصهم من كل هذه العذابات.
الإنتحار ليس بمثابة إعلان المرء عن استسلامه وفشله كما يعتقد معظم الناس، بل على العكس من ذلك تماما، انه اعلان عن عدم البقاء على قيد الحياة في مسرحية حياة عبثية وقاسية ومملة.
إن الإنسان الذي يقرر وضع حد لحياته يمتلك شجاعة عظيمة وجرأة قل نظيرها، لأن تجربة الموت مغامرة عظيمة، فبعد وفاة الإنسان سيذهب إلى مكان مجهول تماما ، إما أن يصبح عدما أو سيذهب إلى حياة أخرى لا يعرف عنها أي شيء، لا أحد منا يعرف ماذا سيحصل بعد الموت، لأنه لم يخض أي إنسان هذه المغامرة ثم عاد إلينا من الحياة الأخرى وحدثنا عما جرى له من أحداث هناك، لذلك فالإنتحار هو مغامرة عظيمة، تقتضي من الشخص الذي يقرر أن يخوضها شجاعة عظيمة.
الانتحار من اعظم واعقد المعضلات الفلسفية، لأنه إذا لم تنتحر ستعاني في هذه الحياة التي لا تخلو من الألم، واذا انتحرت قد تتألم ألم فضيع قبل وفاتك، ويمكن الرد على الاعتراض الأخير بسهولة، إذا سلمنا أن كل انسان سيموت في نهاية المطاف فهذا يعنى ان الجميع سيشعرون بنفس درجة الألم او على الاقل ستختلف درجة شعورهم بالألم تبعا للأسباب التي تؤدي الى وفاتهم، ومن جهة أخرى لا يمكننا التوصل لحكم موضوعي يتعلق بما إذا كان الانتحار فعل اخلاقي، أم ليس اخلاقي، واذا كان الانتحار ليس فعل اخلاقي هل من الممكن ان يعاقب الانسان المنتحر فقط لأنه أراد أن يتخلص من لعنة الألم والشقاء؟
#محمد_عبد_الرحيم_طالبي (هاشتاغ)
Mohammed_Talbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟